سجون أرترية بمواصفات قبور( 1)

 

eritrean prisoners21

علي عافه إدريس  

 

       احياء ذكرى من تم أختطافهم وتغييبهم وأبقاءهم حيين في ضمائرنا هو أقل الواجبات التي نقدمها لهم ، حملة الاختطاف والتغيب بتاريخ 14/4/1992م كانت البداية الفعلية لما تلتها من حملات  أكثر بشاعة وأشد قسوة ، عمت كل البوادي والحضر  .. كرن ، مصوع ، قندع ، أغردات ، فتخصص السجانون في سجن واختطاف أنبل طبقات مجتمعنا رعيلنا و شيوخنا ومعلمينا وطلبتنا  و يذهلنا عندما نعلم أن ثلاثة وعشرين عاما مرت ونحن لم نقدم ما نريح به ضمائرنا ، فكل شيء في حياتنا أصبح بلا هدف نصل إليه.

 نتأسف لكم أيها القابعون تحت الأرض ، فالجريمة الماثلة شاملة وهي جريمة تنتهك إنسانيتكم وإنسانية كل من ينتمي لهذا الوطن ، وهي أيضاً جريمة وطنية لا تغفرها كل الشرائع ، جريمة وضعتنا نحن المنتمين للوطن الأرتري أمام إختبار كبير فشلنا فيه حتى الآن.

   لم نملك في هذه العجالة إلا أن نحدث الأحياء من بني قومنا في أمر قبوركم الرطبة التي تفوح منها رائحة الموت ، نحدثهم عن قبور يقبع فيها اخوة لنا وهم أحياء ، إخوة لنا شاء حظهم العاثر أن ينتموا لبلد اسمه أرتريا ، نحدثهم عن أمر مخجل ، عن أننا لم نجد من الملايين الخمسة من يكلف نفسه حتى البحث عن أماكن احتجازكم ناهيك أن يسعى لفك أسركم ، نحدثهم أننا لم نجد من يتحدث عن قبوركم سوى الأستاذ أمير بابكر الذي نقلنا من مذكراته(الغولاغ الأرتري) معظم ما سيرد في هذا المقال عن أماكن وجود سجون المخابرات الأرترية ، لهذا قبل أن أبدأ في التعريف بالسجون التي عرّفنا بها الأستاذ أمير بودي أن أقول كلمة في حق هذا العملاق الذي رغم المعاناة والألم الذي سببته له الحكومة الأرترية ظل محتفظا بوعيه الكامل في الفصل بين الشعب وحكومته ، بل كان خير مدافعا عن الشعب الأرتري وعن معاناته ، كذلك ظل في وعيه الكامل طيلة  فترة سجنه محتفظا بقدرته على الاستقصاء وجمع المعلومات ، لهذا جمع لنا الكثير من المعلومات عن سجون المخابرات الأرترية وما يعانيه فيها  الانسان الأرتري ، و ظل طيلة فترة سجنه ورغم المعاناة محتفظا بقدرته التحليلية و وعيه السياسي والاجتماعي الذي مده بقوة تفسير الأشياء  والظواهر ، لهذا لا نملك الا أن نتوجه بالشكر الجزيل للأستاذ أمير بابكر رغم أننا نعرف أن ذلك لا يوفيه حقه علينا إلا أننا لا نملك غيره ، كما أتوجه بالشكر للإخوة في منبر الأرتريين في الخليج على حملة الأحرار وفاءا لأسرى الظلم والطغيان ، كذلك أتوجه بالشكر لإخوتي وأخواتي الصغار في أعمارهم الكبار بهمتهم مهاجر أحمد و ود سيدنا و ريم مدر الذين كثير ما ينبهوني لمّا يفوتني نتيجة لضعف متابعتي للفيس بوك.

     للسجون في أرتريا قصة طويلة لا تنتهي لكن المؤسف أن يكون ما شيد منها في عهد الاستعمار المتعاقب أرحم من الذي بني في عهد الدولة الوطنية ، ففي عهد الاستعمار الايطالي كان سجن كارزما موسليني وسجن نخرة هما الأسوأ   سمعة ، وفي عهد الاستعمار الاثيوبي سجن سمبل بأسمرا وسجن عدي خالا كانا الأسوأ إلا أنه رغم سوءهما الذي كان ، أصبحا أشبه بفنادق خمسة نجوم إذا ما قورنا بالسجون التي بنيت في عهد الدولة الأرترية ، فحاويات البضائع الحديدة والحفر التي تتخذ سجون لا يمكن مقارنتها بأي حال من الأحوال بأي سجن بنيّ فوق الأرض ، وإذا علمنا أن تلك الحاويات والحفر موجودة في المناطق الأعلى في درجة حرارتها تكون الجريمة أفظع وأشنع مثل ويعا وقلعلوا وقحتيلاي والأقل منها ببضع درجات مثل سهول بركة والقاش ، وأخرى في عيراعيرو وعدي ابيتو وعدي نفاس وماي عداقا وبارنتو ، وما يؤسف له حقاً أننا لم نجد من هو في همة أمير بابكر ليزودنا بمعلومات عن كل تلك السجون التي ذكرنا لهذا سنكتفي بالقليل الذي نعرف عن بعض السجون والكثير الذي زودنا به الأستاذ أمير بابكر ، لهذا نقلنا معظمه بالنص والقليل منه بتصرف.

eritrean prisoners22

  • البيوت المستخدمة كسجون في أسمرا:

     غير السجون  المعروفة للعامة والتي كانت من عهد الاستعمار الأثيوبي ، هناك الكثير من البيوت التي تستخدم كمعتقلات في مدينة أسمرا، بيوت متفرقة في عدد من أحياء المدينة تستخدمها الاستخبارات الأرترية، وهي معروفة للعديد من المواطنين وغيرهم. أشهرها ذلك البيت الغريب البنيان خلف ساحة الأول من سبتمبر الذي تنطلق منه صرخات المعتقلين في الساعات الأخيرة من الليل , و سجن آخر هو عبارة عن فيلا فاخرة في حي (Space 2000) ،  وفيلا فاخرة أخرى تقع في حي ترافلو يقول عنها الأستاذ أمير بابكر((المبنى يقع في حي “ترافولو” أحد أرقى أحياء العاصمة ، الذي كان  يسكنه في السابق جنرالات الجيش الأثيوبي في الفترة ما قبل التحرير، وهو مبني بفخامة ومزين بالزجاج يوهم من يراه من الخارج بأنه يخص أحدى الشركات الإستثمارية. مقابل الواجهة من الداخل مكاتب للضباط ومكاتب للتحقيق. ويواصل محدثي، أما من الجهة الغربية داخل المبني فيقوم حائط عالي في وسطه بوابة كبيرة تفضي إلى موقع الزنازين الأول وهي عبارة عن ثماني زنازين رئيسية مداخلها جنوبية وتطل على ساحة كبيرة نسبياً ، جنوبها تقع أربع زنازين أخرى لابد من المرور بباب صغير للوصول إليها خلفها مباشرة ساحة بذات حجم الأولى. أما من الناحية الشرقية فتوجد بوبابة تفضي إلى أربع زنازين أخرى.

   كل رواد هذا المبنى من المعتقلين هم ينتمون للجيش الأرتري، إما من قدامى المناضلين او من الذين خضعوا للتجنيد حديثاً. وارتبط هذا الموقع بالحرب الأخيرة بين إرتريا وإثيوبيا والتي من تداعياتها غير حالات الجنون التي بدأت تظهر بشدة في شوارع العاصمة أسمرا وغيرها من المدن وبين الشباب خاصة الذين خاضوا غمار الحرب ولم يحتملوا ضجيج مدافعها ، وغير حالات الفقر التي قادت إلى ظاهرة التسول بكثرة أيضاً في كل المدن ، كانت واحدة من تداعياتها هي الإعتقالات وسط العسكريين والإعدامات التي طالت العديدين)).

  • سجن تراكبي :

      يقع سجن تراكبي في ضاحية في الجزء الجنوبي الغربي للمدينة، وهو عبارة عن رقعة مسورة بالسلك الشائك ، أمام بوابتها غرفة صغيرة من الزنك يحتلها بقية أفراد خدمة البوابة وداخل السور – الذي يطوق أرض تتجاوز مساحتها الأربعة أفدنة- سقيفة من الزنك لاتتجاوز المساحة التي تظللها أكثر من 16 متر مربع (هذا حين ينتصف النهار) ، ويقع هذا السجن بجوار ورشة لصيانة الآليات المدرعة التي تتبع للجيش الأرتري وموقع لأجهزة بث إذاعي ولاسلكي ، على مشارف ضاحية “غوشيت”. الناظر إليه لا يرى سوى أرض منبسطة يقوم عليها ما وصفته الآن فقط . أما ما يدور تحت الأرض فهو شيء آخر حيث تقوم عنابر ضخمة تسع الواحدة منها لمئات المعتقلين من الجنود والمواطنين الأرتريين ، كما تقوم إلى جانبها العديد من زنازين الحبس الانفرادي وغرف التعذيب ، يصاحب كل ذلك أمراض السل والتقيحات الجلدية والتيفويد والروماتيزم ، فيما يجد القمل متعته رغم فقر دم المعتقلين وضعفه نتيجة سوء التغذية.

eritrean prisoners11

  • سجن هيكوتا :

     المعلومات المتوفرة عنه أنه سجن تحت الأرض كسائر سجون المخابرات الأرترية ورد ذكره بدون تفاصيل كثيرة في مذكرات الأستاذ أمير بابكر الغولاغ الأرتري حيث يقول عنه((واصلت الشاحنة مسيرتها بعد حوالي الساعة لنصل إلى مشارف مدينة هيكوتا ويطلب من الجميع النزول لنسلم إلى معسكر اعتقال مسور بالشوك تديره استخبارات المنطقة وقال لي أحدهم أن هذا موقع انتظار نغادره الصباح ، فيما اقتاد حراسنا بعض المعتقلين إلى منطقة أخرى سيراً على الاقدام ، إلى أين؟ إلى حيث سيقضون عقوبة مجهولة مدتها تحت الأرض في منطقة هيكوتا)).

  • سجن كيرو:

     هو واحد من أشهر سجون المخابرات الأرترية السيئة السمعة ، وأهم ما هو مشهور به (أن الداخل فيه مفقود)، ففيه تمت الكثير من عمليات تصفية المعارضين الأرتريين ، الذين استطاعت القوات الأرترية اعتقالهم ، حسب روايات عديدة كانت أشهرها اولئك الخمسة –وهم جميعهم من أبناء التقري- الذين تمكنوا من الهروب في غفلة من الحراسة في يوم انخفضت فيه الرؤية نتيجة للغبار العالق، ولكن تمكنت المجموعة التي لاحقتهم من اصطيادهم واحداً تلو الآخر ، وعند عودتهم ، بعد أن قاموا بدفنهم في مواقع اغتيالهم ، ورفع تقريرهم للمسؤول الأعلى سألهم :”هل تعلمون شيئاً عن هؤلاء؟؟” وأجابهم بنفسه :”لا.” وحتى الآن لا يعلم عنهم وعن غيرهم – من الذين لاقوا ذات المصير- أحداً. وهؤلاء فروا لأنهم يعلمون أن مصيرهم الموت ، بعد رحلة التعذيب الذي ذاقوه ، وإن هم حاولوا الهرب ربما ينجحون ويكتب الله لهم حياة جديدة ، لا يختلف سجن المخابرات الأرترية في “كيرو” عن غيره من سجونها في المناطق الأخرى ، ولكنه يتميز عنها بكثرة سراديبه ومتاهاته التحت أرضية. وأن عمليات التعذيب فيه تتم تحت الأرض واحياناً في الهواء الطلق وفي منتصف النهار.

  • سجن منطقة “ملوبير”:

     ورد ذكره في مذكرات الأستاذ أمير بابكر دون تفاصيل حيث قال ((كنا قد وصلنا في الخامسة من مساء يوم أمس، بعد آخر محطة توقف في سجن منطقة “ملوبير” كما بقية السجون التابعة (حصرياً) للمخابرات الأرترية، وبعد أن ترجّل بعض من المعتقلين حيث انتهت رحلتهم هناك. وها نحن قرابة الخمسين شخصاً وجدنا انفسنا داخل سور سجن “أدر سار” الشوكي وقد أزالوا القيود عن أيادينا.))

  • سجن “أدر سار”

      سجن “أدر سار” يحتل مساحة كبيرة، حيث تقوم على أرضه مباني ثابتة تخص إدارة السجن تجاور بعضها وأخرى من الأحجار الصخرية المرصوصة بعناية ومسقوفة (بالسعف) ، وهي عبارة عن ثكنات لطاقم إدارة السجن وفصيلة الحراسة التي تتناوب جماعاتها على حراسة السجن والسجناء أثناء حركتهم اليومية ، إضافة لذلك تقوم بعض المباني من الزنك تستخدم كمخازن ، وهناك في أطراف السور الشوكي يقوم مطبخان من القش ، يستخدمان لتجهيز وجبتي المعتقلين والسجناء، تقف أمامهما أعمدة خشبية طويلة (مصنوعة من سيقان الأشجار) يجلس أعلاها من عليه المناوبة لمراقبة الحركة داخل السور الشوكي ولا ينزل إلاّ في المساء.

    أما المعتقلون والسجناء إنهم تحت الأرض. يقول الأستاذ أمير بابكر وهنا لا يمكن أن نقول (تقوم) ، لأن حقيقة الأمر أنه تستلقي ثلاثة عنابر ضخمة تحت الأرض واثنتي عشرة زنزانة انفرادية ، إضافة لزنزانة جماعية تحتمل حوالي الأربعة أشخاص ، ولكنها حين يمتلئ السجن (والنفوس تطايبت) تحتمل أكثر من العشرة ، وهذه الزنزانة تستخدم عادة (للنساء والفتيات). والمباني (التحت أرضية) لا يمكن لزائر رؤيتها من الوهلة الأولى ألاَّ إذا دقق النظر ملياً ، حيث ترتفع سقوفها عن ظهر الأرض عدة سنتميترات ، من الناحية الشمالية و الشرقية للسجن تمتد سلسلة جبلية ضخمة تبعد حوالي الاثنين كيلو متر عن السور الشوكي ، فيما تقع مباني رئاسة حرس الحدود وثكناته من الناحية الغربية والجنوبية الغربية ، وأقرب مبنى ــ على مسافة كيلو متر واحد ــ هو الاستراحة الفخمة التي يقيم فيها الجنرال تخلي منجوس عند زياراته للمنطقة.

     أما عن تجربته في دخول سجن أدر سار يقول الأستاذ أمير بابكر ويمكن الاستفادة مما قاله في وصف أوضاع السجن ((قذفوا بنا ذلك المساء ، بعد أن تم توزيعنا إلى مجموعتين ، في العنابر المستلقية تحت الأرض. تلفت حولي محاولاً اختراق الفراغ ، الذي يلفه ضوء باهت ، ببصري لتتجسد لي الأشكال الهلامية كبشر وأستطيع تمييز بنياتهم وأماكن وجودهم. موجودون في كل سنتميتر داخل العنبر، لا تكاد قدم قادمة تجد لها موطئ. بالكاد وجدت لي شبراً ، أمرنا قائد الجماعة ، وهو يحمل عصاة طويلة يهدد بها شيء غير محدد ، أمرنا بالجري إذا كنا نريد الخروج إلى الغائط. كان على مجموعتنا أن تسير، بعد رحلة الجري ، في أربعة صفوف حتى يسهل أمر مراقبتها وهي في طريقها إلى الخلاء ، حيث التبرز الجماعي قرب السلسلة الجبلية. ليبدأ الطابور اليومي بعد أن يكون الواحد منا قد (أخذ راحته)  بالكاد ، حيث يتجه الجميع إلى أعلى الجبل ، يحمل الواحد منا صخرة ليعود بها إلى معسكر الاعتقال أو إلى حيث يأمره الحرس. ولأن اليوم أحد فلن تتكرر هذه العملية إلاَّ مساءاً حين رحلة الخلاء الثانية المسموح بها للتبرز)).

  • سجن تسني :

     سجن المخابرات في تسني ، هو مجرد محطة يعبر بعدها المعتقلون إلى سجون أخرى. ولكنه اشتهر بممارسة التعذيب وعلى سيء الحظ الذي يدخله أن يقر في خاتمة المطاف بأنه قام بارتكاب التهمة الموجهة إليه وعليه أن (يُفَرِّمْ) –أي أن يوقع أو يبصم أو الاثنين معاً ــ على ذلك ، يواصل أستاذ أمير بابكر حديثه عن سجن تسنى واصفا أوضاع تخليس الذي مر بسجن تسنى فيقول: (كان على تخليس أن يوقع ويبصم على انه حاول تهريب بعض المواطنين الأرتريين عبر الحدود إلى السودان ، تحت الضغط والتعذيب. “كانوا يجلدونني بخرطوش، ومرات بسلسلة حديدية ، واحياناً يتم ربط يدي من الخلف وتعليقي على (عرَّاضة) بحيث تلامس أطراف أصابع قدمي الأرض بالكاد. بعد مرور الشهرين كان لابد أن أوقع عسى أن تتوقف معاناتي ويقدموني لمحاكمة”.

  • سجن عريرب :

       سجن منطقة عريرب سجن قديم من عهد النضال ، يقول عنه الأستاذ أمير بابكر(منطقة عريرب التي أنشأت فيها الجبهة الشعبية واحد من أشهر سجون مخابراتها ـ منذ أيام النضال ـ والتي تتواجد فيه فرق الاعدام التي تنفذ في معارضيها دون محاكمات.)

  • سجن أم هميمت:

       سجن مؤقت في منطقة أم هميمت تابع للمخابرات يقع بالقرب من مطار شيده الأثيوبيين لطائراتهم العسكرية ، يقول عنه أستاذ أمير: تبدأ منه رحلة الجحيم إلى سجن تراكبي في أسمرا مرورا بسجن تسني.

  • سجن نخرة :

      كتب الأستاذ  أمير بابكر الكثير من المعلومات التي جمعها من أحد سجناء سجن نخرة لهذا يقول:(( يعتبر السيد “مالطا” سجن “أدر سار” نزهة ، رغم ثِقلها ولكنها لا تضاهي سجن “نخرة”. بنى الإيطاليون سجن “نُخْرَة” في إحدى الجزر الصغيرة في أرخبيل على البحر الأحمر إبان فترة إستعمارهم لإرتريا ، التي كانوا يعتبرونها إحدى الأقاليم الإثيوبية وقتها. وكان يعتبر منفىً للذين يناهضون الوجود الإيطالي وموقع لممارسة الضغط والتعذيب بعيداً عن أية أنظار. وجدته المخابرات الأرترية مناسباً لها لتمارس فيه ذات الغرض الذي بني من اجله ، أهم ميزتين يتمتع بهما سجن “نُخْرَة” عن غيره من سجون المخابرات الأرترية، أولاهما الرطوبة العالية والحرارة الشديدة خلال أشهر الصيف ، ومعروفة طبيعة طقس شواطئ البحر في هذا الفصل من السنة ، أما الثانية فهي الإستاكوزا. والإستاكوزا هي من القشريات البحرية وهي من فصيلة السرطان والكابوريا. وعادة ما تخرج إلى الشواطئ الصخرية عندما يحل الليل وتكثر في الليالي المقمرة. وهي تطلق أصواتاً أشبه ببكاء الأطفال مما يثير الربكة في نفوس السجناء والمعتقلين.

     معظم سكان إرتريا يجهلون البحر وطبيعة كائناته، حتى أن علاقاتهم بالوجبات البحرية وعلى رأسها الأسماك بدأت في فترة متأخرة جداً، لذلك عانى السجناء ــ ولازالوا ــ من هذا البكاء الذي يشق الصدور ويدفع إلى اليأس، بل قاد بعضهم إلى الإنتحار أو محاولته. إنهم يجهلون تماماً مصدر تلك الأصوات المليئة بالطفولة وهي تكاد تصم آذانهم ، لأنهم لا يخرجون ليلاً من زنازينهم أو عنابرهم ، هذا ما ذكره لي السيد “مالطا” واكده لي ، رفيق رحلتي من سجن “تراكبي” إلى سجن “أدر سار”، يوناس الذي يعمل كجندي في القوات الأرترية واعتقلته المخابرات لعدة أشهر في سجن “نخرة” قبل أن يتم ترحيله إلى “تراكبي” ومن ثم الرحلة المعروفة التي رافقته – ضمن الآخرين – فيها)) .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

للتواصل aliafaa@yahoo.com

  1. مقال سبق وأن تم نشره في 14 أبريل 2013م.

شاهد أيضاً

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الثاني أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي متابعة : ماذا حدث لك بعد نجاح العملية …

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الأول أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي   تحاور مجلة الناقوس المناضل الكبير عبدالله سعيد …

شخصية العدد- المناضل المغييب محمد عثمان داير (الناقوس العدد 11)

       المناضل المغيب / محمد عثمان داير                   …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *