نعم .. للجبهة وبقية الفصائل .. ولكن؟

22_02الحسين علي كرار

طرح بعض الإخوة في بعض مقالاتهم ، أسئلة لماذا لا ينضم أعضاء رابطة المنخفضات إلى جبهة التحرير الأرترية بدل إنشاء تنظيم أو تجمع جديد؟ ولماذا لا نقوي الموجود القديم بدل إنشاء المولود الجديد؟ وهو طرح معقول ويؤيده المنطق والعقل ، ولكن السؤال هو هل الجبهة أوغيرها من الفصائل العلمانية أو الإسلامية في واقعها الذي تعيشه هي فصائل جاذبة حيث ينضم إليها هذا أو ذاك  أم هي فصائل طاردة يغادرها من كان ملتزما بها ؟ وبمعنى آخر هل هذه الفصائل تتحدث عن ذاتها و إنجازاتها ؟ أم يتحدث الآخرون عما أنجزته ؟ هذا هو معيار قياس الجذب والطرد ، ثم ماهي مواقفهم من مصادر الإختلاف من حيث القوة والضعف مع فصائل التجرنية سواء كانوا معارضين أو حاكمين ، في الهويات (الثقافة) والطائفية (الدين) والتملك (الإستيطان) ونظام الحكم (دكتاتوري أم طائفي)  ؟ هذه المفاهيم كذلك تقربهم أو تبعدهم عن جماهيرهم وعامة المجتمع ، لأنها مثار الخلاف العميق بين الساسة والنخب بإختلاف مشاربهم السياسية المتباينة ، ، إن أي تنظيم أو فصيل إذا لم يكن له مبدأ واضح يضحي من أجله فنهايته الإخفاق ، فجبهة التحرير الأرترية أثناء النضال كانت جاذبة لأن هناك كانت قضية واضحة وهدف محدد كان الشعب يضحي من أجله وهو التحرير ، وبإنتهاء الهدف بالتحرير انتفت التضحية لعامة الشعب وأصبحت قضية المعارضة ليست محل إجماع للتضحية ، كذلك المعارضون من حيث العداء للنظام  درجاتهم متفاوته ، فالمؤمنون بالتضحية هم الذين يعارضون سلوك النظام المنحرف وسياساته القهرية ، ومن أصابهم الظلم  بقسوة ، فمن نزع داره ليس كمن لا ينزع داره ، ومن استبدلت ثقافته ليس كالمهيمنة ثقافته ، فهل أشبعت الجبهة وغيرها من الفصائل رغبات القواعد المعارضة التي يقودونها بمواقف وعمل واضح ؟ هذا هو السؤال ، وأعتقد الإجابة عليه ، لا ، إن أحدا لا ينكر لهذه الفصائل أنها ضحت وقدمت الكثير من الشهداء والمعانات واستمرت في النضال والمقاومة  ضد النظام  ، ولكنها في مواقفها العامة تتعامل في كثير من الجوهريات بضبابية أفقدتهم الثقة وأبعدتهم عن قواعدهم ، ومن الواضح أن معظم الناشطين في رابطة المنخفضات وكتابها هم أعضاء في هذه الفصائل ، إذن لماذا شاركوا في تأسيس رابطة أبناء المنخفضات ويدافعون عنها ، أليس اليأس من هذه الفصائل بجمودها في العمل وضبابية رؤيتها في المسائل الداخلية الشائكة هو من حرك هؤلاء لإنشاء الرابطة ، فالجمود تبرره هذه الفصائل بعوامل الإمكانات المادية والدعم وغيره ولكن لا بد عليهم من توضيح ضبابية المواقف، ونأخذ عاملين فقط .

الأول – جبهة التحريرالارترية  والفصائل العلمانية و الإسلامية ، لكي يجدوا موطئ قدم عند معارضة التجرنية المسلطين على رقاب البشر والوطن  لا يعتبرون في التوصيف هذا النظام طائفي ولكنهم يعتبرونه دكتاتوري ، وقبل أن نفرق بين ما هو الدكتاتوري وما هو الطائفي ، نقف على ممارسات النظام ، وبعد ذلك ستأتي الإجابة تلقائيا  ، في المدن القائمة علي ضفاف القاش ، أقام النظام قرى  خالصة للتجرنية الذين جلبهم من المرتفعات ووطنهم بتمليك الأرض في المنخفضات وهي مناطق رعي لسكان المنطقة  بمنطق يقول: فليذهب هؤلاء الرعاة إلى الجحيم.

  • في غرب أوقارو في منطقة (دّنفت) أقام النظام قرية من التجرنية فقط جلبهم من المرتفعات وسموها (عدي شحاي) وأمنوا لهم الأرض للسكن والزرع – وبنفس الإسم توجد قرية في مرتفات التجرنية.
  • في هيكوته في ملتقى خور (شلعت) والقاش قطعوا كل أشجار الدوم والغابات في الجانبين الشرقي والغربي وكانت مراعي لأهل القرى الأصليين ، فأقاموا في الجانب الغربي منذ سنتين قرية تتكون من 2000عائلة جلبوا سكانها من المرتفعات ومن التجرنية فقط وملكوهم أرضا للسكن وأرضا للزرع وهذه القرية تمتد حتى أصبحت قريبة من هيكوته ومن الممكن قريبا أن تسمعوا (حديش هيكوته) ، وفي الضفة الشرقية منه أقاموا مشاريع زراعية حكومية وهم الذين يزرعونها ويحصدونها وكانت كلها أرض مراعي للرعاة
  • في منطقة (بروفايت جاربت) القاش أقاموا قرية للتجرنية فقط جلبوهم من المرتفعات وملكوهم ارضا للسكن وأرضا للزرع وسموها (حديش عدي) وكانت أرضا للمراعي.
  • في منطقة (سابونياي) كذلك أقاموا قرية للتجرنية فقط جلبوهم من المرتفعات وملوكهم الأرض للسكن والزرع وكانت أرضا للمراعي.
  • في بركة أقاموا قرية في منطقة (همبول )شمال غرب أغردات وجلبوا التجرنية فقط من المرتفعات وملوكهم الأرض للسكن والزرع بعد أن دمروا الغابات من الدوم والأشجار وكانت أرضا للمراعي
  • والملاحظة أن هذه الأعمال كلها مدروسة فهم يتجنبون في الإختيار الأماكن المأهولة بالسكان ويختارون الأماكن الخصبة والغير مأهولة وهي مناطق الرعي وذلك لكيلا يثيروا مشاكل مع السكان ، (وهي فكرة أرشد بها ميكيافيلي الأمراء في كتابه الأمير، وعملهم هذا مأخوذة فكرته من هذا الكتاب) والثقل في إقامة هذه المستوطنات هو في القاش لأن بركة في كلا ضفتيه توجد كثافة سكانية عالية ، خذ من منطقة عدردي ، وقار عوبل ، وياجي ، وتكرريت ، كلها مشاريع زراعة وسكنية قائمة ، لهذا ذهبوا إلى منطقة همبول البعيدة ، والتي تعتبر منطقة رعي ، ومن الأمثلة لتجنبهم الإحتكاك بالمواطنين الأصليين ، جاءت مجموعة من التجرنية وسكنت في قرية عد كوكوي وحصل احتكاك كبير بينهم بسبب إختلاف الثقافات وإقترب الوضع من المواجهات ، فجاءوا بعربات الشحن وحملوا كل التجرنية الوافدين إلى القرية إلى مدينة أغردات حدث هذا قبل شهورقليلة فقط.
  • هذه الأمثلة فقط في منطقة محددة وقس على ذلك بقية الأرياف في البلاد ، و كذلك مصيبة الإستيطان والتغيير في هويات المدن الثقافية والسكانية ليست أقل ، فما حصل لمدن بارنتو وكرن ومصوع وجندع وعصب وشمبكو وبشكو وتسني لا يحتاج للشرح ، وهي مدن المياه سواء كانت عذبة أو مالحة.
  • فنسأل الذين يقولون إن هذا النظام ليس طائفي وهو دكتاتوري سواء كان فصيلا أو فردا ، هل الدكتاتور يميز بين مواطنيه  ويفضل أبناء طائفته العرقية والثقافية والدينية ليختار لها موطن جديد خصب في مناطق المواطنين الأخرين الذين يختلفون معه في العقيدة والثقافة ، ويعمل بطريق مباشر وغير مباشربطردهم عن أرضهم وتغيير هويتهم أرضا وشعبا وثقافة وتسخير كافة إمكانات الدولة المادية وتوفيرالحماية الأمنية للمستوطنين من بني جلدته  ؟  إذا لم يعتبروا مثل هذه الممارسات التي ذكرت طائفية ،  فاليأتوا لنا بتعريف للطائفية ربما نحن إختلطت علينا الألوان ، فاليوضحوا لنا ، عسي ولعل نستنير ، ولكن ما نعرفه عن الدكتاتورية أنها تمارس من قبل نخبة سياسية سلطوية وتزول أفكارهم بزوالهم ، ولكن الطائفية انقسام عقيدي في المجتمع على أسس دينية ، أو عرقية أوثقافية أو غيرها ، ولا تزول حتى لو زالت نخب السلطة ، لأن فكر العقيدة الطائفي يحافظ عليه من ينتمون إليه  ، لهذا كل معارضة التجرنية يتفقون مع أفورقي في مثل هذه المسائل فلا يدينونها ، ولكنهم يدينون ممارساته الأخرى المتعلقة بغير هذه الجوانب ويعتبرونها دكتاتورية على وجه الشمول ، وللأسف كل الذين يقولون بدكتاتورية مجموعة أفورقي يشاركونهم في هذا الرأي الشمولي دون تمييز ، ولهذا خسروا أرضيتهم السياسية  وأصبحوا غير جاذبين للمواطنين المعذبين في المنخفضات بهذا الإستيطان ، ولهذا كان ظهور رابطة أبناء المنخفضات من رحم هذه الفصائل رفضا علنيا للتجرنة وتملكهم الأرض بهذه الأساليب غير الوطنية ، حتى لو فشلت الرابطة بالتأكيد ستأتي خيارات أخرى من آخرين رافضة لهذا الظلم المرفوض ، كذلك يجب أن نفرق هنا بين هذه الممارسات الطائفية وبين ما تنص عليه كل دساتير العالم الحر بحرية التنقل والتملك.
  • العامل الثاني – كذلك نأخذ مواقفهم من (حزب الشعب) الجناح الخارجي للمجموعة الحاكمة ويحمل نفس إسم الحزب الحاكم كما يسمونه  ، قرأنا قبل فترة قريبة أن حزب الشعب صرح بأنه لا يعترف ولا يتعامل مع فصائل المعارضة إلا مع فصائل حددها وذكرها ، وأعتقد أن هذه الفصائل جميعها هي الأسبق منه في المعارضة والأعرق منه في مواقفها ضد النظام وتقديم التضحيات ، سواء من قبلهم أو رفضهم ، ولكن ما الذي جعل هذه الفصائل أن تقبل بالدونية وتقبل أستاذية هذا الحزب المتغطرس والذي لا يختلف عن حزب النظام وهو يفرز المعارضة للكيد والتشتيت ، ومواقفه معروفه من المجلس الوطني ، فمن فضلهم يرون أنفسهم قد وجدوا غنيمة يتسابقون عليها ، أليس هذا هو الضعف المنفر ؟ وإذا سألنا كذلك أن هذه الفصائل كلها تحمل علم النضال القديم الأزرق وحزب الشعب لا يعترف به ، فإذا كانوا يحملونه كرمز وهدف ومرفوض من حزب الشعب ، هل سيدوسنه في التراب؟ أم سيلقونه في اليم ؟ ماذا سيفعلون به ؟ولماذا يحملونه أساسا إذا كانوا عازمين بإلقائه دون تحقيق أهدافهم ، وهل يضمنون بقاء الحزب وبأنه الوريث الشرعي للنظام في ظل تجاذبات التجرنية أنفسهم؟.
  • فإن قادتنا في فصائل المعارضة من كان منهم تنظيمه إسلامي قد أصبح متقاعسا ومساوما ومنظرا وقد رضي بما تأتي به الأقدار له من سلطان ، ومن كان علمانيا يرفع ومن غير أن يعلن راية اليسار و يرى أن هناك عامل مشترك كما يتهيأ له مع حزب الشعب الطائفي والجناح الخارجي لمجموعة الحكم ، لهذا يهرول ويجازف على شيء يضعفه ولا يعطيه قوة ، فإذا كان هناك فكر يساري ارتري منظم لا أحد يرفضه ولكن يعلن برنامجه بوضوح ولا يطلب النجدة من حزب الشعب الفاقد الشرعية ، ولعل تأسيس مثل هذا الحزب بدل الهرولة قد يكون مقبولا في المجتمع كحزب جديد يأخذ كل مصالح المجتمع بعين الاعتبار، لأن مفهوم اليسار اليوم يختلف عما كان عليه سابقا ، فنري الرئيس (أوباما) اليساري يحكم أمريكا بفكر رأسمالي ، والرئيس (بوتن اليساري يحكم روسيا بفكر رأسمالي ، والرأسمالية كذلك ليست كما كانت ، و أن يحدث هذا كان أمرا مستحيلا قبل عشرون عاما ، وليس القتال بين روسيا (لينين) وأوكرانيا (برجنيف) وجورجيا (ستالين) اليوم إلا على الهويات الثقافية والإثنيات ، وليس الصراع القائم بينهم على فكر اليسار الاقتصادي والاجتماعي الذي نعرفه  ،  فيجب  قراءة الحروب جيدا في دول ما كان يسمى بالمعسكر الشرقي ، وكذلك قراءة الوضع الداخلي الارتري في إثنياته وثقافاته،(وليس اختصاره على وجبات الرقصات)، فأنتم تقودون شعب حنكته وسّيسته الأحداث عبر الخمسون عاما ، ويفرز ما يحدث ، فالتجرنية بقيادة أفورقي دون مجاملات ولا محاباة وبقسوة ، أوجدوا أو خلقوا ما يمكن أن نطلق عليه اليوم ((بالإقطاعية السياسية للتجرنية وممارسة الرق الإداري على الآخرين))

وكل عام وأنتم بخير

شاهد أيضاً

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الثاني أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي متابعة : ماذا حدث لك بعد نجاح العملية …

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الأول أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي   تحاور مجلة الناقوس المناضل الكبير عبدالله سعيد …

شخصية العدد- المناضل المغييب محمد عثمان داير (الناقوس العدد 11)

       المناضل المغيب / محمد عثمان داير                   …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *