إحذروا !!! قوى الهيمنة هذه المرة ستأخذنا للهاوية

المجلس الوطني

علي عافه إدريس

بداية نحمد الله أن ذاكرتنا ليست خربة كما تعتقد قوى الهيمنة ، فكل الأحداث التي مرت خلال السنتين الماضيتين لا زالت حاضرة لدينا ، لهذا سأسرد ما حدث باختصار رغبة مني في توضيح المسار الذي سلكته تلك القوى للسيطرة علينا.
بالتأكيد لا زال الجميع يتذكر الأشهر الجميلة التي مرت علينا من أواخر عام 2011م ، وقتها التحضيرات للمؤتمر الوطني كانت تجري على قدم وساق بقيادة المفوضية الوطنية ، وقد أقترب موعد انعقاد المؤتمر الوطني الأول للتغيير الديمقراطي والمعنويات في القمة والأحلام بانجاز فعل حقيقي للمعارضة ضد النظام الدكتاتوري تراود الجميع ، ورغم الهفوات التي رافقت التحضير ، المفوضية تنجح في عقد المؤتمر وبعضوية بلغت أكثر من ستمائة وهو رقم غير مسبوق في عقد المؤتمرات الارترية ، وينجح المؤتمر في الخروج بمخرجات ممتازة فيما يخص وثائقه وبقيادة اعتقدناها جيدة رغم ما رافق اختيارها من تحركات غير سوية لبعض قوى الهيمنة التي سعت للهيمنة على قيادتي المجلس الوطني (التشريعية والتنفيذية) ورغم نجاح تلك القوى في الهيمنة ظل الأمل قائماً في أن ينجح المجلس الوطني في الانتقال بالمعارضة إلى مرحلة الفعل ضد النظام الدكتاتوري ، إلا أن ذلك الأمل أخذ يتناقص كل يوم عن الآخر ، وأول نغمات التعطيل التي سمعناها كانت أن المعارضة برأسين وتلت تلك النغمة النشاز الحملة المحمومة لحل التحالف الديمقراطي ، فكانت تلك هي أول الذرائع التي افتعلت لتعطيل المجلس الوطني..

والكل يعلم أن التحالف مظلة تجمع معظم القوى السياسية وهذه القوى موجودة كقوى أساسية داخل المجلس الوطني و ليس من المنطق في شيء أن تعطل تلك القوى نفسها ، وقد أثبتت الأيام أن كل ذلك كان مجرد ذريعة لافتعال أزمة داخل المجلس ، ففي مقبل الأيام نفس القوى التي روجت لتلك الفرية حاولت قبل أشهر قليلة تأسيس رأس ثالث إلا أنها فشلت ونحن نحمد الله على ذلك ، ثم هدأت الأمور قليلا وظل المكتب التنفيذي يراوح مكانه لا يحرك ساكنا ولا يسمع له صوت وكأن الهدف من انتخابه كان قتل المجلس الوطني ومنعه من التحرك للأمام ، فلم يكن فاعلا حتى في عقد اجتماعاته الدورية وما عقد منها لم يكن مكتمل النصاب فقد أقصي منها بعض أعضاء المكتب التنفيذي وهكذا أيضاً جرت الأمور مع المجلس الوطني لم يعكر هدوئها سوى تسريبات تلفونية لمؤامرات نشرت في الانترنت كانت بحق فضيحة كبيرة كشفت ما كان يدار من مؤامرات في الخفاء ، وعلى الرغم من أهميتها كمؤشر على ما يحاك لنا إلا أن الجميع تجاهلها، وتدور الأيام ويكمل المجلس سنته الأولى وينتهي شهر العسل لتجد قوى الهيمنة نفسها في مواجهة بعضها بعد أن أبعدت الجميع من الحلبة ، لهذا سرعان ما أنفرط التحالف بين رئيس المجلس الوطني ورئيس المكتب التنفيذي وازدادت الخلافات بينهم حدة وطفحت على السطح وبدأت تصفية الحسابات علنا ، وذلك في الإجتماع المشترك بين رئاسة المجلس والمكتب التنفيذي لتكوين اللجنة التحضيرية على حسب التكليف الممنوح لهما من الإجتماع الدوري الأول للمجلس ، حين أقال رئيس المجلس الوطني رئيس المكتب التنفيذي في حادثة غير مسبوقة وأمام مرأى ومسمع الجميع ، والغريب أن رئيس المكتب التنفيذي تقبل قرار إقالته بطريقة مهينة ، وأقصى مقاومة أبداها أنه قدم استقالته ليظهر الأمر وكأنه صادر منه ، إلا أن أمر الإقالة لم يستمر طويلا ، فقد تراجع رئيس المجلس التشريعي عن الإقالة بنفس الطريقة التي حدثت بها بعد أن إستنكرها الجميع وعاد رئيس المكتب التنفيذي لمنصبه وكأن شيء لم يحدث ليعود المجلس بقيادتيه التشريعية والتنفيذية لحالة البيات التي عادةً يستيقظ منها بعد ستة أشهر كحد أدنى ، ففي الوقت الذي كان الجميع في انتظار تفعيل عمل اللجنة التحضيرية التي قبل بها المكتب التنفيذي بعد إجتماعات مكوكية – انتهت بعقد إجتماع التدشين الذي عقد بمقر المكتب التنفيذي إيذاناً ببدء إعمال اللجنة التحضيرية في مقره بإديس أببا ، ورحب الجميع واستبشر خيراً بهذه الخطوة باعتبار أن المؤتمر هو الحل القانوني والمؤسسي لإخراج المجلس من أزمته التي كادت تطيح به ، إلا أن قوى الهيمنة كان لها رأي في اللجنة التحضيرية فبعض تلك القوى تلكأ وماطل في تسمية ممثليه في اللجنة التحضيرية والبعض الآخر أخذ يجمع التوقيعات لعقد اجتماع طارئ للمجلس الوطني و يا ليتهم ذكروا بوضوح تحفظاتهم على اللجنة التحضيرية حتى يتم الوصول لتسويات ترضي الجميع بدلا من إدخال الجميع في دوامة لا تنتهي ، فلجؤوا للتعطيل بكل السبل ، ثم تمر الستة أشهر المعهودة و الجميع يراوح مكانه ليفاجئنا بعدها المكتب التنفيذي بالدعوة لاجتماع طارئ للمجلس الوطني يعقد بعد شهرين ونصف من وقت صدور القرار أي في 19/12/2014م وبأجندة فضفاضة منها مناقشة وتقييم المشاكل والمعوقات التي اسهمت في الركود وكيفية إيجاد الحلول والمعالجات اللازمة لها ومن ثم الدخول الى مؤتمر ناجح ، ومناقشة موضوع اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثاني ،

وطبعا كل ذلك يتم بمبررات أن الدعوة للاجتماع الطارئ هي من أجل إنقاذ المجلس واعادته لمساره الطبيعي عكس واقع الحال الذي يعلمه الجميع ويحاول استقفالنا به من تبنوا تلك الدعوة ، فالاجتماع الطارئ ماهو إلا استمرارية لنفس العبث الذي يمارس من قبل تلك القوى المعروفة لدينا بما يكرس لعقلية الهيمنة التي أقعدت المجلس وافقدته فاعليته طيلة العامين من عمره ، وذلك واضح من تتبع حركة القوى المتحمسة لعقد هذا الاجتماع وهي القوى التي تدور في فلك رئيس المكتب التنفيذي السيد/ يوسف برهانو ونائبه السيد/ أسملاش و أداة عقد الاجتماع الطارئ هو القرار الصادر من المكتب التنفيذي في ظل غياب واضح لأعضائه والمبرر المعلن على غير الحقيقة هو إنقاذ المجلس في ظل تعنت قيادة المجلس من تفعيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الثاني وتحميل قيادة المجلس لوحدها مسؤولية هذا الإخفاق في عمل اللجنة التحضيرية في الوقت أن الجميع يعرف من الذي عطل اللجنة التحضيرية ؟ فمن عطل اللجنة التحضيرية هم كثر إلى أن من يأتوا في مقدمة هؤلاء هم من يتباكون و يتداعون الآن لعقد الاجتماع الطارئ للمجلس الوطني ،

و ما يؤكد هذه المعطى هو الطريقة التي تم بها الإعداد لإخراج هذا القرار وتبنيه ، وهي طريقة لم تختلف عن ذات الطرق السابقة التي اعتمدتها رئاسة المكتب التنفيذي في ممارستها لإقصاء الخصوم ، وهي تجاوز المؤسسية والقوانين المنظمة لعمل المجلس ، وهنا يمكن تلخيص أهم ما يعيب قرار المكتب التنفيذي بعقد الاجتماع الطارئ للمجلس الوطني على النحو الآتي:
– القرار لم يأخذ مشروعيته الكاملة من المكتب التنفيذي وفق آلية أتخاذ القرارات المعروفة التي تقتضي مشاركة عضوية المكتب التنفيذي خارج المركز .
– القرار كان يجب أن يتخذ بالتشاور مع رئاسة المجلس والتوافق معها حوله، فالخلافات المتراكمة لا تعد مبرر لعدم التوافق لأن القرار من القرارات المفصلية .
– بادرت عضوية المجلس التي تتفق مع القرار بإبداء موافقتها على المشاركة فور إرساله للمجلس والجميع يعرف من هم هؤلاء وما هي الأدوار التي لعبوها سابقا؟
– الأجندة المطروحة لا علاقة لها بأجندة اجتماع طارئ التي يفترض أن تكون أجندته بنداً واحداً ولا يحق للحضور مناقشة أي شيء آخر غيرها على حسب النظام الأساسي للمجلس .
– الأجندة المطروحة هي أجندة مؤتمر تعطيهم كامل الحق في مناقشة أزمة المجلس وتقديم الحلول لها ، ما يعني تصفية حسابات بإقالة رئاسة المجلس وتعيين رئاسة جديدة ، وإعادة تكوين اللجنة التحضيرية بما يمكنهم من الهيمنة الكاملة على المجلس وسلطة اتخاذ القرار فيه .
أمام كل هذه المبررات بفساد القرار الذي اتخذه المكتب التنفيذي والاصرار على المضي قدما فيه ، وأمام هذه الهجمة والعقلية الإقصائية التي تسعى لإحكام دائرة الهيمنة على معسكر المعارضة بما يتوأم مع الدور الذي تسعى إليه ، يجب على كل القوى الوطنية مواجهة كل ذلك بصفوف متراصة والاستعداد الجيد لمقاومة هذه الهجمة بقوة وثبات .
وما يجب أن يعلمه الجميع نحن هنا أمام أزمة خطيرة يجب عدم الاستهانة بها والتعامل معها بمسئولية ووعي كامل بخطورتها ، فهي أزمة تعكس التصدع الخطير في الجسم التنظيمي للمجلس الوطني بين الاطارين التشريعي والتنفيذي وأنقسام أعضاء المجلس بينهما قد يتسبب في انهيار الكيان ككل وهذه الأخيرة لا أحد يرغب في حدوثها ، وقرار المكتب التنفيذي بكل المعايير هو قرار تصعيدي لذلك الصراع والذهاب بنا للهاوية التي لا يعلم أحد غرارها .
وأنا هنا قبل أن أختم مقالي هذا بودي أن أطرح مجموعة من الأسئلة الملحة الإجابة عليها تجعلنا ندرك خطورة الموقف الذي تدفعنا إليه قوى الهيمنة دفعاً.
– أيهما أجدى لمحاسبة رئاسة المجلس الإجتماع الطارئ للمجلس الوطني أم المؤتمر الذي يفترض فيه أن يكون على الأبواب؟
– إذا كانت أحد مبررات عقد الإجتماع الطارئ للمجلس الوطني هو حل إشكالية اللجنة التحضيرية لمباشرة عملها ، وإذا علمنا أن التحضيرية حتى في الاجتماع الطارئ للمجلس سيتم حلها مشكلاتها بالتسويات والترضيات ، أليس بالامكان إجراء تلك التسويات والترضيات بين القوى دون عقد الإجتماع الطارئ الذي لا ندري مآلاته؟
– ضمن بنود الاجتماع الطارئ للمجلس الوطني الإشكالية بين رئاسة المجلس ورئاسة المكتب التنفيذي ، والسؤال هنا كيف سيدار الإجتماع ومن هو الطرف الأعلى الذي سيحكم بينهما ؟
– كل الحقائق والإرهاصات تشير إلى أن هناك صراعا حادا سيجري في الاجتماع الطارئ للمجلس الوطني ، في ظل هذه المعطيات أليس متوقعا أن تزداد الصراعات حدة وينفرط عقد المجلس الوطني ؟
– عقد الإجتماع الطارئ للمجلس الوطني سيحتاج لتوفير موارد ضخمة فالعدد الكلي لأعضاء المجلس الوطني مائة وسبعة وعشرون عضوا وبالتالي تكاليف عقد الاجتماع الطارئ ستقارب تكاليف عقد مؤتمر ، لهذا أليس من الأجدى توفير كل هذه الموارد لعقد المؤتمر لأنه أهم بكثير وهو كذلك حل لكل المشكلات إذا صدقت النيات؟

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

علي عافه إدريس

للتواصل aliafaa@yahoo.com

شاهد أيضاً

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الثاني أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي متابعة : ماذا حدث لك بعد نجاح العملية …

مواضيع الناقوس-العدد 11- مقابلة العدد مع المناضل/ عبدالله سعيد علاج

الجزء الأول أجرى الحوار: الصحفي محمود أفندي   تحاور مجلة الناقوس المناضل الكبير عبدالله سعيد …

شخصية العدد- المناضل المغييب محمد عثمان داير (الناقوس العدد 11)

       المناضل المغيب / محمد عثمان داير                   …

3 تعليقات

  1. هذه هي الحقيقة المرة للأسف ..

  2. نعم اخي الاستاذ علي عافة الفضل ان يعقد المؤتمر كماتفضلت لسبب جوهري وهو عقد الإجتماع الطارئ سوف يعقد الأمور اكثر ويدخلنا في الطلاق البيّن نتيجة لادعاء كل طرف بأنه على الحق وغيره على ضلال . والأمر الثاني هكذا قضايا لاتحل الا في المؤتمر العام الجامع .والأمر الثالث ماسوف يبدد من مال في الجتماع الطارئ سوف يعطل عقد المؤتمر بحجة أن المال الذي كان متوفر للمؤتمر صرفناه في الإجتماع الطارئ ، وبالتالي لاندري كم سننتظر عام او عامين الله علم ، والفئات التي لايهمها الا الهيمنة امرها اضحا لنا ، بالتالي علينا ان نضع القطار في السكة ونبين الأسس التي تبنى عليها الشراكة الوطنية بيننا ولايضيع حق وراه مطالب.
    وتحياتي للأستاذ ودعافة عافاه الله وحفظه من كل مكروه.

  3. لك الشكر الأخ على عافه على هذه الرؤية الثاقبة في لفت انتباهنا لما يحدث خلف ظهرنا ، فهذه القوى كما امتطت ظهر الثورة من قبل هاهي تسعى هذه المرة لسرقة نضالات قوى المعارضة الإرترية وما حققته من استحقاقات خلال تراكم تجربتها النضالية ، فقد عمدت على نخر المظلة الجامعة التي شملت كل قوى المعارضة تحت سقف واحد لأنها مثلت أول تجربة ديموقراطية على مستوى المعارضة من خلال التعدد الذي ذخرت به لكل ألوان الطيف المعارض سياسي ومدني وجماهيري ، وماكرسته من توافق على أسس ومبادئ تعتبر اللبنة الأساسية لبناء دولة العدالة والقانون التي تعترف بحقوق مكونات التعدد ومصالحه ، وهذا مالايروق لقوى الهيمنة ، لذلك سعت على محاصرة هذه المظلة وشل حركتها منذ الوهلة الأولى بل من داخل أروقة المؤتمر عندما سعت لتزوير نتائج التصويت على مسودة الدستور . وما يقومون به الآن هو انقلاب على التجربة واجهاض الأسس التي قامت عليها من خلال ضرب وتكسير مرجعيتها القانونية . فالدعوة لاجتماع طارئ تغيب عنه قيادة المجلس “بغض النظر عن فعاليتها من عدمه” هو ضرب هذه المؤسسة في مقتل بالقضاء على المشروعية الدستورية التي تمثلها الهياكل القيادية للمجلس ، لذا وجب علينا الحذر من تمكين قوى الهيمنة من لدغنا مرتين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *