اوسلو – تترك بصمتها على سجل ذاكرة المنخفضات

المهندس/ علي مند

لم يسبق ان طرق سمعي انعقاد اجتماع تاسيسي لفرع رابطة (آى كانت) يفدون اليها من دول العالم (بريطانيا،ايطاليا،فرنسا،السويد،النرويج) ، كما يفعل الرؤساء والوزراء لانعقاد مؤتمر (دولي) ، وقد دفعتني هذه الحقيقة للتوقف عند الواقع الذي عشته بحضوري الاجتماع التأسيسي لفرع اوسلو (بالنرويج) بناء على دعوة عامة .
اما المفاجأة لشخصي كان ذلك المشهد من الحضور الجميل من الشباب المثقل بهموم لايمكن النفاذ اليها الا عبر الحوار الذي كان مفتوحا في مواضيعه ومتصلا ببساطتهم في التنقل من حلقة إلى اخرى داخل الصالة وفي طريقتهم المرحة لتوصيل الفكرة اكبر الاثر في كسر الحاجز النفسي القائم داخليا وازالة الرهبة والتوجس.
وبينما نحن في احد زوايا قاعة الاجتماع نتجاذب اطراف النقاش حول ذلك السؤال الذي كان مطروحاً في حلقتنا ، اذا كان الشعب الارتري كما يزعمون اهل السلطة انهم على (قلب رجل واحد) لماذا لم يقيموا هذه الدولة ؟ او لماذا لم يبداوا حتى في اقامة نواة لها ؟ او كحد ادنى لماذا هدموا ما بناه الشعب من تقارب بين فئاته في مرحلة الثورة ؟!
وقبل ان يشرع احد من بين الحضور بحلقتنا في محاولة الاجتهاد للخوض في النقاش حول التساؤلات ، فاذا باخر من احد جوانب النقاش في الحلقة المجاورة اسمعه يقول (الانكار التعسفي من قبل القائمين على النظام بثقافة الشارع الارتري (العربية) وربط السواد الاعظم من حاضنته () الاجتماعية تمسكنا بثقافتنا بالاسلام ولد لديهم نظرة اجتماعية عنصرية سرية غير معلنة كان لها تاثير سياسي سالب تبلور في مجموعاتهم السياسية وتولدت منه كل تلك الكيانات التي تنكرت للاخر .
وستظل هذه النظرة على المدى الطويل اذا لم تواجه بطرح واضح لا لبس فيه يؤسس لمجتمع فيه الدولة على مسافة واحدة من الجميع وهذا ما تفضلت به رابطة ابناء المنخفضات.
في تلك اللحظة انتابني احساس بان كل الحلقات المنتشرة بالصالة محور حديثها كان للاجابة على هذا السؤال والا كيف اجاب على سؤال لم يسمعه اصلا ، وبفضول دافعه ان ما يقال هناك اكثر اهمية انتقلت الى اقصى زاوية بالقاعة منضما الى حلقة اخرى من النقاش الذي كان هادئا كهدؤ هذا الشعب واذا باول كلمة تطرق اذني هي (الان علينا الا نتخوف من الوضوح في الطرح والصراع المكشوف بمختلف جوانبه واشكاله لانه ايجابي على المدى البعيد ويجعلنا نواجه قضايانا ونعالجها مهما كانت المعالجة قاسية ومؤلمة.).
قلت في نفسي ماهذا وكانه تكملة لحوار تلك الحلقة ، يا ترى انا امام مقلب لكاميرا خفية .
طيب سأرى هؤلاء يبدو انهم اقل سنا عسى ان يكونوا اقل خبرة ودراية ببواطن الأمور فأجد مجالا لابداء رأي فاذا بالقائل فيهم يقول (الواقع الارتري اليوم بحاجة الى تغير جذري وانه لامر مستحيل أن يتم تغيره دون تكلفة حقيقية ).
حيث ستبقى تجربة (هقدف) وتبعاتها هي الفيل القابع في الغرفة ، كما يقول المثل الانجليزي ، ما لم يتم اخراجها عبر مواجهة فكرية واخلاقية وبمصداقية حاسمة تعترف بما وقع من مظالم على السواد الاعظم من شرائح المجتمع الارتري عموما واستهداف لابناء المنخفضات على وجه الخصوص وتحميل الجهة المسئولة عنه والتقدم بطرح يشير الى تجاوز تلك الحقبة وضمان ان لاتتكرر تجاوزاتها وتتحقق المصارحة ثم المصالحة بين الاطراف السياسية على اساس عقد سياسي جديد ، وهذا ما نلمسة في طرح وثيقة رابطة ابناء المنخفضات.
احسست ان الزمن يسرقني وان القاعة مازالت حبلى بالكثير واني يجب ان اتنقل خصوصا بعد سماعي من على البعد كلمة (نعم نتنكر الثبات ان كان جمودا وتقليدا ، ونحن على عكس من ذلك نهدر ماضينا ونقتله حيث نقلده ونقدسه ولو كان ذلك امجادا وانتصارات فكيف وقد خسرنا فيه الكثير وقاسينا الكثير فلابد ان نتعلم من الا لام ولابد ان نستفيد من الخسارة ).
المؤسف لم احضر بداية الحوار ولكن كانه يجيب على تساؤل يحمل في طياته ، تهمة التبرؤ من الماضي بنقد تجاربنا الماضية وتصحيح اخطائنا والدعوة للاستفادة منها لاستشراق افاق المستقبل.
ياعم الزمن كبس كدي نشوف ديل ، فاذا بي اقف مشدوها امام صوت هادر لشاب في مقتبل العمر يقول ( ولكن السيل قد بلغ الزبى ، ولابد ان يقع التغيير قريبا تاركين الصراع ياخذ جميع ابعاده لضمان حدوث التطور الحقيقي للمجتمع وايجاد سلطه حاكمة وطنية قادرة على ادارة هذا الصراع بوعي وبرؤية محددة تدرك كيف تدفعه ايجابيا وليس تغطية تحت شعارات هلامية .
ونحن في هذه الاجواء من الحلقات المتناثرة والمتباعده في القاعة والموحدة الخطاب وكاننا في حلقة نقاش واحدة ومستديرة قرع جرس الانذار لبدء الجلسة ولولاء ان لفت انتباهي وجود رئاسة الجلسة ولزوم الحضور اماكنهم كنت في طريقي لمغادرة الصالة بالنسبة لي رفعت الجلسة ولا اعتقد ساسمع اكثر مما سمعت كما لا يمكنني قول شئ بعد كل هذا الذي سمعت.
من غير الخوض في تفاصيل الجلسة كاملة بودي ان افصح عن بعض مما جاء في خطاب الاستاذ/حامد ازاز بعد سرده الوافي لظروف ميلاد وثيقة ابناء المنخفضات ، قال(بلغ الاحتقان في المواقف السياسية بارتريا اقصى درجاته مما ينذر بتحول هذا الصراع السياسي الى انفجار يكتوي بنيرانه كل الاطراف ويدفع ثمنه الشعب الارتري)، واضاف قائلا (بالرغم ان هذه المبادرة جاءت متاخرة بعض الشئ الا انها خير من ان لا تكون ، هذا ان لم تكن جاءت في الوقت المناسب حتى لا تضع مجالا للمشكك في نواياها ) .
وبعد بدء باب اتاحت الفرصة للاجابة على كل الاسئلة الملاحظ انه كان للوقت والصدر متسعا لازالة الحيرة والتوجس بالاجابة على كل الاسئلة الواردة من الحضور ، وفي الختام اكد الاستاذ/حامد ازاز الاستعداد للاجابة على كل التساؤلات ليخرج الحضور من هذا اللقاء بشهادة عدل تدحض الاتهامات التي تحاك ضد الرابطة.
وبنهاية الجلسة سانهي مقالي باضافة قولا اعتقده حقيقة عندما تكون الحقائق بسيطة تصبح صعبة على التصديق لا لانها غير حقيقة بل لانها لا تقنع من يعتبر ان الامور لابد ان تكون معقدة عندما تتعلق باحداث مهمة مثل انطلاق الحوار لاستنهاض ولم شمل ابناء المنخفضات الارترية.

شاهد أيضاً

تهنئة

بمناسبة عيد الفطر المبارك تتقدم رابطة ابناء المنخفضات الإرترية للشعب الإرتري الأبي بأصدق التهاني القلبية …

الاعلام بين الماضي والحاضر

بقلم محمد نور موسى ظهر الإعلام الإرتري مع ظهور الحركة الوطنية الإرترية في مطلع أربعينات …

من مواضيع مجلة الناقوس-العدد التاسع

سعدية تسفو فدائية من جيل آخر! نقلا من صفحة الاستاذ ابراهيم حاج لترجمته من كتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *