يحتفل الشرفاء من ابناء الوطن بيوم المعتقل الموافق الرابع عشر من ابريل كل عام، الذي يمثل سانحة للاحتفاء بالمغيبين قسرًا من هذه الكوكبه التي كان لها الأثر الكبير بين قطاعات مجتمعاتنا، لكن طالتهم يد الغدر ليعشوا في غياهب هذه السجون ظلما .
هذه المناسبة جعلتني ان أرسم مشهدا عايشته لساعات قليلة في هذه الغياهب المظلمة وحاولت ان اجسد بعض المشاعر المحزنه، بعيدا عن المقارنة مع اولئك النفر الذين قضوا السنوات العجاف، ولكن لوصف حالة هذه السجون السيئة خلال سويعات من الذكريات الموجعة التي عايشتها في واحدة منها .
روايتي لاتساوي قطرة في بحور هذه السجون والتي استوقفتني في واحدة منها والمعروف بـ سجن عدي ابيتو، وأردت ان اطوف بكم في سجن يتكون من جدار عالي وبداخله اسطبل كبير لا تتجاوز مساحته بضع الامتار خالى من النوافذ ويحوي قرابة الـ 500 محتجز يجدون الصعوبه في الحركه بداخله، كما ان للاوساخ والقاذورات الحظ الاوفر بين مساحات هذا الاسطبل .
استيقظت العاصمة اسمرا في صبيحة الثالث من نوفمبر من عام 2004م حيث استيقظ قبلها احد الجنرالات العسكرية لنظام الهقدف من نومه مرتعبا ويبدو انه قد رأى في منامه عددا من الشباب يخططون لتنفيذ عملية انقلابية برئيسه إسياس افورقي الذي كان حينها في زيارة لخارج البلاد، وبينما هو في هذا الهلع نهض مسرعا متخذا على الفور قرارا بتنفيذ الاوامر على وحداته العسكرية المرابطة في داخل العاصمة اسمرا وضواحيها بإلقاء القبض على اي شاب في العاصمة اسمرا .
انتشر هذا الجيش اثر هذا القرار الهمجي بسرعة فائقة، وكان يصل قوامه حوالي الـ 1000 جندي مدجج بالذخائر والقنابل اليدوية وسلاح الكلاشنكوف والعصي الكهربائية واخرى خشبية من نوع شجر الهشاب المتين في شوارع العاصمة ومهمته إحتجاز الشباب دون اي سؤال ووضعهم في ساحات الشوارع مؤقتا، ومن أبرز هذه المواقع حينها كان ميدان الفاتح من سبتمبر الواقع في قلب العاصمة، وبعد أقل من ثلاث ساعات تغير المشهد واصبح عدد المحتجزين يفوق عدد الجيش الذي تم تكليفه لتطبيق رؤية الحلم بحذافيرها دون مراعاة القوانين والاعراف التي تراعي حقوق الانسان.
في هذا الصباح المشؤوم كنت متوجها الى عملي، فإذا بمجموعة من العسكر تستوقفني ودون اي مقدمات يفاجؤنني بلغتهم المعهودة ( تظقع) اي كن على جمب،وهنا بالطبع لم اتفاجأ ولم انفعل لان الذين اوقفوني هم من المأمورين من الـ (وارساي ) الذين لم يرثوا سوى الفاقات الثلاث وبحكم انني افهم لغتهم العملية جيدا والتي تفتقد الى لغة الحوار لم اترك الامر للجدل، لكنني حاولت ان ابحث عن شخص من بينهم يفهم وضعي لانني كنت مكلف في ذات الصباح باعداد الاخبار للاذاعة، اقتربت من احد ممن توصلت فيه خيرا عندما شعرت أن مقاطع وجهه توحي انه غير راضٍ بما يدور حيث قلت له انا شخص من الوزارة الفلانية واملك بطاقة حركه سارية المفعول ومكلف بعمل ربما عدم تبليغي لكم سيحيلني الى التحقيق لاحقا، رد لي قائلا …… لا تتعب حالك يأخي انه امر من الجنرال ولكن ربما القيادات الكبيرة سوف تتفهم وضعكم لان هنالك أعدادا كبيرة من الموظفين في الدولة والمقاتلين وعمال القطاع الخاص وطلاب المدارس وحتى عدد من اصدقائنا الذين جاؤا لقضاء اجازتهم وجميع شرائح المجتمع موقوف مثلك، ولا ندري ما ذا سيحدث اليوم .
لم تمر سوى دقائق من لحظة حديثي مع هذا الجندي الذي بادلني الحديث بكل لطف، وفي تلك اللحظات وصلت عدد من الشاحنات الكبيرة لأخذ اولئك المحتجزين الى السجون المتواجدة في مناطق شتى، ومن هنا ادركت لا مفر من السجن وبحكم معرفتي بكثرة السجون المشهورة وغير المشهورة التي لا تحصى ولا تعد كان لابد لي ان استخدم العقل وان لا اصعد اي شاحنة دون السؤال ولو بالطريقة غير المعتاده عن مقصد هذه الشاحنات اعتقادا مني ان هذه الاعداد البشرية الهائلة سوف لن تستوعبها السجون المشهورة، وخشيت ان يضعوني في سجون لا يعلم بها الا الله، ويصعب الحال لمن يريد البحث عني، ومن حسن الصدف كانت لي معرفة سابقة مع سائق الشاحنة التي توقفت بالقرب مني، تقدمت نحوه خطوات وبادرته بتحية بائسة وسألته بصوت منخفض الى اين تم تكليفك لو سمحت يا …..؟ قال لي وبصوت اكثر انخفاضا مما جعلني أتتبع حركة شفتيه وعلمت بعدها بالمكان وصعدت على الفور معه دون تردد، مع علمي بأن السجن الذي اشار اليه يتمتع بسمعة سيئة في التعامل مع نزلائه،إلا انه كان افضل اسوأ الخيارات بالنسبة لي، وكما اسلفت ان وجودي فيه سيقلل الجهد والمال والوقت لمن يرغب في البحث عني بين هذه السجون الكثيرة والمنتشرة في كل حدب وصوب .
تحركت بنا الشاحنة في طريقها الى سجن عدي أبيتو وبعد اقل من نصف ساعة توقفت بنا الشاحنة المكدسة أمام بوابة كبيرة وجدارعالي تحيط بجنباته وحدات من العسكر يرتدون ملابس عسكرية قديمة باهتة الالوان واحذية بلاستيكية لا تقي من شتاء اسمرا القارس وملامح وجوههم عابسة ارتسمت عليها التجاعيد من سوء الحال والاحوال واجسام اقرب الى النحافة والبعض منهم كان مسرورا لوجودنا على هذا الحال نظرا لإيمانهم بالتعبئة المكثفة المسبقة من قبل قياداتهم التي مفادها …ان مثل هذه الحملات هي من اجلكم لانها السبب في مضاعفة أعمال التنمية من حفر ورفع الاحجار التي على كاهلكم، وانها ستوفر لكم اجواء الاجازات بعد وصول هؤلاء الى الوحدات العسكرية وكذلك يوهمونهم بقبول جميع شكواهم وتحسين رواتبهم وتسريحهم وتسريح المرضى ومعاقي الحرب من الجيش وغيرها من الترهات والاكاذيب التي يلعب بها النظام ومؤسسته العسكرية بعقول اولئك البسطاء .
نزلنا من الشاحنة على طريقة اسرى الحرب واحدا تلو الاخر وعددنا يصل في هذه الشاحنة فقط قرابة التسعون من مختلف الفئات العمرية مابين العشرين الى الستيين سنة تقريبا، لكن وللامانة اسنثنت معركة الحلم البائس العنصر النسائي على غير عادتها في هذا الصباح ويبدو ان الامر يعود لعدم رؤية الفتيات في هذا الحُلم .
قبل دخولنا للقاعة المظلمة تفاجأنا بأوامرغريبة وعجيبة من الجنود انهم طلبوا منا خلع الاحذية وأحزمة البناطيل للاسف الشديد قبلنا بهذا الشرط دون ان نرتكب اي جريمة تجعلنا نتخذ هذه الخطوة، وكان لزاما علينا ان نقبل بهذه الاوامر حتى لا تتحول مجرى قضايانا الى تُهم يعاقب عليها قانون الهقدف تحت مادة الخيانة الوطنية والانتماء للمجاهدين والتخابر مع جهات اجنبية .
الكل في هذه اللحظات كان يشعر بإحساس غريب ما بين المصير الذي سينتظره وما بين معرفة تهمته والفترة التي سيقضيها امام هذه الاجواء المبهمة وهو مخطوف دون علم ذويه بمكانه، وما بين هذا وذاك توجهنا كقطيع الأغنام نحو القاعة المرعبه بخطى بطيئة عسى ان خطواتنا البطيئة هذه تكون سببا لأمر يحول دون دخولنا للقاعة لكننا دخلنا هذه القاعه التي استقبلتنا بالروائح غير الطيبة الناجمة بسبب عدم فتح الأبواب والنوافذ لإدخال الهواء النقيّ ووسائل اخرى تعمل عمل تنقية الهواء لطرد الرائحة الكريهة.
وبعد خطوات لداخل القاعه تفاجأنا بمشهد أوحي لنا من النزلاء في حالة لا يمكن وصفها تخبرك من وهلة وجوههم انهم يعيشون حياة غير كريمة، واجسامهم ضعيفة التي أنهكتها سوء المعاملة والأمراض المعدية وغير المعدية يصاحبها سوء الغذاء وفقر الدم وبعضهم عاجزين عن الحركة جراء التعذيب إلا على أكتاف زملائهم من النزلاء.
أغلق السجان الباب من الخارج وانصرف مسرعا، وقبل ان نتلائم مع ظلمة المكان ولم نبالي بحالنا، وكما يقول المثل العربي … لما تشوف هم غيرك يهون عليك همك، فإن معاناة النزلاء انستنا همومنا بعض الشيئ خاصة عندما استضافونا في مواقع جلوس هم يظنون انها تليق بنا، وبدوا يهيؤا لنا الاجواء وهم شقوفون لسماع الاخبار التي حدثت خلال فترة سجنهم، ومن الامور المؤلمة ان دخولنا السجن زاد من احزانهم لاننا كنا عبارة عن مصادر ومعلومات كانت غائبة عنهم فبعضنا كشف لهم قليل من الافراح وكثير من الاتراح وبادلناهم بتقديم التعازي دون ان ندري هم على علم بوفاة أعز عزيز عندهم، حقا كانت حقا لحظات مؤلمة بكل المقييس زادت الاحزان احزانا .
ومن نجى من هذه الاخبار خيرها وشرها بدأ يشرح لنا معاناته وأسباب سجنه التي لا ترقى بهذا الحكم لا مكانا ولا الزمان الذي أكل وشبع من أعمارهم، وبينما نحن نستمع لهذه المعاناة بدأنا نتحسس ان اجساما دقيقة تحوم حول اطرافنا واقدامنا ويبدو انها البراغيث والقُمل وحشرات اخرى لا ترى بالعين المجردة كانت مسرورة بقدومنا بعد ان جفت مأقيها من الذين سبقونا في السجن .
هدأ الحال الى حد ما فحاول البعض ان يتذكر انه يريد أن يقضي حاجته، والاسوء ان المكان موجود بيننا في القاعة نفسها على شكل قطع من البراميل مخصصة للتبول اكرمكم الله، وفي اسفلها فتحات لتسريب البول حتى تبعث للنزلاء الروائح النتنة وتحرمهم من الجلوس على الارض على قلة المساحة، ليس هذا فحسب بل ينقطع اتصالك بالعالم الخارجي بمجرد دخولك لهذه القاعه حيث لا يحق لك المكالمات الهاتفية وارسال الرسائل او فتح محضر لمعرفة مشكلتك واسباب السجن والتهم التي يتلقون عذاباتها التي لا ترقى لهذه المعاملة السيئة ولا تندرج تحت اي حكم جنائي سوى انها اسباب غير موضوعية منهم من دخل السجن بتهمة انه فكر ان يهرب او تستر على تهريب شخص من افراد اسرته او جاره وبعضها او جلها كانت تقع في دائرة تأخير بيومين او ثلاث عن الاجازة السنوية التي تمنحها الوحدات العسكرية.
شاءت الاقدار ايضا ان اجد شخصا من مدينتي بداخل هذه القاعه، وعلى الرغم الموقف لا يستحق الفرحه لكننا فرحنا بهذا اللقاء، لكنني غضبت عندما اخبرني بتهمته التي قضى اثرها عاما كاملا وبضعة اشهر وكانت التهمة انه تأخر ثلاثة ايام فقط من ايام اجازته السنوية، سألت عن كيفية الحكم او موعد خروجه …قال لي مبتسما لم يخبرني أحد بفترة محددة لكن الكل هنا ينتظر ويتوقع من خلال الاشاعات ربما سنكمل عامين وبعدها الله أعلم .
أخذني الفضول لمعرفة امور كثيرة في داخل هذا السجن، وبدأت اوجه له اسألة متعددة لم يبخل عن الاجابة …….سألته متى تتناولون وجباتكم وأرى بيننا أيضا مرضى ؟ قبل الاجابة على سؤالي بادرني بسؤال قائلا لي :- هل انت جائع يا محمود لدى قليل من البسكويت اكل منها عندما اشعر بألام المعدة ؟ قلت له بلا .. انا صائم ضحك وقال لي سبحان الله نحن في شهر رمضان الكريم ولا ندري.
وعاد بي الى السؤال قائلا … وجبتان الاولى يعطونا فيها خبزة واحدة مع كوب يسمى بالشاي كل صباح، والوجبة الثانية هي عبارة عن خبزة واحدة توزع لنا بعد الساعه الخامسة مساءا مع قليل من حبات العدس التي بالامكان ان تحصى، اما الخبزة الثالثة فلا تصلنا لان قائد السجن يرسلها الى ابقاره ومواشيه في القرية المجاورة لنا .
سألته قائلا هل ان ادارة السجن تهتم بالمرضى ؟
قال لي قد لا تصدق ان قلت لك تسيئ حالة البعض منا وتصل الى حد الموت ولم يفتحوا لنا الباب لمجرد ان نسلمهم من هو حالته خطرة او احيانا جثمان من فارق الحياة، وقبل ان يكمل لي الحديث شاهدنا تدافع نحو وسط القاعه وذهب صديقي ايضا نحوهذا التدافع لمعرفة ماحدث لكن عاد متأثرا وعلى وجهه علامات الحزن … فقلت له ماذا حدث قال لي لقد فارق احد الشباب الحياة ..قلت له هل تعرفه قال لي انه جاء معكم في هذا الصباح ويبدو انه كان يتلقى العلاج في مستشفى حليبت وخرج لشراء بعض الاغراض من الحوانيت الموجودة خارج اسوار المشفى ولكن تم اخذه الى السجن، بالرغم من ان حالته كانت توحي انه مريضا، لكن الاجابة كانت سوف ينظر في امرك، جاؤا به الى السجن وما زاد حزننا اكثر اننا علمنا فيما بعد انه محول من عيادات الوحدات العسكرية الى مستشفى حليبت لاجراءعملية جراحية بسبب شظية في منطقة أعلى الكتف اصابته في احدى حملات الحرب الاخيرة مع اثيوبيا، وبينما نحن نتداول هذه المعلومات كان جثمانه بيننا لساعات مع ان الشباب كانوا يضربون باب القاعة بقوة لاخطار الحرس ليستلم الجثمان ولا احدا يبالي .
توقف الجميع عن الهمسات الجانبية نظرا لسوء المنظر، وتوقفت أنا كذلك عن الاسئلة بمجرد ما شاهدت هذه الحادثة المؤلمة لكن صديقي واصل في شرح المعاناة ومن بين رواياته بدأ يحدثني عن هيكلية السجن …..فقال لي نحن افضل من السجن الذي امامنا واضاف لي قائلا ان سجن عدي ابيتو ينقسم الى ثلاثة أقسام ونحن افضل حالا من نزلاء القسم الثاني هم في غرف انفرادية ولا يخرج منه احد ميتا، فهو مليئ بسلسلة من ألوان التعذيب المختلفة التي تبدأ في الليل، وتمارس فيها كافة انواع التعذيب والاضطهاد الشديد للسجناء وسوف تسمع صراخهم بعد الثامنة مساءا، وكذلك المبنى الواقع على اليمين هو سجن للنساء وفيه عدد كبير من النساء بمعية اطفالهن.
لن تنتهي اسألتي…… لكنني شعرت بان القيم قد انتهت عند اولئك السجان ونظامه ولا يمكن ان اسأل سؤلا بعد ان شاهدت واستمعت الى هذه الموقف المأساوي التي لا تليق بمكانة الانسان الذي كرمه الله .
في هذه اللحظات الصعبة يفتح احد الجنود الباب، ويسأل بصوت عالي من الذي كان يضرب الباب اخبره احد النزلاء كان على مقربة من الباب بالامر، لكنه لم يعطي الامر اي اهتمام بل التفت اليه وفقال له دون اي احساس، قام بأمر اثنين من النزلاء ليخرجوا بهذا الجثمان الى خارج القاعه ويضعوه في باحة السجن، وعاد الشخصان بعد وضعوا الجثمان في الباحة وهما حزينان.
لم ننتظر بضع دقائق وكانت الشمس في طريقها الى الغروب فتح احد الجنود الباب مرة ثانية ومن خلفه مجموعة من العسكر، وقال لنا بصوت عالي الزموا الهدوء، بالرغم ان القاعه كانت صامته اصلا وتصمت بطبيعة الحال كلما يفتح الباب، قال لنا انا سوف انادي الاسماء ومن يسمع اسمه عليه الاقتراب الى الباب دون اي تهريج وإلا سوف اقاطع نداء الاسماء، الكل اخذ الصمت وبدأ ينادي الاسماء وكانت اسمي من بين هذه الاسماء، وقبل خروجنا من هذه القاعه تدافع عدد كبير من النزلاء نحو الباب ليضعوا في جيوبنا قصاصات من الورق عليها ارقام هواتف وعناوين لنخطرعبرها ذويهم بمكان وجودهم، شعر هذا الجندي المجرد من الانسانية بهذا التدافع توقف عن نداء الاسماء مكتفيا بعشر اشخاص فقط من اصل 150 كانت اسمائهم على قائمة الورقة التي كانت بيده، معتبرا ذلك تهريجا ومخالفة بقوانين السجن وكلف فور خروجنا معه من القاعه احد قادة الفصائل للدخول بفصيلته الى القاعه وضرب من في القاعه دون فرز لمدة ساعة كاملة، وبالفعل نفذ قائد الفصيلة الاوامرحيث كنا نسمع الصراخ الى ان ابتعدنا من المكان المشؤوم .
اخبرنا بعد خروجنا من السجن الشخص الذي تم تكليفه من قبل الوزارة لمخاطبة ادارة السجن لإطلاق سراحنا، أخبرنا اننا محظظون لكون بقية زملائنا الذين تم احتجازهم في هذا الصباح لم يتمكن من معرفة اماكن وجودهم ويبدوا انه جال في سجون كثيرة ولم يجد احدا منهم، وكما توقعت تم توزيعهم في مواقع غير معروفة، وبعض هذه المواقع كانت عبارة عن حظائر للمواشي تم زجهم فيها دون مأكل او ملبس وعندما ارخى الليل سدوله انتفض الشباب في واحدة من هذه السجون العشوائية مقتحمين عساكر الحراسة وهنا حدثت الكارثة المعروفة بمجزرة عدي أبيتو التي أطلق فيها الجنود الرصاص الحي والتي استشهد خلالها الكثير من الشباب برصاص الجنود وأصيب العديد بجروح خطيرة بينما لاذ الاخرون بالفرار.
كانت هذه جولة قصيرة من بين مئات السجون الهقدفية التي تحوّلت إلى مناطق للاخفاء والإيذاء والتعذيب والممارسات اللا إنسانية التي تُرتكب فيها ابشع الجرائم بحق الشعب الارتري …. والآن انكشف نظام الهقدف في زمن جائحة كرونا، عندما اطلق العالم مئات السجناء ونظام افورقي يقول هل من مزيد ليزج فيها من لا يدفع رسوم ضريبة الوباء واخرين من تم القبض عليهم تحت تهم باطلة بحجة اخفاء المواد الاستهلاكية، علينا أن نوصل من جديد صوت الرافضين للظلم فك الله اسرهم .
لن تكتمل فرحتنا الا بحريتهم .
محمود افندي