إنعقاد المؤتمر التأسيسي لرابطة أبناء المنخفضات الإرترية….إنجاز مُستحق….وتطلع للأمام!!

1

بقلم: الاستاذمحمد صالح يونس
عامان ونيف مضيا منذ إعلان وثيقة لم شمل أبناء المنخفضات الإرترية في لندن، تلك الوثيقة وذلك الحدث الذي كان بمثابة الحجر الذي أُلقي في بركة المعارضة الوطنية الساكنة محدثةً دوائر من الموجات المتتابعة ودوياً قوياً تسبب في ظهور الكثير من الأفعال تجاه هذا الميلاد وذلك الإعلان من قبل كل ألوان الطيف الإرتري إبتداءاً من العصابة الطائفية البغيضة والحاكمة في أسمرا والتي أصابها ميلاد الرابطة بالهلع وبدأت تقدح في وصفها بكل النعوت المجردة من الوطنية عبر أبواقها المنتشرة أينما وجد الإرتريين ، ومروراً ببعض المعارضين الحالمين في أغلبهم والذين لا يجيدون قراءة الأحداث ولايمتلكوا قدرة إستقراء المستقبل بعمق ليتمكنوا من تأويل ما يحدث راهناً وربطه بتطور الصراع ومآلاته مستقبلاً ، وإنتهاءاً بأبناء المنخفضات أنفسهم الذين تفاوتت ردود أفعالهم إلا ان في غالبيتهم إستبشروا خيراً بهذا الميلاد وتوالي التأييد بزخم منقطع النظير، وكانت الفئة الأولى إستثناءا ممن لم يعطوا أنفسهم المهلة الكافية فأنبروا بإصدار بيانات يعلنوا فيها بُعدهم وبراءتهم من هذا الحدث وكأن الإنتماء إليه خروج من الملة!!؟
وبين هؤلاء وأولئك كانت هناك الكثير من العقول القاصرة التي نضحت إفكاً وبهتاناً في كيل كل التهم والتوصيفات المسيئة لهذا العمل متهمةً إياه بأنه بمثابة خنجر في خاصرة المعارضة ودعم مجاني لأفورقي وعصابته!!؟؟
وكذلك كانت هناك الكثير من الأقلام المأجورة التي نفثت سمومها وتنبأت بأن ميلاد الرابطة ليس ببعيد عن يوم وفاتها في مهدها وبأنها ستنتهي نهاية مأساوية ويتفرق شملها!!؟؟
ثَمّ ماذا كان….؟؟؟
لم يدرك كل من ناصب الرابطة العداء بأن أولئك المخلصين من أبناء وبنات المنخفضات الإرترية الذين تصدوا في تلك اللحظة التأريخية للواقع المؤلم الذي لازال يعيشه شعبنا الإرتري عموماً وسكّان المنخفضات بشكل خاص وقاموا بإعلان وثيقة لم الشمل….لم يدركوا بأن هذا العمل ليس وليد الصدفة وليس عملاً عشوائياً وليس حراكاً مسربلاً بثوب العواطف الجياشة…وإنما هو تعبيراً عن إرادة حقيقية وقناعة راسخة وثبات متجذر للنهاية في الوجدان…وهو عملاً مُعد إعداداً محكماً ينطق بالحق ويسمي الأشياء بأسمائها ويأخذ في الإعتبار كل نواميس هذا الصراع…وهو توثيقاً تأريخياً جغرافياً سياسياً يغوص بعمق في كل هذه الأبعاد ليبرز الدور الإستراتيجي الذي تمثله المنخفضات أرضاً ومجتمعاً في السابق والحاضر والمستقبل ويُظِهر في نفس الوقت حجم الظلم والإضطهاد والضيم الذي يقاسيه كل شعب إرتريا دون إستثناء من جراء أفعال العصابة الحاكمة ، وقد نالت منطقة المنخفضات نصيب الأسد من هذا الظلم والضيم والإيذاء في كل عقود هذا الصراع قتلاً وحرقاً وتهجيراً وإحلالاً.
لم يدركوا بأن من كان لهم شرف التأسيس وريادة الإعلان قد سألوا أنفسهم كل الأسئلة المتوقعة من الأطياف الإرترية وأستقرأوا بحس عالي وقدرة فائقة ما يمكن أن يواجههم من معوقات وإثارات وعراقيل فعملوا علي تهيئة أنفسهم ودواخلهم للرد عليها والتصدي لها بمستوي متفرد من الوعي والمهنية الوطنية الصرفة مما أذهل كل الأعداء وأثلج صدور كل الأعضاء وزاد وتيرة التلاحم وتسارع عجلة لم الشمل وإشتداد عود الرابطة.
وإستمرت المسيرة….وكرّست العام الأول من عمرها في لم الشمل…شمل أبناء المنخفضات أينما وجدوا علي ظهر البسيطة وعلي قدر ما أتاحته الإمكانيات من أجل الوصول إليهم للإطلاع علي وثيقة لم الشمل ودراستها والتوافق عليها بإعتبارها النبراس والمرجعية التي وفقها وعبرها ومن خلالها يتم حث الخطي نحو الأمام….وهكذا تتابع تأسيس الفروع في ظاهرة أزعجت كل المتربصين وأرقت مضاجعهم…وأدركوا أن الرابطة ليست ظاهرة عابرة وبأن ماتقوم به عمل مدروس ومتقن لايقبل التراجع ولا يرضي بغير إحقاق الحق الكامل لكل مكونات الشعب الإرتري والعمل علي إقتلاع هذه العصابة الطائفية الحاكمة من جذورها.
ثُمّ جاء العام الثاني لتثبيت ماتمّ إنجازه ومواصلة المشوار والعمل علي خلق الأنشطة والمهرجانات الثقافية والتوعوية وتشكيل حضور مباشر وفعّال متي ما كان ذلك ممكناً أو بالمؤازرة والتعضيد من البعد كلما تعذر الحضور المباشر في كل المنابر والمحافل ذات الصِّلة بالصراع الإرتري وعلي كل المستويات المحلية والإقليمية والدولية؛ حيث لفت حضور الرابطة الفاعل ورؤيتها الواضحة أنظار الجميع مناصرين ومناهضين في كل محفل حضرته وكانت قيادة الرابطة ورغم إنشغالها بالعمل الداخلي إلا إنها كانت حريصة كل الحرص بأن لاتغيب عن أي محفل ذو صلة بالعمل المعارض ذو الصبغة الوطنية وقد كان لها حضورها الفعّال ومؤازرتها القوية في كل الفعاليات التي حدثت كما كان في نيويورك وفرانكفورت وجنيف علي وجه الخصوص ؛ وقد شكلت في كل ذلك حضوراً محورياً أكد صلابة عودها وريادة دورها ووضوح رؤيتها وقوة طرحها ووطنية فعلها.
وان من المظاهر الناصعة التي سوف يسجلها التاريخ بماء الذهب ذلك التعاضد والتكافل الذي أظهرته عضوية الرابطة في التفاعل لحلحلة مشكلات مجتمعهم الانسانية ولازالوا يتزاحمون في العطاء معيدين الصورة الحلوة الجميلة المبهجة لابناء هذا المجتمع في بكريات نضالهم وليثبتوا أنهم كرماء أبناء الأكارم.
ثم تلت ذلك مرحلة التجهيز والإستعداد لعقد المؤتمر التأسيسي للرابطة….وهذه قصة لوحدها يجب أن تروي بإستمراًر لتعبر عن مفخرة كبيرة لكل عضوية الرابطة…حيث التصميم والإصرار علي عقد المؤتمر مهما كلّف ذلك من أغلى الأثمان!!؟
وهنا مرة أخري عكست قيادة الرابطة وكوادرها الميامين القدرة الفائقة للتصدي لهذه المهمة وإنجازها عبر المهنية القديرة والخبرة الضاربة في أعماق العمل النقابي والذي إنعكس في التداعي لحشد كل الإمكانيات الذاتية والموضوعية وإستنفار وإستنهاض همم عضوية الرابطة أينما وجدت من أجل رفد العمل المتعلق بالتجهيز لعقد المؤتمر وتسخير كل الإمكانيات الثقافية والنقابية والمادية والوقت ؛ وقد كان ثمرة ذلك مجموعة من الأوراق المتخصصة التي أُعدت بعناية كبيرة وشمولية ملحوظة وتخصيص مستهدف وقد تم طرح هذه الأوراق للنقاش والتداول بين عضوية الرابطة مرات عدة وهي بحق من أفضل (إن لم تكن الأفضل) الوثائق التي سيتحدث عنها التأريخ في مسيرة هذا الصراع الذي نخوضه لما إختصت به من وضوح وعمق وشمولية وإستصحاب لكل حقب ومنعطفات هذا الصراع.
هذه الأوراق حاضرة اليوم أمام المؤتمرون ليشهدوا عليها ويقرونها لتعتبر من أهم الوثائق التي تحكي عن المأساة الإرترية.
وفي خضم رحلة التجهيز لعقد المؤتمر التأسيسي خرج إخوة من عضوية الرابطة بإدعاء فاقد للأهلية ولايملكون الحجة فيما ذهبوا إليه وأعلنوا خروجهم من الرابطة وكالوا كما فعل غيرهم من خصوم الرابطة كل التهم الجزاف لقيادة الرابطة ظناً منهم أن ذلك سيوقف العجلة وتنقسم علي أثره الرابطة كما كانوا يمنون أنفسهم….وهنا أثلجوا صدور كل أعداء الرابطة وظنوا أن نبوئاتهم صدقت وأحلامهم تحققت فالرابطة إنقسمت وتشتت كما كانوا ينتظرون!!!؟؟؟
لكن هيهات…فتلك كانت أحلام يقظة وترهات صبيانية.
وعلي العكس زاد ذلك الفعل الغير مسؤول من إشتداد عود الرابطة وعكس قدرتها الكبيرة علي إدارة الأزمات الداخلية (إن صح تسميتها كذلك) وبهذا قدمت قيادة الرابطة وعضويتها المستنيرة درسا أخلاقيا غاية في النصوع في كتم الغضب وعدم الإنجرار في مستنقع المهاترات وجعل الأعمال تحكي واتاحة تقدير الأمور للراي العام والثقة في الجماهير وعدم تلقينها التطبيل الأجوف.
كذلك يأتي إنعقاد المؤتمر التأسيسي في خضم تطورات محلية حيث النظام يواصل ويمعن في تفريغ إرتريا من شعبها بممارسة مزيد من التنكيل والإيذاء والبطش مما يضطرهم إلي اللجوء هرباً من الموت المحتوم.
وإقليمياً حيث تجددت الحرب بين إرتريا وإثيوبيا تحت ذرائع وتبريرات مخادعة من قبل أفورقي وعصابته ليستدر عطف الشعب ويلفت الأنظار بعيداً عن مداولات ملفه الملئ بالجرائم الإنسانية في مجلس حقوق الإنسان الذي كان يتم تداوله قبيل إندلاع الحرب.
ودولياً حيث تم إستنفار مجلس حقوق الإنسان ليلتفت للجرائم التي ترتكب بحق شعب أرتريا من قبل أفورقي وعصابته حيث إحتشدت جموع غفيرة من الإرتريين من كل دول المهجر التي يعيشون فيها تعضيداً للجنة حقوق الإنسان ومساندتها من أجل أن يتم تحويل ملف عصابة أفورقي إلي مجلس الأمن من أجل الدفع بإتجاه حصول تدخل دولي فاعل يخلص شعب إرتريا وينقذه من معاناته الراهنة.
إن عقد المؤتمر التأسيسي يعتبر نجاحاً كبيراً للرابطة قاعدة وقيادة وتفوقاً علي الذات وإنجازاً مستحقاً بمرتبة الشرف… وهو كذلك نافذة تتطلع من خلالها الرابطة للأمام من أجل تجويد أكثر للعمل وتوطين الممارسات والأساليب الفعّالة في إدارة شؤونها وتكريس مزيد من النهج الديمقراطي ومواصلة إعتماد منهج الحوار والتواصل مع كل الفرقاء والعمل مع الجميع لاسيما المكونات المهمشة من الذين يقرون المظالم الواقعة علي شعبنا من قبل هذه العصابة الطائفية الحاقدة ويقرون بخصوصية المظالم الواقعة علي منطقة المنخفضات الإرترية.
التحية لكل أعضاء رابطة أبناء المنخفضات الإرترية الذين كانوا ولازالوا بمستوي الحدث وعلي قدر المسؤولية والوعي التام في كل المنعطفات التي مرت بها هذه المسيرة المظفرة بإذن الله تعالي.
التحية لكل مجتمع المنخفضات الإرترية أينما وجد…فهم المعين الذي لا ينضب والنهر الذي لا يجف مجراه في رفد مسيرة الصراع الإرتري عبر كل مراحله.
التحية للجنة التحضيرية والتي وبحق كانت القلب الذي إستمر وظل ينبض بالحياة رغم كل المصاعب والمعوقات والتحديات في سبيل الوصول لقاعة المؤتمر التي تحتوي اليوم هذه الثلة من الحادبين علي مصلحة شعبهم ومجتمعهم من أجل إحقاق الحق.
التحية لكل عضوية المؤتمر التي تنكبت المتاعب ومشاق السفر والترحال لتكون حضوراً في قاعة المؤتمر.
التحية لكل مكونات شعبنا الإرتري الأبي والتي نالها التهميش الممنهج ووقع

عليها الضيم والظلم والإقصاء بلا حدود من أفورقي وعصابته.

ويستمر نضال أبناء المنخفضات الإرترية.
محمد صالح يونس

شاهد أيضاً

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الأول أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي   تحاور مجلة الناقوس المناضل الكبير عبدالله سعيد …

شخصية العدد- المناضل المغييب محمد عثمان داير (الناقوس العدد 11)

       المناضل المغيب / محمد عثمان داير                   …

المنخفضات -تنخفض الأرض.. ترتفع الهمم (الناقوس العدد 11)

بقلم/ ياسين أمير الجغرافيا رسم الاله على صفحة الكون.. والجغرافيا ترسمنا حين نحسب أننا رسمنا …

تعليق واحد

  1. ادم عمر ابراهيم

    اولا استوقفني كلمة المنخفضات هل هي جزء معين من ارتريا ام ماذا
    تانيا الحراك والتكاتف عمل مطلوب للنهوض بشعب ارتريا عموما اتمني لكم التوفيق بس حكاية المنخفضات دي تدل علي صغر الماعون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *