انه عاريا تماما

بقلم / محمد ناود

وانا اتابع متوالية سلام الدكتورأبي أحمد وتبعاتها وما رافقها من زيارة الرئيس اسياس افوارقي الى اديس أبابا وكل الطقوس التي عبر من خلالها، ابتداء من ذلك الحشد المأهول والغير مسبوق وهو ينبض بين جانبي الطريق وخطابته وارتداءه لتلك العباءات والقفاطين المذركشة، وما تتركه من أثر في نفسية المحتفى به والتي تجعل الذات في اقصى درجات نرجسيتها وتفقد السلام المنشود الوقار والحشمة ويبقى لسان الحال ( هذا وبس والباقي خس ) ! تذكرت قصة قصيرة للكاتب الدنماركي هانس كريستيان أندرسن ( ملابس الامبراطور الجديدة ).

القصة تدور حول ملك مولع بارتداء الملابس الفاخرة والجديدة ويتباهى بها جدا حتى يقع ضحية نصابان اقنعاه بخيطة ملابس لا يراها الحمقى ومن ليس هو كفء لمنصبه من الوزراء، فخرج عاريا مكشوفا على رعيته وهو يظنه أنه يرتدي افخم الملابس ..

هذه هي المقاربة التي يمكنني من خلالها قراءة ذلك الحدث ما يستتبعه من نتائج، فالسلام الذي لا يكون مقرون باستحقاقات داخلية جوهرية وحقيقية تعيد الامور الى نصابها وتشرك الشعب والجمهور في حيثياته وآليات ارسائه وتفهماته وتعرفه الى بنود واشتراطات هذا السلام هو سلام شفاف كملابس الملك الجديدة يقر بها الحمقى وبائعي الضمير ( لانهم سواسية في العري .. وفي الهوى سوا ) لا يستر واقع الحال ولا عورة النظام المكشوفة دوما .

وما نشاهده اليوم من أقلام ترحب بمبادرة السلام الاثيوبية الارترية وتكتفي باستجداء هوامش مطلبية لا تلبي العدالة الحق للشعب الارتري، ولا تشترط على النظام تغيير عقليته بشكل جذري تواءم واجواء السلام الحقيقية ، وتعتبر أن أقصى الكفاية المطلبية للشعب تتحقق بهذه المبادرة هي تبرئة للنظام من ممارساته الشوفينية والقمعية واتفاق في العري وممارسة حقيقية للحماقة في صورتها الواضحة التي تعبر عنها قصة اندرسن .. فالعري هنا يتجاوز حضوره المباشر في الفهم والذي يتمثله الجسد الى الانماط والسلوك والعقلية التي لا ترى في سلام أبي احمد اكثر من بارقة أمل وانفراجة للعزلة التي وضع النظام نفسه فيها، وسانحة زمنية جديدة للاستمرار بعقلية عارية من اية فضيلة يمكن ان تدخر للداخل الارتري ..

يقول مارتن لوثر كينج ان ( .. السلام الحقيقي ليس مجرد انعدام التوتر؛ بل هو وجود العدالة ) فهل في فقه الدكتور أبي أحمد للسلام مساحة لهذه المقولة وهو العارف المثقف، أم ان وجود العدالة شيئ نسبي في عالم الشراكة الدولية وهو الترزي لهذا السلام؟ وحينها جاز لنا أن نخضع سلامه لمعيار مدى مطابقته وملابس الإمبراطور الجديدة. ووفق هذا المبدأ لا يزال بيننا ألف طفل كطفل الكاتب هانس كرستيان الذي صرخ أن الامبرطور عاريا وافصح بذلك القول للآخرين أن يقولوا فعلا أنه عاريا .. وعاريا تماما .

:

:

شاهد أيضاً

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الأول أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي   تحاور مجلة الناقوس المناضل الكبير عبدالله سعيد …

شخصية العدد- المناضل المغييب محمد عثمان داير (الناقوس العدد 11)

       المناضل المغيب / محمد عثمان داير                   …

المنخفضات -تنخفض الأرض.. ترتفع الهمم (الناقوس العدد 11)

بقلم/ ياسين أمير الجغرافيا رسم الاله على صفحة الكون.. والجغرافيا ترسمنا حين نحسب أننا رسمنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *