انتفاضة أخريا والإجابة على الأسئلة الملحة

إبراهيم كبوشي –

كثيرا ما يتردد في الأوساط الإرترية الحديثة من تساؤلات عن العلاقة بين العمل السياسي ودور الجماهير ؛ التي تفضي بدورها إلى إلقاء اللوم على طرف من أطراف هذه العلاقة كلا حسب فهمه وتقديراته لمجريات الأحداث وقراءة تجارب تاريخ ومسيرة العمل الوطني في الساحة الإرترية .
ولكي نضع الأمور في نصابها الصحيح علينا أن نضع في الاعتبار خصوصية نشأة وتطور الحركة الوطنية في بلادنا، من حيث حداثة المشروع الوطني وتمايز كل مرحلة في التعاطي مع الشأن الوطني مثل اختلاف شعارات مرحلة النضال السياسي السلمى في الاربعينيات والخمسينيات بالمقارنة مع مرحلة النضال الثوري التحرري المسلح الذي أعقب المرحلة الأولى، وأخيرا مرحلة ما بعد الاستقلال.
ان أهم ما يميز قراءة هذه المراحل اختلاف وسائل المواجهة من قبل الشعب الإرتري خلال مسيرة نضاله على مدى أكثر من سبعين عاما، وكذلك اختلاف طبيعة التحديات التي واجهته في كل المراحل الثلاثة المذكورة بتمايزها الواضح المعالم. وبالرغم من كل هذا الإرث النضالي بأشكاله المختلفة، الا انه كان يعاني من إشراك المجتمع بكل تنوعه وتعدده الديني والاثني والثقافي والاقتصادي والمزاجي ما ادى لعدم تمكن هذا المجتمع من التعبير عن مشكلاته ومشاعره بالطرق والأساليب الفعالة وخاصة في المرحلتين الثانية والثالثة اللتين تشكلان الثلثين من مسيرة مشروعنا الوطني .
هناك خلل بنيوي كبير في أساليب تنظيم المجتمع للتعبير عن مصالحه ومطالبه من القوى السياسية بشقيها (التي على رأس السلطة بعد الاستقلال او تلك التي تبحث عنها ومحجوبة عنها)؛ وهو غياب طابع التنظيمات المدنية بكل ثرائها وتنوعها الحقوقي والفئوي والمهني والمطلبي، والتي تشكل جسرا حقيقيا في عرض مطالبها الخاصة والعامة على صانع القرار السياسي في مرحلتي الثورة والدولة في إرتريا .
بعد حكم استمر لأكثر من ربع قرن من المعاناة في ظل الدولة الوطنية المستقلة في إرتريا، جاءت انتفاضة أخريا لتجيب على أهمية الدور الشعبي المدني في مواجهة التسلط والقهر والعدوان من قبل نظام الهيمنة القومية: الثقافية والفكرية والمادية. الأمر الذى فتح الباب على مصرعيه لاستعادة دور البعد المدني في النضال، وشكل ردا شافيا على صحة الطرح المدني الذى تبنته رابطة ابناء المنخفضات الإرترية الداعي لاستنهاض المكونات المجتمعية للمنخفضات للدفاع عن حقوقها ومصالحها والعمل على المستوى الوطني مع بقية المكونات الارترية لدحر عقلية الهيمنة والإقصاء القومي . فأهلا بثورة أخريا المجيدة فاتحة الطريق لفجر جديد، والتحية لمفجرها الشيخ الجليل موسى محمد نور وأسرة مدرسة الضياء وشعب أخريا، والتحية لكل من دعم الانتفاضة في الداخل والخارج.
:

:

شاهد أيضاً

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الأول أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي   تحاور مجلة الناقوس المناضل الكبير عبدالله سعيد …

شخصية العدد- المناضل المغييب محمد عثمان داير (الناقوس العدد 11)

       المناضل المغيب / محمد عثمان داير                   …

المنخفضات -تنخفض الأرض.. ترتفع الهمم (الناقوس العدد 11)

بقلم/ ياسين أمير الجغرافيا رسم الاله على صفحة الكون.. والجغرافيا ترسمنا حين نحسب أننا رسمنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *