المنخفضات الإرترية – بين الفيل وظل الفيل معركة

محمد صالح إبرهيم
لم يكن المقال الذي ظهر في موقع حفاش الإلكتروني بتاريخ الثاني من يوليو الجاري تحت عنوان ” رابطة أبناء المنخفضات والإقصائية الشيفونية( الشوفينية)، لم يكن هو الأول من نوعه لذات الكاتب، فقد كتب عدة مقالات كلها تتناول نفس القضية، وقد استهل كتاباته بعد تعميد نفسه بهذا الإسم الجديد مباشرة بعد انفضاض مؤتمر أواسا الذي عقد في إثيوبيا عام 2012م مع ما يحمله هذا التزامن من دلالات لا تخفى على كل من تابع أو حضر ذلك المؤتمر وما حدث فيه من اصطفافات مناطقية مكشوفة كان أحد أبطالها واحد من التنظيمات الإسلامية ، حيث كشف التنظيم المعني عن وجهه الشعوبي بعد أن خلع عنه عباءة الإنتماء إلى إحدي أعرق الجماعات الإسلامية في العالم والتي طالما تسربل بها ليخفي حقيقة ممارساته التي تتنافى مع أبسط أفكاره المعلنة، وبالرغم من أن مقالات الكاتب ( بما في ذلك مقاله الأخير) ليست بالجدية التي تستحق بها الرد إلى أنني اخترت الرد عليه هذه المرة وذلك لعدة أسباب، أولها أن الكاتب يصر على تقمص شخصية يتحايل بها على القارئ لإيهامه بأنه ينتمي إلى ذات الإقليم ( المنخفضات) ، وهذا تدليس لا بد من فضحه، فعندما يسمع أحدنا هذا الإسم ( عامر ضرار أبو آمنة) فمن البديهي أن يجزم بلا تردد بأن صاحب الإسم ينتمي إلى مجتمع المنخفضات، علاوة على أن الكاتب نفسه صرح وألمح في غير موضع من مقالاته بأنه من أبناء المنخفضات وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الجزأين الأخيرين من الإسم ( ضرار وأبو آمنة) هما أكثر شيوعا بين أفراد قبائل الهدندوة في شرق السودان ويندر وجودهما بين أفراد مجتمع المنخفضات الإرترية من شرقها إلى غربها مما يعكس غربة الكاتب وضحالة معرفته بمجتمع المنخفضات ، وثاني الأسباب التي تدعوني للرد على الكاتب هي قناعتي بأن هناك جهة معروفة في المعارضة الإرترية تقف خلف هذا الكاتب و تتستر على شخصيته الحقيقية، أو بالأحرى كوادر وسيطة في جسم التنظيم المعني تفعل ذلك بينما تنطلي الفكرة على قيادات التنظيم العليا وهي ناعسة على عروشها ، وهنا لا يسعني إلا أن أقول إياك أعني واسمعي يا جارة ، وأقدم نصيحة متواضعة لقيادة هذا التنظيم بأن يخلوا بين رابطة أبناء المنخفضات وبين مجتمعها وأن يعقدوا ألسنتهم الحداد عنها والمعاملة هنا بالمثل ( وللمجتمع كامل الحق، إن رضي بهم تقدموا صفوفه وإن لفظهم فلا يلومون إلا أنفسهم) ، فقد كفانا مجاملة في حقوق أهلنا والتفريط فيما لا يجب التفريط فيه خوفا على البيضة من الإنكسار بينما يحاول غيرنا سرقة الدجاجة وبيضها ليتركونا في العراء لا أرض ولا ماء ونحن نتغنى بوحدة وطنية جوفاء لا وجود لها على حياة مجتمعنا.
وقبل البدء في الرد على ما جاء في مقال الكاتب المذكور أود التأكيد على أن هذا الكاتب ( أيا كان اسمه الحقيقي) ومن يقفون خلفه ( أيا كانت صفتهم) ليسوا غرماؤنا ( نحن أبناء مجتمع المنخفضات) وهم ليسوا أولياء دمنا ولن نعتبرهم أعداؤنا بالمحصلة، فهم لم يحتلوا أرضنا ولم يشكلوا تهديدا على مجتمعنا لأنهم بكل بساطة ليسوا أهلا لذلك فلا إمكانياتهم المادية والبشرية تسمح بذلك ولا تكوينهم النفسي يمكنهم من بلوغ ذلك، وهم ( الكاتب ومن يقفون خلفه) ليسوا أكثر من ظل الفيل الذي نراه يتحرك بشحمه ولحمه أمامنا ، نراه يدوس على حشائش مزارعنا ويحتل مساكننا ويمضي محاولا اقتلاعنا من أرضنا، وليس من العقل ولا من الحكمة أن نتعارك مع ظل الفيل كي يمر هو بسلام ويتمطى فوق قبور أجدادنا، ولقد عاهدنا أنفسنا على أن نحشر هذا الفيل بين خيارين لا ثالث لهما، إما الرحيل عن أرضنا التي استوطنها غيلة وغدرا أو الإندثار تحت هذه الأرض ، وتاريخنا حافل بدفن كل محاولات التوسع والإستكبار في أودية منخفضاتنا وجبالها وسهولها ، ومن لم يقرء تأريخنا فاليفعل الآن.
فيما يلي أحاول الرد على بعض النقاط التي أثارها الكاتب مع الإحتفاظ بحق تجاهل النقاط التي تفتقر إلى الأهمية حسب تقديري.
استهل الكاتب كلامه بالقول ” منذ تأسيس ما سمي رابطة أبناء المنخفضات في لندن” وهنا تتجلى حقيقة لا لبس فيها هي أن القارء يقف أمام كاتب يعاني من تشوش ذهني منعه عن إكمال فكرته ليشرح ما حدث بعد تأسيس الرابطة كأن يقول مثلا” منذ تأسيس ما سمي رابطة أبناء المنخفضات وأنا أعاني من أرق كاد أن يحطم رأسي أوهكذا.
إن من يعيش في الغرب بين مختلف الجنسيات والأعراق والأديان يفترض به أن يحافظ على السلم الأهلي للمجتمع وكان من المفترض على من أسسوا رابطة أبناء المنخفضات في لندن أن يمتثلوا لذلك حسب الكاتب ،وهنا يجهل الكاتب أو يتجاهل افتراضا بديهيا بسيطا يمكن أن يحل به عقدة “الحفاظ على السلم الأهلي” وهو أن يفترض ( بينه وبين نفسه) سكان مقاطعة ويلز وهم يلتهمون أراضي لندن ويستوطنونها عنوة بعد طرد سكانها الأصليين تحت رعاية حكومة ديفيد كاميرون وقد أعملت فيهم الخطف والإخفاء والترويع والقتل، ما ذا سيكون رد سكان لندن؟ هل يفترض بهم أن يموتوا في صمت وهم يتفرجون على أرضهم تسلب من تحت أقدامهم من أجل الحفاظ على السلم الأهلي للمجتمع ومن أجل الحفاظ على وحدة بريطانيا العظمى؟ أليس من حقهم الطبيعي أن يجمعوا شملهم ويتأهبوا لمقارعة الطوفان الإستيطاني القادم.
يتساءل الكاتب في ذهول واضح فيقول ” هل هناك فعلا مؤيدين لرابطة المنخفضات أم مصفقين ؟ والإجابة هي نعم هناك مؤيدين للرابطة من خيرة أبناء مجتمعها وهناك مصفقين بل ومهللين مكبرين ، فهل توقف الكابوس عن مطاردتك عند هذا الحد أم تريد المزيد؟
وهنا أؤكد لك ولمن خلفك ( بإعتباري شاهد ملك حضر المؤتمر في الدوحة) وللمرة الثانية والثالثة بأن مؤتمر رابطتنا في الدوحة حضره جمع غفير من أبناء المنخفضات ولا فخر ، وقد وجهت الدعوة إلى كل فردٍ ينتمي إلى مجتمع المنخفضات بشرط أن يؤمن بفكرة الرابطة وأهدافها وبما جاء في وثيقة تأسيسها ولم توجه الدعوة للبعض من أبناء المنخفضات لأسباب موضوعية على رأسها عدم التمكن من الوصول إليهم ( هناك ما لا يقل عن إثنى عشر ألف أرتري يقيمون في الدوحة تسعون بالمائة منهم( تقريبا) من أبناء المنخفضات) ، وهناك من تمت دعوتهم بالفعل ولكنهم طلبوا مهلة حتى تنضج الفكرة في عقولهم ونحن على يقين بأنهم قادمون وملتحقون وهنا ومن هذا المنبر نرحب بهم بالتصفيق والهتاف،
وأما عن اتهامك لرابطة أبناء المنخفضات بالإقصاء والشوفينية فإليك هذا الواجب المنزلي ودرجاته عشرة ، فأجب على الأسئلة الآتية مع الحذر الشديد من استعمال البخرة:
متى كانت آخر مرة شوهد فيها أبناء المنخفضات وهم يفرضون لغتهم أو ثقافتهم على غيرهم بقوة الحديد والنار؟
متى كانت آخر مرة شوهدت فيها جموع من أبناء المنخفضات وهي تنتزع الأرض من تحت أقدام مالكيها وتستوطنها عنوة.
ومتى كانت آخر مرة حملك فيها أبناء المنخفضات على أكتافهم عن طيب خاطر وآثروك وقدموك على أنفسهم كي تتبوء مكانة مرموقة في إحدى تنظيماتكم من طراز الإسلام والوحدة الوطنية.
وأخيرا ، متى كانت آخر مرة نزلت فيها ضيفا على أسرة من مجتمع المنخفضات في منطقة قلوج أو كرن أو نقفة أو عصب أو مصوع وكيف كانت معاملتهم لك ؟ هل لا حظت فيهم كراهية الغرباء؟ أم وجدت منهم كل الترحيب والأريحية في الإستقبال حد الغفلة والتنازل عن الحقوق، يا عمي شوف غيرها.
يجب عليك الإنتباه فأمامك مطب يا استاذ ” أبو آمنة” عليك أن تعلم بأننا في رابطة أبناء المنخفضات في الدوحة لم نكن بصدد وليمة ختان حتى نقدم الدعوة لمن تصفهم بأهل الحل والعقد في الدوحة ، ولكن ،ومع ذلك ( وهذا خبر مفجع بالنسبة لك ولمن يقفون خلفك) فقد حضر المؤتمر التأسيسي لرابطة أبناء المنخفضات في قطر نصف الأعضاء المؤسسين لفرع المجلس الوطني للتغيير الديمقراطي في الدوحة وهم نفسهم يشكلون ما لا يقل عن ثلث الأعضاء المؤسسين لرابطة المثقفين الإرتريين في الدوحة، ولك أن تبحث وتخمن، وبذات الوقت عليك أن تتأدب قليلا ولا تنتظر منهم الإستئذان من أهل حلك وعقدك في كل يفعلون فهم ليسوا خدما في مزرعة أبيك، وإنهم راشدون وعقلاء يدركون جيدا ماذا يفعلون، وأبشرك بأننا في الدوحة نستمتع بالفرجة عليك ( فأنت كأس عالمنا لهذا الموسم) وأنت تهيم على وجهك تطارد شبحا خيل إليك أنه فبركة إعلامية وإذ بنا ننتظر اللحظة التي تصحوا فيهاعلى كابوس الحقيقة ماثل أمام عينيك وحتى ذلك الحين نلقاك في أمان الله،
ملاحظة أخيرة: كان عليك أن تختشي على دمك “يا استاذ أبو آمنة” وتبتعد عن الإستدلال بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة التي تحث على الصدق وتنهى عن الكذب عندما تمارس الكذب والتدليس وسوء الظن بدءا من تقمص شخصية غير شخصيتك الحقيقية وليس انتهاءا بالإفتراء على أناس لم يتعرضوا لك بسوء بل كل فعلوه أنهم طالبوا باسترداد حقوقهم المسلوبة، وهو حق أقرته كل الشرائع والقوانين السماوية والوضعية.

الدوحة- قطر
البريد الإلكتروني : saleh.ibrheem@gmail.com

 

 

 

شاهد أيضاً

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الثاني أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي متابعة : ماذا حدث لك بعد نجاح العملية …

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الأول أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي   تحاور مجلة الناقوس المناضل الكبير عبدالله سعيد …

شخصية العدد- المناضل المغييب محمد عثمان داير (الناقوس العدد 11)

       المناضل المغيب / محمد عثمان داير                   …

تعليق واحد

  1. لله درك استاذ محمد صالح , فقد كفيت كثرا , مشقة التعقيب على أمثال هؤلاء النعامات , هؤلاء المتنكرة النكرة . ما أجبن المسترجلين , حين يكتبون وهم يخفون حقيقتهم , بل يستعيرون أسماءا , بغرض التشكيك والتحبيط , لكل عمل ناجح , فهم الأخطر على مسيرة الشرفاء الأنقياء , الذين لايجيدون قرع طبول الأنجازات الفارغة , على أبواب المتسلطين الظلمة , ولايعرفون حرق البخور لتبديد نتانة أجسادهم , الملوثة بدماء الأبرياء العزل من مواطنيهم , ولكن الله فاضح كيدهم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *