عواتى الرجل الضرورة

awate-1+1

بسم الله الرحمن الرحيم

عواتى الرجل الضرورة

كلمة النهضة بمناسبة ذكري الفاتح من سبتمبر  – ملبورن

1/9/2016

حامد إدريس عواتى القائد البطل مفجر الثورة الإرترية ورمز النضال الإرترى . أفنى عمره فى خدمة شعبه ووطنه هو القدوة فى البطولة والشهامة،   هو الشمس التى أضآءت سماء إرتريا فعرف أبناؤها طريق الحرية ، عبدوه بالدماء وعطروه بالأرواح فتنسموا رياح الحرية. ذاع صيته فى أرجاء الوطن شرقه وغربه فكان رمزاً للحرية فى سبتمبر كانت البداية وسارت على دربه الأجيال تحققت أهدافه وعمت الفرحة البلاد عشق الأحفاد سماع سيرته  وشحت مأثره والبطولات  ،  فكل ماعرف عنه مفجراً للثورة فى واحد وستين فكان قائداً وبطلاً . بحث الأحفاد عن بطولاته  بين كتب التاريخ وفى ذاكرة الآباء فكانت كنزاً  يشد إليه الرحال  . تاه الدليل  وطال المشوار عواتى عرفت إسمه إرتريا مقروناً بجبهة  تحرير إرتريا وعلى قدر جبهة التحرير كان رمزاً وقائداً فجبهة التحرير   لم تكن كل ماثره  بل كانت مسك الختام .

سبتمبر كان ضروره  زين به عقده   فكان واسطة العقد . أما بطولاته وماثره سبقت سبتمبر بأزمان . ناداه الوطن  فلبى النداء  صال وجال فى ساحته  وعمل المحال . كان رجل المرحله  فكما كان سبتمبر ضروره سعى إليها ، ففى تلك المرحلة كان هو الضروره إستنجد به الوطن فزعاً من هول ما جاء قدم روحه  قرباناً ومع أقرانه رفع راية الفداء كان ضرورة الكنز بين أيدينا تعالوا نرفع عنه  الغطاء   ننقب فى الأعماق فلدرر هناك .  فلنلق نظرة فى سيتيت والاخرى فى القاش هناك حاضنته الشعبية ، فيها يفترش الأرض ويلتحف السماء . الرجل ولد هناك وترعرع ، فمن البداوة تغذى  وإلى المدينة أطل فبذكائه الفطرى وبديهيته الحاضرة صارة نجماً يتلألا .  جاء الطليان ومع أقرانه أخذوه  إلى الجندية حيث برع . عواتى البطل الهمام من أراد أن يعرفه فاليأتى إلى القاش وسيتيت فسيرته عند كل لسان .  فمن خلال سردى لسيرته  سأضع إطاراً للوطن فى زمانه فقد شغل حيزأ فى هذا الإطار ومع أقرانه  تكتمل الصورة . صوره للوطن حيث التضحية والفداء . فالوطن إذا تعرض للمكروه  فحماته أبناؤه الأوفياء وهذه دعوة للبحث عن مناقبه وبطولات أبنائه . فالنضع البوصلة فى مكانها الصحيح  فإرتريا غنية بالماثر والبطولات وكل يدلى بدلوه  لتكتمل الصورة .

الأفندى  حامد إدريس عواتى ، نعم هكذا عرفناه  رجل  أنيق مهندم  لبق يجيد أكثر من لغة فعواتى  كان يجيد اللغة العربية  والإيطالية  إضافة  للّهجات  المحلية ، ولنبوغه وذكائه قامت الحكومة الإيطالية  بتأهيله  , بعثته إلى روما  هناك حيث الحضارة الغربية فزداد معرفة . عاد فشغل فى موطنه عدة مناصب مرموقة  ومع إحتلال إيطاليا مدينة كسلا كان عواتى  يشغل منصب المحافظ فى مدينة تسنى  . كان إدارى من طراز فريد .  أفندى تجرى البداوة فى عروقه   . إشتعلت الحرب العالمية الثانية عبر الإنجليز الحدود ، رفض الإستسلام   ذهب إلى مسقط راسه  (قرست )  أقام  بين أهله وأحبائه  . خرجت إيطاليا منهزمة  ، تركت خلفها دولة متحضرة  . دولة قانون الخدمة المدنية فيها من أرقى ما يكون  .   ألاف  المصانع والشركات  ومستوى دخل الفرد  الأعلى فى إفريقيا  والنظام يسود البلاد . لم يرق ذلك للإنجليز ارادوها محطمة تسودها الفوضى , وعدوا الإمبراطور هيلى سلاسى بإطلاله على البحر بحثوا عن طريقه يجعلوا منها دولة فاشلة حاكوا المؤامرات . بداوا بقياداتها  فهم الأعداء من وقع فى قبضتهم فهو أسير حرب . دمرو الإقتصاد نقلوا المصاتع إلى معسكراتهم فى الهند وإفريقيا الجنوبية حتى التلفريك  إقتلعوه ونقلوه إلى الهند . والجيش الأرترى ( الإسكارى)  أقوى الجيوش فى المنطقة  فعلوا به ما فعلوه بالجيش العراقى لاحقا .

بعض الوثائق عن الدولة التى ناضل من اجلها عواتى وعمل على تقويتها
بعض الوثائق عن الدولة التى ناضل من اجلها عواتى وعمل على تقويتها

عواتى أحد قادتها . طاردوه فى البرارى والوديان لم  يهرب ، وبخبرته العسكرية انشاء جيشاً صغيراً وكان أول جيش للمقاومة هجمهم فى معسكراتهم وكل يوم يزاد قتلاهم أصابهم الرعب ، أدركو بفطنتهم  بأن هذه نواة للمقاومة فإذا إتسعت  وعمت إرتريا كلها بآءت مأربهم وخططهم  بالفشل . أرادو إحتواءها  وإتفقوا مع عواتى على هدنة  تعهدوا فيها بعدم الخروج خا رج المدن على أن يوقف حامد عواتى مهاجمتهم ، وعمّ الهدوء. وبحكمته أدرك بان هذه الهدنه حيله يلتقطوا فيها اتفاسهم حتى يحكموا قبضتهم على البلاد . صار يستقطب الرجال ويكون منهم خلايا صغيرة فى كل بلدة ليكونوا جاهزين عند الحاجه إليه.

بدأ الأنجليز بموجب قانون إدارة أراضى  العدو المحتله  بتأسيس قوة بوليس إرتريا. بحجة أن إرتريا  بحاجة إلى قوة نظامية  تفرض القانون وبدأو بالتجنيد ، أرادوها أن تكون قوة هزيلة وأن يحملوها كل فشل أمنى . لم يفوت حامد عواتى هذه الفرصة وبدأ بإختراقها صار يدفع بمن كان معه من الرجال للتجنيد فى قوة بوليس إرتريا هكذا كانت تقتضى  حكمته وواجبه الوطنى حتم عليه ذلك . إتصل بأصدقائه ومعارفه فى العاصمة أسمرا وفى المدن الكبيرة وفى سرية تامة حثهم بان يضموا لهذه القوة بالشباب المثقف المتعلم , عكس ما كان يعمل عليه الإنجليز , نجحت خطته فأنضم إلى هذه القوة الشباب المتعلم من من نلوا قصد من التعليم ومن  المثقفين الوطنيين . وبذلك تقلدوا المناصب العليا. كما تصادف فى ذلك الوقت ان خفض الإنجليز قوة دفاع السودان وسرحوا أعداد كبيره منهم ، وصار حامد إدريس عواتى  يرسل أعوانه إلى المدن السودانية ويحث الجنود المسرحين بالإنضمام إلى هذه القوة ، وبهذه الطريقة غلب الوطنيون فى هذه القوة. عمّ الهدوء وصارت البلاد تسترد عافيتها ، وكان الهدوء الذى يسبق العاصفة ، وبشبكة الإتصالات التى أقامها  عرف بأن الإنجليز يعدون لأمر عظيم ، كانت المعلومات وعلى خطورتها شحيحها ،  وبخبرته الإستخباراتية  أقامة قسم للإستخبارات . فالحرب صارت حرب معلومات  فقد درس الإستخبارات فى إيطاليا وعرف خفاياها  وتعلم فنونها ،  في هذه الفترة كان الإنجليز يمهدون الأرض لتنفيذ خطتهم  جلبوا العديد من الضباط السوداني  ففى ( بارنتو ) واقامو  لهم  معسكرً فى موقع المطار .  وترأس الضباط السودانين  قوة بوليس إرتريا ,  إشارة لعجز الأرتريين بأن يقودو أنفسهم  وبهذه الطريقة أحكموا سيطرتهم عليها . فى بارنتو جمع الضابط الإنجليزى  الجنود المحليين  وطلب منهم ترشيح شخص يعرف أنواع الأسلحة ، يجيد اللهجات المحلية ، يعرف المنطقة من بارنتو  إلى كسلا  حتى يقوم بتحديد  أماكن تواجد الأسلحة  من مخلفات الحرب . يريد أن يجمع السلاحة بأسرع مايكون .

وصلت هذه المعلومة إلى حامد عواتى  فى تلك الفترة كان صديقة الأمباشى على قد حضرة  لتوه من السودان وهو تعلمجى قوة دفاع السودان فى القضارف  ، رشحه لهذه المهمة وأوعز لرفاقه فى بارنتو بإن أن يرشحه الأمباش على ، أرسل الأنجليز فى طلبة وحددوا له المهمة ، وصار يجول  بجمله المنطقة يتبعه  من بعيد  أعوان عواتى .  ينتقى الصالح من الأسلحة الخفيفة  والزخائر وعن طريقهم يرسلها إلى عواتى فى سرية تامة وتحت جنح الظلام ، فى وسط الجبال وبعيداً عن الأنظار أقام عواتى  مخازن للأسلحة أتم الأمباش على مهمته  وجمع الأنجليز الأسلحة ، ألحق الأمباش على بقوة البوليس  وترأس مجموع صغيرة من الجنود . أبلغ الأنجليز حلفائهم  إثيوبيا و امريكا بأن الوقت قد حان والإستعداد إكتملت لتنفيذ المرحلة الأخيره من الخطة والكل عرف دوره فى تنفيذ  (  الفوضى الخلاقة )  ومن إقليم تقراى أرسلت إثيوبيا بعتاه مجرميها ، إنتشر الشفته على طول الحدود الفاصلة بين إرتريا وإثيوبيا ، وفى وقت واحد صدرت لهم إشارة البدء ، تغلغلوا  تفرقوا فى هدوء وفى مجموعات صغيرة مسلحة فى الجبال والوديان وبين القرى  المتناثرة ، قتل الرعاة  ونهبت المواشى أحرقت قرى كثيرة قتل الأبرياء ولا من مغيث . تحركت قوة البوليس وعلى رأس كل قوة  ضابط سودانى ، يسير بهم مسافة ساعتين أو ثلاثة ويعود أدراجه ليقول بأن الشفته هربوا ويسجل الحادثة ضد مجهول ( هكذا كانت تعليمات الإنجليز) ، حوادث منتظمة مرة فى الشرق وأخرى فى الغرب تمر الأيام والمديرية الغربية بالأخص تعيش فى رعب .

حوادث متفرقة فى عموم إرتريا  هب الشباب يتقدمهم الفرسان ، بحق كان عام الفرسان أسماء لمعت ، على بنطاز ، محمد حامد شليشي حامد عواتى  ،والكثير . نشر عواتى قواته من أم حجر حتى أعالى القاش يلاحق الشفته ويسترد المواشى ، وبإتصاله مع البوليس يرشدهم بأماكن تواجد الشفته ، يضعو لهم الكمائن يحاصروهم ، يرجع البوليس بالغنائم ، حاملين جثث الشفته إلى بارنتو يمنحهم الأنجليز مجبراً  علامات جديده مكافأة لإنجازاتهم وتقديراً لبطولاتهم، وبفضله يترفع الضباط السودانين ، وطمعاً فى النياشين كان الضباط السودانين يمنحونه الفرصة للجنود بتتبع الشفته ، وبفضل التانسيق بين عواتى والبوليس ومع إتساع رقعة الأرض وإن لم يتمكنوا من إحتواه الموقف  إستطاعوا من تحجيمه ، كان زمن البطولات ورقم المأسى التى ألمت بالبلاد كانت بنات إرتريا يرفعن  من وتيرة الحماس ، ألم تسمعوا أغانيهن  غنين للفرسان وللشباب غنين للرجال البوليس الأبطال ، ألم تسمعوا كيف غنين لرجل البوليس أبو خديجة ( إن تدّ نّك مدر مسا ديبا ، سبا بايت هلا من حليبا  حنا ستيناه  لعمريبا ، أب كجيجا ساتر إيطبطا إقلا  ولا ريقا أب كجيجا) ، يبدو أن المآثر والبطولات التى وثقنها حرائر إرتريا فى أغانيهن وأشعارهن  ذهبت أدراج الرياح .  لماذا لم يلتفت فنانينا لهذا الغناء المعبر إنه التاريخ .

بعض الوثائق عن الدولة التى ناضل من اجلها عواتى وعمل على تقويتها
بعض الوثائق عن الدولة التى ناضل من اجلها عواتى وعمل على تقويتها

ومع كل مابذل  من تضحيات إلا ان العقد إنفرط من الداخل . فقبائل الكناما  لهم عادة نسميها (  مشنقل) فعندما يبلغ الفتى الحلم ، ولتكتمل رجولته ويعد فى مصافى الرجال لابد من أن يقتل رجلأً . وينظم من أصابعه عقداً يهديه لمحبوبته ، ولتأكد بأن المقتول رجل يرفقها باجزاء من جسد المقتول تدل بأنه ذكر . وفى وسط الفوضى  والإنهيار الأمنى  خلا لهم الجو  فصار الواحد منهم   لا يكتفى بقتل رجل بل الثلاث والأربع من الرعاه الأبرياء ويعود غانماً بالمواشى والهدايا القيمة  ، إستمرأوا  فعليتهم وتمادوا ،  ولأن المنطقة تقع ضمن دائرة عواتى كان الحمل عليه أثقل إلتفت إليه  وبالتنسيق مع البوليس وبالإتصال مع القيادات فى أسمرا إستطاع أن يقيم نقاط ثابته للبوليس فى شمبقو وبشكو وبنبنا . وفى اوقارو وتكمبيا . وبما أن الضباط السودانين لا يرغبون بالذهاب إلى هذه المناطق النائية تركوا الأمر لجنودهم  ونعموا بالهدوء فى معسر بارنتو ، الأديب عمر الحاج موسى  ينظم  قصائده وأشعاره والفنان أحمد المصطفى يترنم بعوده وهم فى منتجعهم هذا  تأتيهم الرتب  والنياشين  على حساب جنودهم  .  وجد حامد عواتى سنداً قوياً من أصحابه فى قوة البوليس .

تمايزت  الصفوف فى داخل البوليس وعن طريق الشاويشية والمسؤلين الصغار ، صار الوطنيين من رفقائه فى البوليس يبعثون فى الورديات يطاردون المجرمين بشتى أشكالهم  ينصبون لهم الكمائن مع حامد إدريس عواتى فصار المجرمون فى خطر  يعملون لأنفسهم ألف حساب  قبل أن يعتدو على المواطنين  . سيطر عواتى على الموقف .  نظرا إلى المستقبل المجهول  وبطريقة سرية بدا ينظم الصفوف , ويضع الخطط   إتصل برفقائه  من العاملين فى الخدمة المدنية والضباط الكبار فى أسمرا شكل تنظيماً سرياً ، المراسلات بينهم كانت شفهية  لا بطاقات ولا مستندات والسرية مطلوبة فى هذا الوقت وكل فى موقعه يعمل لصالح الوطن . عملوا فى سرية تامة  مجموعات صغيره تعرف بعضها البعض . وإذا لم تصلها تعليمات لا تتصرف بمفردها ولا تلقى بالاً فى شىء فقد تتابع الأحداث فى صمت  . بأت علامات الأمن والإستقرار تظهر فى البلاد وسكان القري عادوا إلى قراهم  وبالمقابل بدأت علامات الفشل تظهر فى الفوضى الخلاقة . غضب الأنجليز بدأو  يبحثون عن مواطن الخلل  ، فالأنجليز كانوأ يعدون الخطط  لتقسيم إرتريا  قسم يلحق بالسودان والقسم الآخر بإثيوبيا  أما مصالح الأمريكان تختلف فقد أرادو ضمها إلى إثيوبيا ويعملون على إنجاح الإتحاد الفيدرالى  . لم تظهر علامات الفشل فى الدولة الإرترية.

وجد الإنجليز ضالتهم جاء القائد الإنجليزى إلى بارنتو جمع قوة البوليس من إرتريين وسودانيين خطب فيهم أرعد وأزبد ، إستهانه بعملهم  أخبرهم  بأن الشفته الكبير هو حامد إدريس عواتى. طلبه حياً او ميتاً . واصدر أوامره  بأن تنصب  الجهود كلها فى إعتقال حامد عواتى  أو قتله .  عمً الصمت المكان ، ومن وسط الحشود هتف الضابط السودانى محمد على سكنجى  أخذته حماسة هتف وقال أنا أقوم بهذه المهمة ، منحه الإنجليز  كامل الصلاحية ، وصارت  جميع المقدرات بين يديه  إنتقى  من أفراد البوليس بعناية كون مهم جيشاً صغيراً ، تحرك وإتجه غرباً وبما ان حامد إدريس عواتى يتابع تحركاته فقد وضع فى طريقه من يرشده على مكانه . احد رعاة الماشية وصف له بدقة مكان تواجد عواتى عند أحد الوديان ، أسرع وطوق المكان لم يجد عواتى إن ما وجد أثار النار وبعض الإشارات التى تدل بانه غادرها  توا ، وفى مكان بارز وضع عواتى ورقة وثبتها بحجر ،  إلتقطتها الضابط محمد على سكنجى . وجد أن حامد يتوعده ( إذا أردت أن تيتم أبناءك ألحقنى عند المكان الفولانى) فى مكان غير بعيد ونصحه بأن يرجع  إذا أراد  أن يظل حياً ، تبعه  الضابط ومن معه وعند ماوصلوا المكان  وجدوا رسالة مماثلة ووعده فى مكان آخر.  كل هذا وحامد يراقب تحركاته من بعيد  . فقد كان الضابط ممتطياً بغلته  يمشى خلف  الجنود  وحامد  لايريد الإشتباك مع الجنود  يريده هو . حامد يغادر المكان عند إقتراب قوات الحكومة  , والضابط وجنوده يتبعونه أينما حلا   ، إنتشرت شائعة بين الجنود تقول  بأن حامد عواتى خائف وهو يهرب بهذه الطريقة ، إنتشى الضا بط بهذا  التفسير ، تشجع  وصار يمشى وسط جنوده  ورويدأ رويداً  صار يتقدم الصفوف والجنود يشجعونه ويقللون من شأن عواتى ، وبهذه الطريقة كل ما وصل الضابط إلى المكان المحدد كان عواتى يترك له الورقة ويحدد له المكان التالى ، وصل الجميع مشياً على الأقدام إلى هيكوتا , وإتجه بهم عواتى شمالاً إلى حيث الجبال ، تبعة الجنود وقائدهم  الضابط محمد على سكنجى ، أيقن الضابط بأن حامد عواتى خائف  منه وما هروبه هذا إلا خوفاً من مواجهته  ذاد ذلك من حماسة . سيذهب معه أينما ذهب وسيلحقه ويعتقله حياً ويسلمه مربوطاً للإنجليز . تقدم  جيشه وصار يتبع حامد عواتى وجنوده يمشون خلفه . رآه حامد  إدريس من بعيد  فى مقدمة الجنود وهذا ما أراده ، ظهر لهم عواتى  ومن بعيد راه الضابط وجنوده  أسرعوا الخطا سار بهم وسط وادى بين جبلين تبعوه وسارو ا وسط الوادى يتقدمهم الضابط  ممتطياً بغلته ، فى هذه المرة كان حامد إدريس عواتى مختفياً خلف شجيرة صغيرة  على جانب الوادى ،  طلقة واحدة أصابته فى مقتل . خر من بغلته  مدرجاً  بدمائه  . تبعثر الموكب هربوا جميعاً لم يلتفتوا إلى قائدهم  رجعوا إلى بارنتو  أبلغوا الإنجليز بانهم وقعوا فى كمين  وأن قائدهم قتل  وأيضاً نائبه الشاويش على قتل .

وفى مكان الحادث وبعض سقوط الضابط محمد على سكنجى  كان حامد إدريس ورفاقئه يتابعون فرار القوة  . منهم من تخلص من الاحمال الثقيلة التى كان يحملها  من عتاد ومؤن ، وبعد أن توار  الجميع  عن الأنظار وعمً الهدوء المكان وقبل أن يبدأ عواتى ورفاقه بالنزول لجمع الغنائم خرج من خلف الحجارة جندى يحمل سلاحة متوجهاً نحو الجثة الملقاه . ومن الوهل الأولى  عرفه عواتى  إنه صديقة (على) الأمباشى فى قوة دفاع السودان سابقاً . حينها هتف عواتى هذا يومك ياشاويش على ورد عليه شاويش على نعم . وانظر ما أنا فاعل . بدا  شاويش على بتجريد الجثة من السلاح  وجرها إلى خلف الحجر الذى كان قد إتخذه ساتراً ، ثم إلتفت إلى عواتى ورفاقه واخبره بأنه يعد لرسم ميدان معركة وهمية ،  يتبادلوا فيها إطلاق النار وطلب منهم  أن يتنحوا جانباً . وبدأ بإطلاق النار على  الجهه  التى كان فيها عواتى  ورفاقه  وبعد ان أكمله دوره بدأ عواتى ورفاقه  بإطلاق النار من  مواقعهم  بالإتجاه المعاكس ، وبعد ان تمت المعركة الوهمية ، وظهرت آثارها واضحه على الحجارة ، طلب عواتى من رفاقه بالمغادره  وأن يتركوهما لوحدهما . امضيا  بقيت اليوم فى تبادل الأراء  والتفاكر فى شأن المقاومة ومصير البلد ، فترقية الشاويش على صارت مضمونه بعد رسم أرض المعركة الوهمية  ودوره فى مستقبل المقاومة  صار أساسياً . وإستمر إجتماعهما  طوال الليل حتى صباح اليوم الثانى ، لم يغمض لهما جفن فالمهام التى أخذوها على عاتقهما  أكبر من أن يخلدا فيها للراحه ، فهو مصير شعب ومستقبل وطن وفى العاشره من صباح اليوم الثانى وبعد اكثر من عشرين ساعة متواصلة فى لقاء لم يعد له مسبقأ مضى فيها الوقت سريعاً .

ودّع  عواتى صديقه ورفيق دربه متمنياً له التوفيق فى ما ينتظره من  أعباء فى خدمة الوطن ، وعند منتصف النهار بدأت طلائع القوات تظهر ، عند أول الوادى  يتقدمهم عدد كبير من الإنجليز .  والشاويش (على)  يراقبهم من خلف الحجارة  وفور أن إقتربوا منه  خرج من خلف الحجارة  إلى وسط الوادى وأدى التحية العسكرية وسط  ذهول الإنجليز والعساكر فقد عدوه ميتاً . شرح لهم بمهنية الجندى القدير  كيف حما جثة الضابط , وكيف قاتلهم  بعد أن إتخذ من الحجارة ساتراً له واجبرهم على الفرار . إنطلت الخدعة على الإنجليز . فى نفس المكان أعلن القائد الإنجليزى ترقية الشاويش على  إلى رتبة ضابط .  إستلم مهامه فى بارنتو كضابط ، وعلى خلاف الضباط السودانين أوكلت إليه مطاردة الشفته ، وهذا الذى كان ينقص المقاومة وبذا طويت  صفحة الإجرام فالقرار كله صار بيد المقاومة . وبدأ الإعداد للمرحلة الأخيره  وهو إنتزاع الحرية وإستقلال البلاد

أعدت المقاومة الإعداد الدقيق والمنظم  فإذا نالت إرتريا إستقلالها بحل سياسى  مع نهاية  فترة الإتحاد الفيدرالى تكون المقاومة جاهزة لإستلام السلطة ، وإذا عمل الإثيوبيون لضم إرترياً عنوة  إلى بلادهم تكون المقاومة جاهزة  لعمل إنقلاب عسكرى وإعلان الإستقلال . بدات إثيوبيا وعن طريق عملائها  بإجرات ضم إرتريا إلى إثيوبيا  ، هنا كان الوقت مناسب لعمل الإنقلاب . إستعدت قوات البوليس فى عموم إرتريا فى إنتظار ساعة الصفر . إجتمع عدد من الضباط الكبار بالجنرال تدلاعقبيت  . وضعوا أمامه الخطه وطلبوا منه أن يقود الإنقلاب ،  إلا أن الجنرال تدلاعقبيت رفض وبشده وبحكم منصبه  صار عائقاً أمام تنفيذ الإنقلاب وهكذا فشل الإنقلاب . بسطت إثيوبيا سيطرتها على إرتريا  وبدأت تتخلص من عملائها الذين خانوا وطنهم . أيقن السيد تدلا عقبيت  بان إثيوبيا تخلت عنه .  إجتمع مع كبار الضباط وأبلغهم  بأنه على إستعداد لقيادة الإنقلاب وأصدر أوامره بتنفيذ الإنقلاب ، إلا أن الضباط هذه المرة رفضوا تنفيذ أوامره .  إثيوبيا وعن طريق عملائها كانت تتابع أخبار المقاومة  منذ دخول الإنجليز فى عام 1941 ميلادى إلا أنها لم تجد الدليل المادى لتعتقلهم .

فى منتصف الستينات حضر أسرات كاسا إلى أسمرا اقام  إحتفال ضخم دعا إليه المئات من الضباط الأرتريين من مختلف الرتب وبأسمائهم فالقائمة كانت معدة  سلفاً  . ضاق بهم المكان على سعته  . تحدث . ابلغهم تحيات الإمبراطور هيلى سلاسى وأثنى على خدمتهم  لوطنهم الكبير إثيوبيا  .  وبعد إنتهاء  الحفل خرج الجميع ولكن هذه المرة ليس إلى أماكن عملهم بل إلى منازلهم ، فقد  احيل الجميع إلى التقاعد .

هناك تلقيد راسخ يعرفه كل من سكن إرتريا خاصة سكان المدن حيث لايمر  عيد من الأعياد دون أن تلتقط فيه الصور التذكارية ، ولاتكتمل فرحة العيد بدون صورة تذكارية . فالشعب الأرترى عاشق للفنون ولا يخلو بيت إلا وزين حائطه صورة مطرزة للشيخ عبد القادر الجيلانى والبراق  إضافة للصور التذكارية  حتى إذا وجدت صينية طعام وفيها منظر جميل  يدق لها مسمار وتعلق على الحائط ترى الم يكن حامد إدريس عواتى واحد من أفراد هذا الشعب  ؟

المصادر:

1/ صديق عواتى ورفيق دربه الضابط (على)

2/ لايذكر إسم عواتى فى هيكوتا  إلا وذكرت قصة عواتى ومحمد على سكنجى يرويها الصغير قبل الكبير.

3/ سكنجي يقال انها تعني كلمة السنجك تحورت الي سكنجي

4 / هذه لمحة صغير من بطولات عواتي وهناك الكثير ومن هنا أتي الاجماع علي قيادته وزعامته والتفاف الشعب حوله  هو يفجر ويقود ثورة شعبه  المباركه فى الفاتح من سبتمبر

 5 / تلفريك (( احد وسائل النقل بين اسمرا ومصوع ، اسلاك معلقة فى اعمدة ))

المصدر:مجلة النهضة

شاهد أيضاً

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الأول أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي   تحاور مجلة الناقوس المناضل الكبير عبدالله سعيد …

شخصية العدد- المناضل المغييب محمد عثمان داير (الناقوس العدد 11)

       المناضل المغيب / محمد عثمان داير                   …

المنخفضات -تنخفض الأرض.. ترتفع الهمم (الناقوس العدد 11)

بقلم/ ياسين أمير الجغرافيا رسم الاله على صفحة الكون.. والجغرافيا ترسمنا حين نحسب أننا رسمنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *