وراء الشمس

بقلم ابو حنين
كلنا نعلم ان الرابع عشر من أبريل 1992 م تحديدا ، كان فجرا هز كل اركان البلاد عندما شهد حملة الآعتقالات الواسعة التي شملت عدداً كبيراً من المعلمين والشيوخ والدعاة العاملين في قطاع التربية والتعليم في عدد من المدن الارترية ، في الوقت الذي كان يتأهب فيه شعبنا شيبا وشبابا لبناء دوله حديثة يسودها العدل والامن والرخاء بعد نضال طويل بذل فيه كل ما يملك ، لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن عندما اختار النظام هذا التوقيت لبعثرت الشعب الارتري الذي عاش سنوات طوال في بلدان المهجر وكان يشد الرحال من كل مكان للعودة ليتنسم عبير الحريه والنصر ويتناسى فيها مرارة الثلاثين عامًا من الشتات و القتل والسجن والتعذيب والابادة الجماعية التي كان يرتكبها بحقه العدو الاثيوبي .
لم يَكْتَفِي النظام القمعي بتلك الحملة الجائرة بل واصلت الاعتقالات ضد الأبرياء والشرفاء منذ هذا التاريخ وحتى يومنا هذا يملأ سجونه المجهولة التي تقول هل من مزيد وأبرز السنوات التي شهدت الإعتقالات الواسعه كانت في الاعوام :- ١٩٩٢-١٩٩٤ -٢٠٠١ -٢٠١٣ – ٢٠١٤ – ٢٠١٧ هذه التواريخ هي أشهر حملات الاعتقالات ، الا ان عمليات الاعتقالات التعسفية والاخفاء القسري في حق المواطنين منذ الاستقلال وحتى يومنا هذا مستمرة بشكل لايمكن لاحد ان يتصوره لان كل مواطن داخل البلاد متوقع هذا المصير ليس هذا فحسب بل وصلت يد النظام الحاقد الى دول الجوار مثل السودان التي يمرح فيها ويسرح كما يشاء وحتى اثيوبيا التي تعتبر دولة مواجه بالنسبة له سخر فيها المرتزقه من ابناء الوطن وخارجه لملاحقة الشرفاء الذين فروا بجلدهم.
فالحديث عن الرابع عشر من مارس يوم المعتقل الارتري حديث مؤلم خاصة اذا نظرنا من هُم المعتقلين فبكل اسف نجد ان النظام قد بدأ بإعتقال الرعيل الذين اسسوا النضال مرورا بالشيوخ والمعلمين والمتعلمين والمثقفين واصحاب الرأي والكلمة من الذين افنوا حياتهم في النضال، انتهاءا بالآطفال الذين أُنتهكت دور علمهم بالامس القريب.
ربما لا أستطيع أن أغطي مهما تحدثت عن هذا اليوم ولكن من خلال معايشتي لهذه الحقبه المؤلمة التي كنت اسمع وأرى عن قرب خطف الاقارب وزملاء العمل واشخاص تأثرت بهم في جوانب الحياة العامة وآخرين كثر ممن سطروا ملاحم بطولية في اشرس المعارك لتحرير البلاد ضد المستعمر الغاشم، ومن الذين وضعوا بصمات لا تمحى في تاريخ هذا الوطن. لكن اقتادتهم أيدى الجبناء إلى غياهب السجون دون جرما ارتكبوه سوى انهم كانوا ضحية العصابه المتسلطه لمواقفهم الوطنية. لكن النظام استخدم اساليبه الدنيئة بإخراج مسرحيته الهزيلة التي مثل من خلالها دور الشرطي من جهة والمتآمر من جهة اخرى ليخدم مشروعه الفاشل ليضع الابرياء في هذه المعتقلات التي لا تراعى فيها ابسط الحقوق الإنسانية والقانونية دون تقديمهم إلى محاكم عادله وحجزهم في معتقلات مجهوله بعيدين عن التواصل مع أسرهم وذويهم ولا يعرف مصيرهم أموات هم أم أحياء حتى اليوم.
هنالك ايضا جانب مؤلم تواجهه أسر المعتقلين خلاف اساليب الخطف الاوليه من بين الاسر لا يراعوا فيها حقوق المرأة والطفل والاب والام وكل من يحضر هذا المنظر الذي تشمئز منه الابدان وفي حالات قل ما يتبعها النظام عند تسليم جثامين بعض المعتقلين الذين يتم رميهم امام ابواب منازلهم دون اكرامهم كموتى كما حدثت في بعض مناطق البلاد او كما يحدث لمعظم المعتقلين ممن يفقدون الذاكرة أو يصابوا بأمراض نفسية من شدة التعذيب والظروف اللاإنسانية التي يجدونها في السجون .

فان قوانين الاعتقال التي يضعها الديكتاتور هي ذات أهداف وبرنامج ممنهج جاء به النظام قبل وصوله الى سدة الحكم وهذا ملف اخر ربما بحكم الاستقلال تقاضى الشعب عنه النظر متناسيا جرائم هذا التنظيم الذي نشأ علي هذا النهج منذ مرحلة قبل التحرير.
كلنا نعلم تماما أن البلاد تقع “تحت حكم ديكتاتوري منذ أكثر من27 عاماً وتتذيل التصنيف العالمي للحريات وانتهاك حقوق الانسان.
في ظل هذا الواقع المزري، ماهو المطلوب منا هل هو مجرد أحياء الذكرى ؟؟ بالرغم من أهميتها، أم المطلوب منا أكثر من ذلك؟ أعتقد أننا بحاجة لنقل هذا الملف الى الهيئات والمحافل الدولية المعنية بحقوق الانسان وعلى رأسها هيئة الأمم المتحدة ومؤسساتها المعنية لفك أسر من هم على قيد الحياة، ولمقاضاة نظام الهيمنة القومية دوليا عن ماارتكبه بحق شعبنا من انتهاكات صارخة التي تعبر وصمة عار على جبين العالم والانسانية جمعاء.

شاهد أيضاً

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الأول أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي   تحاور مجلة الناقوس المناضل الكبير عبدالله سعيد …

شخصية العدد- المناضل المغييب محمد عثمان داير (الناقوس العدد 11)

       المناضل المغيب / محمد عثمان داير                   …

المنخفضات -تنخفض الأرض.. ترتفع الهمم (الناقوس العدد 11)

بقلم/ ياسين أمير الجغرافيا رسم الاله على صفحة الكون.. والجغرافيا ترسمنا حين نحسب أننا رسمنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *