october_aldiaa_munkhafadat

محورية الفعل المدني على ضوء انتفاضة الضياء

مثلت انتفاضة مدرسة الضياء في أسمرة، التي قادها الشيخ الجليل التسعينى موسى محمد نور وطلابه وطالباته والنساء والرجال من أولياء أمور الطلاب، ردا عمليا قويا على كل المشككين في جدوى وفاعلية العمل المدني. هذا الطرح الحديث في الساحة الإرترية الذي تقدمت به رابطة ابناء المنخفضات الإرترية.

لقد أثبتت هذه الإنتفاضة التي كانت مدنية بامتياز ولم تعد لها أو تشترك فيها أية قوة من تنظيمات وأحزاب المعارضة الإرترية، ولم تسندها قوة مسلحة، أثبتت جدوى وفعالية العمل المدني حيث افقدت النظام عقله، وشلت تفكيره، وأربكت أجهزته القمعية، وسلطت ضوءا كاشفا على جرائمه وفضحته أمام الرأي العام العالمي والمحلي.

صحيح، أن انتفاضة الضياء كانت عفوية وتلقائية أو بالأصح كانت كالإنفجار البركاني الذي جاء دون إعداد سابق ، كرد فعل على تعدي النظام السافر على المعتقدات والقيم الدينية كنزع الحجاب وإجبار التلاميذ والتلميذات على الاختلاط ومنع تدريس مواد التربية الإسلامية. وهنا نجد تطابقا تاما مع فلسفة الرابطة من حيث فعالية العمل المدني ونضال المكونات، وهذا ما دعت إليه الرابطة.

إذن، ما هو وجه الشبه والاختلاف بين انتفاضة مدرسة الضياء وفلسفة العمل المدني وكيف تجلت رسالة الرابطة في ذلك الحراك المقاوم السلمى الذي خلق لأول مرة رأيا عاما متناسقا، واجماع فريد في لحظة يأس كان يعيشها الجميع. إنها كانت معجزة في تقديرات الذين لا يؤمنون بفعالية العمل المدني وقوته وشجاعته أن تنطلق انتفاضة مدنية خالصة يقودها شيوخ وأطفال في داخل الوطن في ظل البطش والقتل والارهاب الذي تمارسه العصابة العنصرية.

وهذا ما أذهل كل متابع للشأن الإرتري كما أذهل تنظيمات المعارضة نفسها بنفس القدر الذي هز فيه أركان النظام وأفقده السيطرة على مجريات الأمور. فتارة وصفها بحراك أطفال في مدرسة واحدة تم حسمه في دقائق، وتارة أخرى بإرسال رسائل مبطنة مفادها أن ما قامت به مدرسة الضياء هو عمل إرهابي إسلامي داعشى، وأيضاً بمؤامرة قطرية وأمريكية.

ويمكن تلخيص بعض نقاط إسقاطات الرسالة المدنية التي تقدمت بها الرابطة ومقارنتها بانتفاضة مدرسة الضياء في الاتي:

هذه الانتفاضة بدأت مطالبة بالحقوق بالرغم من تراكم المظالم الأخرى حيث أعلنها الشيخ الحاج موسى محمد نور قائلا ( إننا لا ندافع عن حجارة اسمنتية ولكن عن دين وقيم وأخلاق وحقوق ) كما انها بالتأكيد لم تكن صراع من أجل السلطة والجاه وان كانت السلطة نفسها حق من الحقوق، وهو ما يعد من صميم رسالة الرابطة.

خلقت هذه الانتفاضة وان كانت عفوية وينقصها التخطيط نتيجة للظروف القاهرة التي ولدت فيها وطريقة ميلادها القيصرية، خلقت رأى عام تجاه القضية (لم شمل المكونات حول التصدي للمظالم وخلق الوعى بالحقوق والواجبات) وهذا جوهر رسالة الرابطة.

أسباب قيام هذه الانتفاضة كانت الهيمنة القومية والتعدي السافر على حقوق المكونات الأخرى الدينية والثقافية والاحلال والابدال، وهى نفسها اسباب قيام الرابطة.

دعت الرابطة الى أهمية العمل المشترك بين جميع المكونات المهمشة والقوى المناضلة من أجل العدل والمساواة لإزالة نظام الهيمنة القومية ووضع أسس جديدة للوحدة في اطار التعدد والتعايش في وطن يسع الجميع وتتساوى فيه جميع المكونات، وهذا ما تجلى في الانتفاضة التي أطلقت من حي أخريا بأسمرا وعمت بقية المكونات في الداخل والخارج. وتجدر الاشارة هنا إلى ما تقدمت به الرابطة من مبادرة العقد الاجتماعي بين مختلف المكونات والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني كحل للقضية الجوهرية للشعب الإرتري المتمثلة في الهيمنة القومية والفشل في ادارة التعدد منذ ما يربوا علي سبعة عقود.

يصف البعض رسالة الرابطة بأنها جزئية وهي حل لمنطقة معينة وانها خصما على الوطن.
إن مبادرة لم شمل أبناء المنخفضات الإرترية هي من أجل تمكين مجتمع المنخفضات للدفاع عن حقوقه على المستوى المحلي ولعب دوره مع بقية المكونات على مستوى الوطن ككل. ولهذا أقرت في مؤتمرها التأسيسي ورقة حول العقد الاجتماعي كحل لتتبناه جميع المكونات والقوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، ما يعني أن ما تطرحه الرابطة من حل هو لكل الوطن وليس لجزء منه حيث لا يستطيع جزء بمفرده حل مشكلة الوطن. إنها ترى الحل في إدارة التعدد وليس في الدمج القسري للمكونات، وان الانتفاضة أكدت ذلك من خلال دعم ومساندة جميع المكونات الإرترية للمكون الذي قام بالتصدي للنظام دفاعاً عن مصالحه وحقوقه الدينية والاجتماعية.

أبو عثمان

شاهد أيضاً

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الأول أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي   تحاور مجلة الناقوس المناضل الكبير عبدالله سعيد …

شخصية العدد- المناضل المغييب محمد عثمان داير (الناقوس العدد 11)

       المناضل المغيب / محمد عثمان داير                   …

المنخفضات -تنخفض الأرض.. ترتفع الهمم (الناقوس العدد 11)

بقلم/ ياسين أمير الجغرافيا رسم الاله على صفحة الكون.. والجغرافيا ترسمنا حين نحسب أننا رسمنا …

تعليق واحد

  1. جعفر حسين سلطان

    تتويج احداث 31 اكتوبر ، بحراك ومبادرات
    تضامنية من كافة القوي السياسية المعارضة
    لقطف ثمارها لصالح الامة وعدم تهميشها ،
    كسابقاتها . لأن رائحة الصراع الدينى بدئة
    تفوح بجلاء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *