من مواضيع مجلة الناقوس العدد العاشر – مقابلة العدد- الجزء الثاني

‏من تذكر من دفعتك في الكلية العسكرية في بغداد؟

– نعم اذكرهم جميعا، وهم الشهيد (1) إدريس رمضان – بارنتو (2) الشهيد جمال محمد عبد الله – قرقر (3) الشهيد يوسف سليمان – أسمره (4) الشهيد علي جامع – مندفره (5) أحمد فرم – شهيد معسكر اللاجئين (6) الشهيد سليمان ديني – بركة (7) الشهيد عبدالقادر جيلاني – شهيد كسلا (8) علي إدريس (9) حاج إبراهيم (10) محمود حالي – شهيد قرقر (11) حسين خليفة (12) عثمان زرؤم (13) عثمان طه (14) محمد أدم – شهيد عراتا (15) أدم ايم – شهيد السودان (16) حسن منصور (17) عبده عبدالله (18) عبدالقادر إبراهيم (19) محمد عمر أدم بره -شهيد بركا (20) بشير عبدالقادر (21) محمد علي شوم (22) صالح حمداي (23) شنقراي (24) حامد أبوبكر .

هل واجهتكم اي صعوبات بعد التخرج في العودة للميدان؟

– بعد التخرج واجهنا صعوبة في العودة لأن طريق العودة كان عبر السودان وكانت مواقف نظام نميري حينها  سلبية تجاه الجبهة، وكان أقرب للنظام الإثيوبي بسبب تقاطع المصالح وقضية الجنوب التي كان يعاني منها السودان، ورغم هذا الوضع المعقد قررت القيادة أن نتحرك باتجاه السودان على دفعات،  فتحركت المجموعة الأولى مباشرة إلى الخرطوم وتم مرورها بسلام، ثم تحركت مجموعتنا إلي الخرطوم،  وبعد وصولنا  تم احتجازنا من قبل السلطات السودانية لمدة شهر، وفشلت مساعي عبورنا وعندها  صدرت لنا تأشيرات للسفر لسوريا ومنها الى بغداد ومن ثم توجهنا لليمن لتكون عودتنا عبر عدن (بالسنبوك) قارب خشبي الى (مرافيت) في السودان وكان معنا في هذه الرحلة زملاء آخرين من خريجي الزراعة والتمريض اذكر منهم الشهيد احمد ناصر والمناضل ابراهيم قدم متعة الله بالصحة والعافية ولقد كان العدد كبيراً  .

 كم استغرقت الرحلة من عدن إلى مرافيت، وهل كانت هنالك أي مخاطر؟

  • نعم، السفر عبر (السنبوك) فيه مخاطر، ولكن كان هو المتاح، تحركنا من عدن في الفاتح من يناير عام 1973 م ووصلنا الى “مرافيت” في الثامن من الشهر، وكان في استقبالنا الشهداء عبدالله إدريس، عبد القادر رمضان ومحمود حسب، الذين قدموا لاستلام شحنة الذخائر والأسلحة حمولة (السنبوك)، وهي كمية كبيرة استغرق انزالها ليلة كاملة، وتم تحميلها على ظهر 200 جمل تم تجهيزها لهذا الغرض.

أين كانت وجهتكم بعد وصولكم لمرافيت، التحقتم بالميدان مباشرة، أم كان هناك مستقطع من الوقت لالتقاط الأنفاس واخذ قسط من الراحة؟

– لم يكن هناك وقت لالتقاط الأنفاس، بل تحركنا فورا من مرافيت ووصلنا معسكر “عدارت” التابع للجبهة والواقع داخل الأراضي السودانية، وفي تلك الأثناء دخلت الجبهة في معركة “قرقر” مع قوات التحرير الشعبية التي استمرت شهرا كاملا في عز الصيف، حيث كنا نعاني شحا في المياه في مناخ شديد الحرارة، وكانت المعركة شرسة توقفت بتدخل السلطات السودانية التي طلبت من الفرقاء الخروج من أراضيها، فانسحبنا باتجاه “عراتا” داخل الأراضي الإرترية، وقد سبقتنا في الخروج قوات التحرير الشعبية التي انسحبت باتجاه “بريطي” وعسكرت هناك. بعد خروجنا قررت القيادة إعادة تنظيم الجيش وسحبت كل القوات إلي “رورا حباب” عدا فصيلتين إحداها كانت فصيلتنا بقينا في “دمبوبيت” وكانت لدينا اسلحة ثقيلة وذخائر في هذا المعسكر وكنا نعاني من استفزازات السودانيين الذين كانوا مرابطين بالقرب منا، ولم نكن على وفاق معهم، بالإضافة لمعسكر إثيوبي كان في “علاكيب” ومعسكر قوات التحرير في “عراتا” وبذلك أصبحنا محاصرين من ثلاث اتجاهات.

‏هل توقفت الاشتباكات بعد انسحابكم من الاراضي السودانية؟

– ‏دخلت قواتنا في “رورا حباب” بعد اكتمال إعادة تنظيمها في معركة مع قوات التحرير، وكانت معركة خاسرة انسحبت منها باتجاه “بريطي” و”فح”.  ونحن بقينا في موقعنا حتى أتانا الشهيد حسب بسريته مخترقا دفاعات قوات التحرير والجيش الأثيوبي وطلب منا التحرك اتجاه “أدوبحا” وبعد وصولنا إلي “أدوبحا” جمع كل القوة عدا فصيلتنا التي طلب منها البقاء في “أدوبحا” وضم بقية القوات إلي وحداته.

في هذه الأثناء قررت قوات التحرير مهاجمة معسكرات الجبهة في كل من “بريطي” و “فح” ومعسكر ثالث كان بينهما, وبمجرد وصول المعلومة للقائد حسب اتصل بي وطلب مني الانضمام إلي الوحدات وبالفعل تحركنا باتجاه المعسكر كما وصل الشهيد قبري هوت بقواته من بركا والشهيد حسب بفصيلته ولقد وجدنا ان المعركة بدأت  قبل وصولنا مع قوات عثمان صالح وشاركنا فيها وفي حوالي الساعة الرابعة طلبت من الشهيد محمود حسب استخدام الهاون الذي كان ضمن اسلحتنا و وافقني على ذلك، وبمجرد اطلاقنا للقذيفة الأولى تم إصابة الهدف واطلقنا الثانية والثالثة واستطاعت قواتنا أن تهجم وحسمت بذلك المعركة وتم تشتيت وحدات قوات التحرير  واستولينا على غنائم عبارة عن ثلاثة جمال محملة بالمواد الغذائية  (أرز والزيوت ودقيق) وهي مواد لم نحلم بها، لان تمويننا كان عبارة عن “بليلة” إن وجد .

وهل كانت خطتكم محاصرة فلول الهاربين، ام اكتفيتم بطردهم من مواقعهم؟

‏- في الصباح استفسرت من المناضل محمود حسب عن خطة التحرك فقال سنتوجه إلى معسكرنا في “بريطي” لان المعسكر ربما يكون هدفا قادما للعدو، ومن فورنا تحركنا رغم التعب والأعياء والعطش ووصلنا المعسكر واستلمت قيادته ومكثنا فترة هناك.

عقب ذلك فكر الشهيد حسب في تنفيذ عملية التفاف على قوات التحرير من الخلف باتجاه “أدوبحا” وباغتناهم من اتجاه “عراتا” ومن هول المفاجئة دب فيهم الخوف والرعب، وانقسموا الى مجموعتين، مجموعة توجهت إلى المرتفعات باتجاه حماسين، وكان عمنا الشهيد قندفل متواجد في احد معسكراتنا القريب من منطقتهم وبمجرد علمه بالخبر بلغنا بذلك فصدرت

الأوامر بملاحقتهم، حيث دارت معارك في حماسين، إلا أن إبراهيم توتيل وحروي تدلا بايرو أمرا بإيقاف الهجوم. وكان حروي يرى في ذلك الوقت أن الإشكال يمكن التغلب عليه بالوسائل السياسية، وفي هذه الاثناء جاءت مجموعة من حماسين من بينهم عضو من اتحاد العمال لا أستحضر أسمه الآن، وأبلغنا بأن غرفة العمليات قد اصدرت اوامر بوقف الهجوم والمعركة على حد سواء، واعترضنا على الخطوة وقلنا له كيف يتم ذلك، حتى وإن كان بأوامر من حروي، فهو فرد في القيادة والقرار صادر من مؤتمر، والخطوة بلا شك كان لها الأثر السيئ على مسيرة الجبهة عموما.

هذه الأحداث تزامنت مع موعد التئام المؤتمر وتوافد الوفود المشاركة في المؤتمر الثاني عام 1975 م. كيف أثر هذا على سير المعارك؟

– نعم هذه الأحداث تزامنت مع اقتراب موعد انعقاد المؤتمر الوطني، وبدأت الوفود تتوافد على مقر المؤتمر.

في هذه الفترة بدأ تدفق الشباب من المرتفعات من حماسين وسرايي وأكلي قزاي إلى جبهة التحرير، وكانت امكانيات الجبهة ليست بالمستوى الذي يمكنها من احتواء تلك الاعداد الكبيرة، ومع هذا تم استحداث معسكرات تدريب خاصة على عجل في “ربدة” وقد جاء هؤلاء بأجنداتهم ومفاهيمهم ومشاكلهم الخاصة والتنظيم يستعد لعقد المؤتمر الوطني الثاني.

في تلك الفترة حصلت على إجازة  وبعد انتهاء مدة الإجازة ، وفي طريق العودة قابلت في “قرقر” الشهيد حسب الذي كلفني بقيادة سرية والتوجه إلى قلوج وكانت مدينة ام حجر قد شهدت معركة مع العدو الأثيوبي حيث تعرضت المدينة للنهب والقتل الذي مارسه العدو ضد المواطنين، وكنا حينها اربعة سرايا (سرية عمنا شاوش مالك وسرية حسين منصور وسرية عثمان حسين وسرية بقيادتي) وقد انتشرنا في المنطقة، عمنا شاويش مالك باتجاه أم حجر، وفي المنتصف حسين منصور، وأنا في قلوج أما الشهيد حسين منصور فقد توجه باتجاه حفير على الحدود السودانية .ونحن في هذا الوضع جاء الشهيد حسب وقال لي نحن بحاجة إليك ضمن قوة حماية المؤتمر رغم أنني كنت من المرشحين لحضور المؤتمر، وبتلك الحجة تم استبعادي من حضور المؤتمر الوطني .

عموما عمدنا لفتح معارك مع قوات العدو المتمركزة في المنطقة بهدف وتشتيت انتباههم اثناء فترة انعقاد المؤتمر.

وهل مرت فترة انعقاد المؤتمر بسلام دون عوائق أمنية أو تنظيمية؟

– عقد المؤتمر بسلام، عدا الخسارة الكبيرة التي تمثلت في استشهاد المناضل علي حنطي وكانت بحق خسارة كبيرة في وقت كنا بحاجة إلى أمثاله في فترة تعد منعطف خطير في تاريخ النضال الإرتري،

 

‏أين كانت وجهتك بعد تأمين مقر المؤتمر وسلامة المؤتمرين؟

– بعد انتهاء المؤتمر طلب مني الحضور إلى “فورتو” وتسليم السرية التي كنت أقودها لنائبي المدعو “أماري” الذي كان ضمن أفراد البحرية الأثيوبية قبل التحاقه بالثورة، وكان ضابط متمرس في فنون القتال، وقد انتحر فيما بعد وهو في طريقه إلى مندفرا حيث تم توجيهه، وكان يعاني على ما يبدو من ضغوط نفسيه.

ما دور الاستخبارات العسكرية، ولم اخفقت في كشف تحركات القوى المعادية عناصر الفالول مثلا؟

– ‏جهاز الاستخبارات العسكرية كان يديره المناضل صلاح الدين عبدالله، ولا أعلم الكثير عن خباياه بحكم السرية التي يدار بها الجهاز، ولكن بعد حضوري إلى فورتو قابلت عبدالله إدريس الذي طلب مني الإعداد لتكوين جهاز الاستخبارات العسكرية !!، إلا أن ابراهيم توتيل وملاكي

تخلي اعترضا على الفكرة فعدل عبدالله إدريس عن التنفيذ، فمكثت في فورتو عدة اشهر ذهبت بعدها الى معسكر جهاز التسليح، وانا أتجاذب اطراف الحديث مع المناضل عبده ادريس مسئول الجهاز في الموقع شدني منظر بعض قطع المدفعية المختلفة وفي تلك الأثناء حضر كلا من المناضل عبدالله إدريس، محمود حسب، تسفاي تخلي وحسين خليفة، وكان وجودي هناك مفاجئا لهم، وعلمت فيما بعد أنهم جاءوا لوضع اللمسات الأخيرة لمعركة تسني..

وهل جرى حديث بينك وبين القادة الاربعة بخصوص تجهيزات المعركة؟

– تحدث معي المناضل حسين خليفة وقال لي سنوكل إليك مهمة تدريب مجموعة من الجنود على استخدام هذه الأسلحة (اسلحة المدفعية) ونطلب منك القيام بالمهمة خلال فترة وجيزة.

اعتذرت عن تنفيذ المهمة في البداية لقصر المدة، ومع إصرارهم وافقت واتفقنا على بدء التدريب وتجهيز مجموعة الهاون للمعركة، مع الاستمرار في التدريب على باقي الأسلحة دون إشراكها في المعركة نظراً لضيق وقت التدريب.

وهل أكملت المهمة في المدة المحددة بخمسة عشر يوما؟

يتبع …..

شاهد أيضاً

من مواضيع مجلة الناقوس العدد التاسع – الملف الثقافي

قصة قصيرة دروب مجهولة (٢) بقلم أبو محمد صالح  صمت الجميع، صمت أعقبه صراخ، الكل …

مواضيع مجلة الناقوس العدد التاسع-الملف الثقافي

مَن الذي اخترع الربابة البجاوية.. ولماذا اسماء اوتارها بالبداويِّت وليست بالتقرايت؟ بقلم عبد العزيز ابراهيم …

من مواضيع مجلة الناقوس-العدد التاسع

مقالات ليس إنسانا من يحبس صوت المغني…! بقلم: يبات علي فايد كان الرجل الأسمر الطويل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *