المندوب الفاشل

ميزان

بقلم:الاستاذ علي جبيب

بحكم ظروف العمل في دول الخليج بالنسبة للأجانب ليس هنالك خيار في أن تعمل في مجالك أو تخصصك وما تمتهن بل عليك البحث عن مصدر للرزق حسب المتاح عملا بهذا المتاح بدأت العمل في موسسة ذات نشاط تجاري وبعد فترة وجيزة لاتتعدي الشهور طلب مني العمل كمندوب مبيعات بالتوجه إلى الأسواق وعرض واردات المؤسسة وكان الأمر يحتاج الى التعرف على الأساليب والطرق التي يتم بها التسويق وفي مقدمتها كيفية التعامل مع العميل واختيار المفردات المناسبة في الحديث وما الي ذلك وأنا في هذه المدرسة الجديدة والمهمة الصعبة وجدت كتيب قديم هو عبارة عن مذكرات رجل أعمال امريكي دون فيه حصيلة تجاربه التي امتدت لسنوات عمل فيها كمندوب لمبيعات لإحدى الشركات الإنتاجية ومن جملة تلك المبادئ التي حواها الكتاب وعنوانه كيف تصبح مندوب مبيعات ناجح.
اختيار المفردة المناسبة والتي تشد انتباه العميل.
عدم محاولة تسويق منتجك بتعييب منتجات أخرى توجد لدي العميل.
لم اتعمق كثيرا في باقي البنود وما استفدته من هذين البندين كان الكثير. وبالعودة للبند الثاني باللجوء إلى إظهار عيوب المنتجات الأخرى يعتبر دليل عجزك في إظهار محاسن منتجك بحيث يجد القبول والرواج وأيضا من دون قصد تكون قد وجهت إساءة لمن تسعى لكسبه وهو العميل وذلك بالسخرية منه ووصفه بأنه لا يفهم لذا اختار تلك المنتجات المعيبة وسوف يتنبه لذلك وبذا تكون خسرته.ومن هنا تعتبر مندوب فاشل لم توفق في مهمتك.
هذه المقدمة الطويلة قصدت منها اسقاط ذلك على واقعنا السياسي المعاش سوى على مستوى اللقاء والطرح المباشر أو ماتعج به ساحات التواصل الاجتماعي من نقاشات حول الأطروحات المختلفة للتنظيمات والمنظمات في الحراك السياسي الارتري المعارض.فنجد الأمر كله منصب في أن يستعرض كل فصيل طرحه ويستميت في أن يقدمه على أنه هو الأفضل من كل الأطروحات الموجودة في الساحة وينبري بالتشنيع وإظهار عيوب ومسالب تلك الأطروحات ظنا منه بأن ذلك سيجعل الكل يتلقف ماعنده ويرمي بكل الأطروحات الأخرى في قارعة الطريق وهذا النوع ينطبق عليه وصف المندوب الفاشل.حيث لم يكلف نفسه بمحاولة إظهار محاسن طرحه ومايحققه للمناصر والمتلقي وما يمكن أن يسهم به في حل المعضلة التي يعاني منها الوطن ومثل هكذا تصرف فيه قدر كبير من تسفيه فكر المتلقي وعدم صوابية خياراته وللأسف هذا النهج هو المتبع في معظم حراكنا المعارض رغم أن الكل ينادي بالحرية والديمقراطية ومحاربة الديكتاتورية.فكيف يستقيم المعنى بهذا النهج المعوج في الاستقطاب والتاطير لجموع الشعب التي فقدت الأمل في هذا الحراك السياسي .وكثيرا مايصرح الساسة بأن الجمهور غير متفاعل أو مساهم في أحداث التغيير متناسين دورهم في تثببط عزمه وإحباط معنوياته بهذا النهج الرخيص في التعاطي مع الافكار والاطروحات والتي تنبئ بعدم النضج السياسي ورفض الآخر لمجرد أن طرحه لايتناسب مع ( س ) من الأحزاب والمنظمات.وإذا لم يتم تدارك الأمر فنحن موعودون بواقع أسوأ مما عاناه الوطن في ظل النظام الدكتاتوري الطائفي.
وشواهد ذلك كثيرة في واقعنا المعاش والتي تتمثل فى استكانة الناس وتماهيها مع النظام القائم رفضا لواقع المعارضة وانزواء الكثيرين وانصرافهم عن الشأن العام والبحث عن خيارات بديلة ووطن بديل.
علي جبيب

شاهد أيضاً

الحرية للمغيبين

الحرية لكل سجين ومعتقل ومغيب أو من تم تقييد حريته بفرض الإقامة الجبرية والتي تعتبر أخف ضررا عن المعاناة التي يصطليها من حجب عنه ضوء الشمس قابعا في دهاليز ظلام كالح تحت الأرض

الحوارات العقيمة

بقلم : الاستاذ علي جبيب بعيدا عن التخوين والقول بنظرية المؤامرة وارسال النظام لكتائب من …

مؤتمر الرابطة

الثامن عشر من يوليو كان الوعد والموعد مع الميلاد الجديد لرابطة ابناء المنخفضات الارترية عبر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *