الناقوس 12- مقابلة العدد-الحلقة الثانية

مع المناضل نور الدين محمد عبدالله

في حديث من القلب عن نضالات حواضن الثورة

حاوره الأستاذ علي جبيب

 

ماذا كان دورك في الفرع؟

كنت عضواً في الفرع، وعملت على تجنيد عدد من الموظفين من أبناء المرتفعات، بالإضافة للتعاون في إيصال رسائل التحذير والانذارات التي ترسل عبر البريد لعملاء الاحتلال، حيث كنت أكلف شخص من أسمرا ليقوم بإرسال خطاب في ظرف مفتوح باسم الشخص المعني ويضعه في صندوق البريد، وعند وصول الخطاب أقوم باستبداله بالإنذار الموجه من الجبهة ويتم توزيعه للجهة التي يعمل بها الشخص المستهدف وكأنه مرسل من أسمرا، إضافة إلى قيامي بأي تعاون يطلبه رئيس لجنة الفرع الاخ صالح محمد سعيد.

هل كان لك أي دور خارج اطار فرع مدينة أغُردات؟

أدخلت الجبهة عدد من الكوادر لدعم العمل بالداخل ومن ضمنهم المناضل حمد محمد سعيد كلُّ كمتفرغ عام، وللتمويه تم توظيفه في مكافحة الملاريا بمدينة أغُردات، وسلمني خطاب من الجبهة بتعييني نائبا له. من ضمن المهام كان جمع المعلومات بمختلف الوسائل، وبالتالي كنت أقوم بفتح الرسائل التي تُرسل او تُستقبل عبر البريد والخاصة بالتقارير الحكومية ورسائل الأفراد المشكوك فيهم. أيضا كان هناك من يدعمنا في أداء عملنا من خارج أغُردات، ومن الذين كان لهم دور فعال في جمع المعلومات من أسمرا المرحوم المهندس عثمان عبده شيخ علي الذي كان رئيساً لإحدى الخلايا، وطالبا في مدرسة الجالية العربية، وكانت وسيلة التواصل معه عن طريق سائق سيارة شحن وهو المرحوم اسماعيل محمد نور صائغ.

ما هي أهم وأبرز التحديات التي كانت تواجه فرع أغُوردات خلال تلك الحقبة؟

في عام 1967م سلَّم الفدائي إسماعيل نفسه إلى إثيوبيا، وكان تسليمه سبباً في قيام إثيوبيا باغتيال الشهداء صالح محمد سعيد، وكرار عثمان همد (شيخ السوق)، وعثمان حسب الله. وأيضا تم اعتقال كل من المرحوم محمود اسفداي، والمرحوم إمام عبد القادر، والمرحوم محمد ضرار سليمان داؤود، وكان رابعهم ترزي من أبناء تسني لا يحضرني اسمه، وتم اقتيادهم باتجاه مدينة كرن لتنفيذ الاعدام بحقهم، إلا أنه جاء أمر من أسمرا بإيقاف الاغتيالات حيث تم تشكيل محكمة عسكرية بقيادة العقيد قيتاشو داونت للنظر في أمر المعتقلين لدى الجيش الإثيوبي وبالتالي نجاة من تم اقتيادهم، وفي هذه الفترة مرَّ الفرع بحالة ركود وانقطع التواصل بين الفرع والميدان، وفي نفس الفترة كان السيد حمد كلُّ في زيارة لأسمرا ومنها خرج إلى الميدان، وكلفني بموجب خطاب بأن أقوم بمهامه والتعاون مع لجنة الفرع لإعادة التنشيط، اجتمعت اثرها باللجنة وطلبت منهم أسماء رؤساء التشكيلات التنظيمية للاتصال بهم.

كيف تمت عملية تكليفك لقيادة فرع اغردات؟

بعد فترة الركود المذكورة تم تكليفي من قبل المناضل الشهيد آدم قندفل قائد الفدائيين للمنطقة الأولى بإعادة تأسيس الفرع، ومن ثم قمت بتشكيل لجنة جديدة برئاسة المرحوم الاستاذ محمود نوراي، والاخ حسن أبراهيم عيسى نائباً للرئيس وأميناً للمالية، وعضوية الإخوة أبوبكر حجاج محمد ومحمود الجيلي، وتوليت أنا مسئولية العلاقات الخارجية والداخلية للفرع، وفي مرحلة لاحقة قمنا بإضافة المرحوم الاخ عبد الله محمد إدريس شاكوكي والذي كانت إضافته قيمة للفرع.

بحكم نشاطك السري بالفرع ومعرفتك لعدد كبير من عضويته ألم تسبب لك تلك العلاقات السرية مخاطراً في حياتك؟

الموقف الأول: أذكر أنه كان في عام 1973م عندما سلم الفدائي أبو أحمد للجيش الاثيوبي في مدينة أغُردات اثر اختلافه مع قائده، وقام بإرشاد قوات الاحتلال إلى قرية القائد الذي اختلف معه وتم اغتيال والده واحراق بعض البيوت. وحدث أن أبو أحمد جاء في مقر عملي بغرض شراء طابع بريد وناداني بإسمي الحركي الذي كان مستخدما في عام 1967م، وفاجئني الأمر لأنني لم أتوقع معرفته لذلك الاسم حيث لم تكن لي علاقة عمل مباشرة معه. ومن جانبي تجاهلت الموضوع وشغلت نفسي بعمل آخر، ثم عدت اليه لتلبية طلبه ولم يتجاوز الأمر ذلك.

الموقف الثاني: كان هناك معلم من قومية التجراي في أغُردات، وأثناء إجازته في إثيوبيا نشر في صحيفة (أديس زمن) مقالاً كتب فيه أن الموظف في بريد مدينة أغردات نور الدين محمد عبد الله يقوم بفتح الرسائل التي تأتي لمكتب البريد. اثر ذلك المقال قامت وزارة البريد بمخاطبة مديري مباشرة متجاوزة بذلك المكتب الرئيسي للبريد في أسمرا الذي قام بالرد عليهم اثر مكاتبتين، وفي نهاية الأمر اقتنعوا برده وأُقفل الملف. وقد قام مديري بهذا كله دون اشعاري بالأمر.

الموقف الثالث: كنت ذات يوم في طريقي بدراجتي إلى تقديم واجب العزاء لأحد الجنود من الجيش الإثيوبي على وفاة ابنه والذي تعرفت عليه إثناء اعتقالي، وصادفني صديقا لي يعمل لدى شركة بركة للزراعة وبحوزته سيارة الشركة، وأصر على أن يوصلني بسيارته، فنزلت عند رغبته وأثناء انتظاره لي أمام منزل العزاء في طريق العودة لاحظ قائد الجيش وقوف السيارة أمام منزل العزاء وأمر بأبعادها من المكان. وعند خروجي وجدت أنه قد تحرك إلى مكان آخر وذهبنا إلى بيته، وحين جلوسنا لتناول وجبة الغداء في منزله دخل علينا نقيب من الجيش واقتاده إلى معسكر الجيش، وفي الاستجواب سألوه عن علاقته بي، وقال لهم أنها علاقة صداقة، وافرجوا عنه في نفس المساء. من جانبي كنت أتوقع استدعائي في أي لحظة، وأبلغت اصدقائي بأنه إذا لم أعد إليهم بعد الساعة 6 مساءً فأنه قد تم اعتقالي، ثم طمأنتهم بعد ذلك بأنني بخير.

كيف كان يتم التواصل بينكم وبين قيادة الجبهة المسؤولة عن إدارة وتوجيه العمل النضالي؟

في الفترة التي كان فيها المناضل محمود حسب مسئولاً عن الأمن في المنطقة كان هو جهة الاتصال، وكان العمل منظم بشكل دقيق وكان يستشيرنا في معظم الأحيان ويتقبل اعتراضاتنا وأخذها في الاعتبار، الأمر الذي كان يقلل من الأخطاء عند التنفيذ. وكان من بين المتعاونين معنا شيخ التكارنة السيد محمد طاهر ورفاقه حيث كانوا يهيئون لنا الخروج والدخول الآمن من وإلى الميدان. والجدير بالذكر أنه في إحدى المرات أرسل لنا نائب المنطقة الأولى المناضل صالح أب عجاج رسالة ببعض الطلبات، وكان ردنا له بأن يكون التواصل عن طريق مسئول الأمن. لكنه استغرب من ردنا وبلغني عن طريق شقيقي المناضل جمال بأن الرجل يريد التحدث معي، واجتمعنا بالفعل وكان الاجتماع ناجح وتفهم الموقف.

 

ما هو الدور الذي لعبه فرع اغردات لإنجاح العملية التي قام بها الفدائيون لاقتحام بنك مدينة اغردات؟

في عام 1970 فكر المناضل محمد عثمان ازاز في عملية اقتحام البنك لفك الضائقة المالية التي كانت تعاني منها الجبهة باعتباره كان مسئولا عن المالية، ونقل الفكرة إلى المناضل محمود حسب باعتباره كان المسئول عن جهاز الأمن، وكلفني المناضل محمود حسب بالمساعدة في التخطيط لعملية اقتحام البنك، حيث قمت بدراسة الموقع والمداخل والمخارج من المدينة، كما قمت بتجهيز الملابس التي يتم ارتداؤها من قبل المنفذين للعملية، والتي تبرع بها عدد من الإخوة من أبناء المدينة.  وكان الفنان التشكيلي المرحوم محمد نور سعيد علي هو من قام من رسم خريطة خط سير منفذي العملية من الناحية الجغرافية، ودرسنا أنا وهو تفاصيل مبنى البنك ومكاتب الموظفين، والمدير، وموقع الخزنة، وغيره. ومن الطرائف، أنني أشرت إلى أهمية دراسة المبنى المجاور للبنك والذي كان به بار، إلا أن الاخ محمد نور رفض دخول البار بشدة باعتباره مكان لتعاطي الخمر ودخلت أنا لوحدي وشرحت له التفاصيل ليضعها في الخريطة. وبعد تسليم الخريطة للأخ محمود حسب أصبح الأمر متروكا للمناضلين الذين سيقومون بتنفيذ العملية وكنا متوقعين حدوثها في أي لحظة. وذات مساء راودني الخوف من الطريق المقترح للعودة بعد تنفيذ العملية باعتباره طريق عام، وذلك تفاديا لتعرضهم للملاحقة من قبل العدو، وفكرت في أن تتم العودة عن طريق آخر يمر عبر بستان العم حسن مهري، والمعضلة كانت في إيصال هذه المعلومة إلى المناضل محمود حسب في هذا الوقت المتأخر والذي لا يتواجدون فيه المراسلين. حينها قررت أن أذهب بنفسي وأُبلغ المعلومة، واصطحبت معي الأخ خير محمد علي وتمكنا بعد جهد جهيد من الوصول إلى المناضل محمود حسب وإبلاغه بالمعلومة.

يتبع ……..

شاهد أيضاً

أيقونة الثورة الإرترية-القائد الرمز حامد عواتي

من مواضيع مجلة الناقوس -العدد الحادي عشر بقلم / رمضان ياسين   لا يختلف شخصان …

تهنئة

تتقدم اليكم رابطة ابناء المنخفضات الإرترية باصدق التهاني القلبية بمناسبة عيد الاضحى المبارك، سائلين المولى …

تهنئة

بمناسبة عيد الفطر المبارك تتقدم رابطة ابناء المنخفضات الإرترية للشعب الإرتري الأبي بأصدق التهاني القلبية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *