الصراع الثقافي بين البيت السليماني والبيت الأكسومي في أثيوبيا هل أصبحت أرتريا ضحيته؟

nHnan Elamanan3

الحسين علي كرار

في أثيوبيا بعد إنتصار الثورة حسم ملس زناوي الصراع الثقافي لصالح البيت السليماني عندما أقر باللغة الأمهرية كلغة رسمية لعموم أثيوبيا رغم إنتصارالأكسوميين علي السليمانيين ، وبذلك قد انحصرالطموح الثقافي للتجرنية الأكسوميين علي التجراي ، وكان الغرب  يقدم الدعم للبيت السليماني قبل مجيئ منغستو هيلي ماريام  وبمجيئه  إنتقل هذا الدعم إلى البيت الأكسومي مؤقتا ، و بإنتصار الثورة عاد الغربيون إلى البيت السليماني وعمدوا إلى إشراكه  في الحكم ، ففهم عاقل البيت الأكسومي المحنك  ملس زناوي أن الإختلاف مع الغرب سوف لا يفيده ، وكذلك أدرك أن الأمهرا قوة بشرية فاعلة سوف لا تستسلم لطموح التجراي الأكسوميين ، ولولا وجود هذا الطموح لدى البعض منهم لما تطرق بالإقرار لموضوع اللغة التي كانت فعلا سائدة ، فمن هنا جاء الحسم السريع ، وهو من ضمن عوامل الغضب والإختلاف بين تجرنية التجراي  و تجرنية أرتريا ، لأن هؤلاء كانوا يحملون حلم إقامة الدولة الأكسومية في عموم أثيوبيا وأرتريا بالقوة ودون إعتبار لأي طرف داخلي أو خارجي ، وما زاد غضبهم أن زناوي إتخذ هذا القرار منفردا ،  ويرون أن التجراي خانوهم وأنهم من جاءوا بهم ، وعمدوا  لتقويتهم وإيصالهم لسدة الحكم ، بل وحتى دعمهم وتثبيت نظامهم بإرسال الجيش الأرتري إلى أديس أبابا  ، وهم أساس هزيمة البيت السليماني ، وذلك دون إعتبار لسياسات الغرب الذي يرونه وقف دون طموحاتهم الأكسومية على الرغم أن الأكسوميين هم من دفعوا ضريبة التغييرفي أثيوبيا ،  وهو غرورهم الذي يعيشونه ، و هو الذي جعلهم  يبعدون شركائهم في الوطن الذين ضحوا  في تحريره وسبقوهم في النضال ، وأعتبروهم  لا يشكلون خطورة عليهم ،  ولا على مشروعهم الاقصائي ، وهكذا  دمروا وقضوا على الدولة الارترية بعد ما تأكدوا أن تجرنية تجراي مخلصون لدولتهم أثيوبيا ، فهشّموا كل أعمدة بقاء ونماء دولة أرتريا من أجل أكسومية الدولة الأرترية ففرضوا عليها ثقافتهم الأكسومية بالقوة ويعمدون في نشرها حتى شرق السودان.

إن الغرب عندما لجأ إلى الثورة الارترية بالدعم للإطاحة بمنغستو كانت الثورة الأرترية قائمة وقوية ، ولكنه إختار منها من يخدم مصالحه وعمد في تصفية من يخالف مشروعه ،(قال القائد عبد الله ادريس يرحمه الله – وهذا اللقاء  كان قبل التحرير – في جدة في فندق المريديان كيلو 2 وكنت بين الحضور، (يقول عندما كان للأمريكان جولات في المنطقة وإختصرت لقاءاتهم مع الجبهة الشعبية والتجراي، ذهب إليهم وفدنا وقدم لهم مذكرة تحمل رؤيتنا ،  فكانت إجابتهم  نحن نبحث ونعمل لمصالحنا لا يخصنا تنظيم بعينه ،  ومن يمثل مصالحنا في المنطقة هو السيد ملس زناوي إذهبوا إليه ونسقوا معه ، كان هذا هو الرد الأمريكي  ويقول كما تعلمون أن زناوي كان متحالفا مع اسياس أفورقي) ، يستخلص من هذه الإجابة وخاصة إن معركة الحسم كانت قريبة ، التحول الأمريكي (الأول) من إسياس إلى زناوي بحكم حجم الدولة الأثيوبية ، والتحول (الثاني) حصل عندما أجبر الغرب زناوي في إشراك البيت السليماني في الحكم عن طريق إقامة البرلمان والإنتخابات وإشراك بقية المكونات الأثيوبية في الحكم و مع قبولهم أن تكون اليد العليا للتجرنية  ، لأن الغربييون كانوا الشركاء في إسقاط منغستو مما قدموه من دعم مباشر غير محدود ، ومن مشاركة فاعلة عن طريق الرشوة والترغيب والتهديد في تفكيك الجيش الأثيوبي من الداخل  الذي كان محسوبا علي السليمانيين ، وبذلك أعادوا أثيوبيا إلى عهدها  السابق  قبل الحرب ثقافيا وسياسيا  ، ليضمنوا فيها الإستقرار  ، وهو ما حصرطموح التمدد الثقافي الأكسومي في التجراي ، وأغضب هذا  أفورقي صاحب نظرية إعادة أمجاد الأكسومية إلى أثيوبيا ، وبهذا الإعتراف بلغة الأمهرة في أثيوبيا سقط طموح دولة أكسوم ثقافيا في أثيوبيا ، وأصبح طموح إنتشارها محصورا في عموم أرتيريا وهو ما تبقي لهم من إرث التحالفات ، وما عجزوا عن تحقيقه من إستئصال اللغة الأمهرية ، عوّضه أفورقي بإستئصال اللغة العربية في أرتريا وهو ما لا ترفضه له قوي الغرب ، لأن أهل ثقافة اللغة العربية لا يشكلون في مصالحهم شيئا، وهذا التمدد كذلك هو ما لا يرفضه إخوتهم في التجراي ، فوجد أفورقي هذه الأرض الخصبة للإمتداد الثقافي وعمد في تغيير كل المكونات الإجتماعية والثقافية والجغرافية لصالح الأكسومية ،((و تحت اسم التقدمية  وبحزب بلا مؤسسات))، وبهذا التطرف الأعمي أدخل الدولة الأرترية في مأزقها الثقافي المظلم ، وتنافر مكوناتها جغرافيا وإجتماعيا ، فإذا لم يتم منهم تدارك هذا الخطأ  فإن الإستقرار في أرتريا سيكون شئ من الوهم ، لأنه لا أحد يقبل بالإقصاء، ولا أحد يقبل ان يلتحق بثقافة مفروضة عليه بالتصفية وبقوة السلاح ، ولا يرضي أي إنسان أيً كان أن يلبس ثياب غيره ويتنازل عن  ثيابه  ، وسنتناول في هذا المقال النقاط أدناه  لما لها من أهمية نبحثها.

1)يجب علي تجرنية أثيوبيا الحكام أن لا يخطئوا بحق الارتريين فهم يخطئون بحق الأرتريين عندما ينظروا مصلحة الأرتريين عبر إخوتهم التجرنية الأرتريين ، ويرجحون جانبهم رغم أن هؤلاء في آرائهم لا يختلفون عن أفورقي في توجهاتهم ، وهو الإستمرار في ظلم بقية المكونات الأرترية  ، ملاحظ أنهم لا يثنونهم عن هذه الأخطاء سواء من كان منهم في المجلس الوطني  أو من كان منهم خارجه رغم مقدرتهم علي ذلك ، و يبدوا أنهم  راضون عما حققه التجرنية من مكاسب في أرتريا علي حساب الأخرين ، ويلاحظ كذلك حتي تغيير نظام الحكم لا يريدونه إلا بهيمنة التجرنية وهو ما يتبينه المراقب في ممارساتهم الفعلية ، وعدم تقديم دعم فاعل للمعارضة وخاصة أنهم يرون الفاعلين فيها من غير التجرنية ، وما يقدمونه ما هو إلا فتات لا يسمن ولا يغني ، أفورقي شرّع في أرتريا مكونات سماها القوميات لطمس  اللغة العربية ولكنه لم يؤسس لها هياكل مؤسسية لأن ذلك سيهدم مشروع التجرنة الذي من أجله أنشأ هذه القوميات في أرتريا ، ولكن في أثيوبيا  تجرنية التجراي الذين يمثلون الحكم عمدوا في إنشاء هذه الكيانات داخل المعارضة الأرترية وهي تدخلات أساسها الهيمنة ،  وأنشئوا قيادات تمثل هذه القوميات وهي (قبلية)  ، وبذلوا ما في وسعهم  في إنشاء قومية للتجري، وهو الحبل الأخطر الذي كان من الممكن اللعب عليه سواء منهم أو من إخوتهم في أرتريا ليفرقوا به المفرق ، وقد يكون بإيحاء من إخوتهم الأرتريين ،ولكنهم عجزوا من تحقيق ذلك سواء من بين فصائل المعارضة أو من خارجها ، وكان هذا الرفض أفضل شئ تقدمه المعارضة المحسوبة علي المسلمين، ويعلم الجميع في المراحل التاريخية ، أن من كان يقدم الدعم للثورة الأرترية كانت الدول العربية ، وعندما صعد نجم إسياس أفورقي في الجبهة الشعبية رأت أن هذه الأرض العربية ليست أرضها ، ولهذا عمدت في عمل البديل ، فإختارت العاصمة الإيطالية روما كمقر لها ، وبذلك تحررت من الهيمنة العربية في قرارها وتخلصت من عروبة عثمان صالح سبي التي كانت تفزعها ، وكان إختيار رابطة المنخفضات الأرترية العاصمة البريطانية لندن  كمقرلها أشبه بذلك التحول الذي قامت به الجبهة الشعبية في سبعينات القرن الماضي ، فتحررت الرابطة من الهيمنة الأثيوبية وضغوطاتها  ، و إتخذت من القرارات بحرية ما تراه مناسبا وبعيدا عن سياسة التجراي المهادنة للتجرنة في أرتريا ، وخاصة تبنيها الفيدرالية وإعتبار لغتها العربية بجانب الإنجليزية ورفض لغة التجرنية في منخفضاتها (إلا بالقبول المتبادل) بين الثقافتين ، وإعتبارها النظام طائفي بعيدا عن الرقابة الأثيوبية وقدمت مطالب الفيدرالية كأساس للحكم والتي أصبح يتفق معها فيه جميع الفصائل التي تعمل في أديس أبابا والمحسوبة علي المنخفضات ، وهذا ما لا يريده التجرنية للمحافظة علي ما حققه لهم أفورقي ، فخلطت الأوراق السياسية في الساحة الأرترية بقوة بهذا الحشد والدعم المادي والمعنوي الذي لقيته من هذه الجماهير الكبيرة، ويقولون في المثل (لا دخان بدون نار) هذه الهجمة التي نراها في المواقع من بعض الكتاب والمعلقين بإسم القوي التقدمية والديمقراطية ، والتي تسير بشكل موجهة ومنظم  والإيحاءات التي تحملها   غيربعيدة عن التجرنية الذين يديرونها من خلف الأبواب لإيجاد البديل وإضعاف هذه القوي الجديدة التي برزت ويرونها تهدد ما حققوه من مكاسب ،  و في العمل  السياسي دائما يقرأون الأحداث بما حدث، فهل للقاء هبتي تسفاماريام بوزير خارجية أثيوبيا علاقة بهذه الحملة وهو حدث كبير؟ مجرد سؤال، وكذلك التحول الذي نشاهده هذه الأيام من المرونة من أثيوبيا والقوي الخارجية وكذلك من النظام  وإطلاقه سراح عدد قليل من الصحفيين والإشادة الأمريكية به وطلب المزيد منه ، كل ذلك تهيئة لأوضاع يراد رسمها في داخل أرترية في المستقبل القريب ، والهدف هو تأهيل النظام وإعتباره دكتاتوري وإبعاد صفة الطائفيه عنه للإستمرار في الوضع القائم ، مع الإنفتاح البسيط من النظام بلفظ الديمقراطية الرنان، ليقدموا له الدعم لإيقاف هذا المسلسل التهجيري الذي يتعمد النظام في إتباعه وتعاني دول الغرب من تبعاته.

يجب أن نذكرحكام اثيوبيا وصاحب القرار فيها التجرنية ، وبالتأكيد هم يقرأون ما يكتب ، بأ ن الإمبراطور هيلي سلاسي وهو من البيت السليماني أخطأ بحق الشعب الأرتري ثلاثة مرات ، مرة عندما عمد بضم أرتريا فيدراليا إلى أثيوبيا وبدعم غربي في الأمم المتحدة ، ومرة ثانية عندما أطاح بالبرلمان الفيدرالي ذاته وأعلن ضم أرتريا نهائيا إلى أثيوبيا وأعتبرها إحدي الأقاليم الأثيوبية وبتواطئ من الغرب ، ولولا ذلك القرار الإلحاقي ربما لتغيرت الأحداث في ظل القبول الأممي بالفيدرالية كأمر واقع ، ومرة ثالثة عندما تمرد الشعب الأرتري وطلب إستقلاله ورفض الإنضمام إلى أثيوبيا ، فقام بإحراق المدن والقري الإسلامية بحقد شديد وتبعه في هذه السياسة كذلك نظام منغستوهيلي ماريام، والتجراي أبان ثورتهم بعد مجئ منغستو هيلي ماريام في حكم أثيوبيا كانت جبهة التحرير الأرترية هي الداعم الأساسي لهم ، ولكن بعد بروز إخوتهم التجرنية الأرتريين بقيادة إسياس أفورقي في الجبهة الشعبية تحالفوا معهم وتركوا الجبهة التي إختلفوا معها في جباية الإشتراكات والتجنيد في إقليم بادمي حيث أعتبرتهم الجبهة أرتريين لتأخذ منهم الإشتراكات وتجندهم في صفوفها ، ولكن إخوتهم التجرنية الذين يبكون علي بادمي وسفكوا من أجلها كما يقولون الدماء من الطرفين تنازلوا عن بادمي لهم في التجنيد وأخذ الإشتركات  حتي إرضاء لهم لم يشركوا أهل بادمي كارتريين في تصويت الإستقلال، فأصبح التجراوييون الظهيرالقوي لإسياس وشاركوه معاداة بقية الفصائل الأرترية التي كانت تختلف مع أفورقي وهي محسوبة في أكثريتها وتوجهاتها علي المسلمين ، ، ولكن بعد حرب بادمي والتي كانت في أساسها حرب بين التجرنية في الدولتين ، إحتضنوا المعارضة الأرترية وفي أكثريتها الإسلامية وقدموا لها الإعتذار فيما مضي ، والآن أي خطأ يرتكب لصالح التجرنية الأرتريين ونظامهم بحكم العواطف ، وإخراج المعارضة الحقيقية والتي تتكون فصائلها من أبناء المسلمين بمطالبهم الثقافية والسياسية والإدارية والإقتصادية والعمل في تهميش هذه المطالب ليس في صالح المنطقة ، أثيوبيا بعد إعترافها بحق أرتريا في الإستقلال تربطها مع أرتريا المصالح المشتركة والجوار وهي قوة إقليمية لإستقرار المنطقة ، ومن هذا المنطلق يجب أن يكون منظورها للأوضاع الداخلية الأرترية برؤية الحق والعدالة ، ولكن تجاوز حقوق المسلمين وتأهيل النظام للقبول بالواقع المفروض عليهم فيه الكثير من الإثم ، وفيه الكثير من عدم الإستقرارفي المنطقة.

2) يجب علي تجرنية أرتريا أن يتراجعوا عن أخطائهم في حق الشركاء وحق الوطن ، وفي الحقيقة أن المشكلة الأساسية في عدم استقرار أرترية هم التجرنية ، منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية وإلى هذا التاريخ  يمكن القول لولاهم لكانت أخذت أرتيريا إستقلالها في الأربعينات من القرن الماضي ، ولما سفكت هذه الدماء الغزيرة في التحرير.

ولولاهم اليوم لما دمرت هذه الدولة الفتية التي دفع فيها الشعب الأرتري الغالي  والنفيس من المال والولد.

ولولاهم لما أفرغت الدولة من سكانها بهذه الهجرة الكبيرة التي لا تعرفها أرتريا حتي عندما كان القتال مع أثيوبيا في أشده.

ولولاهم لما وقفت المعارضة حائرة في رسم مستقبل الدولة.

فهم -ديك العدة- في أرتريا بممارساتهم المدمرة ، هم يدمرون في أرتريا كل شئ وبعد ذلك يصرخ الصارخون من أجل الوحدة الوطنية ويتهافت المتهافتون ، وتعقد المؤتمرات والإجتماعات دون نتيجة.

يجب عليهم أن يعترفوا بهذه الأخطاء التي دمروا بها الوطن ، ويجب أن يعلموا أنهم لا يستطعوا العيش في وطن لا يشاركهم فيه الآخرون ، ويجب أن يعترفوا بدون لبس وتحايل أن الثقافة في أرتريا ثنائية والحضارة ثنائية ، وهي التي يهربون منها ، ولكن الحقيقة أن هذه الثنائية هي مثل ملك الموت الذي لا يستطيع أن يهرب منه الهاربون ، وأن مركزيتهم التي ينشدونها مرفوضة بعد هذا الإقصاء الكبير الذي مارسوه.

ولكن ما هو واضح في المستقبل الذي رسموه أن قوات (الدمحيت الأثيوبية) التي شكلوها من الأثيوبيين بإسم المعارضة الأثيوبية الأكسومية وتمارس حق السيادة بدل الجيش الوطني الأرتري الذي أبعدوه ، هي التي ستحل محل الجيش الذي همشوه ، لأن الجيش مكون من كل مكونات الشعب الأرتري ، وقد يفقدون السيطرة عليه ، وهو ما أخافهم فشكلوا جيشهم الجديد من إخوتهم الأقربون ، ليضربوا به الداخل الأرتري قبل أن يضربوا به إخوتهم في أثيوبيا ، كذلك يعتبر الدمحيت جبهة أثيوبيا المتقدمة داخل أرتريا ، وغدا  سيقال بحقها كما قيل بحق التجرنية الذين كانوا يتعاملون مع منغستو هيلي ماريام ، فأبقوهم في وظائفهم وسرحوا الجنود المناضلون في جبهات التحرير ، ( فكل ما تم تجاوز مشكلة معهم ، جاؤوا بأخري أكثر مرارة منها ) وهروبهم ثقافي هم يريدون أن تحل لهجة (التجري ) التي حرفوها وتجرنوها كلغة ثانية محل اللغة العربية لتكون السيادة للغتهم الأكسومية  ، تحدثوا في السابق عن اللغة العربية  كلغة دين في الخلاوي ، ولما أدركوا الخطورة قال أفورقي قبل ثلاثة سنوات أن المناهج الدراسية في المراحل الأولية للسنوات الأربعة الأولي ستكون باللغة العربية والتجرنية في عموم المدارس الأرترية ، ولكن لم يحدث شئ من ذلك ، وهو ذر الرماد في العيون ، وقالوا هذا العام في مناسبة عيد الإستقلال أن المناهج الدراسية للغة العربية جاهزة حتي الأعوام الخمسة وطبعت في السودان ، تسمع كل ذلك ولكن لا تري في واقع الأرض شئ يذكر ، إذا كانت حتي السنة الخامسة جاهزة لماذا لم يبدأوا بالسنة الأولي ، هم يماطلوا حتي يفرضوا علي واقع الأرض الشئ الجديد ، من نهب الأراضي والتغيير الجغرافي الذي يسير بمحاذاة هذا النهج الثقافي الأكسومي ، كل ذلك وهم يعلمون أن هذامرفوض من المسلمين ولكنهم يمارسونه ، فيجب أن يعودوا إلى رشدهم ، وليعلموا أن الوطن  ليسوا هم وحدهم من يسكنوه.

3) إن الحلال بيّن وأن الحرام بين وبينهما أمور مشتبهات ، ما يريده التجرنية المسيحيون في أرتريا بيّن وهو الإقصاء والإنفراد بالقرار وهيمنة الثقافة وتغيير واقع الجغرافية السكاني ، وما يريده المسلمون بينّ وهورفض الإقصاء وهيمنة الثقافة الأحادية وهذا التغيير السكاني ، ولكن ماهي الأمور المشتبهات، ودور المشتبهين؟

اسياس أفورقي بإسم التقدمية ، فعل ما فعل ، وخدع من خدع ، وأدمي من أدمي ، وغش من غش ، يقول المرحوم عمر جابر في بعض مقالاته في المواقع وقد قرأها المتابعون ، أنه قابل ابراهيم توتيل في أسمرا ، وأخبره أنهم إتهموه بأنه قبلي  ، وقال أن هذه التهمة لم يتهمه بها أشد أعدائه  في الجبهة ، هذا لسان حاله الذي تحدث به لعمر جابر ، فهل جمع ابراهيم توتيل قبيلته أو بقية المكونات في المنطقة حوله ليقاومهم بها  ؟ لم يحصل ذلك ، ولكن عندما تم تعينه محافظا لمدينة بارنتو وكان ذلك قبل التقسيم الأمني،  وبعد أن أدرك خداعهم وعرف أهدافهم قال لمكونات الإقليم كافة في القاش  وبصوت عالي إختاروا اللغة العربية ولا تختاروا لهجات القوميات المزعومة ، فمن هنا جاء تصنيفه بالقبلي ، فاللغة العربية عندهم كالتعويذة  من الشيطان الرجيم بالنسبة للمسلمين ، ولكن ما قالوه في تلك المرحلة من إختيار الأقاليم للغات التي تختارها شطبوه كما شطبوا مسودة الدستور ،لأن كل الأقاليم ذات الأكثرية الإسلامية اختارت اللغة العربية ولكن هم يسيرون في برنامجهم في تجرنة المجتمع.

إن هؤلاء الذين تنبض أرواحهم  داخل القواقع في أعماق البحار، ويريدون أن يتحدثوا بإسم النهج الديمقراطي وهم تحت مظلة التجرنية الذين يوجهونهم ويتظاهرون لهم كأنهم من أهل النهج الديقراطي، نقول لهم من كان أكثر شيوعية وإحمرارا من إبراهيم توتيل الذي شربها من كؤوس الحزب الشيوعي السوداني وكؤوس فطاحلته في أيام مجده في مدينة ود مدني ، ولم تنبض بها روحه داخل قواقع الطوائف والقبائل والأقاليم كأرواحهم ، ولكن كانت تلك شهادته عن النظام بعد أن خدعوه بمكياجات شعارات التقدمية التي كانوا يرفعونها ، وقدم لهم الجبهة كتنظيم كان يرأسه بممارساته الفعلية للتقرب منهم ، وذلك عندما عجز من تطبيق الشيوعية داخل تنظيمه بسبب المقاومة الشديدة التي قابلته ، وظن أنه سيطبقها عندهم في ذاك المجتمع المتحرر نسبيا ، والأن هذا الطابور الجديد المزور والذي يتظاهر بأن روحه تنبض داخل القواقع التي غادرها الإتحاد السوفيتي وإستبدل إسمه عنها بروسيا الإتحادية بعد الجراحات الخطيرة في جسده ، هؤلاء الذين يستميتون في حملتهم المشبوهة باسم القوي الوطنية والنهج الديمقراطي ما هم إلا الأداة الجديدة المدفوعة للدفاع عن هيمنة التجرنية وتأهيلهم بإسم الدكتاتورية ونفي الطائفية عنهم لهضم حقوق المسلمين وخاصة بعد مؤتمر جبهة التحرير الأرترية الذي وسم فيه النظام بالطائفية بعد ذلك التحليق والتردد الكبير،  والذي يبدو أنه أغضب الكثير من الجهات العديدة ، هؤلاء يريدون أن يلعبوا دورهم الجديد المكلفين به من بعض القوي الداخلية والخارجية ، هذا الدور الذي قام به في السابق كل من رمضان وتوتيل ، ولكنهم خسروا وإكتشفوا أن من تحدث معهم بالتقدمية وصدقوه ، يتحدث بالطائفية  ، هؤلاء كذلك سيعودون مضرجين الرؤوس بالدماء بعد أن يستنفد دورهم المطلوب منهم في التخريب.

إن هامان عجز أن يفعل شيئا لفرعون ، لأن طلب فرعون كان مستحيلا لأنه أراد من هامان أن يبني له  صرحا ليطلع به إلى أسباب السموات والأرض ليري إله موسي ، وأن من كلفوا ليلعبوا و يمثلوا دور هامان لفرعون أرتريا سيعجزون أن يبنوا له صرحا ليخرجوه من الدكتاتورية الطائفية ، ويبنوا له صرح الدكتاتورية العلمانية  ، وشتان بينهما ، لأن الكتاتورية الطائفية متأصلة في المجتمع بينما الدكتاتورية العلمانية طارئة علي السلطة ،  وكأنهم لم يعرفوا الأحداث وكأنهم لم يقرأوا ما قاله المسلمون الذين ترعرعوا وشربوا من مفاهيم وتقدمية الإسياسيين ثم هربوا ، كوزير الإعلام الأرتري  علي عبده الذي نشأ في أحضان نظريات أفورقي ، ثم حديثه عن طائفية النظام ، أين مواقع هؤلاء  من أولئك  الذين كانوا من المقربين إليه؟  وزير الإعلام السابق علي عبده هاجمته في مقال سابق لسببين ، كان في موقع قومي عام ، ولكنه تحدث عن معانات الجبرته فقط وإعتذر لأسرته فقط ، وكان عليه حسب موقعه أن يتحدث عن معاناة الجميع ويعتذر للجميع ، ولكنه رجل شجاع وألف شجاع من أولئك الذين هربوا من المسئولين من أبناء المسلمين ويكتمون الحقائق رهبة  أو طمعا  ، وربما ينتظر بعضهم ليلعب دوره الجديد بإسم تقدمية النظام  بتكليف من قوي الداخل الطائفية و أعوانهم الإقليميين والدوليين الذين يعملون لصالح هذه الطائفة لتحقيق ما فقدته دولة أكسوم في أثيوبيا ، وبالتالي ينضم لبيوت العناكب التي تتدافع عناكبها بالندوات والإجتماعات التأهيلية للنظام ، لتصطاد حقوق المسلمين في ارتريا.

شاهد أيضاً

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الثاني أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي متابعة : ماذا حدث لك بعد نجاح العملية …

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الأول أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي   تحاور مجلة الناقوس المناضل الكبير عبدالله سعيد …

شخصية العدد- المناضل المغييب محمد عثمان داير (الناقوس العدد 11)

       المناضل المغيب / محمد عثمان داير                   …

تعليق واحد

  1. سلم يراعك الأخ الفاضل الحسين على هذه القراءة العميقة لتاريخ التحالفات والدور المحلي والدولي فيها والفشل الذريع الذي وقعت فيه وماجرته على إرتريا والمنطقة وماستؤول إليه بفعل اصرارهم الإستمرار على نفس النهج بعقلية القرون الوسطى ، متجاهلين إن عالم اليوم في ظل العولمة وثورة المعلومات هو عالم لايقبل سوى بالشراكة في عالم أصبح قرية واحدة ليس بين مكونات البلد الواحد فقط بل بين المنظومة الدولية التي ترى في قوى التطرف والإنعزال والرغبة في الهيمنة الأحادية خطراً يهدد العالم أجمع ، فهلا أفاقوا ؟؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *