بيـان حـول مسار التطـورات الخطيـرة للعلاقـات الاثيوبيـة – الإرترية .

ظل شعبنا الإرتري يتابع باهتمام وقلق شديدين سير أحداث التطورات والتحولات المتسارعة في مجال العلاقات بين البلدين، التي انتقلت بشكل مفاجئ من حالة اللا حرب واللا سلم بين الطرفين اثر الحرب  التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمفقودين، وأدت إلى تدمير شامل لحياة المواطنين في شتى المناحي، إلى اتفاق “سلام” فاجأ العالم وقلب الواقع والتوقعات رأسا على عقب، وذلك دون أية مقدمات أو محادثات جادة.

الجدير بالذكر إن الحرب العبثية التي اتخذت من الخلاف الحدودي بين البلدين  (بادمي)  مسوقا لاخفاء اسباب الحرب الحقيقة – والتي لم يفصح عنها حتى الآن –  لم تكن حاضرة في اجندة السلام المزعوم حاليا،  حيث يجري تجاوزها لإذابة الكيان الإرتري في إطار إثيوبيا. 

وبالنظر لهذه التطورات نجد التاريخ  يعيد نفسه مرة أخرى تحت غطاء السلام الحدودي المزعوم، عبر تصريحات متعددة مخلة بالسيادة الوطنية الإرترية ومستفزة لمشاعر الشعب الإرتري من جهات رسمية وشعبية في البلدين، والمضي  قدما لدعمها  بخطوات عملية تكشف عن فصول مسرحية جديدة،  في مشهد مماثل يعيد للأذهان مرحلة تقرير المصير التي تنازعتها المصالح الخاصة بين المكونات الإرترية  متمثلة في الإنضمام  مقابل التمسك بالإستقلال التام  الذي تكلل بالنجاح في نهاية الأمر، بعد كفاح مسلح مرير دام ثلاثون عاماً .

ولقد وصل الاستخفاف الاثيوبي الرسمي بأن يتجاوز كل الخطوط الحمراء ليتفاوض رئيس الوزراء أبي أحمد مع الحكومة الايطالية للاتفاق على مد خط للسكة الحديدية  بين مصوع وأديس أببا، ومد خط انابيب للبترول من عصب الى أديس، وكأن الأمر يحدث بين مدن في خارطة التراب الأثيوبي، وقيامه في المحفل الاقتصادي الدولي في دافوس بلعب دور التمثيل الدبلوماسي والعسكري الموحد بين إرتريا وإثيوبيا. وأيضا حديثه في لقاءه بالدبلوماسيين الإثيوبيين بما معناه : (حتى لو تعثر خيار الوحدة فإنه يمكن قيام دولتين في قطر واحد). ليس هذا فحسب، بل إن رئيس الوزراء الإثيوبي ذهب لأبعد من ذلك في محاولته لتطمين الأثيوبيين من عدم القلق على تفتيت اثيوبيا من سياساته، مؤكدا أنه يعمل على إعادة  من انفصل عنها قريبا، وأنها مسألة وقت فقط (في إشارة واضحة لإريتريا).

 وعلى الجانب غير الرسمي، هناك أصوات تدعو إلى إعادة النظر في الخطأ التاريخي لانفصال إرتريا عن إثيوبيا  وان الوحدة هي الخيار الأفضل. يتم ذلك في ظل غياب دور حكومي إرتري رسمي للرد على هذه الافتراءات، مما يوحي بالقبول والرضى من طرف النظام . ليس هذا فحسب، بل أن  رئيس النظام صّرح  علناً  بتسليم قيادة البلاد للسيد أبي أحمد في احتفال كبير على مرأى ومسمع من العالم. وأيضا تصريحه بأن “من يعتقد بأن إرتريا وإثيوبيا هما قطرين  فهو لا يعرف  الحقيقة”.

بهذا لقد ذهبت كل الشعارات التي كان يتغنى بها نظام أسمرا مزاودا على الآخرين بالوطنية، ومبررا كل الحروب العبثية التي شنها ضد دول الجوار، بالذود عن سيادة الوطن أدراج الرياح، ليكشف عن طبيعة نواياه الحقيقية تجاه الوطن الإرتري وسيادته. 

أمام هذه التداعيات الخطيرة التي تعمد لإلغاء إرادة الشعب الإرتري، وتقويض ما تحقق من إنجازات نضالية، فإننا في رابطة أبناء المنخفضات الإرترية كأحد الأطراف الوطنية العاملة في ساحة المعارضة انسجاما مع اهدافنا و مبادئنا والتزاما بواجبنا الوطني، نؤكد على ما يلي :

  • الحفاظ على كافة منجزات شعبنا المتمثلة في الاستقلال الوطني الذي تحقق عبر نضالات  طويلة وتضحيات جسيمة، والتصدي لكل محاولات تغييب مكونات الشعب الإرتري والتغول على مصالحها وتهميش دورها. 
  • نذكر الحكومة الاثيوبية بأن ما تقوم به في ارتريا في جوهره هو تكرار لما قامت إليه الانظمة السابقة، إبتداءً من قرار ضم ارتريا إلى إثيوبيا من قبل هيلي سلاسي، واستمرار نظام منقستو في مواصلة الحرب لإخضاع الشعب الإرتري وثورته بالقوة، الأمر الذي كلف البلدين 30 عاما من الحرب المدمرة. تلاه تحالف الوياني مع الجبهة الشعبية ثم حزب (الجبهة الثورية للشعوب الإثيوبية) مع دكتاتور ارتريا ودعمه للانفراد بالقرار في إرتريا، الذي كانت نتيجته اندلاع حرب جديدة خلفت الدمار للبلدين وحالة استنفار دامت 20 عاماً.
  • إن مسؤولية تغيير النظام الإرتري تقع على عاتق الشعب الإرتري، إلا أن دعم إثيوبيا المطلق لدكتاتور إرتريا وتبنى رئيس وزرائها مهمة انتشال النظام الإرتري من عزلته الدولية، وتبييض سجله السيئ في حقوق الإنسان وتسويقه في المحافل الدولية، يعتبر تشجيعا للدكتاتور للاستمرار في إهانة وإذلال وتشريد شعبنا، وفي نفس الوقت لا يضمن لإثيوبيا مبتغاها باعتبار إن كل الاتفاقيات التي تتم مع اسياس هي اتفاقيات فردية لم يشارك فيها أحد من أصحاب المصلحة الحقيقية  ( جميع مكونات الشعب الإرتري) .
  • نُذكر دعاة العودة إلى إثيوبيا من الإرتريين تحت مبرر الدين واللغة والامتداد الطبيعي، بأن ذلك لا ينطبق على كل مكونات إرتريا وإن مصير إرتريا لا يمكن تحديده من مكون واحد.
  • ندعو كافة القوى الوطنية إلى حوار جاد و جامع وشفاف عاجل من أجل رص الصفوف والإتفاق على برنامج الحد الأدنى للتصدي لهذا الخطر المحدق وللعمل سويا في اتجاه يؤمن مستقبل الإنجازات التي تحققت عبر مسيرة النضال الشاق والطويل لشعبنا من أجل إقامة دولة القانون والمؤسسات، وارساء مبادئ العدالة والمساواة والديموقراطية، في ظل دولة تعبر  عن كل مكوناتها وتحافظ على مصالحهم .

ونهيب بشعبنا في الداخل والخارج أن يهب ويصعد من وتيرة نضالاته للدفاع ولحماية منجزاته الوطنية ولتحقيق تطلعاته في وطن الحرية والعدالة والديمقراطية الذي يسع ويضمن الحقوق والمصالح لكل مكوناته في دولة التعدد.

وفي الختام  نؤكد بأننا لسنا ضد السلام وتعاون دول المنطقة بما يخدم مصالح شعوبها،  إلا أن ذلك لا يجب أن يكون على حساب  شعب أو شعوب بعينها لصالح البعض، وأن لا يتم  بتغييب اصحاب الحق الاصليين  من شعوب المنطقة.

رابطة أبناء المنخفضات الإرترية – المكتب التنفيذي

شاهد أيضاً

تهنئة

بمناسبة عيد الفطر المبارك تتقدم رابطة ابناء المنخفضات الإرترية للشعب الإرتري الأبي بأصدق التهاني القلبية …

الاعلام بين الماضي والحاضر

بقلم محمد نور موسى ظهر الإعلام الإرتري مع ظهور الحركة الوطنية الإرترية في مطلع أربعينات …

من مواضيع مجلة الناقوس-العدد التاسع

سعدية تسفو فدائية من جيل آخر! نقلا من صفحة الاستاذ ابراهيم حاج لترجمته من كتاب …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *