حكم دولة بقبضة من حديد

expressen_logo_rss2

السويد

 

ese

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

————————————————————————————

أسياس أفورقي (68 عاما) هو الرئيس الإرتري الأول والوحيد منذ استقلال الدولة في عام 1993، الذي كان  قائدا لحركة مسلحة هي الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا، التي كانت تناضل لاستقلال ارتريا.  وإن نظرة العالم إلى الرئيس في سنوات بعد الاستقلال كانت متفائلة ، وكان من المؤمل ان تكون إرتريا مثالاً على التطورات الإيجابية في أفريقيا.

لكن بعد الحرب مع إثيوبيا  انعكست هذه الصورة واصبح ينظر للرئيس الإرتري ( أفورقي) على أنه من أكثر الدكتاتوريين تطرفاً ووحشية .

ارتريا هي دولة تقع في شمال شرق أفريقيا على البحر الأحمر. اسم ارتريا مشتق من الاسم اليوناني للبحر الأحمر، Erythra thalassa. وعاصمتها أسمرة.

وقد تم إنشاء إرتريا كمستعمرة إيطالية في عام 1890، ثم تم الاستيلاء عليها من قبل البريطانيين في 1941 .وفي عام 1951 وبقرار من الأمم المتحدة تم الربط بين إرتريا و إثيوبيا المجاورة باتحاد فيدرالي. و بعد سنوات عديدة من الاضطرابات المدنية والسياسية وتباين المصالح بين القوى العظمى تم التصويت في عام 1993 لصالح استقلال ارتريا بعد حرب تحرير طويلة استمرت لأكثر من ثلاثين عاماً .

وفي العام 1998 اشتعلت الحرب  بين إرتريا وإثيوبيا التي حصدت نحو 100000 شخص ، وادت لموجات لجوء كبيرة خاصة بين الشباب .

جاء الصحفي داويت إسحاق إلى السويد كلاجئ في عام 1987، وفي عام 1992 حصل على الجنسية السويدية ولكنه عاد إلى إرتريا للعمل كصحفي. وتم اعتقاله في سبتمبر 2001 لأنه انتقد الحكومة الإرترية. لم يتم اتهامه رسميا أو تقديمه لمحاكمة عادلة. ولم يسمح للسلطات السويدية والمنظمات غير الحكومية الدولية بزيارته في السجن طيلة 13 عاما.

يوصف الرئيس اسياس بانه نرجسي، لا يثق في أحد ، متحجر القلب  ويقال أنه دائما ينفجر غضبا لاتفه الاسباب .

وإن الدكتاتور الارتري اسياس أفورقي – الذي يقود النظام الذي سجن العديد من الصحافيين والمعارضين لنظامه ومن بينهم الصحفي السويدي الارتري داويت إسحاق – مسكون أيضا بجنون العظمة والتوجس من ان الولايات المتحدة تحاول قتله  بهجوم صاروخي.

ويحكى بأن الديكتاتور الارتري اسياس أفورقي (68 عاما) قد عرج إلى إثيوبيا في طريق عودته إلى إرتريا  بعد رحلة إلى كينيا  حيث مكث مع عائلته والمقربين منه في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا. وقام بلقاء رفيقه القديم في السلاح، المتوفى الآن رئيس الوزراء ملس زيناوي. وكان غالبا ما يفضل  السفر بموكب عن طريق البر ولكن في أديس أبابا اراد زيناوي أن يكون وديا فعرض عليه طائرته الخاصة للعودة الى ارتريا. فوافق أفورقي ، وقد كان ذلك العام 1996، قبل اندلاع الحرب الحدودية بين البلدين أي قبل عامين من تلك الحرب التي حصدت حياة الكثير من المواطنين . ولكن خلال رحلة الطيران تلك شب حريق على متن الطائرة التي أجبرت على العودة إلى أديس أبابا والهبوط اضطراريا. اتهم أفورقي على إثرها صديقه زيناوي في محاولة الشروع في قتله، وفقا لأحد من أولئك الذين كانوا على متن الطائرة. وبعد ذلك بعامين، كانت الحرب حقيقة.

وقد كشفت ويكيليكس عن وثيقة سرية أمريكية عن شخصية افورقي يعود تاريخها لعام 2010 كتبها رونالد ك. مكمولين، سفير أميركا في العاصمة الاريترية أسمرة، يستعرض فيها السفير الأمريكي مكمولين العشرات من الصفات الغير ايجابية لأفورقي. وان كلمة “قلبه من حجر” تكررت باستمرار في هذه الوثيقة  .

وقد استعان السفير مكمولين في تحليله هذا بدبلوماسيين اخرين في المنطقة، من ضمنهم دبلوماسي غربي كبير متقاعد خدم في أديس أبابا لعدة سنوات ، وتمكن من لقاء هذا الحاكم المستبد عدة مرات في ارتريا ، حيث قال لصحيفة الاكسبريسن ” ان أسياس أفورقي هو أسوأ نسخة من صدام حسين. انه يحكم البلد بقبضة من حديد ، حيث أنه يتحكم في كل صغيرة وكبيرة من شئون البلاد ولا يمكن لأي شيء أن يتم دون علمه .

وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن الصحافي السويدي الاريتري داويت إسحاق يقبع في سجون إرتريا دون محاكمة منذ عام 2001 مثل غيره  من سجناء الضمير المفقودين في البلاد  التي يعتبرها أفورقي  شأن داخلي يرفض مناقشته مع الآخرين .

وفي عام 2001  تم القبض على اثنين من الموظفين المحليين في السفارة الأمريكية في أسمرا واختفيا دون محاكمة ، وقد مارست الولايات المتحدة الضغط على النظام الإرتري للافراج عنهما  ولكن دون جدوى .تماما مثل الآلاف من الحالات الأخرى مع سياسيين أو سجناء الضمير في إرتريا لم تتمكن الولايات المتحدة من الحصول على معلومات حول مكان احتجازهم أو احوالهم المعيشية .

وفي أوائل عام 2008 سألت نجمة سينمائية اميركية أفورقي بشكل مباشر عن مصير هؤلاء المفقودين  ، أجاب:

” هل تودين ان اقدمهم للمحاكمة واقوم بشنقهم؟”

كما أقدمت بعض عناصر المخابرات الإرترية في احد الايام عام 1999بزيارة الطيار دجن عندي حشال في مكان عمله وقد قاموا باعتقاله بعد ضيافته على كوب الشاي على نفس الشاكلة التي اتبعوها مع الصحفي داويت ، وتم نقله بعدها  إلى سجن خارج أسمرة حيث بقي حتى تمكن قبل بضعة أشهر من الفرار.

وفي مقابلة حديثة له مع قناة تلفزيونية إرترية معارضة  (اسنا) ومقرها لندن قال الطيار حشال أن الموظفين المحليين الإثنين في السفارة الأمريكية  الذين رفض النظام الإرتري الإفصاح عن مكانهما  وهما من كبار الموظفين قد لقوا حتفهم.

شاهد آخر لانتهاكات حقوق الإنسان في إرتريا لديه معرفة تفصيلية عن ما يحدث في سجون النظام  هو سعيد صالح الذي كان مدير سجن في ارتريا قبل فراره إلى فرنسا .  كان قد كشف لصحيفة اكسبريسن في مقابلة سابقة عن الاسلوب الوحشي الذي يستخدمه  النظام في إرتريا ضد المعتقلين .

يقول سعيد صالح ضمن شهاداته التي أدلى بها للصحيفة   “عندما يعلن النظام  عن موت شخص في السجن سواء أن كان تحت التعذيب  أو بالإعدام المباشر ، فإن هذا ليس رغبة منه في الكشف عن مصيره لذويه  بل هي أحد وسائله الوحشية  لإرسال اشارات الفرض منها  البت في القضايا المعلقة  بدون وازع من ضمير أو  هدف لتحقيق العدالة  “.

ووفقا لتقارير الأمم المتحدة انه ومنذ تولي الرئيس أفورقي للسلطة في عام 1993 هناك حول 10.000 سجين سياسي يتم احتجازهم في سجون سرية في مواقع مختلفة .

وقد فر من ارتريا مؤخرا حوالي 200 دبلوماسي وعدد من الموالين للنظام في السابق ، وفنانين مشهورين،من الذين كانوا جزءً من الدائرة الداخلية للديكتاتور وطلبوا اللجوء في بلدان مختلفة . كان آخرهم  وزير الإعلام في الدولة الذي يختبئ حالياً في أستراليا.

في حين أصبح الوضع الداخلي في إرتريا متردياً جداً على المستوى السياسي  و الاقتصادي الذي تدهور بشكل ملحوظ . وتعد إرتريا  اليوم واحدة من أفقر دول العالم ، حيث يعمل 80٪ من السكان في الزراعة واقتصاد البلاد مغلق ويدار بإحكام مركزيا، وإن البنية التحتية، وخاصة في المناطق الريفية متهالكة جدا.

في نوفمبر 2008، زار السفير مكمولين قرية ظلوت مسقط راس الدكتاتور اسياس أفورقي ولاحظ إنها  فقيرة لا تختلف كثيراً عن غيرها .

وفي تقريره الى وزارة الخارجية الأمريكية قال السفير انه “لا يمكن أن نرى أي مؤشر على أن القرية حصلت على معاملة خاصة. انها مجرد قرية مثل باقي القرى في البلاد. هناك الكهرباء ولكن لا شبكات للمياه  والصرف الصحي قيد التشغيل . وعند تجوله  في شوارع القرية لاحظ تجول الأبقار النحيفة و الحمير بحرية “. وأشار السفير أن القرويين يستخدمون روث الحيوانات كمصدر للطاقة.

وقد كشف في وثيقة ويكيليكس  أيضا أن أسياس أفورقي قد عاش فترة طويلة من صباه مع الأسرة  في محافظة تيغراي، حيث كانوا يملكون مزرعة للقهوة تم تأميمها في وقت لاحق .

كان والد افوقي غائبا و إلى حد كبير وإن والدته هي التي قامت بتربيته، وكانوا يعيشون في منزل في الأحياء الفقيرة  شرقي اسمرة.

يقول السفير مكمولين “ذكرت بعض التقارير أن أسياس كان يلقب ب (منيليك) الإسم المحلي لكوب البيرة. اما الآن فهو مستهلكا كبيرا للويسكي.”

يتحدث أفورقي العربية بطلاقة، وهو كاتب خطابات موهوب، حتى في اللغات الأجنبية مثل الإنجليزية.

ويتابع حديثه عن أفورقي حيث يقول “بأنه قد تم ابتعاثه للصين من قبل جبهة التحرير الإرترية في شبابه في الستينات  للتأهيل السياسي ، واصبح هناك من المؤيدين للزعيم الصيني ماو وفكره الثوري. الا انه في السنوات الأخيرة أصيب أفورقي بخيبة أمل بسبب انعطاف الصين في السياسة الاقتصادية. فقد دون السفير مكمولين ان أفورقي في لقائه مع السفير الصيني في أسمرة انتقد الصين لأنها احتضنت نظام اقتصاد السوق،

قامت عدة محاولات للإطاحة بأفورقي من السلطة، لا سيما من قبل مختلف جنرالات الجيش، ولكن تمكن أفورقي دائما من البقاء. وبحلول يناير كانون الثاني العام الماضي، تمكنت مجموعة من الجنود في احتلال مبنى التلفزيون في أسمرة في محاولة يائسة للمطالبة بإجراء إصلاحات وإطلاق سراح السجناء السياسيين. وإن ما حدث فعلا ليس واضحا ومن الناحية الرسمية  حيث يتم نفى الحدث إلى يومنا هذا . ولكن ربما كان أيضا محاولة انقلاب.

وإن العديد من الاريتريين المنفيين الذين كانوا موالين للنظام في السابق والذين كانوا على اتصال مع اكسبريسن يقولون إلى أن جزءً من الجيش لا يريد بالضرورة تغيير النظام في البلاد، ولكن يريدون فقط التخلص من أسياس أفورقي نفسه. ولكن جنون العظمة عند افورقي أصبح أفضل وسيلة لدفاعه عن نظامه حيث يقوم باستمرار بتغيير مواقع جنرالات الجيش ويعزز باستمرار أجهزة مخابراته.

كما يقول السفير مكمولين عن أفورقي:

“انه يتجنب التحدث في الهاتف. ويقوم في كثير من الأحيان بتغيير مكان نومه لتجنب القتل أو الانقلاب. عندما يأكل في المطاعم يقوم بتغيير طبقه مع مرؤوسيه لأنه يخشى من تعرضه للتسمم.”

وأشار مكمولين أن أفورقي لديه السيطرة الكاملة على طعامه، و سريره، وعلى حراسه وكل شيء وكل شخص يمكن أن يشكل خطرا على حياته وسلطته.

وقد اشيع كما ذكر سابقاً  من قبل رئيس قوات حفظ السلام على الحدود بين إرتريا وإثيوبيا  بأن أفورقي يعتقد بأن الولايات المتحدة تحاول قتله بهجوم صاروخي على منزله.

ووفقا لويكيليكس ان هناك شيئ آخر في سمات شخصية افورقي، وهو نوبات الغضب المتكررة لديه لاتفه الاسباب. حيث يقول السفير مكمولين “استضاف أفورقي موظفي السفارة الامريكية لمأدبة غداء في يناير 2008 واثناء الغذاء دخل أفورقي في مناقشة ساخنة مع مستشاره القانوني على بذور الطماطم الذي أعطى لزوجة افورقي ، اشتكى أفورقي أن الطماطم كانت صغيرة جدا على الرغم من أن زوجته قامت برعاية الشتلات بشكل جيد ، وأوضح المستشار أن هذا النوع من بذور الطماطم لاتعطي إلا الطماطم الصغيرة. واذا بأفورقي يترك الطاولة وهو يستشيط غضبا.”

وليس هناك ما يشير إلى أن أفورقي سيتخلى عن السلطة، أو أن كابوس الإرتريين سينتهي قريبا. قالها أفورقي نفسه في عام 2008 في لقاء مع برلماني ألماني كان في زيارته. حيث اكد له افورقي بأن صحته جيدة وانه يعتقد بانه سوف يعيش 40 إلى 50 عاما، ويأمل أن يتمكن من مواصلة خدمة وطنه طالما انه يستطيع.

* ترجم إلى العربية من  صحيفة اكسبريسن السويدية

 

kassem.hamade@expressen.se

شاهد أيضاً

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الثاني أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي متابعة : ماذا حدث لك بعد نجاح العملية …

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الأول أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي   تحاور مجلة الناقوس المناضل الكبير عبدالله سعيد …

شخصية العدد- المناضل المغييب محمد عثمان داير (الناقوس العدد 11)

       المناضل المغيب / محمد عثمان داير                   …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *