لقد أحسن أبناء المنخفضات المقيمين في بريطانيا العظمي

 

أحمد أسناي aasenai@hotmail.com

هذه ترجمة لمقالة كتبها الكاتب قلتا كيداني في موقع مسكرم دوت نت أنشرها لكي نقارن ما بين مواقف نخب مسلمي المنخفضات من دور عبادة المسيحيين،  ومواقف مسيحيي المرتفعات المخزية بعد الاستقلال وسوف أكتفي بموقف ذكره الكاتب للبلاتا محمد عبد الله – رحمه الله – قبل ستون عاماً وكيف تصرف مع المطالبين ببناء كنيسة يتعبدون فيها وسوف أترك مدى صحة هذه الواقعة وعدم وجود كنيسة قبل ذلك التاريخ لأبناء أغوردات لكي يدلوا بدلوهم فهم أعلم ببواطن الأمور، والموقف المخزي الذي سوف أتناوله هو صمت النخب المسيحية من أبناء المرتفعات الذين ينزعجون من مجرد ذكر كلمة مسيحي حتى لو كان ذلك لمجرد الصلاة على المسيح عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وقد حدثت معنا كثيراً فإذا ذكر أحدنا مجرد ذكر كلمة مسيحي انبرى له من يدافع وبتشنج وبهستيريا كأن يقول: (الشعب الارتري يتكون من المسلمين والمسيحيين) وينتفض حتى الأصم والأبكم وأعني به الذي يجهل اللغة العربية فتثور ثائرته ويرغي ويزبد ويهدد ويتوعد من خلف (مايك) غرفة البالتوك ثم يضطر المرء لشرح ملابسات الموضوع وأنه هو الذي لم يفهم المقصود.

ثم امتدح الكاتب بعض المواقف للمسيحيين والتي لم نسمع بها إلا في مناطق المنخفضات وقد ذكرت منها قصة حدثت لقريب لي وكيف أنقذه ابن عمه المسيحي من مسيحيي البلين وذلك بربط خيط للتضليل على الكمندوس الذي أزعج الكاتب ذكر وتكرار جرائمهم في حق شعب المنخفضات الذين كانوا يقتلونهم بالهوية وقد شهد الكاتب بذلك ليس بهدف فضح تلك الفئة الضالة ولكن بحكم عمله السابق في الدوائر الاستعمارية وقد ذكر بعض الكتاب جزء من مهام الرجل، ذكره لتجميل وجه بني قومه.

ولا غضاضة أيضاً في مدحه لمواقف من خصهم بالوطنية والنباهة ورجاحة العقل وأنا أوافقه ذلك فيما يتعلق بوطنيتهم ورجاحة عقولهم مع عدم موافقتي لهم فيما ذهبوا إليه، ولكن الرجل له مآرب أخرى يتضح من بعض الكلمات المسمومة التي كان يسقطها هنا وهناك.

أقول أين كان الكاتب وغيره ممن منعهم من الكتابة أو ممن استجابوا لنصيحة بعض أصدقائهم من أبناء/بنات المنخفضات عدم الخوض في الأمر منعاً لخلق البلبلة الواقعة أصلاً ولا أدري عن أي ثقة يتحدث الكاتب الحالم.

أكرر أين كان الكاتب من هدم النظام لأربعة مساجد قائمة في مدينة مندفرا؟ لم أقرأ له ولا لمن يزعم أنه يمثلهم كما ذيّل مقالته بعبارة (عن بعض إخوانكم وأخواتكم  من أبناء المرتفعات – قلتا كيداني) مساجد قائمة هدمت بحجة تجميل وتوسيع المدينة والرجل يتحدث عن رفض أبناء مدينة أغوردات بناء كنيسة على أرضهم لم تكن موجودة ، بينما المساجد كانت لأصحاب الأرض وممتلكاتهم هناك تهدم للتوسعة.

وصاحبنا الذي يدعي السعي للوحدة والوئام إنما جاء بقصة كنيسة أغوردات للتعمية وتعويم الكلام وتسجيل بعض المواقف الخجولة المزعومة لبعض وجهاء المديريات الثلاثة التي كانت حبيسة الأدراج لا يطلع عليها إلا المقربين من أمثال الكاتب، أين كانت هذه الحقيقة أم أن الحقوق لا يطالب بها إلا حينما يتعلق الأمر بأهل المرتفعات من المسيحيين أقول من المسيحيين لأن المظالم التي تقع على مسلمي المرتفعات لا أحد يتحدث عنها في الماضي كحال مساعي اللجنة المزعومة التي لم نسمع بها إلا من الكاتب ولا مظالم الحاضر كاعتقال الدعاة والمعلمين في اسمرا وصنعفي، وما جاء في اعترافات المناضل سعيد صالح عن معاملات النظام للمسلمين في العاصمة وما حولها؟. اكتفي بهذه التوطئة وإليكم الترجمة لمقال الكاتب قلتا كيداني:

 

 

 

لقد أحسنتم إخواننا وأخواتنا أبناء المنخفضات المقيمين في بريطانيا العظمي

فيما يخص سمنار أبناء المنخفضات الذي انعقد بتاريخ 29 مارس 2014م بمدينة لندن وما أصدروه من قرارات فقد برز آخرون وطنيون من أبناء المنخفضات المقيمين في بريطانيا يصل عددهم إلى 30 شخصاً قد أصدروا بياناً بتاريخ 20 أبريل 2014م تم نشره للملأ واطلع عليه الجميع. ومن خلال اعتراضهم على ما جاء تجاه انعقاد السمنار ومخرجاته نستشف أن ذلك البيان أثبت بأننا الارتريين بغض النظر عن أماكن تواجدنا ومعتقداتنا إذا سلمنا ممن يسعون لخلق العداء بيننا ، وممن يبذلون أموالهم من الجيران لعشنا متحابين ومتآلفين ومتوافقين.

ولو كان الوصول إلى هذا التوافق جرى في أديس أبابا لما كتب له النجاح ، وربما احتاج الوصول إليه حسب اعتقادي حوالي عشرون عاماً ، لذا فالشكر ليس فقط لهم ولكن الشكر أيضاً للمكان.

وحينما صدرت ونشرت قرارات السمنار الذي يفرق وتكشفت حقيقة أهدافه والشرح الذي احتواه والذي يرفضه ولا يقتنع به الكثيرين منا قام بعض النبيهين والعقلاء من إخواننا أبناء المنخفضات وبحكم العلاقات والتواصل السابق بيننا طلبوا منا بعدم الاهتمام والقلق وأشاروا إلينا بعدم الحديث والكتابة فيما يخص هذا الأمر. فلابد من الإشادة والشكر دون ذكر أسماءهم على اهتمامهم المنصف وحرصهم. وبناء عليه فقد اتفقنا بعض أبناء المرتفعات ممن يكتبون في المواقع الشبكية عدم إثارة الموضوع والكتابة ضده حتى لا نحدث ضجة والابتعاد عما يمكن أن يباعد بين أبناء الوطن الواحد وإشعال الأمر.

لقد ولدتُ وترعرعت بين مسلمين في شمال البحر الأحمر ودرست في مدرسة (مرارا دانكور شمال البحر الأحمر)التي شيّدت في العام 1944م وكانت تدرس باللغتين العربية والتجرينية إلا أنني قد نسيت وإلا كنت أجيد اللغة العربية والتقري بشكل جيد، ولهذه الأسباب لي خلفية جيدة عن الميزات الثنائية لمكوني المجتمع. وحينما بلغت سن العمل قد عملت معظم حياتي فيما يطلقون عليه اليوم بالمنخفضات في كل من: عصب، ومصوع ، وأغوردات لسنين طويلة في أعمال الإدارة الأهلية حيث تعاملت مع تلك الشعوب وكونت صداقاتي معهم. وفيما يتعلق بذلك سوف أذكر ما ذكرته مرارا في مناسبات عدة عن الإخاء بين المكونين وفيما يلي بعض هذه الأمثلة.

أولاً: في العام 1970م حينما كانت حكومة هيلي سلاسي تقتل فيه شعب المنخفضات الغربية وتحرق مساكنهم خرجت لجنة لكبار السن من مديريات حماسين وأكلي قوزاي وسرايي معترضة على تلك المذابح والحرائق ومطالبة الاكتفاء  بمعاقبة من يطلق عليهم بالخارجين على القانون. متسائلة لماذا يذبح إخواننا أبناء المنخفضات وتحرق مساكنهم؟ بهذه التساؤلات تقدمت اللجة إلى ممثل الإمبراطور آنذاك (أسراتي كاسا) ولم تكتفي بذلك بل أبرقت بهذه المطالب إلى الإمبراطور هيلي سلاسي وهذه الشكاوى والاحتجاجات معروفة لدي. بالإضافة إلى ما تقدم موقف المسيحيين في شمال البحر الأحمر حين كان القتل بالهوية للمسلمين (حيث كان يسأل المرء هل أنت مسلم أم مسيحي؟) فكان المسيحيين يشهدون متحايلين لصالح المسلمين بأنهم ليسوا مسلمين وكانوا يضعون علامات تدل على مسيحيتهم على أبواب منازل المسلمين وكان لذلك التصرف دورا كبيرا في إنقاذ أرواح الكثيرين من إخوتهم المسلمين من الموت المحقق، وهذا ما يحكى عنه من أدلة على وحدة المجتمع الارتري.

أما بعض الذين لا يأتون بمعلومات  لا تدل على الحب والوئام ، فنجدهم دوما يذكرون ويتحدثون عما ما قام به رجال (الكمندوس) من جرائم في حق شعب المنخفضات.

ثانياً: قبل خمسون عاماً وفي مدينة أغوردات لم يكن للأقلية من الشعب المسيحي كنيسة يمارسون فيها عباداتهم. فحينما تقدم المسيحيين المقيمين بطلب قطعة أرض من المديرية لبناء كنيسة تم منحهم قطعة أرض. ولكن بعض من أصحاب الأرض رفضوا بشدة بناء كنيسة على أرضهم وأثاروا ضجة كبيرة. وكان عمدة مدينة أغوردات آنذاك (بلاتا) محمد عبد الله الذي ينحدر من قبيلة البني عامر.  حيث استغرب الأمر وحزن كثيراً. ولكن لم يرد الوقوف في وجه بني قومه. ولأنه يعلم بأن منح قطعة أرض للعبادة شيء جميل قام بتهدئة مثيري الضجة قائلاً طالما أنكم رفضتم منح قطعة من أراضيكم فلن أسمح لهم بذلك. ثم سألهم قائلا: فهل تمانعون إذا منحتهم قطعة من الأرض الخاصة بي؟ فرد الناس: فلتتصرف في أرضك ولكن لا تمنحهم من أراضينا.

فقام الرجل بمنح قطعة أرض خاصة به في حي يعرف (بحلة دبر) من أجل بناء الكنيسة (دير طعدا إمبا) وقاموا ببناء كنيستهم، وأذكر أنهم كانوا يدعون للبلاتا محمد عبد الله حتى وقت قريب. لم أعاصر الرجل ولكن ذهبت بعده إلى أغوردات. حيث وجدت سيرته العطرة تملأ  المدينة والدائرة. والبلاتا محمد عبد الله هو عم الدكتور محمد خير الذي شارك في سمنار أبناء المنخفضات في لندن. وكان عمدة مدينة عاقل وشهم يثني عليه المسيحي والمسلم في جميع أنحاء بركة.

إن الود خير من العداء. والوئــام أسهل من المكايدات. وفي إرتريا لا يمكن للمنخفضات العيش بسلام بدون المرتفعات ولا للمرتفعات العيش بدون المنخفضات ولا مسيحي بدون مسلم ولا مسلم بدون مسيحي، وأن شعبها قد اختلط من خلال التضحيات والدماء وبلد ناضل شعبها  سويا. وهذا يعني أن أبناء المرتفعات لم يناضلوا من أجل المرتفعات ولم يستشهدوا في المرتفعات فقط. وأن أبناء المنخفضات لم يناضلوا من أجل المنخفضات ولم يستشهدوا في المنخفضات فقط. وأن عدم الإدارة الغير منصفة أو توزيع الأراضي الذي قد يكون موجوداً يمكن تسويته في ظل وجود دولة العدل.

وأنا من جانبي ليس لدي أي مانع أن يحكم مسلم أو ابن المنخفضات طالما يعدل في الحكم. في ظل الإدارة البريطانية وفي المنطقة التي ذكرتها آنفاً بشمال البحر الأحمر الذي تربيت فيه كان المأمور أو العمدة رجل يدعى (دقيات) محمود رجل مسلم. ولا أنسي أنه كان رجلا محب للعدل ومعين للفقراء وينتصر للمظلوم فقد فضله وأحبه الشعب المسيحي على أبنائهم من المسيحيين. ولم نرى ما يشير إلى عداء أو أحقاد طائفية أو قبلية في طفولتنا. لأن آباؤنا كان لكل منهم أرضه ومعتقده وأعرافه التي يتحاكمون عليها. فكانوا يعيشون متآلفين في وئام واحترام تام.

وهناك من يقول أن ما يظهر من تفرق وأحقاد بين هذا الشعب الذي عاش طوال حياته متآلفا سواء في المرتفعات أو المنخفضات مسلماً كان أو مسيحياً قد جاء مع الجبهة وبعضه مع (نحن وأهدافنا) والشعبية. وحسب رأيي فإن الحقيقة يجب أن يدلي بها من لهم دراية وممن ناضلوا في التنظيمين سنين طويلة. على كل حال فإن ما قام به إخواننا وأخواتنا أبناء المنخفضات من المقيمين في بريطانيا العظمى هو عمل تاريخي عظيم وجامع وجدير بالإشادة. ولا ينبغي أن ينحصر في هذا فقط ولكن أوصيهم للعمل على نبذ عدم الثقة بين مكوني المجتمع الارتري واتخاذ خطوات عملية نحو إزالة هذا النظام الذي يعمل على إبادتنا سوياً في المرتفعات والمنخفضات. وأنا من جانبي أؤكد لكم بأنني سأبذل مع من حولي  من زملائي أبناء المرتفعات لدعمكم وعلى استعداد للانضمام إليكم. وأكرر شكري باسم كل الشعب الارتري المحب للوحدة والإخاء اقتفائكم أثر آباؤنا السيد إبراهيم سلطان ، والسيد ولدآب ولد ماريام  في الوحدة والموقف الفوري لرأب الخطأ.

 

النصر لوحدة الشعب الارتري

عن بعض إخوانكم وأخواتكم  من أبناء المرتفعات

قلتا كيداني

 

 

شاهد أيضاً

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الثاني أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي متابعة : ماذا حدث لك بعد نجاح العملية …

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الأول أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي   تحاور مجلة الناقوس المناضل الكبير عبدالله سعيد …

شخصية العدد- المناضل المغييب محمد عثمان داير (الناقوس العدد 11)

       المناضل المغيب / محمد عثمان داير                   …

تعليق واحد

  1. مقال اكثر من رائع .. سلمت يداك أستاذ أحمد اسناي ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *