من كتاب ” صمود الهويات ودحض المفتريات ” – الفصل الأول – (2)

sumud2

 الفصل الأول : الإفتراء على الهويات يؤدي إلى كوارث إنسانية(2)

هذا عصر الإفتراء من أجل الهيمنة

الافتراء لغة هو الظلم بممارسة البطش والاختلاق – والادعاء بالباطل والكذب.

وإذا كان الظلم بممارسة البطش هو معنى من معاني الافتراء فإن ما نسمع عنه حول العالم  من مظالم، وتزوير الحقائق التاريخية وتجييش الجيوش وغزو البلدان وإزهاق الأنفس على أساس معلومات غير صحيحة أو مفبركة لتمرير أجندات سياسية هو الافتراء بعينه. لقد درج كل أصحاب القوة المدعومين بالمال والسلاح في ممارسة الافتراء للوصول إلى غاياتهم منذ عصور بعيدة، وإن تغيرت الأساليب من عصر إلى آخر .

في عصرنا هذا بعض وسائل الإعلام العالمية درجت على قلب الحقائق وتحويل الجلاد إلى ضحية والضحية إلى جلاد وإبراز ذلك للرأي العام العالمي كأنه حقيقة، وتكرار الافتراء (الكذب ) ليل نهار حتى يبدو حقيقة مسلم بها .

الافتراء بين الأفراد المراد منه الإضرار بالشخص المفترى عليه وتشويه صورته لدرء مصلحة عنه أوجلب مفسدة إليه .والغيبة والبهتان تعتبر أبشع أنواع الافتراء لأن المفترى عليه غائب عن المسرح.

هناك مقولة معروفة في الدوائر الغربية  تقول أكذب وأكذب ثم أكذب ثم أكذب حتى يبدوا الكذب صدقاً. ويبدوا  إن هذه المقولة لها أتباع كثر حول العالم في هذا العصر، منهم مؤسسات الإعلام التي تدعم إسرائيل وتمول  برامج الاستيطان في فلسطين.

ومن ذلك بعض المنظمات المشبوهة التي تدعي رعاية حقوق الإنسان فتفتري على بعض الدول المغضوب عليها من قبل الدول القوية ويُطلب من مجلس الأمن فرض عقوبات اقتصادية وسياسية عليها على أساس تقارير مشبوهة ومغرضة أحيانا.

ومن ذلك وكالات الاستخبارات التي تفتري على الدول زورا وبهتاناً تمهيداً لغزوها أو لفرض عقوبات عليها ثم تعترف بعدم وجود ما كان متوقعاً بعد تنفيذ الغزو وإهلاك ملايين البشر وخراب الديار ، وما حدث في العراق وأفغانستان خير دليل على هذا الافتراء.

ومن ذلك بعض مراكز الأبحاث التي تلوي عنق الحقيقة وتوجه الأبحاث نحو الأهداف المدفوع من أجلها وتتغافل عن الحقيقة وأحياناً تعومها بحيث تبدو مشكوكٌ فيها كذبا وافتراءًا. مثل هذه المراكز هي الأخطر لأنها تستخدم العلم لأغراض غيرعلمية، لذلك يجب أن تخدع مراكز الأبحاث العلمية لمعايير دولية متفق عليها وترخص من قبل منظمة الأمم المتحدة لاعتماد أبحاثها وخصوصاً فيما يتعلق باللسانيات وعلم الاجتماع والإثنوغرافيا والأبحاث ذات العلاقة بالسكان وحتى السياسة والاقتصاد.

وما يلفت النظر إن الجبهة الشعبية وهي ثورة في الأدغال والجبال كانت تنعت أمريكا بكل النعوت السيئة كالامبريالية والاستعمار الجديد وحلفاء الصهيونية والتوسعية وما إلى ذلك وتنشر ذلك في دورياتها ودوراتها التعبوية ورغم ذلك رأينا الإدارة الأمريكية تعترف فقط بالجبهة الشعبية للتصالح مع إثيوبيا في لقاءات الأيام الأخيرمن الثورة بمعنى آخر كان هناك إفتراء وحجب الحقيقة من الشعب وحتى من الجنود.

وارتريا من دول العالم الثالث التي يمارس حاكمها أقسى أنواع الافتراء على الرعايا وهو في غرارة نفسه يعلم ما يفتريه ولن يلتفت لأي معايير أخلاقية طالما ليس هناك قوة مباشرة تردعه ويخدم بعض قومه الأقربين وليقل التاريخ ما يقول .

والنظام في ارتريا ظل يمارس الافتراء بشتى صنوفه منذ استقلال البلاد،  في وسائل الاعلام الشحيحة. على سبيل المثال لا الحصرهناك افتراء على السكان وعلى ثقافتهم بالقول إن الذين اختاروا لهجاتهم المحكية المحلية لتعليم أطفالهم هم السكان أنفسهم. والافتراء على الأفراد العزل بزجهم في السجون بدعاوي أمنية غير مؤكدة دون أمر قضائي ودون تحقيق نظامي، ودون تقديمهم للمحكمة في مدة محددة قانونا، وتغييبهم لسنوات طويلة في غياهب سجون مجهولة حتى الموت، ونكران وجودهم في السجون. والافتراء على الشباب الذين يؤدون الخدمة الإلزامية دون مقابل ولزمن غير محدد.

بل أعظم الافتراءات هوالافتراء على الوطن بعدم الاعتراف بهويته الوطنية وبلغاته الرسمية – وبحقوق شعبه ونضالاتهم والاصرار على الحكم بقوة الحديد النار دون دستور ودون قوانين مكملة للدستور.

والافتراء بأكل أموال الناس بالباطل عبر ضرائب باهظة وغرامات لاسباب تتعلق بهرب الشباب من الخدمة الإلزامية ومنع الناس من العمل بحرية والسفر بحرية والحديث بحرية والكتابة بحرية.

وهناك العديد من أنواع الافتراءات التي تمارس على الشعب الارتري المغلوب على أمره  في المهجر والوطن دون وجه حق…  ولكن هل المفترون يعلمون إن ” كل من عليها فانٍ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام.” ؟ كلا .

وقد نهى ربنا عن الافتراء أيٌ كان مصدره  :

قال تعالى:

وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ نَصِيباً مِّمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ }النحل56

وقال تعالى:

{فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ }آل عمران94

وقال تعالى:

{قُلْ أَرَأَيْتُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ لَكُم مِّن رِّزْقٍ فَجَعَلْتُم مِّنْهُ حَرَاماً وَحَلاَلاً قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْأَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ }يونس59

وفي قوم عاد قال تعالى:

{وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ }هود50

وقال تعالى:

{وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى }طه61

وقال تعالى:

{وَقَالُواْ هَـذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَّ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَن نّشَاء بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُهَا وَأَنْعَامٌ لاَّ يَذْكُرُونَ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاء عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِم بِمَا كَانُواْ يَفْتَرُونَ }الأنعام138

وفي قوم بني إسرائيل قال تعالى:

{إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ }الأعراف152

صدق الله العظيم .

شاهد أيضاً

تهنئة

بمناسبة عيد الفطر المبارك تتقدم رابطة ابناء المنخفضات الإرترية للشعب الإرتري الأبي بأصدق التهاني القلبية …

الاعلام بين الماضي والحاضر

بقلم محمد نور موسى ظهر الإعلام الإرتري مع ظهور الحركة الوطنية الإرترية في مطلع أربعينات …

من مواضيع مجلة الناقوس-العدد التاسع

سعدية تسفو فدائية من جيل آخر! نقلا من صفحة الاستاذ ابراهيم حاج لترجمته من كتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *