بيــــان هـــــام حول التطور النوعي في السياسة الاستيطانية التي ينفذها نظام الهيمنة القومية

ظللنا في رابطة أبناء المنخفضات الإرترية نتابع عن كثب، وأجرينا اتصالات عديدة لجمع المعلومات حول الخبر الذي أعلنه التلفزيون الإرتري بتاريخ 7/10/2016 بتوطين 500 أسرة في كركبت وما تلته من أحداث مماثلة في تسني بالإضافة الى انتفاضة حرائر العفر ضد مصادرة النظام لقوتهن، باعتبار ان هذه الأحداث جميعها تأتي ضمن تنفيذ مشروع الهيمنة القومية للتجرينية في جانبه الاقتصادي والتغيير الديموغرافي في أراضي المكونات الأخرى.

لم يجهد النظام يوما في إخفاء طبيعته في تنفيذ مشروع الهيمنة القومية ضد كل مكونات التعدد الإرتري في جميع مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والدينية وغيرها، حيث عمل جاهدا لفرض ثقافته القومية على حساب الهويات الثقافية المتعددة للمكونات الإرترية المختلفة بهدف صهرها في بوتقة ثقافية واحدة، حيث عمد لمصادرة كل الحقوق والحريات الأساسية لمكونات الشعب الإرتري بقوة الحديد والنار، مارس خلالها ابشع صنوف القهر والاستبداد من قتل وتهجير وإبادة وإخفاء قسري وصادر حقهم في المشاركة العادلة في السلطة والثروة في الوطن الذي دفعوا لأجله الغالي والنفيس من التضحيات بالنفس والمال والجهد لتحقيق الحرية والاستقلال للوطن والعزة والكرامة لإنسانه.

من المعلوم أن سياسة الاستيطان والاستيلاء على الأراضي في إقليم المنخفضات بدأت إبان الاستعمار الأثيوبي في عهد الامبراطور هيلي سلاسي في ستينيات القرن الماضي خلال ولاية حاكم إقليم القاش وسيتيت (المدعو/ قبر قال) الذي حاول ربط مدينة بارنتو بإقليم سراي بشق طريق جديد لتسهيل قدوم وتوطين أهالي كبسا في المنخفضات، إلا أنه ونتيجة لحرب التحرير توقف العمل في استكمال ذلك الطريق الذي أدى الى زيادة أعداد القادمين من كبسا للاستيطان في بعض مناطق المنخفضات.

وبعد التحرير عمل نظام أسياس على استئناف نفس مشروع التوطين الاستعماري بوتيرة أسرع وزخم أكبر كسياسة ممنهجة للدولة، حيث تم توطين أول فوج من أبناء مكونه الاجتماعي في منطقتي (شمبقو وبشكو) الذين تم طردهم من إثيوبيا بعد اشتعال الحرب الإثيوبية الإرترية، وقدرت أعدادهم بحوالي 75,000 نازح، وبذلك أصبحت شمبقو خالصة لهم ولم يتبقى من أصحاب الأرض سوى عدد قليل من أبناء الكناما، في حين تمت إعاقة عودة اللاجئين إلى أراضيهم التي هاجروا منها في عام 1967م وما تلتها من هجرات في السنين اللاحقة بسبب حرب التحرير.

_

كما قام النظام باستكمال الطريق الذي توقف بسبب الحرب في عهد هيلي سلاسي، وتم تغيير خط سير الطريق الرئيسي الذي كان يمر بمدينة أغردات وتسني ليمر عبر مدينة بارنتو التي تم ربطها بإقليم سراي مباشرة، وتم بناء مستوطنات لأبناء مكون التجرينية على طول جانبي الطريق في منطقة القاش، وتم توطين جزء آخر من مكون التجرينية في مدينة بارنتو بشكل مدروس، وتم إنشاء عدة مستوطنات أخرى في كل من:

1. غرب اوقاروا في منطقة (تنفت) حيث تم استحداث قرية جديدة باسم (عدي شحاي) وتم جلب مستوطنين اليها من المرتفعات بعد أن تم تأمين السكن والمزارع لهم.

2. تم إنشاء مستوطنة أخرى بجوار مدينة هيكوته في ملتقى خور (شغلت) في منطقة القاش، حيث قام النظام باستصلاح الأرض شرق القاش بقطع الأشجار والغابات، التي كانت ضمن أراضي المراعي العائدة ملكيتها للسكان الأصلين، وأقيمت عليها قرية تتكون من 200 عائلة من أبناء التجرينية حيث تم جلبهم من المرتفعات وتمليكهم أراضي للسكن والزراعة، والآن امتدت هذه القرية حتى بلغت مشارف مدينة هيكوته القديمة، وسميت (حديش هيكوته).

3. تم إنشاء مستوطنة أخرى في الضفة الشرقية من النهر في مراعي كان يمتلكها السكان الأصليون، حيث تمت إقامة مشاريع زراعية حكومية يعمل فيها المستوطنون الجدد.

4. تمت إقامة قرى جديدة في كل من منطقة (بروفايت جاربت) في منطقة القاش، وفي (سابونياي)، ومنطقة همبول في بركة، وكلها مستوطنات جديدة خالصة لأبناء مكون التجرينية الذين يتم استجلابهم على شكل جماعات من المرتفعات بصفة مستمرة لتنفيذ مشروع الهيمنة القومية الكاملة بالاستيلاء على مزيد من الأراضي الزراعية والمراعي على حساب ملاكها الأصليين وتمليكها لهم لإحكام دائرة الهيمنة القومية في الجانب الاقتصادي والتغيير الديموغرافي للمنطقة.

هذا عدا مخطط الاستيطان في كامل أراضي المنخفضات التي نفذت في الساحل، وسنحيت، وسمهر بحجج ومبررات واهية بدعوى حاجة الدولة لإقامة مشاريع حكومية في تلك الأراضي، وإقامة مدن وقرى جديدة وخطط إسكانية لمقاتلي حرب التحرير وغيرها من الأساليب المضللة التي تبدو نزيهة في ظاهرها، بينما هي دعاوى تضليلية باطلة إذ أنها لا تنسجم وطبيعة النظام وممارساته على الأرض التي تفتقد للعدل والمساواة بين المواطنين في كافة المجالات وتتجلى في غياب التنمية المتوازنة. فعمليات الاستيطان جلها تتم في أراضي المنخفضات، وذلك من خلال تهجير وإخلاء السكان الأصليين من مدنهم وقراهم بشتى السبل بالإضافة الى رفض عودة اللاجئين. وعلى سبيل المثال لا الحصر ما حدث في إقليم عنسبا في منطقتي (مقارح وحملمالو)، مرورا بالقرار الجائر الذي أصدره النظام في العام المنصرم 2015م والذي بدأ تطبيقه في العام الحالي 2016م والقاضى بالاستيلاء على كل الأراضي الزراعية في إقليم عنسبا بحجة إعادة توزيعها، وما حدث في مدينة مصوع (حرقيقو وأم كلو)، وفي بعض المناطق حول مدينة عصب، إضافة لعمليات التهجير والتوطين القسري في (طيعو وقلعلو) بإقليم العفر.

من الملاحظ أيضا أن عمليات الاستيطان كانت تتم في السابق في صمت مطبق في ظل تعتيم إعلامي من قبل النظام حتى لا يلفت الأنظار إلى دوافعه غير المشروعة، مستغلا في ذلك عدم عودة الذين تم تهجيرهم في فترة حرب التحرير من خلال إعاقة مشروع العودة الطوعية للاجئين خاصة من السودان إلى مواطنهم الأصلية، وحتى من عاد منهم بشكل طوعي بعد ذلك تم توطينهم خارج إطار مناطقهم الأصلية بدون توفير أدني متطلبات إعادة التأهيل من سكن وخدمات أولية، مما دفعهم للهجرة مرة أخرى من حيث أتوا. وهناك من دفع الى الهجرة في ظل النظام بسبب سياسات النظام واستفزازاته الطاردة.

أما الآن وبعد أن احكم النظام قبضته بتنفيذ الجزء الأكبر من مخططه الاستيطاني دون اي تصد يعيق طريقه داخليا كان أو خارجيا، وتمكنه من ضمان توطين اعداد كبيرة من أبناء مكونه في أراضي المنخفضات وفرضه سياسة الأمر الواقع، أقدم على التجرؤ بالإعلان عن سياساته الاستيطانية والمجاهرة بها عبر وسائل إعلامه المسموعة والمقروءة والمرئية، حيث قام بالإعلان عن عملياته الاستيطانية الأخيرة في بث تلفزيوني مباشر لموكب الناقلات التي أقلتهم لمواقع التوطين الجديدة في كل من منطقة (كركبت وتسني) في تحد سافر لأصحاب الأرض الأصليين.

ان خطوة الإعلان هذه تعتبر مرحلة تصعيدية جديدة في سياسة الاستيطان وهي ذات دلالات سياسية واضحة، يسعى النظام من خلالها لتقنين وفرض سياسة الهيمنة القومية والاستيطان بشكل علني ورسمي رغم أنف الشعب وقواه المعارضة، كما أنها محاولة منه لجس النبض للاستمرار قدما في استكمال مخططة الاستيطاني في وضح النهار على مرأى ومسمع من أهل الأرض، ولاستكمال مخطط الاستيلاء على كامل أراضي المنخفضات الإرترية وإحلال أبناء مكونه الاجتماعي مكان أهلها الأصليين.
وأمام هذا التحدي الخطير الذي ينذر بكارثة وطنية تهدد وجود مكون المنخفضات والذي سيترتب عليه تهديد خطير لوجود الكيان الإرتري برمته، يكون لزاما على رابطة أبناء المنخفضات قرع جرس الإنذار ودعوة كافة أبناء المنخفضات الإرترية وقواه الحية من تنظيمات ومنظمات وأفراد للنفرة والتصدي لهذا الخطر الماثل، كما نتوجه الى المكونات الإرترية المهمشة الأخرى والقوى الوطنية المناهضة للهيمنة القومية عامة للتضامن والتضافر من اجل تصعيد النضال والتصدي للنظام ومخططاته الهادفة للاستيلاء على الارض وتهديد وجود انسان المنخفضات الذي بادر باشعال فتيل الثورة في وجه المستعمر وساهم بسخاء بالنفس والمال في تحرير الوطن، ولايزال مستمرا في رفضه لسياسة الهيمنة القومية والإلحاق، وسوف يناضل كعهده للحفاظ على ارضه وهويته الثقافية ووجوده الانساني على ارض الآباء والاجداد.

ونعلن بأن الرابطة سوف تصعد من حملة التصدى للهيمنة القومية بجميع أشكالها من استيطان وتهميش ثقافي واقتصادي وغير ذلك، محليا وإقليميا ودوليا، كما أننا نؤكد حق مجتمعنا وشعبنا في النضال بكافة الوسائل المشروعة والمتاحة للدفاع لاسترداد حقوقنا ومصالحنا في الأرض وكرامة وعزة إنسانها كما أننا سنعمل مع كل من يناضل ضد الهيمنة من أبناء الوطن الإرتري.

وفي اطار متصل من النضال ضد الهيمنة القومية نعلن ادانتنا الكاملة لما اقدم عليه النظام الطائفي مؤخرا في قمعه الجائر للمظاهرة السلمية لحرائر المنخفضات الشرقية بمنطقة ( بَدَّه) في إقليم العفر، اللواتي ثرن دفاعا عن قوتهن اليومي الذي يسرق من بين ايديهن من قبل قوات النظام، والاعتداء عليهن بالضرب المبرح بشكل غير انساني إمعانا في سياسة التجويع والقهر الممنهج لإخلاء الارض من ساكنيها بهدف الاستحواذ والهيمنة على كامل الثروات الطبيعية التي تذخر بها، كما نعلن عن اعتزازنا وفخرنا بموقفهن البطولي ضد الهيمنة القومية ونشيد بدورهن ونناشد كافة أبناء المكونات الأخرى والقوى الوطنية لإدانة وشجب هذا الحدث الذي يعتبر اعتداءً على الحق الإنساني في الوجود والعيش الكريم على أرضه، وتصعيد حملة التصدي، ورفع الحادثة للهيئات والمنظمات الدولية لضمها لسجل النظام الإجرامي بحق الشعب الإرتري، الأمر الذي يجب أن لا يمر دون محاسبة ومساءلة قانونية.

في الختام، لا يفوتنا ان نحذر من مغبة هذه السياسيات، وعلى كل الحادبين على المصلحة المشتركة من أبناء قومية التجرينية أن يدينوا هذه السياسات ويقفوا جنبا الى جنب مع بقية مكونات الشعب الارتري من اجل بناء دولة العدل والقانون والمساواة وتقاسم عادل للثروة والسلطة في ظل نظام يمثل التعدد ومصالح جميع المكونات.

عاش نضال الشعب الإرتري.

السقوط لنظام الهيمنة القومية.

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار.

رابطة أبناء المنخفضات الإرترية – المكتب التنفيذي

01/12/2016

شاهد أيضاً

البيان الختامي لاجتماع الجمعية العمومية لرابطة أبناء المنخفضات الإرترية 22 أبريل و 6 مايو 2023 م

انعقد اجتماع الجمعية العمومية (المؤتمر) الثاني لرابطة ابناء المنخفضات الارترية تحت شعار (نحو التوافق على …

تقرير أخباري عن ندوة رابطة أبناء المنخفضات الإرترية -استراليا-ملبورن

أقامت رابطة أبناء المنخفضات الارترية – فرع استراليا مساء السبت الموافق 11/02/2023م بالقاعة الرئيسية في …

الأمسية الثقافية لرابطة أبناء المنخفضات الإرترية-أستراليا – فرع أدلايد

أقام فرع الرابطة بمدينة أدلايد بتاريخ 28 يناير 2023 أمسية تراثية ثقافية، حيث تم عرض …

تعليق واحد

  1. للأسف الشديد هذا حصل بسبب انقسامنا داخل وخارج ارتريا كمسلمين،لو كنا اتحدنا لما حصل هذا، وهم رقم اختلافاتهم متحدين لوصول الي أهدافهم،أين نحن من ذالك،القضايا لا تحل بالكلام علي المواقع والطاولات ولكن بالعمل،نحن كثر كلامنا وقل عملنا وهم عكس ،لا بد أن تستيقظ،نحن أمة عمل وليس أمة الكلام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *