الناقوس 12- مقابلة العدد – الحلقة الأولى

مع المناضل نور الدين محمد عبدالله

في حديث من القلب عن نضالات حواضن الثورة

حاوره الأستاذ علي جبيب

كان المناضل نور الدين محمد عبد الله ضمن كوكبة من المناضلين البواسل الذين كانوا بمثابة مشيمة لهذه الثورة وحبلها السُّري الذي متَّن وثاق الوصل الجنيني بين الأم وأبنائها في تلاحم وشيجي مبهر بين الشعب في داخل المدن وأبنائه في ميدان القتال، فكانوا الزاد والمعلومة وثمن الطلقة، ولولا هذا التناغم بين الجنود المجهولين في الداخل الإرتري الذين حملوا أرواحهم على أكفهم غير عابئين بما يترصدهم من مخاطر، متسلحين بإرادة قوية هي زادهم وعتادهم لرعاية غصن الثورة الفتي وحمايته ليشتد عوده، لما خرجت الثورة من الطوق واستشاطت لهباً وغضباً أضاء سماء الوطن وعمت كافة أرجاءه من أجل خلاص الوطن وحرية انسانه من براثن الظلم والتبعية والاستبداد. فقد كانوا بحق أيقونات الثورة ورموزها المضيئة بلا منازع.

تتشرف مجلة الناقوس في محاولة منها للتوثيق لنضالات وبطولات مناضلي جبهة التحرير الإرترية، كما دأبت من خلال الحوارات التي أجرتها في الأعداد السابقة، أن تلتقي في هذه السانحة مع أحد رموز تلك المرحلة في حوار مطول عن تجربته ومسيرته النضالية، وقبل الخوض في مضابط الحوار نود أن نعرج على الخلفية التي انحدر منها ضيفنا المناضل نور الدين محمد عبدلله،

ينحدر ضيفنا من أسرة حظيت بنصيب وافر من العلم الأمر الذي مكن والد ضيفنا من تولي مواقع وظيفية مرموقة في عهد الاستعمار الإيطالي والبريطاني، وفي فترة تقرير المصير كان والد ضيفنا أحد المؤسسين لحزب إرتريا الحديثة وسكرتيره، والذي كان يدعو إلى انتداب إيطالي لفترة محدده يليها الاستقلال. وفي عهد الاتحاد الفيدرالي كان مرشحا من قبل رئيس البرلمان الشيخ ادريس محمد آدم لإحدى وزارتي (العدل والقانون، والداخلية) لولا تدخل رئيس الحكومة الارترية اسفها ولد مكائيل وممثل الامبراطور اندرقاشو مساي، حيث تم اعلان التعيين في الوظيفتين دون الرجوع الى رئيس البرلمان، وهذه كانت بداية الخلاف بين إدريس محمد آدم وأسفها ولدميكائيل، والتي أدت في النهاية إلى سحب البرلمان الثقة من رئاسته بناء على تأثير اسفها على أعضائه.

عمل مديراً للبريد والبرق والهاتف في مدينة كرن، ثم رئيساً لبلدية أغُردات التي حازت في فترته على المرتبة الأولى على مستوى البلاد، وكذلك عمل على تشجيع المواطنين على تسجيل ملكية أراضيهم، الأمر الذي أدى إلى تمليك المواطن للأرض من جهة وضخ ايرادات إلى خزينة البلدية من جهة اخرى، وكان من ضمن برامجه شراء شركة الكهرباء والماء المملوكتين لمواطن إيطالي لصالح البلدية، ومن أجل ذلك طلب قرضاً من الحكومة لشراء الشركة إلا أنهم اعتذروا متحججين بعدم وجود الإمكانيات المادية، لكنه عمل على جمع مبلغ كبير من الشعب، إلا أن الأجل لم يمهله حيث توفاه الله قبل إكمال المشروع.

شكلت هذه الخلفية الاسرية لضيفنا رصيدا غنياً أعانه في تسهيل مهمة النضال اثناء عمله داخل مدينة أغُردات وبعد انتقاله إلى الخارج أيضاً، وكان ضيفنا من المشهود لهم بالصبر والصمود في حفظ أسرار الجبهة في العمل الداخلي على الرغم من الاعتقالات المتكررة واعترافات بعض الأسرى أو الجنود الذين سلموا لقوات الاحتلال الإثيوبي ضده، فإلى مضابط الحوار.

تطرقنا لخلفية الأسرة بعض الشيء، ولكن حتى تكتمل الصورة للقارئ حبذا لو حدثتنا بإيجاز عن بطاقتك الشخصية؟

أنا من مواليد مدينة أغُردات في عام 1945م، درست المرحلة الابتدائية في مدينة كرن والمتوسطة في مدينة أغُردات ثم واصلت دراستي الثانوية ليلا عندما تم افتتاح المدرسة الثانوية في أغُردات، وتحملت مسؤولية إخوتي بعد وفاة والدي ولم يتجاوز عمري حينها 15عاماً، حيث عملت موظفا في البريد بأغُردات منذ عام 1961م وحتى  خروجي منها في مارس 1975م. وبعد مشاركتي في المؤتمر الوطني الثاني تم توجيهي إلى سوريا كعضو في إدارة مكتب الجبهة، ومنها إلى المملكة العربية السعودية كنائب لممثل التنظيم، ثم إلى مصر في نفس الموقع التنظيمي، ثم العودة الى السعودية كممثل لتنظيم جبهة التحرير الارترية مرة أخرى.

كيف كان التحاقك بالثورة؟ هل كان عبر الاستقطاب المباشر أم عن طريق مؤثرات أخرى؟

ارتبطت بالعمل في الثورة في عام 1964م من خلال صديق من أبناء كرن اسمه سامئيل دانئيل جمع، والذي كان يعمل ممرضا في العيادة الانجيلية بقرية عدردي، حيث دعاني لزيارته وقدم لي بعضا من أدبيات الجبهة، وتم النقاش بيننا حولها وكانت نتيجة ذلك النقاش قناعتي بالالتزام بالجبهة كخط نضالي، ومن ثم ربطني بالمرحوم عثمان محمد محمود الذي كان عضو في لجنة فرع أغُردات وموظفاً في المحافظة، ومن هنا بدأت رحلتي مع جبهة التحرير الارترية وعمري 20 عاماً.

حدثنا عن طور التأسيس لفرع جبهة التحرير بمدينة أغُردات والشخصيات التي عملت فيه منذ البداية بحكم أنك ممن واكب تأسيس هذا الفرع؟

كان الدور الاكبر في تأسيس فرع أغُردات للأستاذ المرحوم محمود محمد صالح والشهيد صالح محمد سعيد، حيث كان الأول مسئولا عن توجيه العمل في الداخل على مستوى الوطن، والثاني المحرك لنشاط الفرع ومساعداً للرئيس. وبعد التحاق الأستاذ محمود محمد صالح بالميدان نتيجة مضايقات العدو ومحاولات اعتقاله، تم تكوين لجنة الفرع برئاسة الشهيد صالح محمد سعيد وعضوية المرحوم ابراهيم كلفي، والمرحوم محمود نوراي، والأخ محمود أبراهيم ليمان، والمرحوم عثمان محمد محمود، والأستاذ عبدالله علي أسد، وتم إضافة المناضل عمر الحاج إدريس إلى اللجنة بعد خروجه من السجن ونقله الى مدينة أغُردات كمسئول لحسابات البلدية، وبعد استشهاد الأخ صالح محمد سعيد في عام 1967م،  تم إضافة المرحوم طاهر حامد نوراي والمرحوم أبوبكر داؤود، وتولى الأستاذ عبدالله علي أسد رئاسة الفرع.

يتبع…….

شاهد أيضاً

من مواضيع مجلة الناقوس-العدد 13

شخصية العدد – الجزء الثالث   سبق الشهيد عواتي الجميع في تفكيره لعمل ما ضد …

من مواضيع مجلة الناقوس-العدد 13

شخصية العدد- الجزء الثاني   كان الشهيد عواتي يملك وعياً سياسياً مبكراً، ويمكن ملاحظة ذلك …

من مواضيع مجلة الناقوس-العدد 13

  شخصية العدد – الجزء الأول   يتزين صدر العدد الثالث عشر من مجلة الناقوس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *