الضمير الجمعي

بقلم: كفاح صالح

بسم الله رباً هادياً معبوداً والصلاة على خير خلقه نبياً متبعاً وسراجاً منيرا.

وبعد:

وعي الأفراد بالعلاقات والقضايا الاجتماعية التي تربط بينهم وتجاربهم المشتركة وتطوير هذا الوعي وتنميته بما يحفزهم على الاشتراك في تحمل المسؤولية الجماعية والنهوض بمجتمعهم، يعرف بالضمير الجمعي.

ويمكن القول إن الضمير الجمعي هو الخطوة الأولى في سبيل خلاص الأمة، ثم يأتي العمل الجماعي، فالأفراد يؤسسون الجماعة من أجل تحقيق الأهداف المشتركة، ويحرصون على أداء واجباتهم، وكلما زاد الانسجام بينهم كان الطريق أقرب إلى تحقيق الأهداف المشتركة من عدالة اجتماعية وسياسية وثقافية واسترداد الحقوق.

والعمل الجماعي من أجل هذه القضايا ليس سهلا وبالتأكيد لا يحدث تلقائيا، فهناك ضوابط أساسية ينبغي التقيد بها من أجل نجاح أي عمل جماعي ومنها:

  • الإيمان بالمشروع والانضباط بالعمل وفق الوثائق التي تقرها الجماعة.
  • الالتزام بلوائح العمل واحترام الضوابط الموضوعة له واحترام العمل المؤسسي والتقيد بآليات إتخاذ القرارات واحترام ما ينتج عن ذلك، حتى لو كان مخالفا لوجهة النظر التي نتبناها. ويأتي هذا الالتزام تكريسا للعمل المؤسسي وتثبيتا للأسس التي يبنى عليها والتي تضمن سير الجماعة نحو تحقيق أهدافها.

كما أن الحفاظ على الثقة المتبادلة بين الأفراد الذين يعملون معا في إطار مشروع واحد وتطوير هذه الثقة وبنائها يعتبر أحد العناصر المهمة في نجاح أي مشروع، فالثقة المتبادلة تنمي قيم التضحية وتحمل المسؤولية الجماعية، واختفاء الأنا مقابل الجماعة، فالمسؤولية جماعية والنجاح تعود نتائجه للجميع، كما الفشل أيضا، والواقع هو إما أن ننجو معًا أو نهلك معاً. وبهذا المفهوم فالمسؤولية جماعية إخفاقاً ونجاحاً، وهذا يعزز دور الأفراد والإحساس بأهمية ما هو مسنود إليهم من مهام، فكل عضو هو مهم للجماعة في مكانه المحدد وان الجماعة لا تستطيع إن تستغني عن دوره مهما بدا بسيطاً.

إن مجتمعنا يمارس العمل الجماعي منذ القدم في صوره البسيطة، ولم تتاح له الفرصة الكافية ليترسخ لديه مفهوم العمل المؤسسي المنضبط، ورغم وجود بعض التجارب الجماعية لهذا المجتمع في تأريخه الحديث، إلا أن الملاحظ عدم التقيّد بأسس العمل الجماعي وعدم المرونة في التعاطي مع تفاعلاته وعدم تفهم اختلاف وجهات النظر، كلها مظاهر تعد من السلبيات المشاهدة والتي يشار إليها صراحة في كل تجربة من تجارب هذا المجتمع، وطالما قللت هذه السلوكيات من نتائج العمل الجماعي وأدت في أوقات كثيرة إلى شل الحركة وإعاقة التقدم، والأخطر من هذا أن هذه السلبيات تزرع في الوعي الجمعي عدم الجدية والإحباط وفقدان الثقة في أي مشروع مهما كانت درجة أهميته.

إن توعية المجتمع وتنمية الوعي الجمعي لديه وتنقيح هذا المفهوم من كل السلبيات التي تشوبه وإيصاله إلى غاياته بالطريقة الصحيحة يعتبر من المسؤولية الجماعية التي يجب أن تركز عليها القيادات والأعضاء لما تشكله من حماية لأي اختراق يهدد هذا المجتمع.

.

نقلا عن مجله الناقوس الثقافية العدد الثاني

:

.

.

شاهد أيضاً

مواضيع مجلة الناقوس – العدد العاشر- شخصية العدد

الشهيد سليمان ادم سليمان.. عاش انسانا ومناضلا.. أعده / الأستاذ محمود أفندي تغوص بك عزيزي …

من مواضيع مجلة الناقوس العدد التاسع – الملف الثقافي

قصة قصيرة دروب مجهولة (٢) بقلم أبو محمد صالح  صمت الجميع، صمت أعقبه صراخ، الكل …

مواضيع مجلة الناقوس العدد التاسع-الملف الثقافي

مَن الذي اخترع الربابة البجاوية.. ولماذا اسماء اوتارها بالبداويِّت وليست بالتقرايت؟ بقلم عبد العزيز ابراهيم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *