من مواضيع مجلة الناقوس-العدد 13

شخصية العدد – الجزء الرابع

بعد عودته من هذا الاجتماع أرسل عواتي المجموعة الأولى المكونة من حوالي 7 أفراد إلى القاش. وخلال حوالي أسبوع من ذلك جاء تقرير من الكابتن عبد القادر في تسني إلى رئاسة البوليس في أغوردات بأن حامد عواتي ذهب إلى أغوردات وعاد، وبعدها أرسل مجموعة من الشفتا إلى القاش. لذلك قرر البوليس إرسال لجنة إلى عواتي لسؤاله والتحقق من المسألة.
يذكر الاستاذ محمود محمد صالح أنه بعد هذا الاجتماع وصل المناضل محمد سعد آدم من كسلا إلى أغوردات وقمت بإرساله إلى عواتي، حيث كتبت له خطاب تعريف لتسليمه لعواتي، وطلبت من السيد محمد بخيت أن يكتب لي الخطاب بالإيطالي لأن عواتي يقرأ الإيطالية. واشتمل الخطاب على الآتي “هذا الرجل من المجموعة التي كنت تسأل عنها وبإمكانك الوثوق فيه” وبعد أن كتب محمد بخيت هذه العبارة باللغة الإيطالية كتبت اسم عواتي بنفسي. ولا أدري بعدها عن تفاصيل ما جرى في اللقاء بينهما.
شعرت الحكومة بما يجري فأرسلت لجنة لمقابلة القائد حامد عواتي برئاسة السيد عمر حسنو المسؤول الاداري الكبير الذي أصبح في مرحلة لاحقة موظفاً في الادارة القضائية في أسمرا. إلا أن عواتي لم يقابلهم حيث خرج من قريته وأرسل لهم بأن ليس لديه وقت لمقابلتهم، وعادوا إلى أغردات ورفعوا تقريراً بذلك. وكان على علم بأنهم يلاحقونه، وكان في حالة استنفار، وبعد تقرير اللجنة قررت الحكومة اعتقاله، وبلغ الخبر عواتي مباشرة وغادر ليلتحق بأصحابه.
وهكذا في 1 سبتمبر 1961م هاجم عواتي ورفاقه نقطة شرطة معزولة في جبل أدال ما بين تسني وأغوردات معلنين عن انطلاقة الثورة، وتفيد السجلات بأن الاستخبارات العسكرية الاثيوبية كانت نشطة في جمع المعلومات عن المنطقة. وخلال شهر واحد من بدء الكفاح المسلح أفادت بأن عواتي يريد ان يُنظر إليه من قبل الإرتريين بأنه محرراً للوطن وليس مجرد شفتا على حسب ما ورد في سجلاتهم.
لقد كان عواتي بطلا وطنيا ضحى بكل شيء للقتال من أجل تحرير شعب إرتريا، وأنه كان يحث جميع الإرتريين مسلمين ومسيحيين للانضمام إليه في الحركة الوطنية التي تهدف لتحرير إرتريا. ويرى د. محمد خير أن الظروف كانت مواتية في المنخفضات الغربية نسبة للاضطهاد الإثيوبي الذي كان في ذروته هناك، ولقرب المنطقة من الحدود السودانية، وسهولة الاتصال بمصر التي كان يعيش فيها بعض الإرتريين الواعين سياسيا.
وقد لعبت المهارات العسكرية والتدريب العالي الذي تمتع به حامد عواتي، وما كان يحظى به من تقدير في منطقة المنخفضات الغربية – إضافة لدعم ومساندة الشيخ محمد داؤود لمكانته الدينية والمجتمعية- دوراً بارزاً في انطلاقة الكفاح المسلح وفي الحفاظ على زخمه في الاشهر التسع الأُول إلى حين وفاته وبعدها، التي تم التكتم عليها لفترة طويلة، حيث كان الشعب ينسب نجاحات جيش التحرير الارتري إلى قيادته.
وحول السنوات الاولى والعمليات العسكرية للجبهة يقول محمد خير بأن جيش التحرير لم يكن مجرد مجموعة من الشفتا ترتدي ملابس رثة كما درج الاثيوبيين على نعتهم بذلك، بل كان عواتي القائد الأول لجيش التحرير الذي انضم إليه الإرتريين الذين خدموا في الجيش السوداني تاركين أسرهم ورغد العيش والحياة المريحة التي كانوا يعيشونها خلفهم، واتجهوا للقتال من أجل تحرير بلدهم. وقد شكلوا بذلك دفعة قوية لجيش التحرير من حيث المهارات العسكرية والانضباط، كما أحضروا معهم بعض الاسلحة التي كانت هناك حاجة ماسة إليها، على حسب إفادة د. محمد خير في كتابه نقلا عن محمد علي إدريس (أبو رجيلا) في كتاب ولديسوس عمار عن التحاق الرعيل الأول من العسكريين القادمين من الجيش السوداني بأن الدفعة الاولى منهم كان عددهما 20 عسكرياً، وقد تم احضار الزي العسكري معهم للمقاتلين،
ولقد قابلت المجموعة حسب إفادات المناضل عبد الله ادريس عواتي في قرية عد حشلا شيكور بالقرب من الحدود السودانية الإرترية السودانية في 17 فبراير 1962م (بعد 6 شهور من انطلاق الكفاح المسلح) ـ وأن عواتي طلب منهم اختيار قائد لهم ويقوم باختيار نائبه. وقد تم اختيار عواتي بالإجماع وأختار هو المناضل محمد إدريس حاج نائبا له. بعد ذلك تحرك مع المجموعة إلى منطقة “بيبلناي” في القاش للمزيد من التعرف على بعضهم والتدريب على جميع البنادق التي كانت لديهم. قام عواتي بتقديم الدروس لهم عن كيفية القتال في مجموعات صغيرة وتكتيك قتال الكر والفر للتمكن من تحطيم معنويات الجيوش الكبيرة، أيضا قدم لهم الدروس حول الايمان بقضيتهم العادلة، واستمر التدريب 45 يوما، وأبلغهم عواتي بأن هذه بداية النهاية للاحتلال الإثيوبي وأن إثيوبيا ستكون في مشكلة عميقة، قالها بالتقرايت “إثيوبيا دمتت” وتم تقسيم المجموعة الى 4 وحدات وكلفهم ببعض المهام ليلتقوه مرة أخرى، لكن عندما عادوا تم إبلاغهم بوفاته.
كانت المعركة الأولى والأخيرة التي قادها عواتي مع القادمين من السودان في 4 ابريل 1962م، وبعد فترة بسيطة من المعركة جمع عواتي جميع المقاتلين واتخذ القرارات التالية:
• سحب السلاح من رفاقه الذين كانوا معه قبل الكفاح المسلح، أي خلال فترة الدفاع عن مجتمعاتهم من هجمات الشفتا وطلب منهم ان يغادروا.
• سحب البندقية الخاصة بالمقاتل الشاب الذي باع بقرة لشراء تلك البندقية للثأر لوفاة والده على يد شفتا (الوالقايت) وسلمه مبلغا من المال مقابلها، وطلب منه مغادرة المجموعة. وبما أن المبلغ الذي دفعه الشاب كان أكبر من المبلغ الذي وصله من عواتي، أفاده عواتي بأن الباقي ستدفعه له الحكومة عند ما تتحرر إرتريا.
بعد ذلك عقد عواتي اجتماع لبقية المقاتلين، واقترح القادمين من الجيش السوداني على عواتي أن فكرة تسريح المجموعة القديمة ليست مناسبة وطلبوا من عواتي أن يعين قائد واحد من بين هؤلاء، وأجاب عواتي قائلا إن النضال الذي ستخوضونه يعتبر ثورة جديدة وتحتاج أن تبدأ نظيفة.

يتبع………..

شاهد أيضاً

من مواضيع مجلة الناقوس-العدد 13

شخصية العدد- الجزء الثاني   كان الشهيد عواتي يملك وعياً سياسياً مبكراً، ويمكن ملاحظة ذلك …

من مواضيع مجلة الناقوس-العدد 13

  شخصية العدد – الجزء الأول   يتزين صدر العدد الثالث عشر من مجلة الناقوس …

مجلة الناقوس-العدد 12- مقابلة العدد – الحلقة الثالثة

مع المناضل نور الدين محمد عبدالله في حديث من القلب عن نضالات حواضن الثورة حاوره …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *