شخصية العدد – الجزء الأول
يتزين صدر العدد الثالث عشر من مجلة الناقوس والصادر بمناسبة الذكرى الثالثة والستون لانطلاقة ثورة الفاتح من سبتمبر بالشخصية التي اشعلت فتيل الثورة، وكان لها شرف الريادة في اطلاق الرصاصة الأولى لاعلان الكفاح المسلح.
شخصيتنا هو القائد البطل الشهيد حامد ادريس عواتي.
ان الحديث عن عواتي لا يمكن تغطيته من خلال مقال في مجلة ولكن المناسبة تقتضي ونحن نحتفل بذكرى الانطلاقة تناول سيرته الذاتية وقد استعنا بشكل أساسي بالمعلومات الواردة في كتاب – “The Dynamics of an Unfinished African Dream”الديناميات غير المكتملة للحلم الافريقي -الصادر باللغة الإنجليزية لمؤلفه الدكتور محمد خير عمر بعد ان استأذنته مجلة الناقوس ووافق مشكوراً، آملين ان يترجم للعربية للصورة المتميزة التي تناول بها التاريخ الارتري من وجهة نظر تختلف عن الكثير من الكتابات فالتحية للدكتور على هذا الجهد المقدر وعلى موافقته لاستخدام المعلومات من قبل مجلة الناقوس.
الاسم :حامد ادريس حامد عواتي فايدوم فايد محمد ادريس
إن تناول سيرة القائد الشهيد حامد عواتي يتطلب منا الإشارة الى البيئة التي عاش فيها وكيفية نشأته، ومن هنا تجدر الإشارة إلى جده عواتي فايدوم زعيم قبيلة الحفرا الذي اشتهر بالعدل والقوة، ومعاداة الظلم والطغيان، فقد واجه الايطاليين بشدة وقاوم اجراءاتهم لمصادرة الأراضي، كان هذا ديدنه إلى أن توفاه الله وحمل ابنه ادريس والد الشهيد حامد الراية من بعده، الذي كان يمتهن مهنة الصيد والقنص وهي حرفة قديمة لبعض سكان المنطقة وقد اتخذ منها مصدر من مصادر عيشه، كما كان مثل والده في مقاومة الايطاليين ومواجهاة عصابات الشفتة القادمة من المرتفعات والاقاليم الاثيوبية المتاخمة.
عاش الشهيد وترعرع في هذه البيئة ونشأ نشأة الابطال وكان والده يمتلك بندقية مما مكن حامد من استخدامها في وقت مبكر. وقد وهبه الله ذكاء فطري ساعده على استيعاب كل ما حوله، ولقد كان الشهيد يتحدث النارا، الكناما، التقرايت، التقرينية والامحرية والعربية إضافة إلى إجادته الإيطالية تحدثاً وكتابة.
حول تاريخ ميلاد القائد عواتي يشيرمركز النارا للدراسات والتوثيق الى عام 1908م ويشير المناضل عبد الله ادريس الى عام 1910م وحسب ما ورد في كتاب الدكتور محمد خير عمر نقلا عن المناضل إبراهيم توتيل فانه ولد في عام 1915م في قرية قرست بمنطقة هبردا.
عاصر عواتي العهود المختلفة التي مرت على ارتريا من المراحل النهائية من الوجود الإيطالي ثم العهد الإنجليزي ثم عهد الحكومة الارترية. لذا سنعمل على تناول سيرته في كل منها.
في العهد الإيطالي نجد أن الشهيد عواتي كان مدافعاً عن أبناء منطقته والمناطق المجاورة من أعمال الشفتا التي كانت تغير على تلك المناطق، وفي عام 1931م شمله التجنيد الاجباري، حيث تم تجنيده في الجيش الإيطالي، ونظراً لما لوحظ من نبوغه وبراعته في الجندية واستخدام السلاح تم ارساله في دورة استخبارات عسكرية إلى إيطاليا التي كانت إضافة نوعية لقدراته وامكانياته الفطرية. وقد شارك في الغزو الإيطالي على اثيوبيا عام 1935م، واستمرت خدمته في الجيش الإيطالي حتى العام 1941م. ثم عاد الشهيد عواتي بعد هزيمة إيطاليا الى منطقته يمارس حياته الطبيعية ويدافع عن أبناء منطقته.
بهزيمة إيطاليا أصبحت ارتريا تحت الانتداب البريطاني الذي تمرد عليه عواتي لحوالي (9) سنوات قبل استسلامه في 1951م. والجدير بالذكر بأن سبب تمرده كان أنهم سجنوه لاستجابته لحاجة قريته في مواجهة قطاع الطرق (الشفتا). وعندما تم سجنه أخذ بندقية الضابط وهرب من السجن، وسلم نفسه في 31/7/1951م بناء على العفو الذي صدر من البريطانيين وكان وقتها عدد اتباعه (59) فرداً من مختلف قبائل المنطقة. بعدها اختار ان يعيش كمواطن عادي، وكان فلاحاً ناجحاً.