مفهوم الالتزام بالنظم واللوائح 

محمد نور موسى

مما لا شك فيه أن الانضباط والالتزام والتقيد بالنظم واللوائح يعكس مدى الوعي والنضج السياسي الذي يتمتع به أعضاء هذا الحزب او ذاك التنظيم أو تلك المنظمة الحقوقية أو المدنية ، إن احترامك وحرصك وتطبيقك للوائح والقوانين ، يؤكد الدرجة الرفيعة من الوعي الذي تتمتع به ، و يعكس في نفس الوقت المستوى الراقي والمرن للأنظمة والهياكل المعمول بها داخل المنظمة ، وأن الوعي والنضج السياسي لدى قواعد المنظمة ، حتماً سيجنبها مرض الانقسام والانشقاق التي تعاني منه الساحة السياسية الإرترية .
فاللوائح والقوانين كما هو معلوم تُسن دائماً لحفظ المنظمة وإستمرار بقائها ككيان متماسك ، ولصونها من الانقسام والانشقاق الذي قد يقع لمجرد التباين في وجهات النظر بين أفراد المنظمة.
ومن هنا نؤكد بأن اللوائح والقوانين لا تُسن لكي تقيد حرية الأعضاء ، ولا لكي تحرمهم من حقهم في إبداء الرأي وتقديم النقد البناء الهادف،وإنما على العكس تكفل لهم حقهم الديمقراطي..وهذا هو ما يجعل وجود اللوائح والقوانين والسلطة التشريعية والتنفيذية أمر في غاية الأهمية. وبهذا تبدأ درجة الفهم والوعي لدى العضو واحترامه والتزامه باللوائح والقوانين التي تم إقرارها
و أحياناً القيادات تقع في إشكال لعدم تطبيق الأنظمة واللوائح ، لأنها تتصرف مراعاةً لبعض التقديرات التي تراها في حل بعض المشاكل،فتقع في المحظور فتجلب لنفسها ولمنظمتها بعض الإشكالات التى ينبغي أن يتم التعامل معها من خلال اللوائح والأنظمة المعمول بها في النظام الداخلي للمنظمة .
والإنسان عندما يضع اللوائح والقوانين،يضعها بهدف الإلتزام بها وليُمارسها من الناحية العملية على أرض الواقع ، وليستعين بها في حل المشاكل التي قد تنجم عن خرق أو عدم إلتزام بالإنظمة المعمول بها في المنظمة. وأن الذي يرفض تطبيق اللوائح والقوانين ويسعى لتقويضها ،إنما يعمل لخلق الفوضى والتخريب ، وهذا يعتبر مخالفة وخرق للنظام يعاقب فاعله لعدم امتثاله للوائح والقوانين من حيث يدري أو لا يدري.
إن نجاح العمل السياسي أو النقابي أو الحقوقي، يُحتاج وجود لوائح وقوانين لفض الخلافات التي قد تظهر أحياناً والتي تحتاج إلي الاحتكام للوائح والأنظمة التي أقرها، وأن الامتثال للوائح والقوانين يُعد فوق الأفراد والجماعات أياً كان مركزهم.
إن التلاحم العضوي بين القيادة والقاعدة يعكس قوة المنظمة ومتانة وتماسك بنائها التنظيمي وسلامة إستمرارها، فالتلاحم بين القيادة والقاعدة يدفع بعمل المنظمة إلى تحقيق الوحدة الداخلية ويضمن لم الشمل . والانضباط التنظيمي يُمثل أحد أهم مظاهر التلاحم بين القيادة والقاعدة ، والانضباط يعني الالتزام بالأوامر القيادية والتقيد بالقرارات التي تصدرها القيادة ، وهذا يعني أن القاعدة ملزمة بالانضباط أمام القيادة ، والقيادة تلتزم بالانضباط أمام النظم واللوائح التي أقرتها.
فعندما تلتزم القيادة وتمارس الانضباط وتتقيد به في رسم سياستها وجب على القاعدة الانضباط أمام توجيهات وأوامر القيادة، والعمل على تنفيذها وإن من حق القيادة على القاعدة الالتزام باللوائح والقوانين من أجل المصلحة العامة.
وأن أي عمل سياسي أو نقابي أو حقوقي لا يمكن أن ينجح أو يتطور ما لم تتوفر في عضويته روح الانضباط ، ولا انضباط إلا بالسمع والطاعة، ولا طاعة إلا في خدمة المصلحة العامة.
ومع الأسف الشديد أصبح هناك عرف سائد في ساحة العمل السياسي الإرتري ، وهو معرفة كل صغيرة وكبيرة داخل المنظمة من قبل القاعدة بحجة الشفافية وهذا يُعتبر من الأخطاء الفادحة فالمعرفة علي قدر التكليف والحاجة هي الأسلوب الأمثل للحفاظ علي صيرورة العمل داخل المنظمة أو التنظيم.
مقررات المؤتمرات من لوائح ونظم عادة تعطي لكل من القيادة والقاعدة حيزاً من المساحة تحفظ فيه حقوق كل طرف. فلا يجوز للقاعدة أن تعرف عن كل صغيرة وكبيرة حتى تنضبط . لأن القاعدة عبر ممثليها في المؤتمر أقرت اللوائح والأنظمة لضبط سير وسلوك القيادة والقاعدة ، وبموجب هذه اللوائح والقوانين منحت الصلاحية للقيادة لتقود هذا العمل ، فإذا ما حدث إشكال أثناء العمل يتم علاجه وفق هذه اللوائح والأنظمة الداخلية للمنظمة التي تم إقرارها بالطرق الديمقراطية.

فإذا ما فكر فرد أو جماعة بالتصحيح والتغيير في اللوائح والأنظمة التى تم إقرارها ، عليه أولاً أن يتبع النظام في تحقيق ما يرمي إليه من إصلاح أو تغيير ، من خلال إتباعه القنوات الشرعية والطرق الرسمية، حتى لا تتحول عملية الإصلاح أو التغيير الذي ينادي به إلى فوضى تنظيمية ، وحتى لا يكون هناك مجال للتخريب.

وأن أي عمل يقصد من ورائه التصحيح .. وينجذب إليه المرء بحسن نية وحماس دون دراسة وفهم عواقبه ومعرفة ما سيتمخض عنه من أهداف ومصالح وفق اللوائح والنظم الداخلية للمنظمة ، سيؤدي إلي الانشقاق والانقسام، وبالتالي العداوة، والبغضاء، والإحباط، وفقدان الثقة.

إن الأمورالإدارية التى هي من صميم عمل القيادة ليس من حق القاعدة التمرد عليها، وعصيان أوامر الالتـزام بـها مادام انها أقرت رسمياً عبر مؤسسات التنظيم التشريعية.

ومن حق القيادة أن تُلزم القاعدة بما أقرته ، ضبطاً للأمور والمواقف، ودرءاً للمفاسد المترتبة على ترك كل فرد وشأنه أو قناعته، ومن الوعي باللوائح والقوانين المنظمة للعمل أن تنضبط القاعدة ولا تنفلت، وأن يسير الكل خلف القيادة فيما اجتهدت فيه، مع الاحتفاظ بوجهة النظر المخالفة.

وفي بعض الأحيان قد تتخذ القيادة بعض المواقف انطلاقاً من مبدأ الحرص على المصلحة العامة ، ومن الممارسات المنافية للقيم والأخلاق السياسية والمفاهيم والمبادئ النقابية ، انزلاق بعض الأشخاص إلي استنفار القواعد الجماهيرية وتحريضها وتزييف وعيها من خلال بث البلبلة بإنصاف الحقائق لحملها على التمرد وكسر حالة الانضباط التنظيمي التي تعد إحدى أهم عناصر القوة والتماسك لأي عمل منظم ، وإعلان موقف العصيان والتشنيع على القيادة بغير حق ، إن من يقوم بمثل هذا السلوك الشائن هو كمن يطلق النار على قدميه بمخالفته اللوائح والقوانين التي شارك في إقرارها.

ولكي تترسخ مفاهيم الانضباط التنظيمي لدى القواعد الجماهيرية، يتوجب على القيادة
التصدى لكل ما من شأنه إثارة الاضطراب وضرب الروح المعنوية في المنظمة، وذلك بالعمل على تحييد كل ما من شأنه إضعاف عامل الثقة وهز الانضباط وفق اللوائح والقوانين.
ومحاسبة كل مسؤول من القيادة والقاعدة في المهام الموكلة إليه ولا يستثني من ذلك أحد، وإلا فستضرب الفوضى بأطنابها حتى تهدد الكيان المنظم بالفناء.

.

نقلا عن مجله الناقوس الثقافية العدد الثاني

.

.

شاهد أيضاً

مواضيع مجلة الناقوس – العدد العاشر- شخصية العدد

الشهيد سليمان ادم سليمان.. عاش انسانا ومناضلا.. أعده / الأستاذ محمود أفندي تغوص بك عزيزي …

من مواضيع مجلة الناقوس العدد التاسع – الملف الثقافي

قصة قصيرة دروب مجهولة (٢) بقلم أبو محمد صالح  صمت الجميع، صمت أعقبه صراخ، الكل …

مواضيع مجلة الناقوس العدد التاسع-الملف الثقافي

مَن الذي اخترع الربابة البجاوية.. ولماذا اسماء اوتارها بالبداويِّت وليست بالتقرايت؟ بقلم عبد العزيز ابراهيم …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *