في إطار الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والتي تمتد من 16 يونيو حتى 9 يوليو، عقدت يوم الاثنين 17 يونيو جلسة استماع تفاعلية لمناقشة تقرير المقرر الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في إرتريا.قدّم الدكتور محمد عبد السلام بابكر خلال الجلسة إحاطة حول ولايته التي امتدت لعام كامل من 21 يونيو 2024 وحتى 16 يونيو 2025، أعرب فيها عن قلقه المتزايد إزاء تدهور أوضاع حقوق الإنسان في إرتريا، مشيرًا إلى عدم تنفيذ الحكومة لأي تغييرات جوهرية رغم تبنيها عددًا من التوصيات خلال الاستعراض الدوري الشامل السابق.
أبرز ما ورد في تقرير المقرر الخاص:
- استمرار الانتهاكات الممنهجة للحريات الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير، والصحافة، والتنقل، والتجمع.
- الخدمة الإلزامية غير محددة الأجل، والتي وصفها بأنها “انتهاك قسري” يدفع الشباب إلى الفرار خوفًا من الاعتقال والتعذيب في حالة رفض العمل في الخدمة الإلزامية أو تعرّض أسرهم للملاحقة.
- تدهور الخدمات العامة في قطاعي الصحة والتعليم، وغياب الآليات القانونية الفعالة.
- استمرار حالات الاختفاء القسري لمئات المواطنين منذ عام 1991، من بينهم المئات من معلمي المدارس الخاصة من المسلمين وقدامى المحاربين، أبرزهم القاضي محمد مرانت، وسط غياب تام لأي معلومات رسمية عن مصيرهم.
- تردي أوضاع اللاجئين الإرتريين في دول العبور، وتعرضهم للإعادة القسرية والاحتجاز.
- استمرار استهداف الجاليات الإرترية في الخارج من خلال التهديدات بمصادرة الممتلكات، واعتقال أسرهم وأقاربهم داخل البلاد. اضافة لتعرضهم للإعتداءات الشخصية.
رد الحكومة الإرترية:
رفض ممثل إرتريا ما ورد في التقرير، واعتبره تدخلًا في الشؤون الداخلية ومحاولة لتقويض السيادة الوطنية. واعتبر أن تعيين مقرر خاص يعكس “انتقائية سياسية”، مطالبًا بإنهاء الولاية الخاصة، مدعيًا أن “الانتهاك الحقيقي هو الذي تعرضت له إرتريا منذ قرار 1952″، مؤكدًا أن بلاده لا ترفض حقوق الإنسان بل ترفض استغلالها لأغراض سياسية.
تباين مواقف الدول الأعضاء:
الدول الداعمة للتقرير:
عبّرت دول الاتحاد الأوروبي عن دعمها القوي لتقرير المقرر الخاص، ودعت الحكومة الإرترية إلى التعاون الكامل مع آليات الأمم المتحدة، والسماح بدخول المقررين الخاصين، مشددة على استمرار الانتهاكات، خاصة فيما يتعلق بالاعتقالات التعسفية، والتعذيب، والاختفاء القسري.
الدول المعارضة للتقرير:
على النقيض، عارضت معظم الدول الإفريقية، إلى جانب الصين وروسيا وكوبا وإيران وفنزويلا وبيلاروسيا، التقرير، واعتبرته تدخلًا غير مبرر في الشؤون الداخلية لإرتريا، وإعاقة لما تحقق من إنجازات في إرتريا، من امتثالها للمشاركة في الدورة الأخيرة للمراجعة الدورية وقبولها لعدد من التوصيات، وتحسن حالة حقوق الانسان فيما يخص (حماية ذوي الاحتياجات الخاصة، وحقوق الطفل)، في تجاوز صارخ لكافة الانتهاكات الجسيمة من (الاعتقالات التعسفية والاختفاء القسري، والتعذيب والقتل…..إلخ)، علماً بأن دولة إرتريا لم تعمل بأي من التوصيات المقدمة لها في أي من ولايات المجلس ابتداءً من لجنة تقصي الحقائق، مروراً بكل التوصيات المقدمة لها من المقررين الخاصين منذ العام 2012م . وطالبت بإنهاء ولاية المقرر الخاص واستبدالها بآلية الاستعراض الدوري الشامل، ما يثير مخاوف حقيقية من إطلاق يد النظام الإرتري في مواصلة الانتهاكات دون رقابة دولية.
مداخلات المنظمات غير الحكومية:
قدّمت 11 منظمة غير حكومية كلمات قصيرة دعمت فيها ولاية المقرر الخاص، من بينها رابطة أبناء المنخفضات الإرترية وHRC-Eritrea ، وأكدت المنظمات أن الحكومة الإرترية لم تطبق أي من التوصيات منذ عام 2012، وشددت على ضرورة تفعيل آلية فعالة للمساءلة الدولية، وضمان عدم إفلات النظام من العقاب.
توضيحات المقرر الخاص في ختام الجلسة:
- عدم وجود أي تعاون من قبل الحكومة الإرترية، ورفضها جميع طلبات الزيارة المقدمة في مايو 2024 م وفبراير 2025م.
- تأكيده أن ولايته ركزت على حماية الأفراد من الانتهاكات الجسيمة، ولا تتعلق بالسياسة.
- إن ولاية المقرر الخاص تبحث عن حالة حقوق الإنسان مثل ( الاعتقلات التعسفية خارج طائلة القانون ، والسجن، والتعذيب، والقتل ….) وذكرنا من تلك الحالات إعتقال القاضي محمد مرانت المختفي منذ العام 1991م، والصحفي اسحاق داويت المعتقل مند العام 2001م، وهذا لا علاقة له بالسياسة.
- دعوته للمجتمع الدولي إلى حماية الجاليات الإرترية في المهجر من الممارسات القمعية.
- مناشدة صريحة للمجلس بالتحرك الجاد لضمان عدم إفلات النظام الإرتري من المساءلة القانونية الدولية.
ملاحظاتنا:
- على المستوى الارتري، لوحظ غياب شبه كامل للناشطين الإرتريين عن هذه الدورة مقارنة بجلسات سابقة، حيث اقتصر الحضور على منظمتين فقط(رابطة أبناء المنخفضات الإرترية وHRC-Eritrea ). هذا التراجع يطرح تساؤلات حول تأثير التحولات الإقليمية والتحالفات السياسية على الحراك الحقوقي الإرتري.
- وعلى المستوى الدولي، نعتبر ما حدث في هذه الجلسة مؤشرًا خطيرًا على تراجع كبير في أوضاع حقوق الإنسان بتغليب المواقف السياسية لعدد كبير من الدول الداعمة لموقف الحكومة الإرترية، والتي لم تكتفِ بمعارضة تقرير المقرر الخاص، بل طالبت أيضًا بإلغاء ولايته. ونظرًا لتكرار هذه المطالب من عدة وفود، فإننا نخشى سعيًا جادًا لتغيير هذه الآلية. ورغم ذلك، سنواصل العمل مع كافة المنظمات غير الحكومية من أجل ممارسة الضغط اللازم للحيلولة دون إضعاف آليات المحاسبة، وضمان استمرار المساءلة الدولية.
إعداد: المكتب الحقوقي – رابطة أبناء المنخفضات الإرترية
لمتابعة وقائع الجلسة اضغط على الرابط أدناه:
https://webtv.un.org/en/asset/k12/k12lvwbfw4