⁠⁠⁠قضية الأرض… محور شعار:لا للهيمنة والاستلاب


 
تتوالى في ساحات الغرب صفحات من التظاهرات القوية والمسيرات الحاشدة لتقف جموع الشباب الإرتري الغاضب على سياسة النظام الدكتاتوري والتظاهر أمام منصات لا يستهان بدورها في مجال حقوق الإنسان ورعاية مسائل العدل في بلدان العالم، وتعقب المجرمين ، أفراداً وحكومات وفقاً لما نصت عليه توافقات المنظومة الأممية في عدد من القوانين والتشريعات المعتبرة. وقد تابعنا خلال الاعوام القليلة الماضية إنتظام مسيرات مهمة في جنيف ونيويوك، والاخيرة ستشهد انتفاضة حاشدة هي الثانية من نوعها قبالة مبنى الامم المتحدة حيث ستجتمع اللجنة الدولية الخاصة بمسألة حقوق الإنسان في إرتريا في السابع والعشرين من الشهر الجاري والتي كان آخر قراراتها إعتبار النظام الإرتري منتهك لجميع المواثيق الدولية المرعية لحقوق الإنسان كنتيجة للتقرير الذي تقدمت به لجنة تقصي الحقائق الدولية، ومن الضروري في هذا العام أيضاً ان تقوم كل جالياتنا في أوربا وامريكا بدورها في خلق حشد يوزاي حجم المأساة التي يعانيها شعبنا خلال عقدين ونصف من حكم الدكتاتورية الشوفينية الغير شرعية في ارتريا.
إن كل الشعارات التي سترفع في هذه المسيرة هي بالتأكيد معبرة عن مطاليب شرعية ومسوغة لان الظلم والاستلاب الذي يكابده الشعب الارتري في الداخل والخارج، فادح ومؤلم بكل المقاييس، ولكن في تصوري هناك شعارات ينبغي ان تحتل لب هذه المسيرة المهمة وبسارية أعلى وهي شعارات: لا للهيمنة واستلاب الارض، يتلوه شعار : لا للاقصاء والتهميش، ويعقبه : لا لسياسة التغيير الديمغرافي، ويندمج معه : لا لسياسة التوطين القسري. هذه الشعارات بمجلها ستعبر عن المطلوب الشعبي العام الذي ينادي بإسقاط النظام واسقاط قوانينه وقراراته المجحفه والغير شرعية ولا تستند الى أي هيئة تشريعية أو قضائية، لا برلمان ولا دستور ولا نظام مخول من الشعب. وفي تقديري أن قضية مصادرة الأراضي وتطبيق سياسة التوطين القسري –اذا جاز التعبير- وتهجير السكان الاصليين للقرى والمدن الإرترية وسياسة الابدال والاحلال في مختلف مناطق المنخفضات الغربية والشرقية وفي الساحل ودنكاليا خلال الفترة من 1994م وهو العام الذي صدر فيه ما يسمى زوراً وعدواناً بقانون الارض، والى يومنا هذا، تحتل جوهر الازمات التي تعانيها البلاد، والحاصل أن مسألة الارض، والتي تمثل رأس الرمح في الاستحقاقات الفردية والجماعية في ارتريا وفق الاعراف والتقاليد المتوارثة لا يمكن بأي حال من الاحوال ان يمحها أو يتجاوزها أي اجراء، لا بسقوط الفاعل (النظام) ولا بتقادم الزمن، فهي قضية معقدة وحساسة جداً، واعتقد أن العصابة الكبساوية تعرف تلك الحقيقة ولكنها تتمادى في سكرة الهيمنة وخيلاء السلطة التي لا محال انها زائلة عنهم. والمعلوم ان رأس العصابة هو أكثر العارفين بقضية الارض والسكان في ارتريا، ويعرف تماماً ان المساس بها له عواقب وخيمة ليس على الحاضر فحسب بل انها ستمثل قنابل موقوته تهدد وحدة المجتمع وتزرع سماً طويل المدي في مفاصل العلاقات المجتمعية في ارتريا، ولكنه أقدم على سن القوانين ونشر القرارات وفرض تنفيذها بمنطق القوة على الاراضي المشار اليها انطلاقاً من عقدته ومرضه النفسي والعقلي من المكون الذي يقطن تلك الارض، راهناً تلك الاجراءات على خيالات وهمية بأن شعب تلك الارض الذي فرضت عليه الهجرة واللجوء منذ منتصف ستينات القرن الماضي في زمن المقبور هيلي سلاسي وتابعها خلفه منقستو هيلي ماريام فهو يسير عليها مستدعياً شعارات اسلافه الذين شرعوا سياسة الارض المحروقة. وبعيداً عن الغوص في تفاصيل سياسة الاستطيان العدوانية التي يمارسها نظام الشعبية التي لا يسعها هذا المقال ولكن لا بد من وضع بعض النقاط الاساسية ونحن نقف أمام المجتمع الدولي عبر تظاهرة نيويورك هذا الشهر ونحدد بمنطوق صريح: @ أن نظام الشعبية الدكتاتوري يقوم بسياسة الطرد الممنهجة لسكان مناطق المنخفضات الغربية والشرقية وفي الساحل وسمهر ودنكاليا، وهي تندرج ضمن عمليات التصفية العرقية والدينية والثقافية لخارطة السكان الموروثة في ارتريا، وهو يتجاوز بذلك القوانين الدولية المنصوص عليها بشأن الارض والسكان، والتأكيد على ان هذه السياسية تعتبر أكبر مهدد للوحدة الوطنية كما انها تشكل فتيل صراع مرتقب ومهدد لمستقبل التعايش السلمي بين سكان ارتريا. @لقد قام النظام ومازال مستمراً بتغيير سكان واسماء القرى والمناطق الحدودية في الاتجاه الغربي والشمالي الغربي من ارتريا ليصنع شريطاً سكانياً وثقافياً متوهماً من اسياس شخصياً ليكون بمثابة درع بشري وثقافي يحد من تأثيرات شرق السودان المعروفة تاريخياً والتي يتوزع فيها مكون اجتماعي كان له الاثر الكبير في فترة التحرر الوطني حيث مثل المرضع الرئيسي لقوة واستمرارية الثورة ضد امبراطورية الاحتلال والعدوان. @تمادياً في هذه السياسة العدوانية فقد تابع الإرتريون الانباء التي تناقلتها مواقع التواصل وأكدها موقع (Shabait) المعبر عن النظام بتمليك نحو سبعين ألف هكتار من الاراضي الزراعية في تسني لعناصر استقدمها (مغرضاً) من كبسا وليس ذلك فحسب بل انه اعلن بسفور دعمها مالياً بمبالغ كبيرة تمكنها من الاستثمار والتجارة والعمل، ومقابل ذلك يتحول سكان الارض الاصليين الذين يعانون الافقار الممنهج وحجز اموالهم في البنوك بقرارات تعسفية ومصاردة بعضها الى اجراء ومستخدمين تمهيداً لدفعهم الى الهجرة واللجوء ومغادرة الارض !!!! @ ونفس هذا الاجراء شهدته منطقة دقي في كركبت حيث قام النظام بلعبة قذرة لا يمكن ان تنطلي على ابناء المنطقة، فبحسب ما ورد من القادمين من المنطقة ان اجهزة النظام قامت باستصلاح تلك المنطقة (كركبت) وتوفير الماء ومستلزمات السكن فيها واستقدمت جزء من السكان الاصلين كفوج اول ولكن مسئولي النظام وعسكره اخبروا السكان بان هناك اعداد اخرى ستأتي من مناطق في المرتفعات وتقيم معهم، وفعلاً كانت هناك كتل ممن استقدمهم النظام وسلمهم اراضي زراعية، ولكن نشبت صراعات قام على اثرها سكان المنطقة باحراق واتلاف تلك المزارع ومطالبة القادمين من غير سكان المنطقة بمغادرتها، وهذا في تقديري هو ما سيشكل في المستقبل الظواهر العامة التي سنشاهدها في عموم المناطق التي تم فيها التوطين القسري لمواطنين لهم اراضيهم (الرست) المعروفة لهم والتي لا يمكن ان يزرع فيها أي فلاح لا ينتمي اليها تاريخياً. إنطلاقاً من ذلك ، ارى من الضروري أن نستدرك المخاطر التي تهدد مستقبل تعايش المجتمع الارتري وسلامته وأمنه، فالنظام يصر على وضع قنابل شديدة الانفجار وبعيدة المدى ليمزق النسيج الاجتماعي ويهدد وحدة مجتمعنا لان الجميع في ظني يؤمن ان قضية الارض تشكل عامل مهم في الاستحقاقات الوطنية، لان فقدانها يعني فقدان الهوية والموروث التاريخي والثقافي والبعثرة الاجتماعية .

شاهد أيضاً

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الأول أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي   تحاور مجلة الناقوس المناضل الكبير عبدالله سعيد …

شخصية العدد- المناضل المغييب محمد عثمان داير (الناقوس العدد 11)

       المناضل المغيب / محمد عثمان داير                   …

المنخفضات -تنخفض الأرض.. ترتفع الهمم (الناقوس العدد 11)

بقلم/ ياسين أمير الجغرافيا رسم الاله على صفحة الكون.. والجغرافيا ترسمنا حين نحسب أننا رسمنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *