عام من البذل والعطاء

ella editorial

 

عام ينطوي على ولادة رابطة أبناء المنخفضات في التاسع والعشرين من مارس 2014م في لندن ، وهي الولادة التي انبجست من رحم مجتمع خصب ومعافى ، دافقاً بالعطاء والبذل عبر تاريخه المشرف ، مبادراً مقداماً تجده في صدر كل ثورة وانتفاضة ، أصيلاً مهيباً في قيمه الاجتماعية ، ودوداً ومتطلعاً إلى السلام والتعايش مع كل من يجاوره ، أميناً صادقاً في عهوده ، غنياً بثروته المادية والروحية .

 

لقد شكلت تلك الخصائص النبيلة منصة الوثبة والنهوض المتجدد لأبنائه وهم يفتتحون عهداً جديداً لدورهم ومسؤليتهم في إنقاذ شعبهم ومجتمعهم وأرضهم ، بعد أن تغولت وتجبرت عليهم فلول عصابة دفعتها دورة الأقدار إلى سدة الحكم في أسمرا ، فأشاعت العدوان وتنكرت للحقوق واستباحت الحرمات واستهانت بقيم هذا المجتمع وعقيدته وثقافته ، وأمعنت بغلظة في تمزيقه وتشتيته ، حتى وصل الأمر لاستسهال نفيه عن أرضه ووطنه ونهب وسلب أرضه وثروته وإحالته إلى مكون مستضعف ومستلب يعيش الاغتراب وهو واقفٌ على الأرض التي مهرها بدمه وكتب فيها الصفحات الأوسع للبطولة والفداء إبان مرحلة التحرر الوطني التي أطلق مشروعها الوطني باقتدار .

وبالمرور على الكم الهائل من المعاناة التي تعرض إليها مجتمع  المنخفضات الارترية خلال أربعة وعشرين عاماً من حكم العصابة الدكتاتورية فإن الخيارات أمامه كانت مفتوحة إلى كل الطرق ، غير أنه لم يختار ولم يؤسس سوى للدور الذي يليق به وينسجم مع خصائصه وطباعه ويعبر عن مادته وكيميائه الارترية الأصيلة ، فانبثقت رابطة أبناء المنخفضات الارترية عبر الوثيقة التاريخية التي هدفت إلى لم شمل المجتمع واستنهاضه وتذليل انطلاقته نحو الانعتاق من ظلم العصابة الدكتاتورية واستعادة كل حقوقه ومستحقاته تامة كاملة ، وهي الخطوة التي ستسهم بلا شك في إطلاق المشروع الوطني المتكامل القائم على الحرية والعدل والتعايش السلمي والاستقرار بعيداً عن أي هيمنة أو تغول مهما كان لونها ومرماها .

واليوم إذ نستقبل مناسبة التاسع والعشرين من مارس من العام 2015م فإننا لا نحتفي فقط بذكرى التأسيس ويوم الانطلاقة المجيدة للرابطة ، كما درجت عليه مناسبات عديدة ، ولا نريد كذلك أن نترنم بما حققه أبناء المجتمع خلال عام من سمنار لندن التاريخي وهي منجزات رائعة ومقدامة لا تملك الأعناق إلا الالتفات إليها بتقدير وإكبار ، ولكننا نقف بثقة لنخاطب المستقبل ونرسم معالم المسيرة الظافرة والأشواط القادمة لرابطة أبناء المنخفضات الارترية كمكون حي وفاعل وقادر على مواجهة الظلم والقهر والاستبداد بمنطلقات جريئة وشجاعة وصادقة ، ترفض التزويق والتزييف وتنادي الأشياء بمسمياتها وأوصافها الحقيقية على الأرض والواقع . وبهذا فإن وثيقة جمع شمل المنخفضات بما حوته من منطقات ومبادئ ورؤى مثّلت في الواقع تجاوز نظري وعملي للخطاب المهزوز والمتردد في معادلة الصراع مع النظام الدكتاتوري مما ولد الخوف والشك والعزوف لكثير من القوى الحية من أبناء شعبنا ، ودفعهم إلى خارج مضمار الفعل والمساهمة الجادة في مسيرة المقاومة ، وفي ذات الوقت فإن ثقتنا كانت ومازالت عالية في أن صف المعارضة الوطنية يحفل بالأطر والمكونات الفاعلة والقادرة على حسم الصراع مع عصابة النظام الطائفية الشوفينية والتي ارتكبت من الجرائم ما لا يمكن التغاضي عنه . لقد سعت الرابطة عبر أطرها ومؤسساتها القيادية والقاعدية التي اتسمت بالطرح الشجاع والواضح لبلورة منطلقاتها ومبادئها للرأي العام وخاصة في وسط الفئات والشرائح المستنيرة من أبناء شعبنا ، سياسيين ومدنيين ، وفتحت أوسع فرصة حوار قل أن نجدها في تاريخنا المعاصر ، وهو الأمر الذي حقق لوثيقة جمع شمل أبناء المنخفضات قراءة واسعة وعميقة ، وقد تقبلنا كل الانتقادات بصدر رحب مع حرصنا وتأكيدنا على مناقشتها وتفنيدها والرد عليها بنقاش موضوعي وعلمي حقق لنا مساحة كسب وتأثير كبيرة للرأي العام الارتري الذي ينظر اليوم إلى رابطة أبناء المنخفضات الارترية كحلقة جادة وفاعلة ضمن مكونات المقاومة الوطنية للنظام الدكتاتوري . ولا أدل على ذلك أكثر من التوسع السريع الذي شهدته فروع الرابطة في مختلف الساحات العربية والأوربية والأمريكية والاسترالية ، وانطلاق منابرها الإعلامية والاجتماعية والثقافية معتمدة فقط على عطاء وبذل أبناء المجتمع حتى غدا اسم رابطة أبناء المنخفضات الارترية اليوم مكوناً يعبر عن أوسع تجمع جماهيري معارض ومقاوم للنظام الدكتاتوري بخطاب قوي وحاسم يرد ويواجه المشروع الطائفي للنظام باقتدار وموضوعية .

ونحن إذ نتوقف في هذا اليوم التاريخي الذي انطلقت فيه مسيرة أبناء المنخفضات الارترية ، كمكون هام التأثير في المعادلة الوطنية ، لتحفنا الثقة ويحدونا الأمل في أن يعي أبناء مجتمعنا مسؤوليته الكبيرة في مواجهة القهر والاستبداد ، وإن دوره سيكون حتماً رافداً حيوياً لنهضة كل مكونات شعبنا الارتري ، وننبه إلى أن المرحلة الراهنة من مسيرة شعبنا لا تتحمل خطاب التسويف والمراوغة ، ولا تقبل الكيل بمكيالين عندما يتعلق الأمر بالحقوق المشروعة والمستحقة ، ونعتقد جازمين أن من تشوش رؤاه غشاوة التيه والضياع أو التدحرج مع أطروحات المغرضين سيعود لا محالة إلى جادة الطريق والوعي لان مشروع الهيمنة والتغول الطائفي والدكتاتورية والسلب والنهب ليست له قوائم وقدرة على البقاء والاستمرار وإنه إلى زوال مهما تطاولت أيامه .

تحية الاعتزاز والفخر لكل أبناء مجتمعنا الذين حققوا خلال عام واحد من انطلاقتنا مكتسبات حقيقية وواسعة فاقت كل تصور وتمكنوا من ترسيخ وثيقة جمع الشمل بمنطلقاتها ومبادئها الواضحة على الأرض ، صروحاً تتدافع فيها أكتاف الشباب للتسابق في مضمار العطاء ، ومجداً وعزاً لتراث الآباء الأماجد الذين طرزوا مسيرة الوطن بملاحم البطولة والفداء ، وخلوداً لكل أرواح شهدائنا جنوداً وقيادات ومن بينهم القائد الشهيد عثمان صالح سبي الذي تتزامن ذكري استشهاده مع انطلاقة احتفالية الذكرى الأولى لتأسيس رابطة أبناء المنخفضات الارترية .

مكتب إعلام الرابطة

29/3/2015م

 

————————————————————————————————————————————-

[contact-form][contact-field label=’الاسم’ type=’name’ required=’1’/][contact-field label=’البريد الإلكتروني’ type=’email’ required=’1’/][contact-field label=’الموقع’ type=’url’/][contact-field label=’التعليق’ type=’textarea’ required=’1’/][/contact-form]

شاهد أيضاً

تهنئة

بمناسبة عيد الفطر المبارك تتقدم رابطة ابناء المنخفضات الإرترية للشعب الإرتري الأبي بأصدق التهاني القلبية …

الاعلام بين الماضي والحاضر

بقلم محمد نور موسى ظهر الإعلام الإرتري مع ظهور الحركة الوطنية الإرترية في مطلع أربعينات …

من مواضيع مجلة الناقوس-العدد التاسع

سعدية تسفو فدائية من جيل آخر! نقلا من صفحة الاستاذ ابراهيم حاج لترجمته من كتاب …