من كتاب ” صمود الهويات ودحض المفتريات ” الفصل السادس (4)

sumudالفصل السادس: قضايا لغات التعليم واللغة الرسمية بإرتريا بعد الاستقلال(4)

آثار العصف الذهني على المقاتلين

خلال الفترة من 1976 م إلى حين استقلال البلاد وهي الفترة التي نشطت فيها الجبهة الشعبية على كل الأصعدة عصفت  أذهان اللآلاف من المقاتلين بالنظريات الوهمية – الاشتراكية والتقدمية في خضم معركة التحرير وعبر اجتماعات  يومية واسبوعية وشهرية . وكان يتبع هذا العصف الذهني المستمر شعارات حماسية تناسب عقول الشباب ” النصر للجماهير” – الجبهة الوطنية الديمقراطية العريضة، وشعارات ماركسية عدائية مضلـِّلة من نوع ”  الإمبريالية العالمية عدونا ” – وشعارات هيستيرية من نوع “ياعمال العالم أتحدو” ، وشعارات تهييجية من نوع ” فالتوعى الجماهير وتنظم وتسلح – حرب التحرير الشعبية الطويلة، الاعتماد على الذات والنضال الشاق”  الخ… كلها نظريات خدع بها المناضلين البسطاء  ثم ذهبت أدراج الرياح في نهاية المعركة ولكن تم تثبيت مشروع لغة الأم بكل ما حمله من مكر ودهاء ليكون واحدًا من الأساليب المستخدمة لطرد الشباب الإرتري عن ديارهم أو تحويل هويتهم الثقافية.

ضَعف المعارضة الإرترية الدبولماسي والسياسي بعد الاستقلال   

من منطلق مقولة “التشخيص أهم من العلاج ” أقول إن لدى المعارضة الإرترية حجج قانونية ومنطقية قوية ضد موقف النظام المراوغ من اللغة العربية ولكن لو كان لديها برامج فعالة لتمكنتْ من تحفيز الشعب الإرتري الذي أنجز الاستقلال، ليناضل من أجل ثقافته المشروعة بل ليثبت للعالم من جديد بأن إرادته لن يقهرها نظام متسلط مستبد متآمر إلى الأبد، لصيانة ما أثبته الآباء وأشهدو عليه العالم في دواوين الأمم المتحدة، وللتأكيد من جديد بأن الثورة قامت لاسترداد حقوق مشروعة لجميع المكونات السكانية وليس لفئة دون أخرى، ولكن حتى قبل انحدار النظام الإرتري إلى هذا الحد من الهاوية يبدو كان هناك معضلة حقيقية مزمنة تمثلث في سوء انسجام سياسي وثقافي بين فصائل الثورة قديماُ وبين تنظيمات المعاضة بعد الاستقلال وعدم قدرتهم لتنفيذ الحد الأدنى من البرامج الموضوعية وربما عدم تمكنهم من مقاومة وكشف الاختراق خلال العقدين الماضيين، وعدم قدرتهم للإتصال بصناع القرار في الدول الأوروبية والعربية ولذلك لم يتسطيعو التأثير على النظام الدكتاتوري على طول هذه المدة حتى ضعف النظام والمعارضة معاً .

المسلمين الذين يعملون مع النظام

المعضلة التي تواجه التلاحم والوحدة الثقافية للمسلمين الإرتريين الذين يعملون مع النظام هي بالدرجة الأولى ضياع ثقتهم ببعضهم خلال الأربعة عقود الماضية، خلافا لما كان عليه جيل الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، الأمر الذي أفقد البلاد التوازن المطلوب. المناضلين من أبناء المسلمين في صفوف قيادة الجبهة الشعبية الحاكمة لم يتحركو بشكل جماعي سلمي من أجل إستعادة التعليم باللغة العربية في كل المدارس الابتدائية في مناطق المسلمين كحد أدنى من الاستحقاق الوطني ولم يطلب منهم المطالبة بالديمقراطية ، والعدل ودولة القانون، وهؤلاء على درجة من الثقافة العربية حتى إن بعضهم كتب مذكراته في كتب منشورة وبعضهم ألف كتباُ عن مسيرة الحرب والصلح التي خاضتها الجبهة الشعبية في الثمانينيات من القرن الماضي، وكأنهم رضو أن ينتهي عهد اللغة العربية في إرتريا مع انتهاء حياتهم، ولعلّ لسان حالهم يقول بعدي والطوفان. وأما من أبدو معارضتهم أو كتبو عن أضرار مشروع لغة الأم وعن عدم شرعيته وهم من المثقفين غير القياديين الذين عملو مع الجبهة الشعبية بعد التحرير وقبله تعرضو للاعتقالات والاغتيالات دون أن يحرك هذا الاعتداء شعرة في جسم المسلمين الإرتريين، هناك آلاف المغيّبين في سجون مجهولة دون محاكمات ومنهم من قضى نحبه بطريقة أو بأخرى. أسماء من ضحو بحرياتهم وحياتهم جراء معارضتهم هذا المشروع موثقة للتاريخ والعدالة وكذلك أسماء من ارتضوه ويديروه وينفذونه من المسلمين الإرتريين .

إذا بحثنا بشكل أعمق توجه المسلمين الإرتريين العاملين مع النظام الإرتري أو المتسامحين مع توجهاته حتى بعد أن اتضحت لهم الصورة كاملة فيما يتعلق بموقف النظام من ثقافتهم العربية ، نجدها إما تأييدًا سطحياً من منطلق العزة بالإثم من نوع ( بدأت معهم وأهلك دونهم بغض النظر عن كل ما يفعلونه)  أو من منطلق إيثار المصلحة الشخصية والسلامة الشخصية على المصلحة القومية. وهناك من المواطنين المحايدين سلباً والمتفرجين الذين لم يساهمو في معارضة الظلم ولو بالمقاطعة الصامتة وكأنهم يقولون ننتظر لنرى. وهناك عدد كبيرمن الجنود والمدنيين لديهم مشكلة تمييز بين ما هو سياسي وما هو أيديولوجي وما هو أعمق من السياسة والأيديولوجيا، ولذلك لا يبالون بما يجري ويتنازلون كل يوم عن جانب من إرثهم الثقافي والروحي الموروث من الآباء والأجداد جهلا أو تسامحاُ أو خوفاً، متجاهلين بأنهم يخدمون مشروعاً يعتبر مناهضا خطيراً لأهداف الثورة الإرترية ومهددًا رئيسياُ لتفكيك الوطن الإرتري لا سمح الله هذا الوطن الذي افنى مئات الألوف من الناس ، وإذا وجد أحدهم منفذًا للهرب يولي الأدبار ولا يفكر في معاودة النضال لتصحيح مسار ثورته وبالتالي أحوال بلاده لعدم ثقته بوجود قيادة معارضة كفوئة وموحدة وكأن إرتريا استقلت بحيث لا يتفق أهلها.

لا مبالاة من أهل الهضبة

حالة أخرى أوجدت فقدان التوازن المطلوب بين مكونات الشعب الإرتري، الطرف غير المسلم لا يتفهم قضايا المسلمين أصلا تاريخيا لأسباب تتعلق بعوامل كثيرة منها عامل اللغة ولا يهتم بمطالب المسلمين أصلا واستغل النظام  هذه التناقضات بين المكونات الإرترية وأحـْكم سيطرته بشتى الطرق المعروفة وغير المعروفة إلى أن أوصل ذاته إلى أزمة تواصل وانسجام داخلي بين أركانه، فكيف به أن يتحاورمع معارضيه من الإرتريين ومع العالم الخارجي .لا يوجد حوار بين الوزراء بشكل جدي منذ فترة طويلة وبين الدكتاتور وأركان حكمه إلا من منطلق رئيس ومرؤوس وآمر ومطيع . اذا استمر الحال هكذ يـُخشي أن يتطور الأمر إلى الحوار بالسلاح لا محالة إما بين النظام والمعارضة الإثيوبية المعروفة بدمحيت أو النظام الإرتري وإثيوبيا أو بين أركان النظام داخلياُ وفي كل الأحوال الشعب الإرتري سيكون الخاسرالأكبر.

نظام إداري وتعليمي غير مدروس علميا

التواصل يجب أن يسبق التعايش وهذا مفقود في الحالة الإرترية ويكرسه كل يوم نظام التعليم  والنظام الإداري المؤسس على السمينارات النظرية ثم بعد انفضاض السامر يعمل كل مسئول ما يحلو له لعدم وجود استراتيجية أصلا ولعدم وجود كفاءات تخطط استراتيجيا على اساس خطط خمسية أو عشرية.

(النظام الإداري مفصل ليعمل كل واحد حسب فهمه والنظام التعليمي مفصل لتجهيل المسلمين وإبعادهم عن بعضهم وعن لغتهم العربية. ومن طبيعة النظام حرصه الشديد على كتمان طريقته في الحكم وصراعاته الداخلية وعدم إيصالها إلى مصادر الاعلام الدولي والإقليمي بقدر المستطاع .والجناح المناوئ للطاغية لم يتمكن من الاستفادة من الاعلام الخارجي (الإقليمي منه والدولي ) لأن الإعلام يمثل نقطة ضعف بالنسبة للطاغية ربما سيتحول إلى نقاط قوة بالنسبة للمعارضة إذا استخدم بطريقة ذكية وقد تسجل المعارضة من خلاله نصرً معنوياً لحين ساعة الصفر .

 

رفض التعليم بلغات الأم من قبل المسلمين ورد فعل النظام

من الواضح إن المسلمين الإرتريين الذين ناضلو في صفوف الجبهة الشعبية غرر بهم بعدما استخدمت خبراتهم القتالية ومناطقهم وحماسهم العالي لتحرير وطنهم .هم الذين ساهمو ببسالة في تحرير إرتريا وبروزها إلى الوجود، ثم عندما إنتهت المهمة واستقلت إرتريا خرج ما كان مبيتاً في الخفاء. مجموعة إثنوقراطية – لا تؤمن بسيادة القانون ولا بحقوق المواطنين اللآجئين منهم والحاضرين،  تعمل  ليلاً ونهارًا وتسابق الزمن لإبعاد من لا تنطبق عليه مواصفاتهم وشروطهم وطمس الهويات الثقافية للمجموعات السكانية الإرترية المستعصية على الرحيل وتسخير المقومات الشحيحة للبلاد لحساب مجموعة منعزلة.

ظل مشروع التعليم بلغات الأم واحدًا من البرامج الطاردة للناشئة منذ تطبيقه، فبعد مقالات إدريس أبعري واعتقاله طعـِّمت إدارة المدارس الإرترية بمجموعة إضافية من أبناء المسلمين كمحاولة لدرءأ الشبهة البينة وربما لتوزيع الفشل الحاصل. ومنذ أواخر 2002 م وحتى الآن يشترك في إدارة  مشروع التعليم بلغات الأم بعض المسلمين ويترأس إدارة المدارس شخص مسلم أما أطقم التدريس جلهم من المسلمين، ولا أدري هل هؤلاء يعملون من منطلق قناعاتهم الشخصية أم آثرو سلامتهم الشخصية. إذا كان استمرارهم في تنفيذ هذا المشروع إلى الآن نابع من قناعاتهم الشخصية فاليناقشو مع شعبهم الرافض قناعاتهم وليس مع المسئولين الذين لا يهمهم الأمر، وكان لا بد لهم من أن يوضحو لشعبهم تفاصيل قناعاتهم بهذا المشروع لأن الأمر جد خطير ومتعلق بمستقبل أجيال وسيترتب عليه تجهيل جيل كامل في نهاية المطاف ولا يجوز أن يستمر إلى مالا نهاية، أما إذا كان وراء السبب إيثار سلامتهم  الشخصية ومصلحتهم الشخصية فالمصيبة أعظم.

قال كثيرون قبلي من الكتاب والمثقفين الإرتريين إن خطورة هذا المشروع  تكمن في تجهيل الأطفال وعزلهم عن

محيطهم الطبيعي وتدني تحصيلهم التعليمي وإبعادهم عن امتدادهم الثقافي والقومي والهدف النهائي هو عزل إرتريا

عن محيطها العربي على المدى البعيد والقريب وإبعاد أجيال المستقبل عن قوميتهم الكبرى وهويتهم الثقافية.

لا بد من الاعتراف  بأن المسار الذي سلكه  النظام الإرتري للوصول لتثبيت مشروع لغة الأم  كان من الدهاء والمكر بمكان بحيث لا يمكن أن يدركه أذهان شباب حديثي العهد بالسياسة وغير مؤهلين أكاديمياً ، فقط نذرو أنفسهم لقضية تحرير بلادهم والوصول إلى دولة الوطن والقانون .

 

بعض الأضرار التي صاحبت تطبيق مشروع لغة الأم من قبل النظام

  • أضراره على الأفراد والأسر: تطبيق هذا المشروع صاحبته إجراءات أمنية ، حيث لوحظ أن من كتب ضد هذا المشروع  أو من عارضه شفاهة اعتقل بعد فترة من تلك المعارضة ولا يعرف له مكان ولا لائحة إتهام.
  • المعتقل بسبب رفض مشروع لغة الأم لا يقدم إلى محاكمة لأن النظام بكل بساطة ليس له مواد قانونية يحاكم عليها من يدلي برئيه عن موضوع هام يخصه ويخص أبناؤه، بل يغيب دون ترك دليل. ويترتب على ذلك الاعتقال أضرار جسيمة على الأولاد والزوجة والأقارب. ومن يسئل عن المعتقل من الأقارب والجيران يهدد بالحبس إذا جاء مرة ثانية. وهذه الحالات معروفة من قبل معظم الإرتريين وكتب عنها بشكل موثق.
  • تربوياً يتربي الطفل خلاف ما تربى عليه والديه وقد استحدث هذا المشروع أزمة تربوية بين الأجيال. لأن الوالدين المسلميْن والأقارب كانو يقرؤون قصار الصور في الصلاة في أبسط الحالات إلا أن الأبناء حرمو من هذا الحق الموروث  بمدارس  دولة تدعي العلمانية.
  • محاربة الدين وكل ما له علاقة بالتعليم باللغة العربية والقيم الاسلامية. وقد لوحظ تدني خطير في دين الأجيال الناشئة من المسلمين في ظل النظام القائم خلال الأعوام الأربع والعشرين عاماً الماضية. والذي لا يتربي على قيم وأخلاق والديه بالتأكيد لا يتورع عن التجسس عليهم بسبب تعبئته ضد القيم المتوارثة وبعده عن الدين منذ صغره وقد لا يستفيد منه الأبوين عند الكبر، بخلاف الطالب الذي يتعلم في المعاهد الإسلامية أو في مدارس تدرس فيها التربية الإسلامية كمواد أساسية.
  • تعليميا الطالب المسلم الذي كان يتعلم في ظل مشروع التعليم بلغات الأم  خلال الأربع والعشرين سنة الماضية لوحظ بأنه لا يكتب ولا يقرأ اللغة العربية على الوجه المرضي وأقل بكثير من المستوى الذي كان عليه أبويه وإذا كتب فكتابته رديئة للغاية، أما التحدث بالعربية فمن الصعوبة بمكان . ولوحظ صعوبة النطق بالعربية وصعوبة التأقلم بسرعة مع المجتمع السوداني على الطلاب الذين غادرو إرتريا  إلى السودان خلافاً لما كان عليه الجيل السابق (جيل ما قبل الشعبية ) الذي كان أفضل حالاً في نطق العربية والتأقلم السريع في المجتمعات العربية.
  • وطنياً التعليم بلغات الأم وسّع الاختلاف بين المجموعات اللغوية وباعد بينهم وكأن ذلك كان الهدف من المشروع، وأثر سلباً على الوحدة الداخلية للمسلمين والوحدة الوطنية الإرترية، ولوحظ اهتمام بعض أفراد المجموعات اللغوية بشأنهم الخاص دون الشأن العام واهتمامهم بلغتهم الإثنية دون لغتهم الثقافية المشتركة (اللغة العربية التي درج عليها الأجداد). وأصبحت اللغة المحلية قضية مطلبية للمجموعة التي تخصها فقط، وبتأثير من برنامج لغة الأم جزئياَ أسست تنظيمات معارضة على أسس إثنية خلافاً لما قامت عليه الدولة الإرترية سابقاً والثورة الأرترية لاحقاً وكأن المسلمين والمسيحيين لم يناضلو جنباً إلى جنب للوصول إلى إرتريا المستقلة الحرة التي تحترم فيها كرامة الإنسان الإرتري . كما لوحظ الفردية والعزوف عن العمل الوطني والهرب المفضي إلى ضياع الشباب. ولو غرس المشروع الروح الوطنية على الشباب لما هلكو في الصحاري والبحار هرباً بذاتهم وما قتل من قتل منهم بيد عصابات الاتجار بالبشر ولظلو ببلادهم لأجل استرداد كرامة وطنهم وبلادهم وكان لموتهم حينها معنى ، ومن لا يدفع الثمن لا يجد الكرامة والحرية.
  • النظام الآن لا يعترف بأي لغة رسمية لإرتريا مخالفاً للدستور الإرتري الأول الذي تم تجاهله من قبل الأمم المتحدة التي صادقت عليه كضامن وأقرت فيه اللغتين الرسميتين في عام 1952م.
  • عدم اعتراف الجبهة الشعبية باللغات الرسمية يعني واقعياً التملص عن الترتيبات التي قامت عليها إرتريا في الأساس . ثم إن الاستفتاء الذي طالبت به الجبهة الشعبية للحصول على الاعتراف الدولي في عام 1991 م إنما كان مقررا إجراؤه في عام 1962 م ، ولأن إثيوبيا قطعت الطريق على ذلك الاستفتاء وضمت إرتريا قسرًا قبل موعده، تأجل الاستفتاء لثلاثين عاماً هي عمر الثورة الإرترية التي  إندلعت وضمن أهدافها تثبيت قرار الأمم المتحدة الذي كان يقضي بضرورة الرجوع إلى الشعب الأرتري وليس إلى البرلمان الإرتري للإستفتاء النهائي . فإذا كانت الجبهة الشعبية وبعد استيلائها على إرتريا ترفض بعض أجزاء القرارالأممي الذي طالبتْ بموجبه استفتاء الشعب الإرتري حسب القرار الأممي القديم،  أليس من حق الشعب المتضرر أن يطالب بإسترجاع  القرار إلى الأمم المتحدة طالما هناك جهة إرترية متنفذة ترفض تطبيق جزء هام من ذلك القرار داخل أرتريا ؟
  • رفض اللغة العربية أمر مخالف لما أسست عليه إرتريا أصلا لأن الآباء المسلمين أصرو على اعتماد اللغة العربية لغة رسمية لبلادهم ولغة تعليم لأبناؤهم وأي جهة ترفض هذا المعنى تعتبر رافضة للأسس التي وجدت إرتريا بموجبها.
  • مشروع لغة الأم ليس له أي صفة قانونية لأن البلاد يحكم بشرعية ثورية غير مؤهلة للبت في قضايا ثوابت وطنية وأيضا ليس فيه دستور بل فرض هذا المشروع فرضاً لتجهيل مكون من مكونات البلاد وإقصاء من قبل مجموعة متطرفة تخطط أن لا يوجد بعد رحيل الجيل الحالي من يقرأ ويكتب اللغة العربية في الدواوين الحكومية والسفارات والقنصليات الإرترية .
  • حتى في المناطق التي يدرس طلابها بلغة الأم لوحظ بالفعل إلقاء الخطب والاحتفالات باللغة التجرنية في مناطق لا تعتبر التجرنية موطنها ولغات الأم لا تستعمل في دواوين الحكومة ما يعني إجبار غير الناطقين بالتجرنية الحديث والعمل بالتجرنية داخل إرتريا.

    رأينا الأضرار التي جلبها هذا المشروع على المستوى الفردي والأسري والإثني والوطني بعد أكثر من أربع وعشرين عاماً من تطبيقه فالنرى العوامل التي يجب تكاملها لهزيمته ولو بعد حين.

العوامل التي يجب تكاملها لهزيمة مشروع التعليم بلغات الأم :

هناك عددا من العوامل التي لا بد أن تتكامل ( تنفذ بشكل متوازي)  لهزيمة هذا المشروع المهدد للوحدة الوطنية الإرترية والهوية الثقافية للمسلمين الإرتريين وربما الكيان الإرتري برمته لا سمح الله منها:

  • عدم هرب واستقالة الموظفين والمدرسين المسلمين الذين يديرون هذا المشروع ولكن أدعوهم ليسألو عن جدواه بعد اربع وعشرون عاماً من التجرية. نعلم إن العديد من المسلمين الأرتريين يعملون في إدارة هذا المشروع بجانب بعض المسيحيين .إذا كان لديهم إرادة لدخول التأريخ الأرتري وإنقاذ الوحدة الوطنية الأرترية والهوية الثقافية للمسلمين الأرتريين عليهم طلب إعادة النظر في هذا المشروع بشكل جماعي لا فردي لأن من إستفسر بمفرده ذهب بمفرده إلى حيث لا رجعة ، بهذه سيقدمون خدمة كبيرة لبلادهم وهي ليست أكبر من تضحية الذين قضو أو غابو في سجون مجهولة جراء معارضتهم هذا المشروع. أقدارهم جاءت بهم إلى هذه المواقع وعليهم أن يتحملو مسئولياتهم ويستعيدو بطولات آباؤهم  إلى الأذهان. إنهم رأس الحربة في هذه القضية وخطوتهم هذه سوف تشجع الآباء لمنع أبناؤهم من مواصلة التعليم في ظل هذا المشروع في كل المدارس المستهدفة.وسوف يتوقف المشروع لا محالة لأن أبناء التجرنية لا يمكنهم الاستمرار وتدريس لغات لا يفقهونها أصلا.
  • النشطاء والمعارضين خارج القطر وفي مواقع التواصل الإجتماعي دورهم كبير في إقناع الأشخاص المذكورين أعلاه والتواصل معهم . ويجب إيجاد وسيلة جديدة للتواصل مع الداخل.
  • المجلس الوطني دوره كبير في رفع الأمر إلى المنظمات الدولية وهيئة الأمم المتحدة في هذا الخصوص لأن القرار الذي اعتمد الإتحاد الفيدرالي والدستور الإرتري الذي اعتمد الثنائية  واللغات الرسمية الأرترية بناءً على رغبة المواطنين المسلمين صودق عليه من قبل الأمم  المتحدة ، وتم الاستفتاء على ذلك الأساس في عام 1991.
  • المواطنين الأرتريين خارج القطر عليهم الاتصال بذويهم العاملين في هذا المشروع من مدرسين وإداريين للتفاكر في كيفية الابتعاد عن هذه المهمة إذا هم مقتنعين بعدم جدواه بل بأضراره البالغة لأبناء المسلمين الأرتريين .
  • وسائل الإعلام الإرترية المعارضة تشن حملة دائمة على هذا المشروع على وجه الخصوص وتبين أضراره الآنية والمستقبلية على أرتريا ووحدتها الوطنية وشعبها ويجب أن يرتقي ذلك الاعلام ليصل وسائل الاعلام العالمية أو على الأقل الإقليمية والإفريقية .
  • إذا كان بعض العاملين في هذا المشروع من مدرسين وإداريين من أبناء المسلمين مقتنعين به وبجدواه فهذه   مصيبة عظمى وأما إذا لم يقتنعو به ومستمرين في تنفيذه يجب محاولة  التصحيح ولكن نعلم إن المواجهة هي  التغييب.
  • أخطر المخاطر المهددة لاستقرار وتماسك الكيان الإرتري تتجسد في عدم وجود دولة تحتكم إلى دستور مستفتى عليه وقوانين منبثقة عنه وهيئات دستورية بحدها الأدنى على الطريقة المتعارف عليها دولياُ ( تشريع  قضاء – تنفيذ) بعد أكثر من عقدين من إنجاز الشعب الإرتري استقلاله عن إثيوبيا، لأن النخب القيادية في الحزب الحاكم غير منسجمة سياسياً وغير متلاحمة ثقافيا ً وبالتالي فشلت في التوافق لإيجاد أبسط مظاهر الدولة. ولذلك رأينا كيف تدحرجت الحالة الإرترية من سيئ إلى الأسو خلال أربع وعشرين عاماُ الماضية، حتى وصلت المأساة إلى مستويات أكثر خطورة على المواطنين .كتحديد عدد الرغيف لكل عائلة وأمنياُ كالحبس في أماكن مجهولة لفترات طويلة دون محاكمات، واغتيالات سجلت على المجهول الخ،  وهناك قائمة من المخاطرالأخرى المهددة خالالل للوحدة  الوطنية ولتماسك النسيج الاجتماعي على المديين القريب والبعيد

–          إذا تمكن الشعب الإرتري من تصحيح مسار ثورته وحافظ على وحدته الوطنية تحت حكومة دستورية    تحتكم إلى القانون يوماً ما، فإن الاعتقالات التعسفية والتغييب القسري والاغتيالات المجهولة سوف يزول بمجرد تطبيق قوانين ديمقراطية متحضرة ولكن من الصعوبة بمكان إعادة وتعديل الهوية الثقافية المطموسة  لجيل كامل من جديد بعد أن تم تحويل ألسنتهم وثقافتهم المكتوبة من لغة كان يستخدمها أباؤهم أجدادهم إلى لغة أخرى، لذلك عرف مشروع التعليم بلغات الأم  منذ تطبيقه ليس فقط كمهدد خطير للوحدة الوطنية بل أيضاً كطامس حقيقي لثقافة المسلمين وهويتهم المتمثلة في اللغة العربية المكتوبة والتي تشكلت عبر قرون من التمازج الوجداني التلقائي. ويخشى العديد من المراقبين الإرتريين من أن يؤدي هذا المشروع  إلى المزيد من الانقسام لدى الإرتريين .

  • وقد برزهذا التوجه الانقسامي والاستعلائي منذ أن استولت الجبهة الشعبية على السلطة في البلاد ورفضها الحوار الوطني والنتيجة كانت انبثاق تنظيمات إثنية معارضة عوضاُ عن التنظيمات الوطنية التي انجزت المشروع الوطني الذي لم يكتمل بعد.
  • من لم يسمع عن ” مشروع التعليم بلغات الأم ” من الشباب الإرتري الذي ترعرع خارج أرض الوطن ومن غيرهم والذي ربما قد يقرء هذا الفصل من الكتاب ، هو مشروع فرضه النظام الإرتري على المدارس الابتدائية في الأرياف والمدن التي يسكنها المسلمين ويقضي باستخدام اللغة أو اللهجة المحلية غير المكتوبة كلغة تعليم في المدارس الابتدائية الخاصة بالمجموعات الإثنية الإرترية المسلمة وكتابتها إما بحروف الجئز أو بالحروف اللاتينية واستبعاد اللغة العربية وحروفها خلافاً لما كان معمولا به قبل ضم أرتريا إلى إثيوبيا عنوة  ولما تعارف عليه المسلمين الإرتريين منذ مئات السنين. تم إعتماد اللغة العربية لغة رسمية ولغة تعليم المسلمين الإرتريين بناءًا على هويتهم الثقافية المشتركة ودستورإرتريا الاول الذي قضي بضرورة الحفاظ على الهوية الثقافية لكل المكونات السكانية في إرتريا واستنادا إلى برامج أغلب الأحزاب السياسية الإرترية في الأربعينات(فترة تقرير المصير ) بما في ذلك أحزاب المرتفعات الإرترية المتحدثين باللغة التجرنية الذين كانو كلهم يطالبون باللغتين العربية والتجرنية لغتان رسميتان للبلاد. وليس معروفاً حتى الآن من أين استمد النظام الإتري قولهم عدم وجود اللغة العربية في إرتريا تاريخياً وإن الأمم المتحدة هي التي  فرضتها.

لماذا يرفض الحوار الوطني بإرتريا

وأخير اقول لماذا يرفض الحوار الوطني في بلد مثل إرتريا . الحجج القانونية الدى النظام في معاداة اللغة العربية مثلا واهية وعقيمة . يعتقد أن من أسباب رفض الحوار الوطني مع المكونات الإرترية الأخرى ورفض تفعيل الدستور المقترح والمفصل على الشعبية تحديد ورغبته وربما بإيعاز وتحريض من جهاتِ ما كسب الوقت وتثبيت الثقافة التجرنية فقط ومن ثم تأكيد عدم وجود اللغة العربية في إرتريا أصلاً.

 

شاهد أيضاً

تهنئة

بمناسبة عيد الفطر المبارك تتقدم رابطة ابناء المنخفضات الإرترية للشعب الإرتري الأبي بأصدق التهاني القلبية …

الاعلام بين الماضي والحاضر

بقلم محمد نور موسى ظهر الإعلام الإرتري مع ظهور الحركة الوطنية الإرترية في مطلع أربعينات …

من مواضيع مجلة الناقوس-العدد التاسع

سعدية تسفو فدائية من جيل آخر! نقلا من صفحة الاستاذ ابراهيم حاج لترجمته من كتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *