بيان بمناسبة الذكرى 62 لانطلاقة ثورة سبتمبر المجيدة
الفاتح من سبتمبر من العام 1961م كان موعداً لانطلاق ثورة سبتمبر المجيدة للشعب الإرتري الأبي بعد ان سدت أمامه كافة الطرق السلمية لتحقيق استقلاله التام ضد سياسات الضم القسري للإمبراطورية الإثيوبية، تجلت تلك الإرادة الصلبة في إعلان الكفاح المسلح الذي تصدره القائد البطل الشهيد حامد إدريس عواتي ورفاقه الميامين الذين لم يتجاوز عددهم 13 فرداً لا يملكون إلا إرادتهم وثقتهم بأنفسهم وثلاثة بنادق عتيقة، للوقوف في وجه جيش الاحتلال الاثيوبي الذي يفوقهم عدداً وعتادا، وكانت تلك الثورة التي عمت كافة ارجاء إرتريا وحققت انتصارات متتالية على جيش الاحتلال الإثيوبي بعد ان قدم فيها شعبنا بكافة مكوناته تضحيات جسيمة، ليس هذا فحسب بل أصبحت ملهمة لشعوب المنطقة للتطلع نحو الحرية والاستقلال، وإذ نحتفل من كل عام بإحياء هذه الذكري العظيمة نستلهم منها العظة والعبر، والتأكيد على القيم العظيمة التي انطلق منها هؤلاء الاشاوس وعلى رأسها الثقة بالنفس التي كانت زادهم في تحقيق الانتصار النهائي.
وبمناسبة الذكرى الثانية والستون لانطلاقة ثورة سبتمبر المجيدة، نتقدم بأحر التهاني القلبية للشعب الإرتري الصامد، متطلعين للتحلي بذات القيم للتخلص من نظام الهيمنة والاستبداد وبناء دولة العدالة والمساواة التي تسع جميع أبناءها.
كانت انطلاقة الثورة الإرترية نقطة تحول تاريخية في مسيرة شعبنا الذي آمن بحقه في حياة حرة وكريمة في وطن مستقل، وناضل في سبيل ذلك منذ أربعينات القرن الماضي، التي اتسمت بالبحث عن المشترك بين مكونات هذا الشعب الذي جمعه القدر للعيش سويا على رقعة جغرافية واحدة، إلا أن طبيعة الصراع الحاد وانشداد أحد مكوناته لمصالحه القومية عبر الحدود على حساب بقية مكونات التعدد الإرتري قد حسمت الصراع لصالح طالبي الانضمام إلى أثيوبيا، في حين أن خيار المكونات الأخرى من المجتمع الإرتري كان مع الاستقلال التام لإرتريا وشكلت نضالاتهم السلمية رصيداً صلباً لانطلاق وتفجير الكفاح المسلح تحت راية جبهة التحرير الإرترية التي كان لها شرف ريادة الكفاح المسلح الذي تكلل في نهاية المطاف بتحرير كامل التراب الوطني في 1991م.
وما أشبه اليوم بالبارحة، فها هي مكونات هذا الشعب العظيم تجد نفسها مرة أخرى أمام ذات المنعطف التاريخي، وعلى نفس الشاكلة التي بدأ بها الصراع في الأربعينيات، حيث نرى بوضوح بروز نفس التوجهات التي تنزع لمصالحها الخاصة، التي تجلت بشكل واضح في الموقف من الصراع الإثيوبي-الإثيوبي، ومثلما كانت سببا في ضياع فرصة الاستقلال المبكر للشعب الإرتري ابان فترة تقرير المصير، ها هي تشكل نفس المخاطر لحقوق ومصالح مكونات التعدد الإرتري وحقها في الوجود. حيث إن كل الحقائق والدلائل الماثلة أمامنا من ممارسات نظام الهيمنة القومية طيلة ما يزيد على الثلاثون عاما الماضية من الانتهاكات الصارخة لحقوق مكونات الشعب الارتري وهيمنته المطلقة على كافة مقدرات البلاد سلطة وثروة، وفرض هيمنة ثقافة أحادية تمثل مكونه الاجتماعي، كان مقدمة لما نراه اليوم من تماه مطلق مع خياراته الخاصة، التي تتمحور في العودة بإرتريا للمربع الأول لحضن (الوطن الأم)، بالرغم مما دفعه شعبها من اثماناً باهظة في الوصول لتحقيق الاستقلال.
إلا أننا نعتقد جازمين بأن خيارات الأمس لن تكون خيارات مكونات الشعب الإرتري في عالم اليوم، خاصة في ظل تنامي الوعي بالحقوق والمصالح التي سيكون لها الغلبة والقدح المعلى في إملاء المواقف والخيارات في وجه من يحاول أن ينال من حقوقهم ومصالحهم المشروعة.
لذلك فإننا في رابطة ابناء المنخفضات الارترية نرى بأن حل الازمة الارترية مرهون بأن تعمل كافة مكونات الشعب الإرتري وقواه المناضلة بأخذ زمام المبادرة، وأن لا تقف مكتوفة الأيدي أمام ما يحاك ضد مصالحها من قبل النظام وبعض من القوى المحسوبة على المعارضة، وذلك بالتوافق على رؤية موحدة لحماية حقوقها ومصالحها المستلبة من قبل النظام ومن يتماه مع منطلقاته التي تعمل على إلغاء التعدد والتنوع الإرتري، بالتالي إلغاء حقوق ومصالح مكوناته، واستدامة فرض النهج الأحادي على حساب الآخرين، وذلك من أجل خلخلة الارضية التي تقف عليها عقلية الهيمنة والاقصاء ، وإيقاف دائرة الصراع المهلكة التي كانت وراء مأساة هذا الشعب وتفاقم معاناته، وذلك بالتوافق على صيغة للتعاقد الاجتماعي على أساس تعدد وتنوع مصالح مكونات التعدد، لبناء دولة العدالة والمساواة وحكم القانون التي تضمن المشاركة العادلة في تقاسم السلطة والثروة وفق نظام حكم لا مركزي دستوري ( فدرالي) .
ونسبة لما تمر به البلاد من تطورات ومحاولات النظام لاستدرار عطف الشعب الارتري في حروبه العبثية، فإننا نؤكد على الآتي:
- يتحمل هذا النظام وكل من يدعمونه نتائج حروبه ومحاولاته المستمرة في التدخل في شئون دول الجوار.
- ان محاولات النظام ومن يدعمه لتصوير معاركه بأنها لحماية السيادة الوطنية، واستنفار أبناء الشعب تحت مبررات ان الوطن في خطر، تعتبر خدمة لأهدافه التسلطية المعادية لمصالح مكونات التعدد الارتري.
- ان تقديم أي شكل من الدعم المادي أو المعنوي لهذا النظام يعتبر تكريس لسلطته واستمرارها.
في الختام نؤكد بأننا باقون على العهد في خدمة الأهداف التي انطلقنا من أجلها في الدفاع عن الحقوق والمصالح لبناء دولة التعدد والعدالة والمساواة في إطار وطن يسع الجميع.
المجد والخلود لشهداء ثورة سبتمبر المجيدة
الخزي والعار لنظام الهيمنة القومية والاقصاء
رابطة أبناء المنخفضات الإرترية
الإدارة التنفيذية