ابراهيم كبوشي
في إطار مبادرة الرابطة بطرح مشروع العقد الاجتماعي بهدف بلورة المفهوم على كل الأصعدة السياسية والمدنية الإرترية المقاومة للنظام المهيمن على كل مقدرات البلاد لقرابة الثلاثة عقود، اود الادلاء بدلوي حول الموضوع.
إنني ارى ان ضرورة التنادي إلى احداث حوار مجتمعي واسع حول المفهوم وأهميته في معالجة أزمة بناء الدولة في ارتريا يعود إلى العوامل الآتية :
اولا: ان مفهوم الدولة الوطنية الذى يشمل الأبعاد الجغرافية والبشرية والمؤسسية مصدره تجربة دول وشعوب أوروبا الغربية، بالتالي فإنه يعتبر مفهوم جديد له موطنه وتاريخيته الخاصة التي يصعب تعميمها على بلدان العالم النامي وخاصة في افريقيا نظرا للظروف التاريخية المختلفة على كل الصعد السياسية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
ثانيا: نظرا لعمومية الحالة في البعد الأفريقي خاصة مع الفارق في درجة احتدام الأزمة من بلد إلى آخر، نجد أن هناك العديد من المحاولات التي جرت وتجرى في الواقع الأفريقي والعالم ثالثي عموما من خلال التنادي للجلوس تحت تسميات مختلفة للوصول إلى حالة من الاستقرار والسلام والتعايش بين مكونات كل مجتمع على قاعدة العدل والمساواة والتنمية المستدامة تحت مسميات مختلفة، فحينا تسمى مؤتمر حوار وطني كما في حالة اليمن، وحينا مؤتمر المائدة المستديرة كما في تجربة أكتوبر في السودان، وكذلك تجربة جنوب افريقيا التي تندرج في نفس السياق الذى يحمل مضمون فكرة التعاقد بين من يريدون العيش المشترك في ظل نظام سياسي عادل يعبر عن كل أطراف ومكونات مجتمع الدولة التي يراد لها التطور والتقدم الاجتماعي والاقتصادي والسياسة المستدام.
اذا كانت هذه حالة عامة في الفضاء الأفريقي، ففي الحالة الإرترية نجد أن ضرورة التعاقد بين مكونات الدولة والمجتمع تكتسب أهمية استثنائية وذلك لأن ظروف تطور الحالة الإرترية وامتدادها في البعد الزمنى والتجريبي أكثر ضعفا بالمقارنة مع التجارب الأخرى في افريقيا، ومن جانب آخر نجد أن تجربة الدولة الوطنية أثبتت أن حالة الهيمنة والسطو على كل مقدرات البلاد أخذت طابع فاق كل احتمال وتصور، الأمر الذى استدعى إلى التمترس حول أبعاد أخذة في التطور، فمنها من ينظر إلى التباين الديني أساس في إيجاد الحل او التسوية، ومنها من ينظر إليه على الأسس الاثنية، واخر على الأسس الإقليمية. وفى كل الأحوال نتصور أن الحراك في عمومه شكل حالة إيجابية متسقة مع طبيعة التاريخ وخبرة الممارسة لإدارة الدولة والمجتمع في ارتريا الدولة .
كل هذا يدعونا إلى أن نعطى المفهوم القدر الذى يستحقه من خلال إدارة حوار مجتمعي واسع حول أهميته في وضع نهاية لأزماتنا التي رافقت مولد ونشأة فكرة الوطن والوطنية في ارتريا. وكما كان للرابطة الريادة في تحليل طبيعة مشكلاتنا التاريخية والمعاصرة، مرة أخرى تتقدم الصفوف في الاجتهاد من خلال مبادرتها التي تدعوا إلى أصالة ورجاحة مفهوم العقد الاجتماعي في حل أزمة بناء الدولة في بلادنا وتضميد جراحات الماضي على قاعدة المصارحة والمحاسبة والمكاشفة.