مواضيع مجلة الناقوس (العدد الثامن) – مقابلة رئيس المكتب التنفيذي لرابطة أبناء المنخفضات الإرترية – الجزء الثاني

  *بما أن شعبنا في الداخل أكثر معاناة من نظام الهيمنة والاقصاء، فهل يمكن القول بأن للرابطة تأثير في داخل الوطن؟

الرابطة هدف وفكرة تقوم على الدفاع عن الحقوق لها ولكافة مكونات الوطن، وتسعى لإزالة الهيمنة والإقصاء، واستطاعت أن تصل لشعبنا في الداخل من بدايات انطلاقتها الأولى، فوثيقة الرابطة وجدت طريقها إلى الداخل بالرغم من سياسة التعتيم والقمع الذي يمارس النظام، ونحن على يقين بأن الأفكار هي التي تصنع الثورات، وهذا هو ما تفعله الرابطة حيث إنها منظمة مجتمع مدني تسعى للتأثير على الرأي العام وبث أفكارها وآرائها بين الناس، وهذا هو سلاحنا الذي نؤمن بأنه قادر على إحداث التغيير المنشود.

   *من خلال تواجدك في هذا المشروع منذ البداية ما هي نقاط ضعفه وقوته ؟

شكرا على هذا السؤال الهام، كما أشرت لذلك سلفا فإن قوة الرابطة هي في وثيقتها وما تضمنته من أهداف ومبادئ انطلقت من الواقع المعاش لنضالات شعبنا لما يربوا عن سبعة عقود ونيف منذ فترة تقرير المصير، والتي وجدت قبولا من قبل الكثيرين من أبناء المجتمع، أما أهم نقاط الضعف في الرابطة هي عدم توفقنا في اختيار الهياكل الإدارية التي تناسب الشكل التنظيمي للرابطة لنفسها كمنظمة مجتمع مدني، حيث عملت بالشكل الإداري الموروث من تجربة  مرحلة الكفاح المسلح، ونعتقد أن تأثيرات ذلك كانت سالبة جداً على الرابطة  باعتبار أن منتسبيها من مدارس ومشارب متعددة تنظيميا واجتماعيا وعمرياً، ما كان يستدعي هيكلاً تنظيمياً سلساً يتناسب وطبيعة الرابطة كمنظمة مجنمع مدني.

 *بالعودة للرابطة ما هي نظرتك المستقبلية لها وكيف سنقضي على التجارب الموروثة التي أصبحت تعرقل مسيرة العمل الوطني ؟

بالرغم من أن الرابطة قد تعرضت لحملات استهداف وتشويه كبيرين منذ انطلاقتها في 29 مارس 2014م من أطراف عديدة، إلا أن ردها العملي كان ولا يزال هو الاستمرار على العمل بخطى واثقة نحو تحقيق الأهداف المعتمدة لبلوغ الغايات المنشودة: من نشر الوعي المجتمعي بالمصالح المشتركة بين افراد المجتمع لتمكينه من القدرة للدفاع عن مصالحه وحقوقه الخاصة، وللعب دوره المعهود بالمساهمة الفاعلة مع المكونات الأخرى في التغيير الديمقراطي لبناء دولة حكم القانون والعدالة في ربوع وطن يسع الجميع.

  *قبل الخروج من دائرة الملابسات حول هذا المشروع العملاق الذي ارهقته عدد من الهزات الداخلية منذ تأسيسه، الى أي مدى تأثر مشروع الرابطة بذلك ؟

لم تقتصر التحديات التي واجهت الرابطة على المهددات من خارجها، بل تعرضت لهزات من داخلها ايضا تمثلت في خروج بعض المجاميع من اعضائها في اكثر من مرة، وكان آخرها الخلاف الذي ادى الى انعقاد مؤتمر طارئ وتشكيل قيادة بديلة، وبالتأكيد كان لذلك تأثيراته السالبة على الرابطة، الا اننا نؤكد بان المهم هو الحفاظ على المبادئ والاهداف التي انطلقت الرابطة من اجلها، وان يعمل كل من يؤمن بها ضمن ما يرتضيه من أُطر تنظيمية. ولا بد من الاشارة هنا الى ان البعض يأخذ على الرابطة فشلها في تحقيق هدفها في لم الشمل، منطلقين من الفهم الخاطئ لهذا الهدف بانه تأطير ابناء المنخفضات في اطار الرابطة، في حين ان الرابطة اوضحت ما تعنيه بهذا المفهوم في العديد من أدبياتها وندواتها بأن المقصود هو خلق الوعي بالحقوق والمصالح  وليس الجمع والتأطير في اطار تنظيمي واحد كما فهم البعض، بل ان يعمل كل ضمن اطره وبأدواته الخاصة والتنسيق بين أشكال التعدد التنظيمي للدفاع عن ذات الأهداف والمبادئ المشتركة، منطلقين من وعينا وإدراكنا للتجارب السابقة في الساحة التي فشلت في تحقيق الوحدة في تنظيم واحد، علاوة على استحالة ذلك من الناحية العملية، وهو ما أقرته الرابطة في وثيقتها كمبدأ أساسي لتحقيق الوحدة التي تراعي مصالح وحقوق مكونات التعدد على جميع المستويات (على مستوى تنظيمات واحزاب المجتمع، وعلى مستوى الوطن بين مختلف مكوناته  وقواها السياسية والمدنية)   

  *الرابطة واجهت في بداياتها عدم القبول خاصة من بعض المحسوبين على هذه المنطقة كيف تقرأ ذلك ؟

كعادة أي عمل في بداياته يلقى التوجس من قبل الآخرين حتى يدركوا مقاصده، وأعتقد أن هذا ما حدث بالنسبة للرابطة، خاصة وان ما طرحته من أفكار ومبادئ في وثيقتها لم تعهده ساحة العمل المعارض من قبل، لأنها طرقت أبواب المسكوت عنه في طبيعة الصراع الإرتري الذي عرّفته الرابطة بأنه صراع هيمنة قومية، بالتالي أن هزيمته تستدعي الاعتراف بالتعدد والتنوع الإرتري والبناء عليه في اقامة دولة حكم القانون في ظل نظام حكم لامركزي دستوري يوزع السلطات بين مكونات التعدد ويعطيها حقها في قسمة السلطة والثروة. أما الآن وبعد أن تبين للكثيرين مقاصد الرابطة ومراميها فإنها وجدت القبول من أبناء المجتمع وتفهم البعض من مكونات التعدد وقوى العمل المعارض الإرتري.

   *هناك اتهام للرابطة بانها مشروع عنصري ضد المكونات الاخرى وانها خصم على وحدة المسلمين واضعاف لدورهم، وانها مشروع انفصالي يهدد وحدة الوطن الارتري كيف ترى ذلك؟ 

كل هذه مواضيع أسيئ فهمها أما عن عدم دراية أو إثارتها عمداً من قبل قوى الهيمنة ومن يتماهى معها، وذلك لتعارض مفاهيم ومبادئ الرابطة مع نهج الهيمنة، وان الرابطة منظمة مجتمع مدني تؤمن بالتعدد الارتري ضمن الوطن الواحد وتسعى مع بقية المكونات الارترية لتخليص الشعب من عقلية الهيمنة القومية واستبداله بنظام حكم لا مركزي دستوري يضمن العدالة والمساواة بين مختلف المكونات، وتقدمت الرابطة بمبادرة العقد الاجتماعي كحل لمعضلة الحكم في ارتريا، ولا يستقيم أن من يدعو لذلك أن  يكون خصما على أي من مكونات الشعب الإرتري أو  مهدداً لوحدة البلاد.

   *شهدت الساحة المعارضة مؤخراُ انقسام حاد بين مؤيد تحت مسمى السيادة وبين من يقف ضد هذا المنحى اين الرابطة من هذا الموقف الذي قسّم المعارضة الى قسمين؟

بالنسبة لواقع الحال من حولنا وما يدور فيه من صراعات وحروب نلحظ بان محورها الأساسي هو الصراع على الحقوق والمصالح لمكونات الشعوب التي عانت من الهيمنة القومية من جهة، ومحاولة قوى الهيمنة الساعية لإبقاء وإخضاع هذه الشعوب لسطوتها من جهة أخرى. وان نظام الهيمنة القومية الإرتري يلعب دورا محورياً فيها، وتجلى ذلك في تدخله طرفاً في الصراعات الإثيوبية الداخلية مصرحاً بشكل واضح انه يسعى لضرب مفهوم حقوق المكونات في اثيوبيا، وقد اكدت الرابطة على موقفها من الصراع في العديد من البيانات والندوات، وآخرها كان البيان الذي أصدرته بتاريخ (13 أكتوبر 2021 م) معبراً عن وجهة نظرها (مرفق أدناه رابط البيان) ونوجزها في التالي:

  • الموقف المبدئي والثابت مع حقوق ومصالح مكونات الشعوب كحق اصيل.
  • ادانة ما تم ارتكابه من انتهاكات صارخة لحقوق الانسان من كافة الاطراف المتورطة فيه، والمطالبة بالتحقيق في الجرائم وتقديم مرتكبيها لمحاكمات عادلة.
  • الرفض القاطع لبعض التصريحات التي صدرت من شخصيات نافذة وتاريخية في التجراي تُحمل فيها الشعب الارتري وزر الحرب الدائرة والجرائم التي ارتكبت، ورفضنا بصفة خاصة استهداف مكون معين من الشعب الارتري والتدليل عليهم بوصف ” المشلخين” وتحميله مسئولية الجرائم التي ارتكبت في اقليم التجراي؛ متناسين ما يتعرض له الشعب الارتري من جراء سياسات النظام الحالي.
  • رفض دعاوي البعض من الارتريين والتقراويين استغلال الامتداد عبر الحدود الجنوبية لإقامة دولة تقراي تقرنييه، الامر الذي يعتبر تكراراً لنفس تجارب فترة تقرير المصير والاتحاد الفيدرالي التي افضت الى الانضمام.
  • رفض تصريحات المسئولين في الحكومة الاثيوبية ورأس النظام الارتري بما ينال من استقلال ارتريا وسيادتها بإعادتها الى اثيوبيا.
  • تحميل النظام الارتري نتائج دخوله في هذه الحرب وتداعياتها المدمرة على الشعب الارتري والمنطقة، وايضاً وزر كافة الحروب السابقة التي اشعلها في المنطقة.

  *عدد كبير لم يلتزم بخط الرابطة، ولكن مؤخرا تجد من توافق مع اطروحاتها دون ان يكون عضوا فيها؟

كما أشرت لذلك في إجاباتي السابقة أن الهدف الرئيسي ليس جمع كافة أبناء المجتمع في اطار تنظيمي واحد، بل هو بث الوعي بالحقوق والمصالح وان يعمل كل في موقعه التنظيمي أو بشكله الفردي اذا كان مستقلاً للدفاع عن هذه الأهداف والذود عنها. لذا فان انتشار فكرة الرابطة وتوسعها هو انتصار لا هداف الرابطة والمبادئ التي انطلقت من أجلها. 

 *يلاحظ عدم تغيير في مفاهيم الرابطة وما طرحته منذ التأسيس وبالرغم من ذلك هنالك تراجع للكثير من المعادين لها ؟ وهناك بعض الاعترافات بالمظالم والتهميش والاقصاء الذي تعرض له ابناء المنخفضات خاصة من عدد من شباب مكون التجرينية تلوح في الأفق إلى ماذا تعزو ذلك؟

أعتقد ان السبب الرئيسي لذلك يعود بالدرجة الأولى لوضوح رؤية ما طرحته الرابطة في وثيقتها، ثم إيمان القائمين عليها بأن تحقيق ذلك لن يتم بتقديم التنازلات عما جاء فيها من أهداف ومبادئ، بل بالعمل الجاد والمثابرة على إيصال رسالتها، وهذا ما حقق التوافق معها حول الكثير من المفاهيم التي كانت مرفوضة حينها، لذا نعتقد أن تمسك الرابطة بالخط الذي رسمته لنفسها هو وحده الكفيل بخلق التقارب بينها وبين كافة مكونات الوطن، لنبني معا وطن العزة والكرامة والشموخ.

شاهد أيضاً

مواضيع مجلة الناقوس – العدد العاشر- شخصية العدد

الشهيد سليمان ادم سليمان.. عاش انسانا ومناضلا.. أعده / الأستاذ محمود أفندي تغوص بك عزيزي …

من مواضيع مجلة الناقوس العدد التاسع – الملف الثقافي

قصة قصيرة دروب مجهولة (٢) بقلم أبو محمد صالح  صمت الجميع، صمت أعقبه صراخ، الكل …

مواضيع مجلة الناقوس العدد التاسع-الملف الثقافي

مَن الذي اخترع الربابة البجاوية.. ولماذا اسماء اوتارها بالبداويِّت وليست بالتقرايت؟ بقلم عبد العزيز ابراهيم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *