الذكري التاسعة والعشرون
لرحيل أبو الدبلوماسية الإرترية :
الشهيد البطل//عثمان صالح سبي
————————–
المشهد الخالد :
لازال ذلك اليوم المشهود ذكراه عالقة في ذهني ، عندما احتشد آلاف المواطنون الأحرار حتي غاص بهم المكان في استاد كسلا ، رغم حداثة سني ، إلا أنه كنت أعلم تماما أن هناك قامات شامخة ومناضلون افذاذ اعتلو منصة استاد كسلا ، كان شهيدنا من بين هؤلاء ، ثالث ثلاثة ، غصن بين غصنين ، تعتليه الهيبة والمهابة ، مزدانة بوقار الكهول ، ونفس تتدفق ثقة وعزيمة ، وعينان تشعان ذكاء ، وعقل ذو حضور طاغي ، حكيم ، فطن، يختار عباراته بدقة متناهية ، خطيب مفوه، يأخذ بالالباب ، تتدفق العبارات عذبة من ثغره .
————————
السيرة الذاتية لأبو الدبلوماسية :
ولد عثمان صالح سبي في قرية حرقيقو وذلك في عام 1931م. والتـحق بمدرسة حرقيـقو التـي افتتحت سنة 1944 م وذلك على حساب المحسن الكبير صالح باشـا أحـمد كيكيا والـذي كـان من الأثرياء المرموقين في ذلك الزمان ، وكان مهتماً بالتعليم حيث أفتتح فصولاً للبنين والبنات فـي تلك المدرسة . كما أفتتح بها قسماً صناعياً . وفي هذه المدرسة فأن عثمان صالح سبي درس المرحلتين الأولية والمتوسطة. وعلى نفقة الباشا صالح كيكيا درس المرحـلة الثـانوية في أديـس أبابا ثم التحق بكلية المعلمين هناك أيضا وأتم بها الدراسة . وعند عودته من أديس أبابا تم تعيـينه أستاذا بالمدرسة التي درس بها في حرقيقو. وفي مطلع الخمسينات من القرن الماضي تم تعيينه مديراً لنفس المدرسة.
دور أبو الدبلوماسية الإرترية في التعليم :
أثناء دراسة سبي في أديس أبابا تعرف على الكثيـرين من أبـناء القـوميات المقـهـورة والمهمـشة في أثيوبيا مثل الأورومو ، الهرريين ، الصومالييـن وغـيرهم. وبالتعـاون بيـنه وبينـهم فـقـد قاموا بتأسـيس ” جمعية العروة الوثقى ” للدفاع عن حقوقهم. وفي هذا المناخ بدأ ينضج وعيه السياسي . وهو ومن كانوا معه كتبوا عهداً وميثاقاً بدمائهم ، وهو عبارة عن مبادئهم للدفاع عن حقوقهم وكان من بينهم شقيقه محمود سبي . كان عثمان سبي مهتماً بالتعليم منذ أن كان أستاذا ومديراً بمدرسة كيكيا باشا في حرقيقو. وعندما رأى بأن فرص التعليم في إرتريا شبه معدومة نتيجة السياسة الأثيوبية فأنه شرع في تهريب بعض طلابه من قرية حرقيقو إلى مصر . وكان يبعث بهؤلاء الطلاب إلى السودان سراً ، حيث يقوم الأخوان المسلمون هناك باستقبالهم وتسهيل مواصلة سفرهم إلى مصر من أجل التعليم . وكان الأستاذ صادق عبد الله عبد الماجد زعيم الأخوان المسلمين بالسودان أطال الله في عمره على علاقة بعثمان صالح سبي منذ أيام ” العروة الوثقى ” وكان يقوم باستقبال هؤلاء الطلاب وإيوائهم ومن ثم مساعدتهم لمواصلة سفرهم إلى مصر. ومن طلابه الذين كان قد بعث بهم إلى مصر آنذاك فبعضهم قد رحل عن الدنيا والبعض لازال على قيد الحياة ، وآخرون منهم يعملون حالياً في مفاصل دولة إرتريا المستقلة.
=
التحاق أبو الدبلوماسية الإرترية بالثورة والثوار :
التحق الشهيد عثمان صالح سبي ، بعد أن نضج فكريا وسياسيا بالثورة والثوار في العام 1962 من شهر ديسمبر ، وكانت نقطة الانطلاق مدينة كسلا بمعاونة المناضل الكبير / محمد ادم أمير لونقي متعه الله بالصحة والعافية ، ممتطيا جملا اورق ، كما يذكر ذلك المناضل الجسور محمد ادم أمير لونقي ، وكانت نقطة الوصول ناحية برقشبش ، عندما كان قائد الثوار محمد ادريس حاج ، فالتقي حينها ولأول مرة برموز الاورطة الشرقية .
كان المناضل الشهيد عثمان صالح سبي دعامة أساسية من دعامات هذا الوطن ، وكان له دورا كبيرا في إثراء الساحة السياسية في الداخل ، ودورا رياديا وقياديا في إرساء المشهد السياسي الدبلوماسي خارجيا لما كان يتميز به من لباقة وحنكة وحكمة بين أقرانه ، فهو يستحق لقب أبو الدبلوماسية الإرترية بجدارة ، هذا فضلا عن دوره في إثراء المكتبة الإرترية بالمؤلفات القيمة .
رحيل أبو الدبلوماسية الإرترية :
في يوم 4 من شهر أبريل من العام 1987 رحل عن دنيانا الفانية ، رجل عرفته وخبرته الساحات العربية والدولية بمجملها ، افني جل عمره مكافحا ومنافحا ومناضلا ومجاهدا من أجل قضيته العادلة ، قد وريه جثمانه الطاهر في مقابر السادة المراغنة بالخرطوم بحري وكتب علي قبره علي أنه وديعة .ألا رحم الشهيد عثمان صالح سبي بقدر ما أعطي لوطنه وشعبه.
صورة اذكارية للرعيل الاول رفاق القائد الشهيد حامد ادري عواني 1962م
صورة تذكارية للزعيم الراحل عثمان صالح سبي مع مجموعة من الرعيل الاول اثناء انعقاد اول لقاء له مع المقاتلين في منطقة (برقشيش) 1962م