مقابلة مع الأستاذة آمنة فكاك، مسئولة الشئون الإنسانية برابطة أبناء المنخفضات الإرترية ـ الجزء الثالث

حاورها عبر الأثير محمود عمر أفندي

  1. هناك الكثير من التحليلات حول اتفاق السلام المزعوم بين أفورقي و أبي أحمد والذي لم ير المواطن الإرتري أي أثر منه على أرض الواقع، بل إن تصريحات رأس النظام وتصرفاته توحي بأنه يريد إعادة عجلة التأريخ للوراء بإعادة إرتريا إلى هيمنة إثيوبيا بعد كل تلك التضحيات الجسام والثمن الباهظ الذي دفعه الشعب الإرتري من أجل أن يعيش حرا مستقلا. كيف تقرئين هذا المشهد الذي حير المحللين والمتابعين، وعلى وجه الخصوص المواطن البسيط المغلوب على أمره؟

إرتريا دولة ذات سيادة وعضو في كل من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، ضحى شعبها بالغالي والنفيس لتحريرها واستقلالها، بالتالي فإن الغاء هذه الحقيقة أمر غير ممكن من الناحية القانونية، ورغم محاولات نظام الهيمنة القومية في إرتريا الذي تنكر لتلك التضحيات وخان أمانة الشهداء وجعلها دولة فاشلة بكل المعايير، إلا أن حلم ضمها إلى إثيوبيا وإعادتها إلى ما كانت عليه قبل التحرير يعتبر من سابع المستحيلات، ما دام الشعب الإرتري موجودا، وما زال يقاوم هذا النظام الغاصب.

ومن المفارقات  الغريبة مرت العملية في إثيوبيا عبر القنوات الدستورية ومصادقة برلمانية، وعلى النقيض  كان يمثل  أفورقي الطرف الإرتري لوحده  ودون علم حكومته وشعبه، كما أن هذه العملية لم تغير من حالة البؤس واليأس والاضطهاد وانتهاك حقوق الإنسان وهدم الحريات، بل زادت الطين بلة وضربت عرض الحائط  بتبريرات حالة الحرب التي كان يتعلل بها أفورقي خلال السنوات التي سبقت السلام المزعوم بل تضاعفت في تلك الفترة معاناة الشعب أكثر من أي وقت مضى حيث تضاعف عدد الهاربين من جحيم أفورقي إلى معسكرات اللجوء في إثيوبيا والسودان بأعداد كبيرة وعلى شكل أسر كاملة، وأيضا لم يتوقف مسلسل الاختطافات والاعتقالات وممارسة كافة الجرائم غير الإنسانية بحق الشعب الإرتري .

  1. ما هو مدى وعي المرأة الإرترية المثقفة بالدور الذي يلعبه نظام الهقدف في تشويه وطمس الوجه الثقافي لمكونات التعدد الإرتري، من خلال استخدامه المسيء للمرأة الإرترية في وسائله الإعلامية، وفي بعض الأعمال الدرامية والفنية عامة؟

كما هو معلوم إن الفن هو رسالة مؤثرة في تفكير الإنسان المتلقي، من حيث إنها تطور وتهذب من سلوكه العام، وتشحنه بالطاقة الإيجابية التي تعزز دوره في مجتمعه، وهو بهذا الاعتبار أحد مصادر التربية والتوجيه في المجتمع. من هنا تأتي خطورة استخدام الفن في تشويه قيم المجتمع والإضرار به. وتزداد هذه الخطورة إذا تيسرت الأدوات والوسائل التي تمكن المضامين الفكرية السالبة من غزو العقل البشري عبر الفن، من خلال التأثير على حالة اللاوعي للإنسان وتحويله إلى تابع، خاصة إذا لم يكن يحمل من الثقافة والفكر ما يمكنه من مقاومة تلك المضامين.

 إن ما نراه من حالات الهروب المتكررة للفنانات الإرتريات كلما سنحت الفرصة، هو دليل وعي المرأة الإرترية بما يجري حولها، وتعمل جاهدة لإفشال أهداف النظام المدمرة للإنسانية، من خلال استخدامه للفن في مضامين سلبية وهدامة لمبادئ وعادات وتقاليد المجتمعات، ولا يمكن معالجة ما يجري إلا بنشر الوعي من خلال التواصل الاجتماعي وحضور المؤتمرات لفضح   النظام الجائر في كافة المحافل الدولية.

  1. ماهي قراءتك لواقع النظام ومآلاته، خاصة مع التخبط الذي يعيشه رأس النظام وتدخلاته في شؤون دول الجوار تصريحا وتلميحا، وكذلك نبرة الفشل التي تحدث بها مؤخرا؟

كما هو معلوم، إن تاريخ الحكام والأنظمة المستبدة يشهد على حتمية زوالها، وذلك نتيجة لمعاداتها لحقوق الشعوب ومصالح مكوناتها المتعددة، وإن ما يقوم به النظام من تدخلات في شئون دول الجوار هو الخوف من دخول نظامه في مزيد من العزلة من خلال ما تشهده منظومات الحكم في المنطقة والعالم أجمع من تحولات جوهرية تنزع لوأد منظومات الحكم التي كانت سائدة، والتأسيس لأنظمة جديدة تقوم على قاعدة الاعتراف المتبادل بتعدد الحقوق والمصالح وبالتالي بناء دول العدالة والمساواة التي تضمن عدالة توزيع السلطة والثروة بالتساوي بين الجميع.

إن نظام الهيمنة القومية في إرتريا حتماً سيزول قريبا بإذن الله، وإن شعبنا سائر إلى مجابهة حالة الإذلال والاستعباد التي مورست ضده بشكل عام. أما نبرة الفشل في حديثه الأخير فهي في اعتقادي حالة هروب للأمام للحفاظ على نظامه حتى لو أدى ذلك إلى ما لا تحمد عقباه من بيع تضحيات شعبنا ونضالاته الجسورة للغير.

  1. كيف توفق الأستاذة آمنه بين العمل في الرابطة والالتزامات الأخرى؟

يعد الوقت مقياس للزمن وهو مهم جدا في حياة أي شخص، لأن ما يمضي منا لا يمكن استعادته. لذلك أحاول بقدر الإمكان تنظيم وقتي، فمثلا أحدد الأهداف التي يجب تحقيقها يوميا، أرتب الأولويات حسب أهميتها، واعتمد على العمل الجماعي حيث أفوض الزملاء لينوبوا عني أحيانا في أداء المهام المنوطة بنا.

  1. كلمة أخيرة تودين قولها في خواتيم هذا الحوار.

أقول حان الوقت لتضافر الجهود والقضاء على نظام الهيمنة القومية والإقصاء، وإبعاد شبحه الذي وصل ذروة فساده وأنتج دولة فاشلة آيلة للسقوط في أي لحظة. من هنا يتوجب على كل أصحاب المصلحة أن يسعوا إلى التوافق على برنامج الحد الأدنى للحفاظ على هذا الوطن من الضياع، ويؤسسوا لبناء نظام حكم رشيد عبر إدارة التنوع الإرتري بشكل سليم، وذلك بالتوافق والتراضي على عقد اجتماعي يفضي إلى ميلاد وطن يسع الجميع.

في الختام أستاذة آمنة باسمي ونيابة عن هيئة تحرير مجلة الناقوس أتقدم لك بوافر الشكر والتقدير على إعطائنا هذه المساحة من وقتك عبر هذا اللقاء الهادف والمفيد .

 

نقلا عن مجلة الناقوس الثقافية العدد السادس

شاهد أيضاً

مواضيع مجلة الناقوس – العدد العاشر- شخصية العدد

الشهيد سليمان ادم سليمان.. عاش انسانا ومناضلا.. أعده / الأستاذ محمود أفندي تغوص بك عزيزي …

من مواضيع مجلة الناقوس العدد التاسع – الملف الثقافي

قصة قصيرة دروب مجهولة (٢) بقلم أبو محمد صالح  صمت الجميع، صمت أعقبه صراخ، الكل …

مواضيع مجلة الناقوس العدد التاسع-الملف الثقافي

مَن الذي اخترع الربابة البجاوية.. ولماذا اسماء اوتارها بالبداويِّت وليست بالتقرايت؟ بقلم عبد العزيز ابراهيم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *