ضمن فعاليات الدورة 53 لمجلس حقوق الانسان، انعقدت الجلسة الخاصة بمتابعة حالة حقوق الانسان في إرتريا في 20 يونيو 2023 م حيث استمعت الجلسة لتقرير المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الانسان في إرتريا السيد محمد عبدالسلام بابكر الذي استهله بالتقرير بأن حالة حقوق الإنسان في إرتريا لم يحدث فيها أي تحسن ، فما زالت انتهاكات الحقوق الأساسية من الحرمان من المشاركة في الحياة العامة للمواطنين ، إضافة لاستمرار عمليات القمع لكافة اشكال حرية التعبير ، وممارسة القتل والتعذيب والاختفاء القسري والاعتقالات الواسعة لرجالات الدين من دون أي محاكمات وهذا منذ سنين عديدة أي منذ استقلال دولة إرتريا التي تعيش في حالة غياب تام للممارسة الديموقراطية، حيث لم تجرى فيها أي نوع من الانتخابات، وغياب تطبيق حكم القانون وإقامة العدالة الاجتماعية .
كذلك ما زال العمل بنظام الخدمة الوطنية غير محددة الاجل مستمراً منذ تقريري السابق، في ظل ممارسة استرقاق وعبودية بغيضة بلغت حد معاقبة الاسر اثناء عملية التجنيد الإجباري للمشاركة في الحرب الإثيوبية الأخيرة وذلك بإخراج الاسر من منازلهم واغلاقها، واخضاعهم للاعتقال اذا لم يحضروا أبنائهم، الأمر الذي اثر سلباً على النسيج الاجتماعي نتيجة لانعزال الأبناء عن اسرهم والحياة الاجتماعية العامة لفترات زمنية غير معلومة.
كما أن انتهاكات دولة ارتريا لحقوق الانسان لم تتوقف في الاطار الداخلي لحدودها السيادية، بل تعدتها للدخول لإقليم تقراي الإثيوبي أثناء الحرب الأخيرة حيث تم القيام بالمذابح والقتل خارج اطار القانون والاغتصاب واختطاف اللاجئين الإرتريين من معسكرات اللجوء بعد ان تم تدميرها وقتل العشرات من اللاجئين. كما تم رصد الحياة الإنسانية القاسية التي يعيشها 134 ألف لاجئاً إرتريا في السودان الذين ما زالوا يعيشون هناك هربا من الانتهاكات المستمرة لحقوقهم، بل تتم ملاحقتهم في المعسكرات حيث يتعرضون للاختطاف المستمر من قبل النظام الإرتري.
وفي ظل تواصل إرتريا بعدم التعاون المستمر مع مجلس حقوق الانسان وآلياته المختلفة وكذلك الآليات الافريقية، بالرغم من محاولات الحوار المتعددة معها لتقديم الدعوة لولايتي الخاصة لزيارة إرتريا، اطالب المجلس باتخاذ خطوات عملية أكثر حزماً بخصوص التجاهل وعدم التعاون المستمر. كما أطالب المجلس بمساءلة النظام الإرتري عن انتهاكاته المستمرة لحقوق الانسان خاصة ما تم منها اثناء الحرب الأخيرة في إقليم تقراي وضمان عدم الإفلات من العقاب.
تم بعدها إعطاء ممثل النظام الإرتري الفرصة للتعقيب على ما جاء في تقرير المقر الخاص، الذي انكر كعادته كل ما جاء في التقرير واعتبره من باب الاستهداف السياسي لبلده، حيث تم القيام بالكثير من التحسينات في نظام الخدمة الوطنية والحقوق الاجتماعية هذا بالرغم من التحديات الكثيرة التي تجابهنا، كما أنه رفض القبول بأي من الانتهاكات التي اشار اليها التقرير، قائلاً بأن دخول القوات الإرترية لإثيوبيا تم بناءً على طلب رسمي من قبل الدولة الإثيوبية.
تم بعدها إعطاء الفرصة للوفود الدولية للتعقيب على تقرير المقرر الخاص، وقد رحبت معظم الدول بالتقرير وطالبت دولة ارتريا بالنهوض بحالة حقوق الانسان الإرتري في كافة المجالات من: التعليم والصحة ، والتوقف عن الخروقات التي تقوم بها في إثيوبيا وسحب قواتها بشكل كامل ، وتحسين شروط العمل في الخدمة الوطنية وتحديد اجلها بسقف زمني محدد ، واطلاق سراح كافة المعتقلين، واحترام حريات التعبير، والسماح للمقرر الخاص بالدخول لارتريا لممارسة مهامه على حسب التكليف الممنوح له من قبل المجلس الذي تعتبر دولة ارتريا عضوا فيه. ودعوا المجلس بعدم السماح للمسئولين عن المجازر التي ارتكبت من الإفلات. كما تم اعتبار ان الدولة الارترية تعيش في حالة شلل سياسي وذلك نتيجة للحرمان من المشاركة السياسية للقوى المعارضة للنظام.
إلا أن مداخلات بعد الدول من بينها (روسيا والصين وكوبا وكوريا وفنزويلا بلاروسيا واثيوبيا …..) جاءت مجانبة للحقائق بالرغم من الانتهاكات المستمرة لدولة ارتريا التي يشهدها العالم اجمع، معتبرين أن ان التقرير والآلية التي يتبعها المجلس تعديا على السيادة الدول وتدخلا في شئونها الداخلية، حيث يجب ان يسمح للدولة المعنية ان تحدد هي الوسيلة المناسبة لها وفق آلية حوار بناءه، كما طالبوا بإيقاف العمل بآلية المقررين الخاصين لأنها لا تحقق أي نتائج إيجابية.
وقد جاءت مشاركات المنظمات المدنية الحقوقية التي أعطيت فرصة المشاركة لثمانية منها بتقديم لكلماتها تعقيبا على تقرير المقرر الخاص، والتي اكدت على ما جاء في تقرير المقرر الخاص بأنه لم يطرأ أي تحسن في حالة حقوق الانسان في إرتريا منذ العام 2012م حتى اللحظة الراهنة، في ظل استمرار الاعتقالات التعسفية، عدم اطلاق سراح المعتقلين، انعدام حرية التعبير، استمرار العمل بنظام الخدمة الوطنية الجائر، عدم التعاون مع المجلس والمقررين الخاصين، مصادرة الممتلكات والأراضي وعمليات الاستيطان الممنهجة من قبل النظام خاصة في المنخفضات الإرترية وإقليم العفر. وقد شاركت رابطة المنخفضات الإرترية عبر رئيس مكتبها التنفيذي السيد حامد ازاز الذي قام بتقديم كلمة الرابطة.
واعطيت الفرصة أخيرا للمقرر الخاص السيد محمد عبد السلام للتوضيح والرد على بعض التساؤلات الذي عقب قائلاً في الرد على الرافضين لتقريره:
- إن عدم تعاون إرتريا لم يقتصر على ولايتي فقط، بل شمل ولايات كل المقررين الخاصين السابقين.
- إن ولاية المقرر الخاص أنشأت من قبل المجلس وهو الذي سيحدد كيفية التعامل معها في حالة استمرار الرفض لها من قبل دولة إرتريا.
- على المجلس القيام بالخطوات العملية للدفاع عن نزاهته أمام التجاهل المستمر لقراراته.
- من المهم بالنسبة لدولة ارتريا التعاون من المجلس باعتبارها عضواً فيه، كما عليها اصلاح نظام الخدمة الوطنية واطلاق سراح المعتقلين وإيقاف الاعتقالات التعسفية والكشف عن أماكن المفقودين.
- كما يجب عليها تسوية أوضاع الإرتريين في الشتات، والارتقاء بحقوق الانسان في إرتريا، وتقديم التمويل اللازم للمنظمات المدنية للعمل بحرية في ممارسة مهامها، وحرية العمل السياسي في الخارج دون ممارسة التهديد.
- المسائلة عن كل الجرائم المرتكبة وعدم السماح للمسئولين عنها الإفلات من العقاب.
- لم اتجاوز ولايتي الخاصة في أداء مهمتي كما اشارت بعض الدول في كلماتها، حيث ان القوات الإرترية كانت تسيطر على معسكرات اللاجئين في إثيوبيا، وهذا تم توثيقه من قبل المجلس.
- تقديم الحماية اللازمة للاجئين ليتمكنوا من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي دون التعرض للاختطاف والتهديد.