غلبة المعادلة الصفرية‏

eritrean roads 5

أبراهيم عثمان

الساسة … في الغالب يحسنون عذب الكلم واداء الاغانى الوطنية الحماسية بحيث يتضائل امامها ما يضمرون…
الوضع السياسي المتردى فى الداخل / والخارج، والشتات المستغل (بفتح الغين) بمكر منذ امد بعيد و نذر الدولة الفاشلة يلوح فى الافق بجانب الامانى الممتدة لايجاد مخرج من الدوامة قد دفع باصحاب المصلحة الى  البحث عن مبادرات تتجاوز  زخرف الكلام.
فقد اتت المبادرات المؤيدة للتغيير تباعا وكذلك المعارضه لها بما فى ذلك المثبطة والمواربة.
نرحب بالمبادرات التي تضيف قيمة جديدة  او على اقل تقدير امسكت عن هدم المنجزات.
لقد استرعى انتباهى مؤخراً  مبادرة ( EFNDأفند)  ارتريين لتيسير الحوار الوطنى للاسباب التالية :
1 مجموعة خاصة لتيسير الحوار الوطنى
2 الاشارة الى الامام الى الامام
3 اقتباس محفذ ينبا عن تميز فى المخرجات
ولكن ..وجدت إن الشريحة المستهدفه من النداء هى القوى الديمقراطية (لتعيد الذاكرة  الخربة الى الحوارات المكوكية بين الجبهة والجبهة الشعبية) حتى تلك “اللمة ” مقبولة طالما كانت المواقف معلنة.

وفيما يلى ما اقتبس فى المنشور.”الديمقراطية لا تعنى ان يقول المرء ما يريد قوله بحرية ولكن تعنى المقدرة على الاعتراف بآراء الآخرين وتحملها مهما كانت مخالفة مخالفة جذرية لآرائه وهذه لبنة اساسية للمصالحة الصادقة والحوار البناء  “.
هذا الاقتباس ولا اروع ولكن يتبعه رايهم الآتى:
“عند الازمات تصبح  محددات الاشكال الخارجية للهوية مثل العشيرة والقبيلة والعرق والدين اوالمنطقة ملاذا تقليديا للذين يسعون الى تحقيق تطلعاتهم  ومصالحهم الشخصية باسم  من يدعون تمثيلهم”.

هناك مثل دارج مفاده خد بنصائح الواعظ ولا تقلد افعاله.
وبما انها مجموعة خاصة لا تمثل تنظيما سياسيا او مدنيا الا انها بهذا تقوم بتحريض سياسى تقليدى عفى عليه الزمن .
ماذا تركوا لاجهزة النظام القمعى…على الاقل للنظام القمعى وسائل تعذيب متقدمة تسحب الاعتراف بنوايا المتهم الدفينة  اى السعى لاحقاق  المصالح الشخصية عكس ما يعلن..
وتلك بداية غير موفقة لوسيط خصص جهده لتحقيق  المصالحة.

مع الاسف ان كلمة الديمقراطى تزعجنى بعض الشئ لانها وتوابعها تمنح بكل اريحية وبلا مقابل تماما كبطاقة تربل ايه بامريكا.
ومعنى عبارة القوى الديمقراطية فى فهمنا السياسى الخلاق شديدة الغموض وغالبا لا توفق فى الاختبار التطبيقى مع كامل احترامى واعتذارى للمناضلين الوطنيين الذين قضوا تحت رايتها بايمان صادق فى الزمن الجميل. ونفس الحال ينطبق على تعريف الرجعية واخواتها.
المهم ليس ما هيتك ولكن ما هو نجمك. والنجم الشمالى تحت اى مسمى نجم شمالى.
الاقتباس الاستهلالى يقول : ” لا تذهب حيث ينتهى بك الطريق بل اذهب  حيث لا طريق واترك ورائك اثر يقتفى،،.
لم اجد ما يوحى بذلك  فلم ارى فيما قرأت  طريقا جديدا او لا طريق حيث ان ما بدى هو تكرار التاريخ المعروف مشيناه خطا ، اذاً ما علينا الا الانتظار  حتى نرى مخرجات المؤتمر المزمع عقده.
والمهام العاجلة للمجموعة هو اجراء مصالحة داخل كل تنظيم سياسيا كان ام مدنيا ومن ثم السعى لاجراء مصالحة بين اتباع جبهة التحريرالارترية والجبهة الشعبية .
ان الانقسام بين الجبهة والجبهة الشعبية هو تاريخ استنفذ استخدامه لدى الشباب والمخضرمين. والحنين الى الماضى ليس بسياسة فعالة ..فابحث  فى الواقع عن شيطان الانقسام .
كما يسوقون تجربة مانديلا الصفح والتسامح مع الجلاد. مع ان حالة جنوب افريقيا العنصرية تختلف عن الصراع فى ارتريا… تم فى الأولى تحديد الصراع وادينت العنصرية فى كل العالم مما اجبر النظام على سرد جرائمه بالتفصيل  نادما امام الضحايا الاحياء ودوى الاموات فى ساحات القضاء.
الا تقتضى الحكمة تحديد الجلاد والضحية فى ارتريا بعيدا عن “الحيطة المائلة ” او قميص عثمان، اى دكتاتورية الرجل الاوحد. ومن ثم ادانته والتشنيع به.

هناك مثل سودانى يقول “يشوف الفيل ويطعن فى ظله”
ما نعايشه اليوم ليس محددات اشكال خارجية للهوية لكن نظام شوفينى حقيقى تم تحمله طويلا وهو لا زال مقبولا  فقط ينقصه الاب الروحى الحى .
وفى المقابل هناك طيف من المكونات المهمشة بما فيهم المسلمين والمنخفضاتيبن والكنامة والعفر … الخ وبعض الديمقراطيين وهضاب او قمم الدولة المتهالكة. كيف غاب عنهم  كل ذلك بعد 14 شهرا من التحضير .
وبعد الاكثار من استخدامهم لتعبير المليشيا السياسية يتوجونها بالاتى ” من الافضل مناقشة القضايا حتى ان لم يتم حسمها  بدلا من حسمها دون مناقشتها.”
لقد توقعت تحديد الداء والاشارة اليه بوضوح ولكنهم وبعد التفاصيل احجموا ببراعة قائلين “يحب عدم الاستنتاج مما ذهبنا اليه باننا نشير بابهام الاتهام الى اى فرد او مجموعة متورطة فى المليشات السياسية الى يومنا هذا. غير انه وبكل صراحة الامكانية موجودة. واذا اعتقدنا خلاف  ذلك فاننا سوف نقع فى فج عميق لا خروج منه  محاصرين  بالاوهام وخداع الذات.  وعبأ المسؤولية التى نتصدى لها تحتم علينا استباق ميلاد مثل هذه الاجنة واجهاضها فى الارحام الامر الذى يستدعى اليقظة فى المستقبل . ،،
جميل لم يحددوا حتى الان اى جنين وكيف لهم استباق التكوين…المهم الامر المحزن انهم وضعوا التناقض الرئيسى فى مرتبة ثانوية واهتموا بالتناقض الثانوى..

” والواقع أن النضال ضد الميليشيات السياسية يمكن أن يكون أصعب من محاربة الطغاة الفاقدين اصلا للمصداقية لان الميليشيات السياسية لا تخضع للمساءلة. وعلى اية حال فإنها ترفع نفس راية الديمقراطية كما يفعل الديمقراطيين التقدميين ، ولكن سياساتها رجعية بحراكها المضاد وباستخدام محددات اشكال الهوية الخارجية كالقرابة والعشيرة والعرق والدين و/ او المنطقة ،،
كل سياسة الترويع هذه ولم يستدلوا حتى الآن الى النطفة المراد إجهاضها المسبق استنادا الى تجربة كينيا والصومال وليبيا ..الخ .

بما ان النظرة الثاقبة والحكيمة الى الداخل تكفى ليتضاعف الخوف ولكن الاريتريين الذين ترعرعوا على  مشاعر وطنية عميقة الجذور لم يستخدموا الملاذات العاجلة كما يتوقع طبيعيا من اى شعب يرزح تحت الاضطهاد. وليس من المؤكد الى اى مدى سوف يتعايشون مع غلبة  المعادلة الصفرية…
نلسون مانديلا المعروف بالصفح والتسامح مع المعتدى يقول “المناضل من اجل الحرية يتعلم بطريقة صعبة .أن الظالم هو من يحدد طريقة الصراع ، والمظلوم غالبا ما يترك دون خيار سوى استخدام الاساليب التى يستخدمها الظالم. عند نقطة معينة لا يمكن للمرء الا محاربة النار بالنار”
اذا كان اسم المجموعة ارتريين لتسيير الحوار بين القوى الديمقراطية (EFND) لما استرعت انتباهى لان المعني معلوم بداهة فى اطار السياسة الارترية.
ونامل من المؤتمرين ان ياتوا بما لم تات به الاوائل من القوى الديمقراطية الارترية وينصفوا مصطلح “الوطنية” المتضمن فى مسماهم المختصر “أفند” بالانجليزية.

وسوء فهم آخر هو ” اتى دورنا لنبتلع ” صرخة من النخب الكينية التى استدلوا بها . وهذه لا علاقة لها بالواقع الصارخ لدينا إلا اذا كان المقصود صراع القوى الديمقراطية على السلطة.

الحياة مليئة بالأفكار والمصالح المتباينة ، على المرء أن يقف على التل الآخر ويرى بنفسه من هناك التل الخاص به. أو على راي المثل الامهرى  ما هي الفائدة من الرقبة إذا لم تمكنك من الاستدارة والنظر حولك. ومن طبيعة الاشياء فى الازمات البدأ بما تيسر والعمل على الدفاع عن المصالح المشتركة .

إن أولويات الأغلبية اليوم لتفادي الدولة الفاشلة هوتأمين وجودهم أولا و الوقوف من أجل حقوقهم والحصول على نصيبهم العادل في السلطة والثروة  على ارضية  التساوى والندية ، وغني عن القول أن يتم تأمين ذلك قبل اقتلاع النظام المتهالك .
يقولون السيادة للقوى الداخلية ! فعلا مقدمة عادلة اذا كان المعنى الشعب (حقا) وفعاليته..ومع ذلك اذا سحبت امريكا البساط السياسى فان نجاح المكونات السياسية مرجح. ولكن السؤال هو الاستدامة والثبات. انها ليست مسالة اصلاح سريع  المطلوب هو رؤية ثاقبة للبنات المصالحة وايجاد حلول استراتيجية تنتشل البلاد من هاوية الدولة الفاشلة الماضية إليها بامتياز.

كما ان المعدل التراكمى لافراغ البلاد من المواطنين ومنذ زمن سحيق يتم بوتيرة اعلى من المواليد فى التنور الداخلى ، ذلك ان تمكن الاباء من الحرث. واذا استمرت وتيرة النزوح دون رادع سيطغى عدد النازحين على من  بالداخل خلال بضع سنين ان لم يكونوا فعلا تجاوزوهم اليوم. وسوف يعودون باشكال ومفاهيم وازياء مختلفة.

ما يحتاج جل الاهتمام هو كيفية التعامل مع الخنجر المزدوج المؤسسة العسكرية وامتداداتها …فانها تشكل تهديدا خطيرا لاسيما وقد شكلت بعناية فائقة وبنيت لبنة لبنة لخدمة الهيمنة في رابعة النهار.  ولن يقف هذا الجيش متماسكا مالم تخرج النخب من صوامعها وتفرك عينيها جيدا لترى المخاطر ولمعالجة قضايا حقيقية خطيرة. لتجنب اندلاع حرب لدينا من أمراء حرب يرتدون الزى العسكرى الرسمى تم رعايتهم وتدريبهم للمهام. (على غرار سابقة اخوتنا فى المستعمرات الايطالية السابقة).

والاخوة السياسيين فى (افند) يناشدون الجيش الارترى ليقتدى بالمثال التونسى حيث موقف الجيش المشرف.
هنا نخب الجيش التونسى وكبار الضباط التونسيين يمتازون فى مهنيتهم حتى عن افضل الجيوش المجاورة التى استحقت رتبها حسب الاصول المرعية  ناهيك عن مقارنتها بما لدينا من امراء الحروب . ثم ان محو الامية بتونس مرتفع جدا يثير الحسد. الى جانب امساك بن على عن افساد الجيش رغم افساده الحياة السياسية.
كما ان “افند” تستدل بالوضع الصومالى وذلك اقتباسا عن احساس زميلهم من الصومال ابدى قلقه من بوادر تكرار الفشل الزريع الذى اصاب الصومال في ارتريا اعتمادا على متابعته للاتجاهات القائمة. وليس ذلك بتخمين غير مؤسس الا انه الخوف من المؤسسة العسكرية وطبيعة تكوين نخبها. والطلاق ابغض الحلال  هو الملاذ الأخير، وفي بعض الأحيان يمكن ان يصبح الطلاق منصفا كما كان  في أرض الصومال .

وبالمناسبة، يحضرنى هنا دفاع صومالى محنك عندما عبرت له عن استيائى الشديد من انفصال ارض الصومال قائلا:-
1- تأريخيا نحن من طالب بالوحدة غير المشروطة مع الصومال الايطالى عندما وافقوا على مضض بعد املاء شروطهم.
2-  لقد كنا الاقل حظا فى الخدمة المدنية (فارق ارث الاستعمارين الانجليزى والايطالى)
3- كانت النخب لدينا تحلم بتاسيس دولة حديثة وكان لديهم نخب تسعى لتفريخ دويلات مافوية داخلية.
4- قام سياد برى وزمرته من الجنوب بانقلاب عسكرى تحت شعارات ثورية ولم تقصر من التدابير القبلية الفاشية .
5- قام بتهميش ارض الصومال وسجن وقتل اصوات الحكمة بلا استثناء المسلم والليبرالى.
6- واخير لجأ اهل ارض الصومال الى رفع السلاح من اجل الحرية ودفع الدم والعرق وتعرض للابادة وحرق البيوت الى رماد والتهجير والقنابل تتساقط كيفمااتفق بصورة عشوائية.
7 – وفى النهاية لقد اصبح ارض الصومال حراً رافع الرأس  بسلطته العادلة وتوزيع الثروة والسلطة   وفق اكثر من معدل اقتراع فى المنطقة وان كانت اصغر دولة ينقصها الاعتراف الدولى الغارق فى ازدواجية المعايير الا انها اليوم تنموا باضطراد بالاعتماد على الذات تاركة وراءها الصداع فى بيت الظالم ، البيت الحاضن اليوم لامراء الحرب .
واخيرا قال لى اذكر لى امير حرب واحد فى ارض الصومال وتربح الجولة.

وبغض النظر عن صحة روايته شعرت فى اللحظة بصدى مأساة بلادى وتراجعت اجرجر ذيلى وبمسحة بكائية قلت الآن وقد التأمت الجراح قد تكون الفيدرالية حلا منصفا مربحا للجميع فور استقرار الوضع فى الجنوب.
ولكن مازالت  كلماته حتى الآن  ترن فى اذنى “ما هي الفائدة من أمة كبيرة مع مواطنة من الدرجة الثالثة مقزمة ومهمشة !؟” .
ودائما أسأل نفسي لماذا نحن نضحى بالكثير من الأرواح لمشاريع طائشة بينما في النهاية نحن محكومون بالجملة كمواطنين عابرى سبيل من الدرجة الثالثة مع سهم يشير إلى السماء في أحسن الأحوال.

يقول الاخوة فى “أفند” المهمة العاجلة هى ازالة نظام الفرد..والاهم هو البديل..
اسمحوا لى استعارة العبارات الكبيرة من القوى الديمقراطية  من شأن “التشخيص الدقيق والعلمى” ان يهيأ لنقطة انطلاق عملية و شاملة دون اقصاء ان تنتهى الى اولويات مغايرة.. فالمهام المطلوبة اعمق من ازالة الطاغية . هى المفاهيم  التى استوعبها جيدا وقام باستغلالها بشكل جيد جدا.
المطلوب ليس راس النظام وحسب بل اقتلاع النظام باكمله او فى اسوأ الظروف بعملية توضيب مؤلمة ان فرضها تفاوض قوى المعارضة.
يقول العرب ما بنى على باطل فهو باطل..
عدلوا الفرضيات الخاطئة استبدلوا المفاهيم القديمة هو اقتلاع كامل النظام ولا شئ دونه.

واذا كان التقدم  يعني الترقى النسبى في الطريق إلى الامام  ، ينبغي علينا على الاقل الوقوف على تجربة اقصى الجنوب ،  حيث تجربة  فن الحوار الحى .

لقد ولت دون رجعة أيام غلبة المعادلة الصفرية.

أبراهيم عثمان

ملحوظة:
كلما مررت بكتابة عن الشأن الارترى اتصور موقف صاحب الكتابة  فى حالة اعلان اسياس على الملأ عن ندمه عن ماضية والتمس فرصة للأصلاح…اجد الاخوة فى “أفند” يقترحوا الآتي “نأمل اعطاء الرجل الفرصة لتجنب البلاد الفوضى كما حصل لدى اشقائنا فى المستعمرات السابقة لايطاليا (الصومال وليبيا )

–        رابط المنشور باللغة الانجليزية
http://assenna.com/eritreans-for-facilitating-national-dialogue-efnd-proposed-platform-internal-working-memorandum-october-2014/comment-page-2

علما بانهم عقدوا المؤتمر وتم نشر بيانهم بالتجرنية وفى انتظار النسخة الانجليزية…ولا تحلم بالعربية

 

———————————————————————————————————————————————————-

شاهد أيضاً

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الثاني أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي متابعة : ماذا حدث لك بعد نجاح العملية …

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الأول أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي   تحاور مجلة الناقوس المناضل الكبير عبدالله سعيد …

شخصية العدد- المناضل المغييب محمد عثمان داير (الناقوس العدد 11)

       المناضل المغيب / محمد عثمان داير                   …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *