اللغة العربية في ارتريا

عثمان اسماعيل

بعد ما تم إقرار اللغة العربية لغة رسمية في ارتريا ابان الاتحاد الفدراليي مع اثيوبيا، وفي إطار مداولات البرلمان الارتري بشأن اللغة، سأل تدلاباري العم ناصر بيك ” هلا تحدثت لنا باللغة العربية التي ظللت تدافع عنها ” فرد عليه “اعتقد انك أردت بكلامك هذا احراجي لأنني دافعت عن لغة لا اجيدها لكن عليك ان تفهم أنني إذا لم أتحدث بها سيتحدث بها ابني غدا واذا لم يتحدث بها ابني فسيتحدث بها حفيدي في ارتريا المستقيل”.

هكذا كانت قناعة الاسلاف بثقافة أمتهم، كانوا يعلمون يقينا أن وجودنا التاريخي والجغرافي مرتبط بهويتنا الثقافية لذلك قارعوا (الاندنتاويون) بكل حزم وإصرار، وهذا الاصرار لم يأت عبثا إنما يؤكد على عمق وتاصل هذه اللغة في وجدانهم، وكيف لا تتاصل في وجدانهم وهم وجدوا آباؤهم يتعاملون بها في معاملاتهم اليومية حتى ان المستعمر كان يكتب وينشر لهم بها بالإضافة الى انها لغة دينهم الحنيف.

الا يكفي كل هذا ان تكون لغتهم الرسمية؟ بل كان ينبغي أن تكون لغة ارتريا الرسمية لوحدها لأنهم يمثلون الاكثرية، لكنهم حبا لوحدة ارتريا قبلوا بلغةالتجرنية دون تردد لأنهم كانوا وطنيين اقحاح وليس دعاة لوحدة مع دول الجوار.

هاهو مشروعهم القديم الذي تصدى له أجدادنا قد نفذ فينا ونحن في غفلة قد خدعونا بشعارات الوطنية المزيفة فطمسوا هويتنا وبسطوا ثقافتهم علينا بأدوات ناجزة مثل : –
الهيمنة الإعلامية، وإرساء نظام التعليم بلغة الام، والتضييق على حملة الشهادات العربية، وتهميش اللغة العربية في التعاملات الرسمية والتدريب العسكري حتى اضطر شعبنا مكرها التحدث بها وصارت هي المعيار لتأكيد الهوية الارترية.

وعندما يسأل رئيس الطائفة عن اللغة العربية يقول ” ليس لنا أزمة هوية لكي نستعير لغة، وتارة أخرى يقول ” الانتداب البريطاني استخدم اللغة العربية والتجرنية لشق المجتمع الارتري منخفضات ومرتفعات ومسيحيين ومسلمين” متناسيا ان المنخفضات والمرتفعات هي التركيبة الأساسية لارتريا وبهذه الحجج المزيفة يغطي على مشروعه الطائفي البغيض وعبره يريد أن يجعل ارتريا متجانسة بثقافة واحدة، فلا تستغربوا من كرهه المبالغ لثقافاتنا، فهو قد ورثه من أسلافه امثال القس ديمطروس الذي قال قولته المشهورة بعد إقرار اللغة العربية في البرلمان ” اننا نقبل اللغة العربية وعيوننا تدمع دما”.

اذن نحن نواجه شريك لا يقبل بثقافتنا ويمقتها ويتربص بها لمحوها واذابتها.
كيف نثق فيه وهو يضمر كل هذا الحقد لثقافتنا منذ تلك الفترة ؟

اذن نحن أمام معضلة مزمنة وخطيرة لا يتم حلها بحسن النوايا وبالتفاهمات الشفوية، بل بميثاق اجتماعي يتفق عليه الجميع يحفظ لكل ذو حق حقه وعبره تؤسس دولة القانون والعدالة والمساواة والرفاهية.

.

.

شاهد أيضاً

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الأول أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي   تحاور مجلة الناقوس المناضل الكبير عبدالله سعيد …

شخصية العدد- المناضل المغييب محمد عثمان داير (الناقوس العدد 11)

       المناضل المغيب / محمد عثمان داير                   …

المنخفضات -تنخفض الأرض.. ترتفع الهمم (الناقوس العدد 11)

بقلم/ ياسين أمير الجغرافيا رسم الاله على صفحة الكون.. والجغرافيا ترسمنا حين نحسب أننا رسمنا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *