من مواضيع مجلة الناقوس – العدد الثامن- المعلم عبدالله صائغ ..صفحات مشرقة في مسيرة التعليم في إرتريا

في اطار تغطية مجلة الناقوس للأدوار المتميزة لمن تصدروا تأسيس التعليم في إرتريا، في ظل الظروف التي كانت تعتريه، استأذنت المجلة كاتب المقال الأستاذ أبو إيهاب المقيم بالمملكة المتحدة أن تستفيد من المعلومات التي نشرها في موقع فرجت ف 16 مايو 2018.

يروي الأستاذ أبو إيهاب قصة

المعلم الكبير الأستاذ/ عبدالله محمد يوسف صائغ

وللعلم مكانة تعلو ولا يعلى عليها

صفحات قليلة مـن نضالات المعلم الكبيرالاستاذ/عبد الله محمد يوسـف صائـغ في منطقة الساحـل الشمالي في إرتريا.

فى مطلـع أربعينيـات القـرن المنصـرم، وتحـديـدا قى عـام 1945 عقـب انتهـاء الحـرب العالمية الثانية، بهزيمة دول المحور اسـتقـر الوضـع العسـكـرى والادارى والسـياسى لمجموعة الحلفـاء، ونتيجة لـذلك تقـرر تصـفية مسـتعمـرات دول المحـور وفى مقـدمتهـا المسـتعمـرات الايطالية، عنـدئـذ تقـرر مصيـر معظـم المسـتعمـرات بواسـطة هيئة الامم المتحـدة، والتى تـم تأسـيسـهـا بـديـلا لعصبة الامم، كما تـم تكـوين مجلـس الامـن مـن الـدول الخمس التى كسـبت الحـرب، والـذى قـرر اسـتقلال بعـض المسـتعمـرات وارجـاء مصيـر البعض الآخـر منها. لقد وضعـت ارتـريـا تحـت الادارة البريطانية كـدولة انتـداب باشـراف الامم المتحـدة، وقامت الادارة البـريطانية في سعي منها لتأسـيـس وادارة التعليم الأولي في ارتريا في انشاء عـدد محـدود مـن المـدارس الابتـدائية فى مناطـق الكثافة السـكانية الارتـرية، اذ تـم فتح عشـرة مـدارس فى المـدن الارتـرية ” مـدرسـة فى عصب/ مـدرسـة فى مصوع/ ثـلاثة مـدارس فى أسـمـرا وضواحيهـا/ مـدرسـة فى مندفـرة/ مـدرسـة فى عـدى قيح/ مـدرسـة فى كـرن/ مـدرسـة فى أغـردات واخـرى فى نقفـة”، وبالمقابـل تـم فتح مـدرسـتين أهليـتين على نفقة الاهـالى فى مـدينة مصوع، ولقد تمت الاسـتفادة مـن ضباط الاحتياطي السـودانـين وعـدد قـليـل جـدا مـن ابنـاء ارتـريـا وهـؤلاء تـم تأهيلهـم ومـن ثـم تعـيينهم على عجـل، وكان نصـيب مـدينة ” نقفـة” وضواحيهـا مـدرسـة واحـدة قـام بأنشـائهـا وبنـاء مبانيهـا وتأسـيسـهـا الـراحـل المقيـم الاسـتاذ/ عبـد الله محمـد يوسـف صايـغ، الـذى ظـل يخاطـب واجهـات الاهالي حتى خـرج منهـم بلجنة اسـماها لجنة “محاربة الامية”، وفيما بعـد تحول اسـمهـا الى لجنة الآبـاء، بــدأ الـرجـل تـلك المهام الصعبة منفـردا فيما عـدا لجنة محاربة الاميـة التى كانت تـقف معه فى بعض المسـائـل وتقـف ضـده فى بعضهـا الآخـر، ومـن جهة اخـرى كان يخاطـب ادارة المعـارف لتمـده بالمعلمـين وببعض المـواد المـدرسـية التى تحتاجهـا المـدرسـة، ولـكن ادارة المعـارف لـم تتجـاوب مـع مطالبه، وظـل الـرجـل الهمام يـديـر ويعلـم منفـردا محاطـا بالكثيـر مـن المعوقـات، وفى وقـت لاحـق تـم دعمه بمعلم سـودانى هـو الاسـتاذ/ التجاني أحمـد سـعـد والـذى عـين فيمـا بعـد مشـرفا اجتماعيـا لمـدارس منطقة السـاحل الشـمالي التى تعـددت لتشـمل عـدد ثمانية مـن مـدن وقـرى المنطقة (نقفة/ أفعـبت/ قارورة/ مبـأة/ نـارو/ قـام جيـوا/ هبـرو وعوبلـت).

لقد ظل الاسـتاذ/ عبـد الله يـرحمه الله على مـدار السـنوات الأولى يواجه  عـدد لا يحصى مـن المصاعب مـن عـدة جهات كان احـد اطـرافها الأهالى وثانيهـا التـرحـال الموسـمى، وثالثهـا مشـائخ الخـلاوي الـذين حاربـوا المـدرسـة مـن غيـر هـوادة، حـيث وصفوهـا فى البـدء بأنهـا أداة تكفيـرية تعمـل على صـرف الأطفال عـن ذكـر الله، ولـكن تـدخـل لجنـة محاربـة الأمية التى كان يقـف على رأسهـا عـدد مقـدر مـن واجهـات المنطقة ومواجهة الأهالى وايضـا مخاطبة ادارة المعارف باعتبـارهـا المسـئول الأول عـن المـدارس، أيضا كان هناك رفـض سلبى هـدام مـن بعـض الطـلاب الأكبـر سـنا وهـذا الآخـر خلـق مصاعب اضافية، هـذا بالاضافة الى ادارة المعارف التى بدأت شحيحة جـدا فى مـد المدرسة بالمواد الاساسية المطلوبة لتسـيير مهام التعليم ( الكـتب، الطباشيـر، الكراسات والاقلام وخـلافـه).  

لقد استفاد العديد من الطلاب مـن تـلك النضالات التى كان قطبهـا الايجابى الاسـتاذ عبـد الله محمـد يوسـف ولجنته التى أسـماهـا لجنة محاربة الامية، وقطبهـا السلبى بـروقـراطية ادارة المعارف آنـذاك، الى جانب بعض العـادات والتقاليـد المعيقة، وأورد  الكاتب في مقاله عدد 51 ممن اسعفته الذاكرة من اسماء الذين استفادوا مـن نضالات الـراحـل المقيـم الاسـتاذ عبـد الله محمـد يوسـف فى مطلـع أربعينيـات القـرن الماضي، بمـا فى ذلك كافة حملة الأقـلام مـن مواليـد ثلاثينيـات القـرن المنصـرم فى معظـم قـرى ومـدن منطقة السـاحـل الشـمالي، ذلك بأسـتثنـاء الـذين ارتـادوا الخـلاوي الأهلية ومـن واصـلوا الـدراسة فى المدن السـودانيـة. اللهم أرحمه واغفر له واسكنه فسيح جناتك مع الشهداء الابـرار.

ويضيف الكاتب انه لا شـك ان تعـداد الطـلاب الـذين عـرفوا درب العلـم والتعليـم على يـد الاسـتاذ عبـد الله يفـوق هـذا العـدد، ولكنه لـم يتـذكـر أسـماء باقى الطـلاب الـذين تتلمـذوا على يد اسـتاذنـا الـراحـل يـرحمه الله، خصوصـا وانهـم اكبـر منه عمـرا ولـم يعاصـرهـم حينمـا كانـوا طـلابـا كمـا لـم يسـعـد بالجلـوس مـع بعـضهـم الآخـر الا لمامـا.

واردف الكاتب في مقاله: انه قـد يسـتغـرب البعـض قائـلا، ما هـو الهـدف مـن وراء كتابـة هـذا الموضـوع الـذى مضى عليه ما يـربـو عن سـبعة عقـود او يـزيـد، وهـذا مـن حقهـم، عليه اقـول لهـم ان ادارة المعـارف فى ارتـريـا آنـذاك عـرضت مهمـة الاضطـلاع بتأسـيـسسعي مـدرسـة فى نقفـة على أكثـر مـن معلـم على قلتهـم وصغـر أعمارهـم آنـذاك، فـرفض الجميـع ولـكن اسـتاذنـا الجليـل تحمـس لتنفيـذ المهام ونجح فى تأسـيـس المـدرسـة نجاحـا منقطـع النظيـر جامعـا ما بـين الأدارة والتـدريـس، عليه كان الغـرض مـن هـذه السـياحة اعـادة الحـق الى اهلـه، خصوصـا وان الأسـتاذ يسـتحق شـكـرا مضاعفـا على صنيعـه الطـيب الـذى تهـيبه زمـلاءه المعلمـين، مـع العلـم ان مـدينة نقفـه آنـذاك كانت قـرية نائية والاسـتاذ ولـد وتـرعـرع فى مـدينة كـرن التى لا تقـاس بغيـرهـا آنـذاك، وهـذا مـوقف يشـكـر عليه ويبجـل وعلى صعيـد مـواطـنين السـاحـل الشـمالي قـل مـن لا يعـرف الأسـتاذ عبـد الله محمـد يوسـف صايغ او ود صايـغ كمـا يحبـون مناداتـه وسـط أهـالى المـدينـة وكافة جماهيـر منطقة السـاحـل.   

وهكذا ختم الاستاذ ابو ايهاب مقاله الشيق، ونحن بدورنا في مجلة الناقوس نهدف من خلال التذكير بهذا المقال الاستمرار في تسليط الضوء على هؤلاء الذي كان لهم السبق في حمل مشاعل التعليم في ارتريا واثرهم الايجابي على مجتمعنا وشعبنا.                                                      

  ولا يفوتنا ان نشكر الكاتب ابو ايهاب على جهده والسماح لنا بالنشر والتحرير كما نشكر موقع فرجت على سبق النشر.

شاهد أيضاً

تهنئة

بمناسبة عيد الفطر المبارك تتقدم رابطة ابناء المنخفضات الإرترية للشعب الإرتري الأبي بأصدق التهاني القلبية …

الاعلام بين الماضي والحاضر

بقلم محمد نور موسى ظهر الإعلام الإرتري مع ظهور الحركة الوطنية الإرترية في مطلع أربعينات …

من مواضيع مجلة الناقوس-العدد التاسع

سعدية تسفو فدائية من جيل آخر! نقلا من صفحة الاستاذ ابراهيم حاج لترجمته من كتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *