ثورة أيلول – سبتمبر الإرترية – بذرة أينعت رغم المخاطر الكبيرة

awate2

تمهيد:

مع اقتراب الحرب العالمية الثانية من نهايتها، و تحديدا في ربيع العام 1941م ، تم تسليم مفاتيح إرتريا التي كانت تخضع للإستعمار الإيطالي إلى بريطانيا، وبالتزامن مع زحف القوات البريطانية المنتصرة نحو إرتريا ومد سلطتها على أنقاض السلطة الإيطالية المنهارة، أخذت الهوية الوطنية الإرترية  التي تشكلت عبر مئات السنين، تبرز إلى السطح و تتعملق تدريجيا لتعبرعن نفسها بأشكال متنوعة، ويحسب للمستعمر البريطاني أنه منح السكان المحليين مساحة لا بأس بها من حرية التعبير وانتهز الشعب الإرتري هذه الفرصة فتكونت الأحزاب السياسية وصدرت العديد من الصحف والمجلات وعبر القادة الوطنيون الإرتريون عن وحدة الكيان الإرتري في مختلف المحافل، وبما أن القوى العظمي آنذاك لا سيما بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية كانت تراقب الوضع الإرتري وتضع الخطط الكفيلة بإرساء مآلات القضية الإرترية بأيدي تضمن المصالح الغربية في القرن الإفريقي بعد رحيل الإنتداب البريطاني، فإنها رأت أن من مصلحتها استدعاء إثيوبيا إلى المشهد وإدخالها إلى الخط لقطع الطريق على الأشواق والطموحات الإرترية، التي أظهرت أن ميزان القوى يميل لصالح التيار السياسي الذي كان يرى المحافظة على الراوبط الثقافية والتأريخية بالعالم العربي بما في ذلك استقلال إرتريا وانضمامها إلى جامعة الدول العربية، ولم يكن ممكنا للقوى الكبرى أن تترك الوضع الإرتري على حاله ليعبر عن نفسه بحرية دون تدخل، ولذلك تم استجلاب إثيوبيا بترتيب مسبق مع بريطانيا وتوافق الجانبان على أن ترتبط إرتريا بجارتها إثيوبيا في اتحاد فيدرالي لمدة عشر سنوات على أن يتم إجراء استفتاء يسمح للشعب الإرتري بتقرير مصيره بعد السنوات العشر المتفق عليها.

على مفترق الطرق:

انسحبت بريطاينا من إرتريا وتركت الحبل على القارب لإمبراطور إثيوبيا هيلي سلاسي عام 1952م، وقد تم ذلك بناءا على اتفاق سري شاركت فيه كل من إثيوبيا وإسرائيل وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية تتسلم إثيوبيا بموجبه زمام الأمور في أرتريا  تحت خديعة الإتحاد الفدرالي ومن ثم تدفع في اتجاه ابتلاع إرتريا تدريجيا ، وبهذا يتحقق للقوى العظمى خرقا استراتيجيا على الأمن العربي من ناحية البحر الأحمر، ولامبراطور  إثيوبيا حلم الحصول على المنفذ البحر  لذلك مضى  قدما في اتخاذ كل الخطوات الضرورية لضم إرتريا إلى أمبراطوريته الفقيرة، وبالمقابل لم يكن أمام الشعب الإرتري خيار آخر غير الإحتجاج العفوي على التدابير الإثيوبية لإبتلاع وطنه والذي تطور تدريجيا إلى احتجاجات ومظاهرات علنية قوبلت بقمع وحشي من  قبل جيش الإحتلال الإثيوبي، حيث أدت مظاهرة شهر مارس 1958م إلى مقتل 88 وجرح 440 متظاهرا مدنيا إرتريا في مدينة أسمرا، وكانت المظاهرة المذكورة قد خرجت إحتجاجا على قرار سلطة الإحتلال الإثيوبي بحل الأحزاب السياسية الإرترية وفي مقدمتها حزب الرابطة الإسلامية المناهض للإحتلال ومنع أي نشاط سياسي معارض لسلطة الإحتلال الإثيوبي،وقد شكلت هذه الخطوة التصعيدية من قبل سلطة الاحتلال الأثيوبي قاصمة الظهر للحركة السياسية الارترية التي نشأت أبان فترة الانتداب البريطاني وتطورت لتصبح من أكثر الحركات السياسية نضجا في المنطقة . كانت إثيوبيا تدرك من جانبها بأن وحدة الشعب الأرتري في تحدي ومواجهة سلطتها الإحتلالية ستجعل من مهمة ضم إرتريا إلى إثيوبيا أمرا مستحيلا فلجأت إلى الدعاية الإعلامية وبذلت كل ما في وسعها لكسب سكان المرتفعات الإرترية والمسيحيين منهم تحديدا إلى جانبها، وقد نجحت في استمالة جزء مقدر من مسيحيي المرتفعات الإرترية المرتبطون أصلا برابط الدم واللغة والثقافة والدين بالإمبراطورية الحبشية ، مما أدى إلى بروز تيار إرتري في منطقة المرتفعات الإرترية يطالب بضم إرتريا إلى الأمبراطورية الحبشية، وقد تمكنت إثيوبيا تدريجيا من إنشاء مليشيات محلية مسلحة من بين سكان المرتفعات الإرترية وبدأت بمطاردة القادة السياسيين الإرتريين المناوئين للإحتلال، حيث تم اغتيال المحامي والسياسي الإرتري المناهض للإحتلال  الشهيد / عبد القادر كبيري في مدينة أسمرا في الثلاثين من مارس عام 1949م بينما كان يستعد للسفر إلى مدينة نيويورك لحضور اجتماع الأمم المتحدة للدفاع عن استقلال بلاده . إلى جانب تعرض العديد من السياسيين الإرتريين إلى محاولات اغتيال مدبرة من سلطة الإحتلال تم تنفيذها بأيدي المليشيات المحلية الموالية لسلطاته ، وهكذا وجد الشعب الإرتري نفسه يقف على مفترق الطرق ، إما أن يرضى بالأمر الواقع ويخضع ويستسلم للإحتلال الأثيوبي  أو يعلن مقاومته للإحتلال الإثيوبي ويتحمل دفع الأثمان التي يتطلبها الخيار الأخير، إلا أن الشعب الإرتري اختار أكثر الطرق وعورة لنيل استقلاله بعد أن فشلت كل محاولاته لحل القضية في الأطر السياسية السلمية، وفي  أول رد فعل سياسي منظم خارج الطوق الذي فرضه الإحتلال الإثيوبي اجتمع بعض المثقفين الإرتريين في مدينة بورتسودان السودانية وأسسوا أول تنظيم سياسي إرتري سري أطلقوا عليه اسم ” حركة تحرير إرتريا ” 1958م بقيادة المناضل محمد سعيد ناود، وقد نجحت الحركة في تكوين الخلايا السرية في معظم المدن والمراكز الحضرية الإرترية وبذلت مجهودات جبارة في عملية حشد الشارع الإرتري للوقوف ضد الإستعمار الإثيوبي.

الأجواء التي مهدت لإندلاع ثورة أيلول – سبتمبر :

تأسيس جبهة التحرير الإرترية:

أصبحت قضية تحرير إرتريا من الإستعمار الإثيوبي هما يوميا يعيشه الإرتريون أينما وجدوا، وكان من الطبيعي أن يجتمع الإرتريون في كل أماكن تواجدهم للتفاكر حول ما يجب فعله لإيجاد حل  لقضيتهم العادلة، ويأتي اجتماع القاهرة المصيري 1960م ضمن هذه الجهود والمحاولات، إذ اجتمع القادة السياسيين الإرتريين الذين خرجوا من إرتريا في وقت سابق على وقع حملات الإغتيالات السياسية التي شنها المستعمر الإثيوبي ضد كل من رفع صوته هاتفا ضد الإستعمار، وقد تمخض اجتماع القاهرة عن الإعلان عن تأسيس تنظيم سياسي إرتري يتبنى العنف الثوري المسلح لإخراج الإحتلال الإثيوبي من الأرض الإرترية بقوة السلاح، وقد كان في مقدمة المؤسسين لتنظيم جبهة التحرير الإرترية الآتية أسماؤهم:

إدريس محمد أدم (رئيس البرلمان الارتري)

إدريس قلا يدوس (خريج كلية الحقوق جامعة القاهرة)

محمد صالح همد (خريج كلية الحقوق جامعة القاهرة)

أدم محمد أكتي ( خريج جامعة القاهرة)

طه محمد نور ( خريج من ايطاليا)

سعيد حسين (طالب بجامعة الأزهر)

وفور تأسيس جبهة التحرير الإرترية ووضع اللبنة الأساسية لقيادة النضال السياسي والعسكري المنظم ضد الإستعمار الإثيوبي، اتجهت أنظار قيادة جبهة التحرير الإرترية صوب الحدود الإرترية مع السودان وبدأت الجهود للبحث عن قائد عسكري بمواصفات ومؤهلات عسكرية تؤهله لإنجاح الإنطلاقة الأولى للثورة وما يتطلبه ذلك من حنكة عسكرية مقرونة بشجاعة لا يعرف الوجل إلى قلب صاحبها سبيلا، فكان القائد الشهيد / حامد إدريس عواتي على الموعد في المكان الصحيح في الزمن الصحيح وقد هيأته الأقدار لتحمل مسؤولية حمل الشعلة الأولى للثورة وإشعال وهج الحرية الذي لم ينطفئ حتى تحقق الإستقلال .

لماذا حامد إدريس عواتي:

لم يكن حامد إدريس عواتي شخصا عاديا بالنظر إلى سماته الشخصية كما لم يكن شخصا عاديا بالنظر إلى تجاربه العسكرية طوال سني عمره السابقة لقيادته الطلائع الأولى لثورة التحرر الإرترية، وقد تبدت عليه أمارات النبوغ المبكر والفطنة والتركيز وسرعة البديهة إلى جانب الشجاعة النادرة التي أكسبته كاريزما قيادية منذ أن كان يافعا يلهوا مع أترابه في قرية قَرْسَتْ (مسقط رأسه عام 1910م)، كما تجلت خصائص الذكاء في قدرته على تعلم اللغات بسرعة كبيرة، فقد أجاد التحدث والقراءة والكتابة بسبع لغات محلية وعالمية على رأسها العربية والإيطالية، وعندما لاحظ الإيطاليون إجادته للغة الإيطالية  في فترة وجيزة أرسلوه إلى روما لحضور دورة مكثفة في مجال الإستخبارات العسكرية، وقد تخرج منها برتبة ضابط استخبارات، ومن ثم تم تكليفه لقيادة عمل الإستخبارات العسكرية في المنطقة الغربية من إرتريا ، ولاحقا تم تعيينه نائبا لمدير مدينة كسلا ( السودانية) عندما سيطر عليها الإيطاليون عام 1940م، وقد خدم لفترة طويلة في الجيش الإيطالي.

وعندما خرجت إيطاليا من إرتريا وحلت بريطانيا محلها عاد حامد عواتي إلى قريته وكان في نيته العمل على تطوير الأرض الزراعية التي ورثها عن أبيه ، غير أن الأقدار لم تتركه ينعم بفترة الهدوء التي اختارها لنفسه ، إذْ ظهرت عصابات النهب المسلح ، المعروفه محليا بعصابات “الشفته” القادمة من إقليم التيجراي في إثيوبيا، وبدأ الأهالي يشتكون من تسلط هذه العصابات التي كانت تنهب مواشيهم وتسلب محاصيلهم الزراعية وتقتل الرعاة بالأسلحة النارية في حالة المقاومة، وسرعان ما حمل عواتي بندقيته مرة أخرى ولكن هذه المرة للدفاع عن مجتمعه ودخل في مواجهات دامية مع قطاع الطرق حتى تمكن من قهرهم وهزيمتهم، وبالنتيجة أصبحت المنطقة التي تخضع لسيطرة رجال عواتي أكثر أمنا وصارت ملاذا آمنا لكل من جاء هاربا من بطش عصابات الشفته، حتى أن القرى البعيدة نسبيا عن منطقة نفوذ عواتي كانت تستنجد به عندما تتعرض لهجمات الشفته، غير أن سلطة الإنتداب البريطاني كانت تدرك أن توسع سلطة عواتي وتزايد شعبيته وذيوع صيته ولجوء المواطنين للحصول على حمايته عندما تعجز سلطة الإحتلال البريطاني عن حمايتهم ، أيقن حينها البريطانيون أن تمدد سلطة عواتي تأتي خصما على رصيدهم في السلطة فحاولوا تحجيم دوره وطلبوا منه تسليم أسلحة المجموعة التي تعمل تحت إمرته إلى السلطة البريطانية ، إلا أن عواتي كان يدرك ما يعنيه ذلك لسكان المنطقة من تجريدهم من سلاحهم وتركهم تحت رحمة عصابات الشفته، وقد أرسل عواتي مذكرة إلى ممثل الحكومة البريطانية في أسمرا شرح فيها وجهة نظره في القضية ( اضغط هنا لقراءة المذكرة )

كل هذه المؤهلات الكبيرة إلا جانب معرفته الدقيقة بطبوغرافية المنطقة التي احتضنت الطلائع الأولى للثورة، ومكانته الإجتماعية وسيرته الحسنة لدى سكان المنطقة في الدفاع عن المستضعفين والسعي الدائم لتحقيق العدالة ، جعلت من حامد عواتي الشخصية الأكثر أهلية لقيادة الثورة المسلحة ضد الإستعمار الإثيوبي . فكانت الطلقة الأولى التي أطلقها في جبال إدال ميلاد فجر جديد وإيذاناً بانطلاقة الثورة الإرترية في 01/09/1961 م  التي  التف حولها كل مكونات الشعب الإرتري الذين تقاطروا  إليها  من الأرياف والمدن  ، وأخذت تحقق الإنتصار تلو الآخر على قوات الإحتلال الإثيوبي  باتباع اسلوب حرب العصابات نسبة لقلة العدد والعتاد مقارنة بجيش الإحتلال الذي كان مدججاً باحدث أنواع الأسلحة ومدعوما من القوى الغربية وعلى رأسها أمريكا .  وببلوغ عام 1970 م  كانت الثورة قد بلغت أوجها وتمددت على طول وعرض البلاد من خلال الإعتراف والدعم  الكبير الذي وجدته من الدول العربية  ، وخرجت من مرحلة الكر والفر في مواجهاتها مع جيش الإحتلال إلى المواجهات المباشرة ، واستطاعت بحلول عام 1977 بتحرير كامل الريف الإرتري  وبعض المدن الإرترية .

لكن تداعيات فترتي  تقرير المصير  والإتحاد الفيدرالي  مع أثيوبيا  كانت بالمرصاد للثورة اثر بروز الصراع مرة أخرى إلى الواجهة في صفوفها بين  أبناء الهضبة الإرترية  من المسيحيين وبين بقية المكونات الإرترية  مما أدي لتكوين  تنظيم طائفي التوجه  نتيجة للإستقطابات الحادة بين الطرفين  ، الذي ترأسه الرئيس الحالي للحكومة الطائفية التي تسيطر على مقاليد الحكم في البلاد  ( أسياس أفورقي ) .  وبدأ في حياكة المؤامرات  لضرب وإخراج التنظيم الأم ( جبهة التحرير الإرترية )  من الساحة الإرترية ليخلو له الأمر لفرض وتطبيق مشروعه الطائفي لحكم إرتريا .  وقد تحقق لها ذلك بفضل  التحالفات التي أقامها مع فصيل  إثيوبي معارض  ينتمي لنفس القومية التي ينحدر منها  مسيحيي الهضبة الإرترية ، والتحالف الدولي مع إمريكا  ، حيث تمكنا من إخراج جبهة التحرير الإرترية من ساحة النضال الداخلي  من خلال دعم لوجستي واستخباراتي أمريكي  كبير  وادخالها للحدود السودانية في عام 1981 م

وفي العام 1991 م  اكتملت  دائرة التحالف  الذي كانت تسعى إليه أمريكا  للحد من التمدد السوفيتي  في ظل الحرب الباردة بينهما ، مع الحلفاء المحليين  لتنظيمي الجبهة الشعبية لتحرير إرتريا بقيادة ( أسياس أفورقي ) والجبهة الشعبية لتحرير تقراي الإثيوبية ، الموجه  ضد النظام  الإثيوبي  الذي تبني النظرية الماركسية  ، وقد تحقق للتنظيمين الإستيلاء على مقاليد الحكم  في البلدين ( إثيوبيا وإرتريا) في آن واحد أثر هزيمة قوات الإحتلال الإثيوبية  وفرار رئيسها ( منقستو هيلي ماريام ) إلى خارج البلاد .

وفي العام 1993 م  تم الإعلان الرسمي لاستقلال إرتريا اثر الإستفتاء الدولي الذي اجري تحت رعاية الأمم المتحدة  والذي صوت فيه الشعب الإرتري لصالح الإستقلال . دخلت بعدها البلاد في حقبة جديدة من الإستعمار الداخلي  اثر استيلاء حزب الجبهة الشعبية للديموقراطية والعدالة  للسلطة   ، حيث بدأ في تطبيق وتكريس مشروعه الطائفي الذي أعلنه  منذ بدايته من إقصاء كل المكونات الإرترية من السلطة وحصرها في أبناء قوميته  ، وفرض ثقافة أحادية  على  كل مفاصل الدولة  وإقصاء وتهميش الثقافات الإخرى وعلى رأسها الثقافة العربية الإسلامية  التي  تنتمي إليها بقية المكونات الإرترية  من غير مكون القومية الحاكمة . حيث بدأ في إغلاق المدارس والمعاهد الدينية التي حافظت على الهوية الإسلامية  حتى في فترة الإستعمار الإثيوبي  ، واعتقال مشايخها ومدريسها  منذ العام 1994 م الذين لايعرف مصيرهم حتى الآن . وبالتدريج دخلت البلاد بفعل هذا النظام الطائفي في أسوأ تاريخ لها منذ تكوينها  حيث اضحت البلاد سجناً كبيراً  طالت كل أبناء القوميات المهمشة  بطشاً وتعذيباً وتنكيلا  وقتلا ، ومصادرة أراضيهم  ودفعهم للهجرة والخروج من البلاد وإحلال مواطنيه في الأراضي المصادرة   وفق مشروع استيطان ممنهج .

وإن ما تشهده البلاد حاليا وفق الإحصاءات الدولية  تأكد إن نسبة الهجرة الإرترية من بطش النظام الإرتري  هي الثانية بعد الشعب السوري .  كما أن الإنسان الإرتري أصبح الهدف الأول لتجارة الإعضاء البشرية  نتيجة لموجات الهجرة البشرية  الكثيفة  هرباً من نظام الطاغية  ، ومن نجا منها  مات  غرقاً على متن  قوارب الموت بحثاً عن حياة أفضل أو جوعا في الصحاري التي يضطر  لعبورها وصولاً إلى جنا ت أوربا الموعودة .

كما أدخل هذا النظام  البلاد في آتون حروب مفتعلة  مع كل دول الجوار أبتدأها من السودان وانتهت بالحرب الإرترية الإثيوبية التي مازالت نزرها تهدد بتجدد الإندلاع في أية لحظة  ، نتيجة للسياسات الهمجية التي يتبعها هذا النظام  الذي اصبح مصدر القلق والمهدد الأول لأمن واستقرار المنطقة  ، من خلال التحالفات التي أقامها مع الدول المعادية لأمن ومصالح دوله وعلى رأسها دولة الكيان الصهيوني  ، وكان آخرها تحالفه من  الكيان الإيراني  وما أحدثه  من إرباك لأمن واستقرار  اليمن وتهديد الأمن القومي لدول المنطقة قاطبة .

 من هذا يتضح بأن الإستقلال الذي تم على يد هذه الطغمة الطائفية  قد أجهض  كل أمال وطموحات الشعب الإرتري   الذي قدم   تضحيات  جسيمة في أطول حرب تحرير تشهدها القارة  التي دامت لثلاثون عاماً  فداها بدمه وماله من أجل أن ينعم بالحرية والإستقرار  ويعيش عزيزاً كريماً في وطناً يسوده العدل والمساواة وحكم دول القانون  ، إلا أن نصيبه من ذلك لم يكن سوى القتل والتعذيب والتشرد . لذلك لم يكن هناك من بد من قبل الفصائل الإرترية لكل مكونات الشعب الإرتري التي ناضلت من اجل الإستقلال  إلا أن تنظم صفوفها  وتعمل على مقارعة هذا النظام والعمل على اسقاطه بكل الوسائل  لينال هذا الشعب العظيم مايستحقه من حياة كريمة .  وإلى جانب القوى السياسية المعارضة  نشطت المنظمات المدنية لتضم  جهدها للفصائل السياسية المعارضة  والتي تعمل على فضح وتعرية هذا النظام دوليا ، وتقديم كل أشكال الدعم الإنساني والقانوني  للاجئين الإرتريين في مختلف مواقع اللجوء في دول الجوار ودول العالم أجمع  ، وضمن هذه المنظمات المدنية تأتي منظمة ( رابطة أبناء المنخفضات الإرترية )  والتي إلى جانب عملها في النضال من أجل التغيير الديموقراطي تعمل بشكل خاص في الدفاع  عن الحقوق والمصالح المدنية والسياسية  لمجتمعات المنخفضات الإرترية من خلال استنهاض  هذا المكون  للدفاع عن حقوقه ولعب دوره الوطني مع أبناء المكونات الإرترية الإخرى  ، لأن ضعف دور هذا المكون عن لعب دوره التاريخي  المعهود كما فعل ابان فترة الكفاح المسلح قد أخل بميزان الصراع في إرتريا لصالح قوى الهيمنة والتسلط  ، وذلك لكثافته السكانية وامتداد مساحته الجغرافية الكبيرة على امتداد الوطن .

لذلك نهيب بالدول العربية حكومات وشعوب   الذين وقفوا مع نضالات شعبنا  في حربه ضد المستعمر أن يهبوا للوقوف إلى جانبه ومد يد العون له في  نضاله ضد قوى الهيمنة والإقصاء وإيقاف عجلة الموت الذي طالت إنسانه في الداخل والخارج .

رابطة أبناء المنخفضات الإرترية

01/09/2015

شاهد أيضاً

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الأول أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي   تحاور مجلة الناقوس المناضل الكبير عبدالله سعيد …

شخصية العدد- المناضل المغييب محمد عثمان داير (الناقوس العدد 11)

       المناضل المغيب / محمد عثمان داير                   …

المنخفضات -تنخفض الأرض.. ترتفع الهمم (الناقوس العدد 11)

بقلم/ ياسين أمير الجغرافيا رسم الاله على صفحة الكون.. والجغرافيا ترسمنا حين نحسب أننا رسمنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *