مضى عام 2015م ولم تتحقق فيه أماني الشعب المغلوب بموت الرئيس

الحسين علي كرار

من الضعف أن يتمني شخص أن يموت خصمه بمرض بل يحبذ أن يموت عدوه علي يده لينتقم منه ، كما قال الأستاذ أشواك في مقاله ، ولكن الشعب الارتري المغلوب تمني أن يموت رئيسه بالمرض ،بل وقتله أكثر من مرة ، و الموت أمر بيد الله لا يعرف الشخص متي يتم ذلك، ولكن هذا التمني هو تمني الضعفاء المغلوبين ،الذين قهرهم بجبروت طغيانه ، وقساوة حكمه ، يقول أبو الأعلى المودودي في محاضرة له مطبوعة في شكل كتيب بعنوان نظرية الحكم في الإسلام السياسي ، إن الله سبحانه وتعالي له الربوبية والإلوهية في الإسلام ، فالرب هو مالك الكون والمعطي والمانع ، والإله هو المعبود والمشرع ، ولكن بعض الطغاة من البشر كالأنظمة الفرعونية والنمرودية والدكتاتوريات الحديثة  ادعي طغاتها الربوبية والإلوهية ، الربوبية بما يملكونه من قوة أمنية وعسكرية واقتصادية ، ،والإلوهية بما يشرعونه من قوانين غير قابلة للنقاش إلا السمع والطاعة والتنفيذ، فالفرعون أو الدكتاتور هو المشرع ولا يحتاج لمشرعين، ورسله المنفذين هم وزراءه  الذين يحملون حقائبه للتوصيل ، وهناك حوله السحرة والمشعوذين والدجالين من الانتهازيين الذين يصفقون له وهم يعلمون أن ادعاءه  للربوبية والإلوهية كاذب ،ولكنهم يفعلون ذلك من أجل مصالحهم وحظواتهم ، وهو يعلم ذلك ويستغلهم  ، فإن نكثوا عليه قضي عليهم كما قضي فرعون علي سحرته.

وهذا هو الدكتاتور الارتري الذي يدعي الربوبية والإلوهية ، وأنكر عليه شعبه ما يدعيه من الصفات التي ليست له ولا يملكها ، فينتقم ويسومهم أشد العذاب ،بآلته الأمنية والعسكرية والاقتصادية ، فيؤلف شعبه العاجز  القصص والحكايات  كل يوم حول  وفاته ، فالبعض يراه في الإنعاش ، والبعض يراه في التابوت ، والبعض الأخر يؤكد كل ذلك ، وآخرون يشككون ، ولكن الجميع يقولون بلسان واحد متي يرحل هذا الدكتاتور الذي لا يرحل ، مسكين هذا الشعب الارتري المنكوب في كل شيء ، بعد نضال طويل أنهكه ، تولي أمره فرعون آخر قضي علي كل آماله واستقراره.

وقد مضي عام 2015م بكل ما فيه ، ودخل العام الجديد 2016م هل ستستمر التمنيات والمعانات أم سيحدث ما لم يكن في الحسبان ، ما تقوله قراءة الأحداث لعام 2016م، إن أفورقي محظوظ ويشعر بالاطمئنان والسعادة ، فمع كل ما يمارسه من بطش وقهر وجبروت وطغيان وما ينشره من الرعب والخوف ، وما يحصده من هذه الكراهية حتي من أعوانه ، فإن أحداث العالم تخدمه ، خدمته حرب سوريا بهذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين إلي أوروبا ، وخدمه الدواعشة القتلة بهذا الإرهاب الذي نشروه في العالم والذي لا مثيل له في التاريخ ، وخدمته حرب اليمن التي تقع علي بوابات شواطئه ، وخدمه هبوط سعر البترول الذي كان يخنق خزينته المفلسة، وخدمه ضعف المعارضة التي أصبحت غائبة ومنحته فرصته التي يلتقط فيها الأنفاس ، لهذه العوامل يري أنه يتنفس الصعداء ، ولكن ما لا يراه هو انعدام الحياة الإنسانية لأفراد شعبه الذي من لم يموت منهم في سجنه تحت الأرض أصبح يموت في سجنه الكبير فوقها  ، فهو لم يزرع الذرة ولا القمح ولا الفول ولا العدس ولا البصل ولا البطاطس ولا الفواكه ولا الخضروات ليشبع البطون الجائعة الهاربة إلي المجهول ويؤمن لها الغذاء ، وإنما زرع اليأس والبؤس والفقر والجهل والمرض والسجون والموت ، وزرع الكراهية والحقد والفتن والتعصب والأنانية والبغض ، فانتشر هذا التمني الذي فحواه يا ليته مات . فنظامه دمر التعليم الذي كان قائما فبدأ بالجامعة الوحيدة التي كانت شعلة الإنارة ،ودمر ما ورثه من الاستعمار من بنية تحتية ، ولم يسمع الشعب بكلمة اسمها التنمية ،  لا مدارس لا مشافي لا مصانع لا طرق  لا مزارع  لا  إنارة ، ولم يؤسس كيان الدولة بالمؤسسات ، ولم يضع قانون للعدالة ، ولم يحفظ حقوق طبيعية للإنسان ، بل فتح معسكرات للتدريب والسخرة ضحاياها الأطفال والشباب والشيوخ والكهول والعجزة ،كلهم عبيد يخدمون مجانا ملكه وربوبيته التي يدعيها لحماية عرشه القائم علي أعمدت جثامين الضحايا والشهداء .

والسحرة والمشعوذون حوله هم التماسيح ، فعندما يمرض يختلفون ويفتحون أفواههم ليأكلوا بعضهم بعضا ، وفجأة عندما يظهر عليهم من المشفى يزرفون أمامه الدموع ، فيقومون بتحسين مظهره  ليظهروه  للعامة بأنه الحي الذي لا يموت ، فإن كان ظهوره هذا أسعدهم زينوا له شعره بقصات المايكلية الجاكسونية الخفيفة التي تراعي سنه ،وأعطوه الصبغات الخفيفة ، وإن كانوا تعساء بظهوره ، جرّبوا كل ذلك ، فتجد شاربه طويل وصبغته شديدة السواد وشعره مبقع بين السواد والبياض ، ووجهه فاتر ، وألبسوه كحذاء الشهرة الذي ظهر به وسط الأمراء ، فإن سألهم عن مغذي ذلك قالوا له إنها البلوريتاريا وسط الأغنياء ، وهو يضحك ويقول لهم أليس وجودي هذا هو الذي خلق بينكم هذا التوازن ، هذا هو حال الحكم الذي تعيشه ارتريا المنكوبة .

ولكن بإصرار وعزيمة هذا الشعب بشبابه وشيوخه وكهوله وأطفاله الرضع ، الذين يثورون عليه كثوران الزلازل والبراكين التي لا تهدأ بما يشعرون به من هذا الذل والهوان والسلب الذي يعيشونه ،هؤلاء سيسقطون دكتاتورية الفرد وهيمنة السحرة والمشعوذين ،مهما تكالبت عليهم الظروف ، وستسقط كل الآمال التي يعقدونها علي عام 2016 وستأتي إن شاء الله دولة القانون ودولة المؤسسات التي تحمي الإنسان والمال والأعراض ، فإن هذه القوة التي لا تستمدها الدكتاتورية من إرادة الشعب فإنها لن تقيهم حرارة الشمس ولا برد الشتاء .

+

+

شاهد أيضاً

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الأول أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي   تحاور مجلة الناقوس المناضل الكبير عبدالله سعيد …

شخصية العدد- المناضل المغييب محمد عثمان داير (الناقوس العدد 11)

       المناضل المغيب / محمد عثمان داير                   …

المنخفضات -تنخفض الأرض.. ترتفع الهمم (الناقوس العدد 11)

بقلم/ ياسين أمير الجغرافيا رسم الاله على صفحة الكون.. والجغرافيا ترسمنا حين نحسب أننا رسمنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *